الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم المحتفي بنفسه

بديع الآلوسي

2019 / 5 / 29
الادب والفن


منذ الساعات الاولى للصباح و الريح تنحب ، والسماء مدثرة بالغيوم ، وفرن الخبز يزفر دخانا ً ازرقا ً ، كنا نعمل والرغبات تحرقنا ، كنا كخلية نحل في المطبخ ، نتذكر الايام السعيدة /. نتبادل المهارات والخبرة ، التي ستحيل الكأبة الى همسات سارة تدور رحاها في فرن الصمون .. وقد حل القدر او اقتضى بأن اصبح اليوم خبازا ً للعروق العراقية .كم جميل ان يكون المرء ولو لمرة واحدة مبدعا ً وملكا ً ..

الخبز الأصفر

بعيدا ً في تلك القرية النائية / المسكونة وديانها بالجن / التي تبكي حين يشح الثلج / قلت لها : سماؤنا حبلى بالغيوم / لكن المطر او الخير كان يهطل في المطبخ / كنا نغني للعجين كي يختمر ونحلم بضوء ذهبي مستتر / في الايام الخالية / كنا نتلذذ بخبز تنورنا / كانت امهاتنا تسعدنا ( بالعروك ) ، مرددة ً : تعالوا يا حلوين ، فقد نضج لحم العجين / لكن اليوم وبعد كل هذه السنين / ماذا ينتظرنا ؟ / وخبز العروك يحتاج الى شجاعة ومهارة نادرتين / اليوم احس أمي معي / إذن ، لست وحيدا ً كما يظن الأعداء / ان نكون مع من نحب هذه بشارة خير / اسمع أمي تهدهدني / صوتها يتدفق تباعا ً / لا تضع يا ولدي كثيرا ً من الماء على الطحين المملح / قطع الكرفس ناعما ً ايها العزيز / لا تنسى اللحم المثروم ففيه بركة تملأ العيون / رأسين من البصل المثروم جيدا ً تكفي / ياولدي لا تضع كثيرا ً من الكركم والكاري كي لا نشعر بالمرارة …
هكذا اذن يفعل اهل العراق قديما ً العروك ./ قد لا نحس بالزمن / لكن فجأة ً ننتبه / مرت سنوات كثيرة وعجيبة / عشرون ربما ثلاثون وربما اكثر / لم نسمع من صدى الماضي سوى همسات غريبة / اليوم امسح الدمع عن خدودي التي يبكيها البصل / ادندن اغنية قديمة عن فلاح بابلي يندب الصبا السريع الزوال / كان يثرثر لي وحدي أيضا ً / العجيب ان طيفه صار حاظرا ً في المكان / صار يأمرني كقائد مظفر / أعجن قليلا ً من أنفاسك مع الطحين / لا تنسى ان تضع قطعة صغيرة من قلبك / ضع قليلا ً من بهارات الحبيبات / لا تغفل ان تعجن كل ذلك مع ملح الذكريات وخميرة اللذة .
اشكرك ايها العزيز / نخبك ايها المبجل ، انا في منهتى المسرة مع الجعة والنبيذ / اسمح لي ان امنح خبزنا الى كل من يمجد الحب ….








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا