الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطفى الحسين لا يأكل الدراق

عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري

2019 / 6 / 2
الادب والفن


قبل أن يذهب مصطفى الحسين إلى غرفة التحقيق مرة أخرى "ركى" رأسه على حديد باب الزنزانة, ثم أغلق عينيه بعينيه ونام. نعم, نام واقفاً مُنهكاً من أثر التعذيب على جسده الرقيق . رأى فيما يرى النائم ثوباً بلون الدراق على جسد امرأة يعرفها. بسط يده فلامست أنامله خملة دراق ذلك الثوب الأنيق, نظر في عينيها فرأى نهاراً واسعاً. ورأى فيما يرى النائم رمانتين في صدرها, وحقلاً من الدراق في خديها. وقبل أن يستحضر, في تلك الساعة المباركة , محمد بن سيرين, ليسأله عن تفسير رؤية الدراق في الأحلام, شَمَّ "رائحة الخطو الثقيل" تدبُّ في سراديب الزنازين, جاء الصوت يسعى من بعيد, فاختفى الحمام والدراق ومحمد بن سيرين.
في غرفة التحقيق رأى, من خلال العصابة التي تغلق عينيه, أشكالاً فضائية غريبة تهبط قربه فسألهم هل تأكلون الدراق؟ جفلت تلك الأشكال, ثم طارت واختفت حين سمعت صوت خشخشة كيس من الورق. بعد برهة لمح مصطفى الحسين تلك اليد تخرج من ذلك الكيس الورقي و تمتد نحوه. قال الصوت: خذ و قل لنا ما هذا؟ كانت دراقة ناضجة قد استقرت في كفه. هل هذا اختبار؟ أين أنت يا ابن سيرين؟ قبض بكفه على ذلك الشيء, فلامست أنامله خملة الدراق:
- إنها دراقة.
قال مصطفى الحسين . وصرخ صاحب البدلة الكحلية والخطو الثقيل : أما زلت واعياً أيها الشيوعي العنيد. وغاص مصطفى الحسين في كتاب تفسير الأحلام من جديد, فقال له ابن سيرين: لا تقرب الدراق ثانية.
على هامش النص:
1-مصطفى الحسين معلمي في المرحلة الابتدائية في "مدرسة النهضة الإسلامية" في مدينة إدلب السورية في سبعينات القرن العشرين. سُجن ثمانية عشر عاماً (1980-1998) أيام حافظ الأسد بتهمة الانتماء إلى الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي- أو بما بات يُعرف بجماعة رياض الترك.
2- رائحة الخطو الثقيل: أول مجوعة قصصية يُصدرها القاص السوري إبراهيم صموئيل بعد خروجه من السجن هو الآخر.
3- توفى معلمي في المرحلة الابتدائية مصطفى الحسين في بلدته "الفوعة" في الشمال من مدينة إدلب ودفن فيها. وقد ترك مجموعة من الكتابات غير المنشورة ضاعت معظمها مع الأيام التي ضاعت من حياته.
4- مصادفة عجيبة جمعتني يوم الثلاثاء 13/5/2014 مع أحد أصدقاء مصطفى الحسين وقد باح بخبر فحواه أن مخطوطة مما ترك مصطفى الحسين تتألف من ألف صفحة تتحدث عن الصراع الطبقي في الإسلام موجودة عنده ويعمل على كتبتها على جهاز الحاسوب وستصدر في كتاب في الأيام القادمة إن شاء الله.
5- كتبت مروة عبد السلام من مصر في مجلة العربي العدد581 نيسان 2007 تحت عنوان ما وراء الجفون الدخول في عالم الأحلام: حاول الإنسان أن يفك رموز الأحلام منذ عهد بعيد, ولعل أول السجلات التي تم العثور عليها يعود تاريخها إلى نحو 5000 عام, وكان ذلك في بلاد الرافدين.
6- أخبرني أحد الأصدقاء أن من نتائج مأساتنا السورية تهجير أهل قريتي "الفوعة" و "كفريا" الواقعتين مسافة 10كم شمال مدينة إدلب ومقتل ابن مصطفى الحسين الوحيد "مالك" وضياع المخطوطة وأهلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كندة علوش ملهاش في الأكشن وبتمنتج معايا أفلامى .. عمرو يوسف


.. كيف برأ الباحث إسلام بحيري فراس السواح و يوسف زيدان من التط




.. -للحديث عن الغناء الكلاسيكي-.. صباح العربية يلتقي بالفنان ال


.. الفنان السعودي مشعل تمر يوصف شعوره في أسبوع الأزياء بباريس




.. الفنان السعودي مشعل تمر يتحدث عن حصوله على مليار مشاهدة على