الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صفقة القرن ..من يجرؤ أن يقول نعم!

محمد القصبي

2019 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


صفقة القرن ..من يجرؤ أن يقول : نعم!

ماذا لوزُرِعت اسرائيل في أي جغرافية أخرى غير الجغرافية العربية ..في جزيرة جراند مثلاً ، كما اقترح الصحفي الأمريكي مردخاي نوح عام 1820، ب
،أو في شرق أفريقيا " كينيا" طبقاً لما جاء في رسالة جوزيف تشامبرلين وزير المستعمرات البريطاني لتيودور هرتزل رئيس المنظمة الصهيونية عام 1903
أو في الأرجنتين، وهو خيار وجد ترحيباً كبيراً من قبل أثرياء اليهود خلال مؤتمر بازل عام 1897
ماذا لو أقيمت الدولة العبرية في أي من هذه المناطق أو غيرها وليس في الجغرافية العربية ؟أظن لو حدث هذا لتم استيعابها من الشعوب والدول المحيطة بيسر ،وحتى لو حدثت مقاومة..فخلال عقد أو عقدين كانت ستتلاشى تماماً ..لتندمج الدولة المختلقة مع الجوار عبر علاقات اقتصادية وسياسية عادية ..
الأمر مغاير تماما في الجغرافية العربية ..
ثمة رفض شرس واجه – ومازال- الدولة العبرية –- رغم مرور 71 عاما على اصطناعها..
هذا يعني ببساطة أننا أمة مقاومة .. بالطبع قولي هذا صدمة للانطباع المغاير و المستقر في العقل شبه الجمعي ..أننا منبطحون!
وهو انطباع يجانبه الصواب إلى حد كبير، نحن ، وعبر ما يقترب من القرن نقاوم بشراسة..
هل يمضي الشعب الفلسطيني يومه مؤرقاً ؟
وهذا حال الإسرائيليين أيضا..
هم أيضا مؤرقون بمصيرهم ، بل تكاد إسرائيل أن تكون الدولة الوحيدة في الكوكب التي يلقي مسئولوها وسكانها رؤوسهم كل ليلة على وسادات محشوة بأسئلة القلق حول احتمالات فناء دولتهم ، وهذا الأرق هو الذي دفع ديفيد بن جوريون أن يصرح في مطلع خمسينيات القرن الماضي إن الصراع العربي الإسرائيلي صراع وجود لاصراع حدود ، وما يعنيه وجود إسرائيل وليس العرب !بل وأحيانا يحرص المسئولون الإسرائيليون حين يستقبلون زعيم دولة اخرى أن يتضمن البيان الختامي للزيارة عبارات على شاكلة " أمن إسرائيل أو حقها في الوجود !وهو أمر لامثيل له في أية مباحثات بين زعماء الدول !
إذن استمرارية الدولة أو فناؤها هو الهاجس الأعظم الذي يؤرق الإسرائيليين ، و قد تجسد هذا القلق في عشرات الكتب والأبحاث التي تصدر في إسرائيل نفسها ..
وفي كتابه
(هل ستبقى اسرائيل حتى عام 2048 ؟) ،والصادر عام 1998 بمناسبة مرور نصف قرن على نشأة الدولة اليهودية يقول الباحث اليهوديأورولي وزولي أن قادة اسرائيل يقعون في خطأ الاعتقاد ان القوة تسمح لهم بالتغلب على كل العقبات ، بينما المأزق الاسرائيلي المزمن ناجم عن أن هذه القوة غير كافية لتحطيم العدو بالكامل والدولة اليهودية في الحقيقة لم تكسب أبداً حربا ضد العرب ،لقد انتصرت في معارك لا أكثر ، ونظراً لأن تلك الانتصارات لم تكن نهائية فإن مردودها على اسرائيل لم يتجاوز عملية مبادلة نزيف الدم بهدنة مؤقتة تسهم في تهيئة الظروف في كل مرة لصدام جديد أشد خطورة .
وليس " أورولي وزولي" وحده المؤرق بمصير دولته ، فهذا حال العديد من الباحثين الإسرائيليين الذين يخشون من أن تكون دولتهم قد ولدت بجينات فنائها !!
تماماً كمملكة بيت المقدس الكاثوليكية التي طفحت من الحملة الصليبية الأولى عام 1099 ، وتمددت وتوسعت خلال النصف الثاني من القرن الثاني عشرة حتى ابتلعت جميع أراضي فلسطين التاريخية ، إضافة إلى لبنان وأجزاء من الأردن وسوريا وسيناء، فضلاً عن محاولات ضم مصر، تلك المملكة المتطفلة على الجغرافية العربية لم يدم وجودها أكثر من قرنين ، وهي فترة تمثل لحظة في التاريخ الانساني ، إلى أن قضى عليها مماليك مصر!
إن الإشكالية الكبرى التي تواجه العرب أننا إزاء ظروف عالمية مواتية تماماً للمشروع الصهيوني ، بل هذا المشروع
جاء طفح استراتيجية استعمارية غربية – مازالت قائمة وإن كان بأشكال مختلفة – هدفها ديمومة الهيمنة على المنطقة ..
تلك الاستراتيجية بدت بشكل جلي خلال مؤتمر كامبل بترمان الذي عقد في لندن عام 1905
وشاركت فيه كل من بريطانيا ، فرنسا ، هولندا ، بلجيكا ،إيطاليا ، وأسبانيا ، بالإضافة إلى علماء بارزين في التاريخ ، والاقتصاد والطاقة والزراعة والجغرافية ، وكان السؤال المطروح : ماهي مصادر الخطر التي يمكن ان تواجه الهيمنة الغربية على العديد من مناطق العالم ؟ وانتهى المؤتمر إلى استبعاد كل من الهند والشرق الأقصى ، والمستعمرات الواقعة على سواحل الأطلنطي والهادي . وأفريقيا كمصادر خطر لأسباب مختلفة ، ورأوا أن التهديد يكمن في الجغرافية العربية الواقعة تحت سيطرة الدولة العثمانية لعوامل كثيرة أهمهاوحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان، وجينة الرفض لما هو أجنبي والمتجذرة لأسباب دينية وعرقية ، وقد تمخض المؤتمر والذي استمر حتى عام 1907 عما يسمى ب "وثيقة كامبل" ، ويعتبره المؤرخون أخطر مؤتمر لتدمير الأمة العربية ، وأحد وسائل التدمير الاستجابة للمشروع الصهيوني ،بإقامة دولة يهودية في القلب العربي ، وهو ماترجم بعد عشر سنوات كخطوة أولى حاسمة في وعد بلفور .
وقد عزف آباء المشروع الصهيوني على أوتار النزعة الاستعمارية تلك بقوة.
لقد بعث تيودور هرتزل برسالة إلى سيسيل رودس "أحد كبار المسئولين الاستعماريين في الامبراطورية البريطانية أواخر القرن ال19 وأوائل القرن العشرين يقول له خلالها " : لماذا أكتب إليك ؟
ويذيل هرتزل السؤال بالإجابة : لأنه مشروع استعماري ..وأنا أطلب منك أن تعطي المشروع الصهيوني كل الثقل الذي تمثله سلطتك " المجلد الثالث من يوميات هرتزل.. ص 1194"
كان هيرتزل من الذكاء بالقدر الذي مكنه من أن يلعب على وتيرة التناقضات في البيت الاستعماري ليكسب تأييد كل الأخوة الأعداء ..بريطانيا ..ألمانيا ..روسيا ..وكان لايكف عن مغازلة أوربا الاستعمارية ملحاً على الفوائد التي ستجنيها من دعمها للمشروع الصهيوني.. ففي كتابه "الدولة اليهودية " قال في نفاق فج : من أجل أوربا سوف نبني هناك – يقصد في فلسطين – حاجزاً في مواجهة آسيا ..سنكون حراس المقدمة للحضارة ضد البربرية !"
والحقيقة التي لاينبغي لنا نحن العرب إنكارها أن ساسة إسرائيل بعد ذلك كانوا على قدر المسئولية في الوفاء بالوعد الذي قطعه هرتزل على نفسه .. أن تكون الدولة اليهودية مخلباً للاستعمار في المنطقة ..لحماية مصالحه .
وكما نرى ..المشروع الصهيوني جريمة غير مسبوقة عبر التاريخ ، تآمر من معهم مفاتيح الكوكب لمساعدة حركة سياسية علمانية ، كثير من آبائها ملحدون مثل هرتزل ،لتوظيف أساطير وخرافات دينية توراتية بهدف السطو على جغرافية وتاريخ وتراث ومقدرات شعب آخر..
ومع ذلك قاومنا ، ومازلنا نقاوم ..
وحتى ما يشاع عن "انبطاح" عربي ، إن كان المقصود به النظام الرسمي فرغم ما يعتري هذا النظام من عوامل ضعف ، فثمة خط أحمر ، لم و لن يجرؤ أي حاكم عربي على تجاوزه .
، محوره فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة عاصمتها القدس الشرقية ..
فإن لم يتكيء مشروع ترامب والمسمى ب"صفقة القرن" على تلك القاعدة المحورية .

فلن يقبل به أي حاكم عربي ، إن لم يكن من منطلق رسالته الوطنية فخوفاً على الكرسي !
فالخطر الذي قد يواجهه الحاكم العربي من شوارع وحواري بلده أكثر عنفاً وخطورة من الخطر الذي يهدد عرشه من واشنطن أو لندن أوباريس ..!!

****
يوماً أوقف سائح أجنبي سيارة أجرة في أحد شوارع القاهرة ، وخلال الحوار بين السائح والسائق اكتشف الأخير أن زبونه إسرائيلي فأوقف التاكسي وطلب منه بحزم النزول !!!!!
ولاأظن أن تلك الحقيقة تغيب عن أحد ..أن عشرات الملايين في العالم العربي مما نسميهم بالكنباوية قد يهجعون في مخدع السلبية سنيناً ، لكن إن غضبوا ، وغضبهم وارد جداً ،سوف يطيحون بكل شيء ..كل شيء !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا