الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقصة أولى وسكون أخير، في ظهور الكاتب...

محمد أمين المكشاح
(Mohamed Amine Mokcheh)

2019 / 5 / 31
الادب والفن


إذن تطالع الصحف بشكل دوري..."
"لا أحتاج صحفا في أغلب الأوقات، أستقي أخباري من ملامحكم..."
انقلبت نبرتها الساخرة هناك إلى مسحة من جدية لاحظها كل موظفي المكتب الفرعي لإحدى البنوك بباب الجزيرة... عمتي الموظفة في نفس الفرع والتي كانت واقفة على مقربة مني تتابع حديثنا قالت ضاحكة "فعلا، طالب فلسفة..."
"أو ربما منجم..." قاطعتها زميلتها في نبرة ضاحكة لم أستطع إلا الاستجابة لها والقبول بقواعد اللعبة المتعارف عليها في مثل تلك المؤسسات...
"منجم، ربما...لم لا؟"
قبل قليل، وقبل أن أبدأ الكتابة، شد انتباهي توهج الصور في السواد، ربما أحتاج الى ألف كلمة لا أملك منها ولا واحدة "كم هي طويلة تلك الدرب وكم هي بعيدة المنال وجهتي..." مع الانخفاض المستمر لذات العدد أخذت أتساءل إذا ما كنت قادرا على الوصول إلى مبتغاي وكل زادي ألف كلمة، ألف سر، ألف كتمان، ألف صمت...
في الحقيقة، لا يهم أن أصل إلى تلك النقطة فما هي إلا محطة في فضاء لا يمكن له أن ينتهي، وما يهم حقا هو أن أواصل السير وأستمر في محاولة التحدث، إلي غالبا، عن معالم هذه الدرب...
طفلة هناك، ترقص ليلا متجردا من النجوم والقمر، من الذكرى وحتى الذاكرة "لي الرقصة الأولى والسكون الأخير..."
"لماذا كتاباتك فوضوية؟ يطرحون علي باستمرار هذا السؤال وفي كل مرة أكتم أني أرى كل شيء فوضويا إلى حد الجنون بل والى حد النظام... ثم أليس الجنون نفسه نظاما؟ أليس الاصطلاح على تسمية الأشياء اعترافا منا بوجودها؟
فلنتفق أني لا أكتب خواطر، ربما ينبثق النص من عدم، من ذات محاصرة بفلسفة الوجود لكن، قطعا، أنكر أي صلة لي بكتابة شيء يفنى بمجرد ظهوره...
ذات يوم من أيام خريف بعيد وحين كنت في إحدى زياراتي لضفة الأبيض المتوسط الجنوبية، تساءلت وزخم الموج يسيطر على كافة حواسي "هل من الممكن حقا أن يصبح هذا النص بهذا الهوج المحبب إلى قلب مراهق لم يجد أجوبة لأغلب أسئلته؟"
قررت بعد ذلك أن أحاول وكان الأجمل من إيجاد الروح المطلوبة نفسها، تطور الأسئلة مرارا وتكرارا ونضجها شيئا فشيئا حتى أدركت بعد سنوات أن تلك الروح لا تستدعي إبداعا إيقاعيا فحسب بل تتطلب أكثر من ذلك، فهم جميع أشكال الكتابة والعمل على صقلها ومن ثم تجميعها في شكل يرضيني حقا.
في هذه اللحظات أفكر "أيها الفتى، حتى البحر له قوانينه... الخوض في الموج الهادر يتطلب مرونة وطول نفس..."
هكذا نطلق على كل ما لا نفهمه من الأنظمة والأنماط لفظ "فوضى" ليس لأننا لم نتوصل إلى إطلاق الاسم على مسماه لعدم تمكننا من فهم أعمق للمشكل أو القضية أو الجملة فحسب بل لأننا أيضا ننكر حقيقة جوهرية تتمثل في أنه بالرغم من تطور العلوم لا نزال عاجزين عن تفسير السواد الأعظم من الحوادث والظواهر فنتحدث عن الفوضوي لا شغفا في تفكيك ألغازه بل إنكارا لطبيعة ذواتنا وتعاليا عليها في صورة أشبه بإطلاق أبشع النعوت والشتائم في حق إحدى ضحايا الاغتصاب.
ربما علي أن أذكر أني انقطعت عن دراسة الفلسفة، التعليم الأكاديمي ضيق من أفق النقاش، ومن الحلم...
رغم ذلك، أعترف أني محب للحكمة، أغلب الأحيان لا يبلغ المحب ضالته ولا حتى ذاته، لا يهم...
"تسير القافلة وأسير الصمت تحرر، كالرمل أوقات العاصفة لا حبة رمل في مكانها ولا كثيب يبقى الأعلى…"
لكل شيء منتهى، تلك هي القاعدة العادلة التي تسري على الجميع دون استثناء... لكل بداية نهاية و بين البداية الأولى والخاتمة الكبرى محطات لا تحصى ولا تعد، وأنه بعد الطوفان وثوران البركان لابد أن يأتي الخصب مهما اختلطت الأدخنة بالغيوم ومهما تداخلت الأنظمة بالفوضى.
في النهاية، كانت تباشير ألف رحلة بدل الألف كلمة... هكذا نواصل السير حتى نبلغ المنتهى...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!