الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيت المال الحرام... يؤسس دولة المؤمنين (5)‏

محمد مبروك أبو زيد
كاتب وباحث

(Mohamed Mabrouk Abozaid)

2019 / 6 / 3
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


السادة القراء الأعزاء.. نعود لنوجه الشكر لإدارة الحوار المتمدن أن سمحت لنا بنشر هذه السلسلة من المقالات، وإن أزعجني كثيراً ضعف مستوى ‏تعليقات القراء عليها، لأن ذلك هو ثمرة التفاعل الحقيقي بين القارئ والكاتب، وبدونها فلا فائدة من الكتابة... وعلى كل حال فقد عرفنا في المقالات ‏السابقة كم كانت دولة العرب محض هوجة فوضوية من حيث الشكل والهيكل السياسي، وأنها لم تترك أثراً حقيقياً في الفكر والعمل وانتهى موسم ‏الحصاد الحضاري لها قبل أن تصل بشعوبها إلى مرحلة الإشباع الثقافي وتمتيع شعوبها بظاهرة الهيمنة الثقافية، بل على العكس تماماً فقد أثبت المفكر ‏السعودي اأستاذ عمر السكران أن حضارة أجداده الأمويين والعباسيين كانت في ذات مستوى حقبة الاستعمار الأوروبي للعالم العربي من حيث حالة المزاج النفسي ‏العالم للشعوب، فكانت الشعوب تشعر بحالة من الانبهار بالثقافة اليونانية القديمة التي مضى عليها ألفي عام ولم تثمر حضارة العرب مثلها، وقد أثبت ‏السكران بالفعل أن شعوب العالم العربي كانت تحن إلى حليب الأم اليونانية وثديها الخصب ثقافياً وفكرياً، وفي ذات الوقت تنفر من شجرة الشوك ‏العربية التي ركزت جهودها على القتل والسبي والسلب والنهب فقط وجعلت كل ذلك جهاد من أجل الله، بينما انشغل فقهاؤها بشعائر العبادة وجعلوا ‏الدين هو العلم والعلم الأوحد وما سواه من العلوم الطبيعية جعلوها محض حرف لا قيمة لها ولا يحصل صاحبها على لقب عالم في الفيزياء أو الطب أو ‏الكيمياء !‏

وبالمناسبة، فإن قول الله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " فهذا لا يعني أن يتخصص الإنسان في ممارسة شعائر العبادة، كالصلاة ‏والصوم والحج وتلاوة القرآن، لأن الله خلق الإنسان وسيّره في هذه الدنيا متعدد النشاطات، فهو يمارس شعائر العبادة التي توقظ ضميره، ويمارس الرياضة ‏ليحافظ على صحته البدنية، ويمارس النوم ليستريح بدنه وذهنه قسطا، ويمارس العمل ليستطيع العيش والإنفاق والأكل والسكن، ويمارس الطب ليخفف ‏آلامه وأوجاعه، ويمارس الهواية لينعم بحياته ولا يكتئب، ويمارس الفكر والعلم ليرتقي بحياته ويكتشف الكون من حوله، ويمارس الحب والجنس كي ينجب ‏ويستمر الجنس البشري. إذن مجالات النشاط الحيوي متعددة وجميعها على ذات الدرجة من الأهمية، وليس هناك فرع من النشاط الحيوي يقل أهمية عن ‏آخر، وبالتالي فقول الله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " لا يعني أن يفرغ الإنسان حياته من كافة تخصصات وفروع النشاط الحيوي ‏للتركيز على نوع واحد فقط من الأنشطة الإنسانية التي هي على ذات الدرجة من الضرورة والأهمية، بل معنى قول الله خلقت الجن والإنس للعبادة أي ‏ليقوموا بكل فعل في حياتهم على الوجه الصحيح، فالعبادة هي الفعل والتصرف على الوجه الصحيح المشروع أياً كان نوع الفعل، فيكفي أن يكون ‏مشروعاً ليكون عبادة، وليس حصر النشاط الحيوي في تخصص شعائر العبادة. فالإنسان طالما عاش حياته وعملَ ونام وأكل وشرب ولعب وفكر ‏وصلى على الوجه الصحيح وفق السيناريو الذي رسمه الله لحياة هذا الكائن يكون بذلك قد عبد الله حق عبادته.. إذن كل فعل يتم أداءه على الوجه ‏الصحيح فهو عبادة، أياً كان نوع هذا الفعل سواء كان لعب أو فكر أو نوم أو صلاة أو عمل.‏

أما وهناك نوع من البشر يحاولون حصر كلمة العبادة في أداء الشعائر والطقوس الدينية فقط، فهذا يخالف غاية الله من خلق هذا الكون وخلق كل ‏هذا التنوع من الكائنات الحية وغير الحية والفلك والفضاء والأجرام.. فهذه المخلوقات تعبد الله بالسير الصحيح على الفلك الذي رسمه الله لها، ‏والكائنات الحية تعبد الله بممارسة حياتها على الوجه الصحيح الذي خلقها الله به بفطرتها مثل التزاوج الصحيح وغير ذلك. والإنسان يعبد الله بالعمل ‏الصالح، والعمل الصالح هنا لا يشترط تخصصه في بند الشعائر، لأن الله خلق الإنسان ليعمر الكون ويعيش رحلة حياة حضارية كاملة عبر تتابع العصور ‏والأزمان في تنوع ثقافي فكري، ولذلك قال: وخلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إذن التعارف هنا غاية من غايات الله في خلق البشر بهذا التنوع، فلماذا لم ‏يخلقهم متماثلين طالما خلقهم من أجل شعائر العبادة فقط؟.. لكن هناك نوع من البشر كسولين جداً عن العمل والبناء والإنتاج، فيحاولون تبرير ‏كسلهم ورغبتهم عن الحياة بالقول بأن العبادة هي فقط ممارسة الشعائر الدينية وأن الغاية من الحياة هي أداء الطقوس الدينية فقط، مع أنها محض جانب ‏من جوانب الحياة ونشاط من الأنشطة الضرورية المتعددة في الحياة. حتى وإن كان الله قد أنزل كتالوج للعبادة مثل القرآن دون أن ينزل كتالوجاً للطب ‏والكيمياء والفيزياء، لأن الله ذاته هو من خلق الطبيعة وأمر الإنسان بإعمال عقله فها كما أنزل القرآن سواءً بسواء، فالطبيعة هي قانون إلهي كما القرآن ‏تماماً، فالطبيعة ليست صنيعة الشيطان. ‏

بينما هناك فئة من الناس – في كافة الأديان – تخلق لنفسها حالة من السكون والزهد والرغبة عن الحياة والعمل والإنتاج وتركن إلى الدعة بمبررات ‏التعبد مثل ظاهرة الرهبانية التي ابتدعها المسيحيون في مصر وانتشرت إلى العالم أجمع، وفي المقابل نجد ظواهر رهبانية إسلامية أخرى مثل طقوس الصوفية ‏والخلوة التي ظهرت بكثافة في مصر خلال العصر الأيوبي، حيث كان يلجأ مشايخ إلى جحور جبلية حفروها في جسر جبل المقطم ويجلسوا داخلها ‏للتعبد ! وظواهر أخرى هي في جوهرها نوع من المبالغة في الشعائر مثل تحويل صلاة القيام من فردية كما أداها النبي والصحابة إلى صلاة جماعية تؤدي ‏بشكل يومي منتظم في كل مساجد الجمهورية وطوال أيام شهر رمضان وكأنها شعيرة لا يستقيم الصيام بدونها ، بينما هي نوع من الرهبنة ابتدعوها وما ‏كتبها عليهم. أي أننا نلاحظ مبالغة في أداء الشعائر دينية يسير متوازياً مع انحدار في المستوى العالم للقيم والأخلاق والمبادئ وخاصة مبدأ الضمير ‏وإتقان العمل ومعدلات الإنتاج، فلا شك أن مرحلة المماليك والأيوبيين في مصر كانت هي أحط مستوى حضاري وصل إليه الشعب المصري، وهو ‏ذات العصر الذي برزت فيه ظاهرة التصوف الإسلامي وانتشرت فيه الخرافات والكرامات والأساطير الدينية... أي أن انتشار الفساد الأخلاقي ‏والانحطاط الحضاري يسير متوازياً مع المبالغة في تأدية شعائر العبادة، وكلما أعيد ضبط الأولى انضبطت الثانية بالتوازي. ‏

يقول الأستاذ حسن فرحان المالكي عن ابن تيمية وتحريمه للكيمياء" ابن تيمية لم يقتصر تطرفه على التحريض على الدماء بل وصل للكيمياء ‏فحرمها وشن عليها حملة، لأن مؤسسها جابر بن حيان! وسبب بغضه لجابر حيان أنه من تلاميذ الإمام جعفر الصادق؛ لكن ابن تيمية ذكي؛ فلا ‏يصرح بأهدافه البعيدة!.. أفتى ابن تيمية في تحريم الكيمياء فتوى في مجموع الفتاوى (٢-٩/ ٣-٦-٨) لا نستطيع كتابتها لطولها، ولكثرة ثرثرته، ولكن ‏نستعرض (فلاشات) من أقواله، حيث يقول: " أهل الكيمياء من أعظم الناس غشا! هم أهل ذلة وصغار! - الكيمياء محرمة باطلة! " واستدل على ‏بطلانها بقوله: (لم يكن في أهل الكيمياء أحد من الأنبياء ولا من علماء الدين ولا الصحابة ولا التابعين)! وأن جابر بن حيان: (مجهول لا يعرف! ‏وليس له ذكر بين أهل العلم والدين)! ، ثم يقول: (الكيمياء لم يعملها رجل في الأمة له لسان صدق ولا عالم متبع ولا شيخ ولا ملك عادل ولا وزير ‏ناصح، إنما يفعلها شيخ ضال مبطل)! بهذا الأسلوب يهوّل ابن تيمية على العامة وفكره في التاريخ والعقائد كفكره في الكيمياء تماما! إلا أن الناس ‏تجاوزوا هذا دون ذاك.. وبرغم أن الأزهر بعد طول الضغط عليه قام بمنع تدريس كتبه ومصادرتها من الأسواق لما تنشره من فكرٍ إرهابي متطرف، إلا أن ‏شعبيته لا زالت مسيطرة على فصيلٍ عريض من العامة والدهماء السلفية في مصر والعالم العربي.‏

كان المسلمون تحت حكم العرب في مجال العلوم منقسمون بين فريقين؛ الفريق الأول يرى أن العلم هو الدين، وما سواه هو محض أدوات عمل ‏مادية وحرف وصنائع يمكن استعمالها أو الاستغناء عنها، مثل العلوم الطبيعية والطب والكيمياء والفيزياء، اعتبروا هذا النوع من العلوم هو محض صنائع ‏ومهن بشرية لا ترقى إلى درجة أن تسمى علماً، وبعضهم نبذ المشتغلين بهذا النوع من المعرفة واتهمهم بالزندقة والخروج من الدين، ومن أمثلة العلماء ‏الذين تم نبذهم: ابن حيان والخوارزمي والكندي وعباس فرناس واليعقوبي وابن الهيثم وابن باجة وابن بطوطة وابن النديم والمسعودي‎.‎‏ وابن رشد والفارابي ‏وأبو حيان التوحيدي. وعلى المستوى الديني، كـان ابن سينا أكثر الشخصيات بُغضاً لدى الأصوليين الذين اتهموه بالكفر، فقيل عنه: إمامُ الملحدين ‏الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر (إغاثة اللهفـان 2/ 274، ابن القيّم.‏

أراد الفريق الأول، القول إن الدراسة التي تلقى استحسان العلماء هي دراسة الدين فقط وأن كل الدراسات أو ميادين المعرفة الأخرى لا تكسب ‏صاحبها أي فضل، والأشخاص الذين أعطوا هذه التفسيرات كانوا أشخاصاً تعمقوا في دراسة الدين، ولابد من أنهم مالوا بالبداهة إلى اعتبار هذا الفرع ‏من المعرفة هو العلم الأوحد؛ لأنهم أصيبوا بنرجسية العرب. وكان هذا هو الفريق الغالب على عصر الحضارة العربية. أما الفريق الذي اهتم بالعلوم ‏الطبيعية وأجاد الترجمة ودرس الفلسفة والفيزياء والحساب.. هذا الفريق ما كاد أن يزدهر في عصر الخليفة المعتزلي المأمون، استمرت زهوته فترة قصيرة ‏وانطفأت شعلته سريعاً.‏

فالحضارة العربية لم تخطو سوى خطوة واحدة في العلم بكافة مجالاته، حيث بدأت بالترجمة وظهر عدد من العلماء القليلين جداً مقارنة بعمر ‏الحضارات ومقارنة بعدد علماء الدين، بما يعادل بروز عالم واحد نابغة في كل مجال من مجالات العلوم الطبيعية، شغل نصف عمره بالترجمة ونصفه الآخر ‏بالبحث والإضافة، ثم توقفت الحركة العلمية.. غير أنهم جميعاً بالتقريب تم استبعادهم من الدين الإسلامي أو تكفيرهم (ابن سينا وأبو بكر الرازي في ‏الطب وابن رشد.. الإدريسي في الجغرافيا وابن الهيثم في الفيزياء والخوارزمي في الجبر.. إلخ) حتى أن ابن خلدون عالم الاجتماع الشهير في مقدمته لعلم ‏الاجتماع والعمران اعترف صراحة بهمجية العرب وعدم حسهم الإنساني بمعنى الحضارة والرقي الإنساني وميولهم الغريزية في هدم الحضارات لا بنائها، ‏ولعلمه بعدم اعتراف العرب بالعلوم سوى ما كان دينياً فقط، فلجأ إلى تطعيم نصوصه وكتاباته بنصوص قرآنية قيل ليست ضرورية في موضعها ولكنه ‏تعمّد ذكرها هروباً من الاتهام بالهرطقة والزندقة، وهي أكثر تهمة راجت في عصر الدولة العربية وغذى لهيبها الفيلسوف الصوفي محمد الغزالي حينما رفض ‏الاعتراف بالسببية من الأساس، حتى أن أحداً من العرب أو علماء المسلمين لم ينتبه لما قاله ابن خلدون في علم الاجتماع والعمران والاقتصاد برغم أنه ‏فاق في عبقريته ما قاله علماء الفقه على مدار التاريخ، وابن خلدون كان أمازيغي العرق أو كما قال أنه من أصل يمني لكنه مغربي النشأة، عصاميّ ‏ونابغة شاذة وموهبة فريدة لم يتتلمذ على يد علماء رعتهم الدولة العربية ولم يتعلّم أكاديمياً وإنما انكب على المكتبة ينهل منها ويُعمل عقله، غرق في ‏كتب العلم والفقه والتاريخ حتى فهم معنى الحياة، ولم يكن له تلاميذ لطلب علمه لأنه ليس من علماء الدين.‏

هؤلاء العلماء انفردوا وانعزلوا عن المجتمع في صوامعهم ولم يكن لهم طلاب ولا مدارس ولا مريدين ينقلون العلوم عنهم ويطورونها، فقط الرازي ‏لكونه طبيباً خدم في البيمارستان المنصوري ولأن الطب تحديداً كان من الضرورة المعيشية لكل إنسان، مثل الأكل والشرب، وليس كالفيزياء والهندسة ‏والميكانيكا. وعلى العكس تماماً نجد العلوم الشرعية هي الأساس، فكانت ساحات التدريس تقتصر فقط على دراسة القرآن وعلوم الفقه التي انتشرت ‏وتوسعت أفقياً في كل أرجاء الدولة، ولم تخطو خطوة واحدة تطوراً رأسياً، فالدولة لم تكن تتبنى سوى الكتاتيب وزوايا المشايخ لتحفيظ القرآن إلى جانب ‏مستشفى حكومي، وهذه كانت المهام الرئيسية لكل حاكم. ولم يبدأ الأزهر في تدريس علوم الرياضة والحساب والهندسة إلا بالإكراه في العصر الحديث، ‏فكان يرفض الاعتراف بها أصلاً. ولم يسمح للبنات بدخول فصوله الدراسية إلا بالإكراه في العصر الحديث أيضاً.‏

بينما كانت الحضارة الفرعونية واليونانية والبابلية والهندية قبلها تعج بألوان التطوّر والتقدم العلمي في كافة المجالات، وارتقوا إنسانياً وحضارياً من ‏حيث الرقي الإنساني وحقوق الطفل وحقوق المرأة، بينما الحضارة العربية لم تنعم بأي شيء من الإنسانية على الإطلاق، بل إن الفقهاء على المذاهب ‏الأربعة شرعوا وشرعنوا فكرة القتل الهجومي لتحصيل الجزية والغنائم وخطف النساء والأطفال وابتدعوا أسواق النخاسة كما كان عهد الجاهلية سواءً ‏بسواء وقالوا أن هذا جهاد من أجل الله.!!‏

‏ إن حجم القوة العسكرية والسياسية التي وصلت إليه الدولة العربية لا يتناسب تماماً مع عدد العلماء والفقهاء والمفكرين والفنانين من الجنس ‏العربي الذي شكل عصب القوة العسكرية، ولا يتناسب مع العدد الضئيل من العلماء الأعاجم الذين رعتهم هذه الدولة، ولا مع القدر الضئيل من المعرفة ‏الإنسانية الذي قدمته للبشرية، ولا مع الفترة الزمنية القزمة التي عاشتها هذه الدولة، وعموما لا توجد علاقة طردية مستقيمة بين التحضر والقوة ‏العسكرية خلال التاريخ، ذلك أن غزاة كثيرون بداية من الهكسوس ومروراً بالعرب انتهاء بالمغول كانوا قبائل بدوية ليس لها نصيب من الفكر والعلم أو ‏التنظيم، لكنهم نجحوا في هدم حضارات عظيمة كما نجح العرب، وسيطروا على مساحاتٍ واسعة من العالم دون أن يذكر لهم التاريخ أي أثرٍ علمي أو ‏حضاري. وجميع الشعوب التي مارست الغزو والسيطرة على حضارات أخرى تركت آثارها الثقافية خلفها. ‏

حتى الهكسوس تركوا ثقافة عسكرية في مصر القديمة، قدم الهكسوس لمصر بعض من التكنولوجيا الحربية التي كانت تستعملها الشعوب السامية ‏من عربات تجرها الخيول والأقواس المركبة والفؤوس الخارقة والسيوف المنحنية، وعرف المصريون الخيول من الهكسوس لأن مصر لم يكن بها هذا الفصيل ‏من الحيوانات، ومن ثم استخدم المصريون هذه الثقافة العسكرية في تدعيم إمبراطورية عظيمة توسعت حدود لأول مرة من‎ ‎الأناضول‎ ‎شمالاً إلى‎ ‎القرن ‏الأفريقي‎ ‎جنوباً ومن‎ ‎الصحراء الليبية‎ ‎غرباً إلى‎ ‎الفرات‎ ‎شرقاً. حيث كان الجيش المصري في الأساس يعتمد على سلاح المشاة فقط، ثم تحول إلى الفرسان ‏المجهزة والعربات الحربية التي تجرها الخيول. واستفاد المصريون من الهكسوس الكثير من الفنون العسكرية، لكننا لم نقدس الهكسوس مقابل هذه الاستفادة ‏ولم نعتبرهم فتحاً هكسوسياً لمصر، كما قدسنا العرب مقابل استفادتنا منهم بالدين، برغم أن الثقافة العسكرية لا تقل شأناً، لأن النبي محمد عليه السلام ‏ما كان يستطيع توصيل رسالته إلينا إذا لم يتسلح عسكرياً للدفاع عن هذا الدين من عدوان العرب أنفسهم.. فالمقارنة تضيق جداً بين العرب والهكسوس ‏لأن كلاهما احتل الوطن المصري وترك لنا بعضاً من ثقافته ورحل، الهكسوس تركوا لنا ثقافة عسكرية، والعرب تركوا لنا الثقافة الدينية.. أما اليونانيين فقد ‏تركوا لنا العمارة والفنون ومدينة الإسكندرية، ومع ذلك لم نعتبره فتحاً إغريقياً. وأما الرومان فأحرقوا مكتبة الإسكندرية وتركوا فقط أسماء بعض الشوارع ‏والحارات في الإسكندرية مثل المسرح الروماني و"كامب شيزار.(معسكر جنود يوليوس قيصر بعد هزيمة كليوباترا).. فجميع الحضارات احتلت غيرها فترة ‏ثم انكمشت ورحلت وتركت آثارها الثقافية خلفها.‏‎ ‎

ومثال آخر الحضارة المغولية قامت على أنقاض الحضارة العربية، لكنها كانت أكثر قسوة وجفاءً علمياً وعقلياً، كانت أكثر همجية من العرب. ‏ونستطيع أن نقول أن المغول قد ورثوا ديار الإسلام من أقصى الشرق إلى حدود المنطقة العربية وحدود وسط أوروبا، وهي منطقة شاسعة مترامية ‏الأطراف، لذالك وضع جنكيزخان نظاماَ خاصاَ فى تقسيم هذه الإمبراطورية الواسعة، كان أشبه بالنظام الذي وضعه أعظم خلفاء العرب المسلمين في ‏بغداد عاصمة الدولة العربية، حيث رتب هارون الرشيد أبناءه الثلاثة على ولاية العرش من بعده؛ الأمين والمأمون والمؤتمن (من زوجته العربية الهاشمية ‏الأصل)، ووزع سلطاتهم، لكنهم تنازعوا على الملك وقتلوا بعضهم بعضاً في النهاية، أما جنكيز خان فقد قسم دولته المغولية بين أبنائه من زوجته الأولى ‏على النسق التالي:‏
الابن الأكبر جوجى : بلاد روسيا والقوقاز وبلغاريا وما يفتحه من غرب المعمورة.‏
الابن الثاني جفطاي : بلاد الأوبجور وتركستان الغربية وبلاد ما وراء النهر.‏
الابن الثالث تولوي : خراسان وفارس وبلاد العرب وآسيا الصغرى.‏
الابن الرابع أوغطاي: بلاد المغول منغوليا الآن والصين وتركستان الشرقية وما يفتحه من شرق المعمورة.‏

وكان من المقرر أن يكون جوجي الابن الأكبر لـ جنكيزخان هو الخليفة بعد موت أبيه، ولكن جنكيزخان شعر بطموحات جوجي واستعجاله ‏لنيل المنصب بعد أبيه فدس عليه من قتله وعين بدلاً منه أخاه أوغطاي في منصب ولي العهد ليكون خليفة بعده. وهكذا قامت ورحلت إمبراطورية ‏المغول دون أن تترك لها أثراً في التاريخ، أما العرب فقد أمنوا تاريخهم وربطوه بالدين ليظل مخلداً في عقول الأجيال، يُذكر كلما ذُكر الدين، ويُمدح كلما ‏مُدح الدين، وما ميز العرب عن المغول أنهم سمحوا للشعوب التي احتلوها بلملمة ميراث النبوة من بينهم.‏

غير أنه كان هناك صراع مقيت بين العائلات العربية الحاكمة، وصراع مقيت بين العلوم الطبيعية والعلوم الشرعية، ولم يحدث تآلف بينهما على ‏مدار تاريخ الدولة بكامله. ثم انتقل هذا الصراع إلى داخل العلوم الشرعية ذاتها فبدأ الانشطار وظهرت المذهبية والقطبية والتنافر والتنابذ، فالعقل الفقهي ‏تفتت بالتزامن مع تفتت الدولة العربية سياسياً دون رابط بينهما إلا نسيج العقل العربي، وبالنظر إلى أن العقل السياسي هو عقل عربي وتفتت جماعيا ‏بالتزامن، وبرغم أن العقل الفقهي كان أعجمياً إلا أنه تفتت بالتزامن أيضاً، ذلك لأن الفقهاء الأعاجم كانوا يفكرون بعقلية عربية، فقد استحوذت ‏عليهم متلازمة ستوكهولم العربية وزاد نفوذها أكثر من الوازع الديني الذاتي، فاتبعوا سلوك وفكر العرب أكثر من اتباعهم لمبادئ القرآن أو قل طغى ‏عليهم سلوك العرب وتأثروا بهم أكثر من استيعابهم لحدود وأبعاد النص القرآني، وبالتالي، مجرد أن تفتت العقل العربي السياسي تفتت العقل الفقهي ‏بالتبعية، ولذلك عندما تفتت دولة العرب تفتت دولة الفقه بالتزامن. ولذلك إذا أردنا أن نفهم الإسلام فلا بد لنا من العودة إلى عصر النبي محمد عليه ‏السلام فقط ونتخلص من العقلية العربية ومؤثراتها الثقافية، لنتعلم كيف تأدب بآداب الإسلام وكيف تحضّر وكيف تسامح مع النفس ومع الغير حتى ‏الكافرين والملحدين أيضاً.‏

فمجتمع لم ينعم بالسلام الاجتماعي لا يمكن أن تنهض فيه حضارة من أي نوع، ومجتمع لا ينعم بالسلام والاستقرار السياسي لا يمكن أن تنهض ‏فيه حضارة من أي نوع، ومجتمع ليس لديه تنظيم قانوني دقيق لا يمكن أن ينهض اجتماعياً واقتصادياً بأي حال، ولعلنا نذكر حضارة الرومان قديماً والتي ‏كانت تمارس حكمها بالديمقراطية المباشرة، وكل مواطن عاقل بالغ حر له الحق في المشاركة مباشرة دون نائب في اتخاذ القرار السياسي، برغم كونهم كُفار، ‏لكنهم تعاملوا مع بعضهم بالفطرة الإنسانية، فلم يقتلوا بعضهم من أجل السلطة كما فعل الخلفاء، وكذا في تاريخ المصريين الفراعنة، لم نقرأ أن عالماً ‏واحداً تم عقابه على أفكاره، برغم أن المصريين دونوا تاريخهم لخمسة آلاف عام متواصلة، بينما العرب في حضارتهم لم يدونوا تاريخهم ولا حتى تاريخ ‏نبيهم حتى جاء حفيد لأحد العبيد في بلادهم ودونه لهم، أما في عصر الدولة العربية فلم نجد سوى السطو المسلح على السلطة وتوريث الخلافة بالمذابح ‏في كافة مراحل التاريخ وكافة بقاع الدولة العربية، ومع ذلك قالوا أنها دولة إسلامية! وفي الحقيقة كان العرب مجتمعاً برياً باستحكام.‏

فعندما ننظر لحضارة العرب خلال مرحلة الدولة العربية، فلا مسوغ للمقارنة بينها بالشعوب المعاصرة لها، بل بالشعوب والحضارات السابقة عليها؛ ‏كان العرب هم أكثر شعوب الأرض تخلفاً وهمجية، وغزوا شعوب العالم الأكثر منهم تحضراً ورقياً فهدموا حضاراتها (العراق وفارس والهند)، وبالتالي فما ‏قدمته الحضارة العربية من علوم للبشرية هو محض بقايا الحضارات التي هدمتها، ولذلك كان جميع هؤلاء العلماء من أصول غير عربية ونبذهم الفقهاء ‏وإن احتضنتهم دولة العرب لوقتٍ قصير. لكن من سنن الله في الكون أن الحضارات تعلوا وتهبط صيحاتها كموج البحر، فكل شعبٍ من الشعوب له ‏نصيب من الزمن يعيش فيه دور الرياسة على العالم ويختبر تجربة الرقي والتفوق على جيرانه، وبالتالي فالمقارنة لا تكون بين المعاصرين بقدر ما تكون مع ‏الحضارات النظيرة كي نعرف حجم ومقدار الخطوة الحضارية التي اجتازتها كل حضارة في عصر ريادتها، فلا مجال للقول بفخر أن بغداد عاصمة الدولة ‏العربية العباسية كانت متحضرة ومتقدمة بها قصور ومساجد في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تعيش وسط الغابات في جهل وتخلف وانتشار للشعوذة، ‏لأن الرومان سبقوا حضارة بغداد بألفي عام، وبابل والفراعنة سبقوا العرب بخمسة آلاف عام، فمن الأجدر مقارنة الحضارة العربية بمن سبقها من ‏الحضارات، لا بمن تعثر وقت سطوتها. فالحضارة بوجه عام لها مقومات أساسية لا يمكن أن تنهض بدونها، وقد تملكت الحضارة المصرية قديما مقومات ‏الرقي وتبعتها الحضارة الرومانية ثم جاءت الحضارة العربية أضعف الحضارات على المسار التاريخي، وجاءت في الغلاب على جانح واحد هو الثقافة ‏النظرية الأدبية، سواء كانت علوم الفقه أو الشعر والنثر، لأن العقلية العربية ليست علمية بالأساس وإنما تكوينها النفسي مختلف، وسرعان ما انقضى ‏وهجها فيما لا يجاوز خمسة قرونٍ من الزمان عادت القهقرى، حيث بدأت الحضارة الغربية مع مطلع القرن الثاني عشر ميلادياً في سطوع نجمها.‏

والملفت للنظر أن الحضارة الغربية المعاصرة تتجاهل حقبة الحضارة العربية، وتعتبرها محض هوجة عربية تبعت بعثة النبي محمد خلال حقبة العصور ‏الوسطى، في الواقع لا يعترف الغرب اليوم بأنه كانت هناك حضارة عربية تخللت العصور الوسطى، ويعتبر نيوتن وجاليليو وكوبرنيكوس امتداداً لجهود ‏أرسطو والحضارة الأوروبية القديمة.. ويعتبر النظام القانوني اللاتيني امتداد للقانون الروماني القديم دون أي أثر لدور القانون العربي على اعتبار أن العرب ‏لم يكن لديهم ثقافة قانونية ولا فكر ولا تنظيم قانوني.. ويقول العرب أن ذلك عنصرية من الغرب تجاه الإسلام والحضارة العربية، فالغرب يتجاهل ‏منجزات الحضارة العربية خلال حقبة العصور الوسطى.. لكن الواقع أن حقبة الحضارة العربية في العصور الوسطى لم تقدم ما يلفت النظر كما قدمت ‏سائر الحضارات الأخرى، وإلا فلماذا لم يتجاهل الغرب حضارة المصريين الفراعنة؟ لماذا أنشأ الغرب قسماً خاصاً في الجامعات لدراسة التاريخ الفرعوني ‏وابتكروا له اسماً مصرياً خالصاً هو " المصرولوجيا ‏Egyptology‏ " أو علم المصريات ليختص بدراسة منجزات الحضارة المصرية القديمة؟ بالطبع لأن ‏هناك فرق شاسع بين من بنا بيته خيمة من أربعة أوتاد أو حتى ستة، ومن بنا الهرم ليسكنه.. فكلاهما مسكن، ولكل شعب أعرافه وتقاليده، حتى وإن ‏أخذ الهرم شكل الخيمة في النهاية، لكن النظرية الهندسية في بناء الخيمة تختلف بالطبع عن النظرية الهندسية في بناء الهرم.. فلو كانت الحضارة العربية ‏قدمت خدمات جليلة للبشرية ومنجزات علمية حقيقية لكان الغرب قد كرس جهوده لدراستها، لكن الغرب المتحضر لا يلتفت كثيراً للحضارات ذات ‏الطابع الأدبي النظري وإنما فقط يركز على العلوم التطبيقية، ولذلك احتفى كثيراً بالحضارة المصرية الفرعونية وافتتح لها قسماً خاصاً لتدريسها في ‏الجامعات والمعاهد.. وهكذا أصبح تاريخ المصريين علماً تطلبه الشعوب.. بينما أصبح تاريخ العرب عقبة أمام انتشار الدين في الشعوب ! ذلك ببساطة ‏لأن المستشرقين يشوهون الإسلام بقراءتهم في التاريخ العربي لأن العرب ربطوا تاريخهم بالدين.. برغم أنهم هم أنفسهم هؤلاء المستشرقين فتحوا أقساماً ‏في جامعاتهم لدراسة علم المصريات وتعريف العالم به !‏

بل إننا عندما نركز دائرة الضوء على علم المصريات وحده، سنجده أخذ منعطفاً بيانياً عجيباً يجسد دور الحضارة العربية وقيمتها وشأنها بين ‏الحضارات السابقة عليها واللاحقة لها.. ليس بمقارنة حضارة الفراعنة مع حضارة العرب، ولكن بمقارنة ما اكتشفته الحضارات الأوربية عن الفراعنة مع ما ‏اكتشفته الحضارة العربية عن الفراعنة.. ‏

ففي البدء كما يقول الدكتور وسيم السيسى، عالم المصريات،" إن أبو التاريخ الحقيقي هو «مانيتون» وهو مؤرخ مصري من مدينة سمنود، محافظة ‏الغربية، كان كاهناً فى عهد الملك بطليموس الثاني280 ق. م الذي كلفه بكتابة تاريخ مصر القديمة، حيث سمح له بفتح جميع المكتبات أمامه حتى ‏يستطيع كتابه التاريخ، وأخذ مانيتون هذه المهمة على عاتقه واعتمد فى كتاباته على الوثائق التي خلفتها الحضارة المصرية التي كانت تضمها خزائن ‏الوثائق بالمعابد، بالإضافة إلى كل ما وجده في متناول يديه من وثائق الإدارات الحكومية وغيرها‎.‎‏ وأن مانيتون هو من قام بتقسيم تاريخ الدولة المصرية ‏إلى ثلاثة مراحل عمرية متتابعة؛ قديمة ووسطى وحديثة، بالإضافة لتقسيم حكم الدولة إلى أسرات حكمت بالتتابع، ولكل أسرة عدة ملوك، وهذا لكونه ‏على علم باللغة المصرية القديمة بإتقان".. هكذا صنع المصريون حضارتهم، وهكذا وضعوا تاريخ هذه الحضارة، فمانيتون هو أول مؤرخ في التاريخ نجد لديه ‏رؤية سياسية شمولية ونظرية علمية في كتابة التاريخ وتقسيم مراحله العمرية.. وكان ذلك في عهد الإمبراطورية اليونانية، كانت اللغة والكتابة الفرعونية لا ‏تزال مستخدمة ولا تزال علومها ومعارفها مدونة ومفهومة، واستغل الإغريق ذلك في بناء حضارتهم، فقد قامت حضارتهم على ما تركته الحضارة المصرية ‏من علوم ومعارف، حتى أن كثير من علمائها درسوا العلوم والطب والفلك والفيزياء في المكتبات المصرية ثم عادوا إلى بلادهم ونشروا علومهم..‏

وإلى هنا توقف التاريخ المصري القديم خلال حقبة الاحتلال الروماني، وضاعت رموز الكتابة المصرية القديمة، فأصبح هذه التاريخ لغزاً.. وبدأت من ‏جديد محاولات عديدة لكشف هذا اللغز، وتتابعت الحضارات المختلفة التي احتلت مصر من الرومان ثم العرب ثم الفرنسيين والإنجليز في القرن الثامن ‏والتاسع عشر، وتباينت أدوارهم في كشف هذا اللغز. وبذل الباحثون جهود كثيرة في هذا الميدان، كانت محاولات لفك شفرات الكتابة المصرية القديمة ‏بعد أن تغيرت أبجدياتها بمرور الزمن وطواها النسيان، عاد الباحثين في محاولات مستمرة لاستعادتها مرة أخرى، ففي القرن الثالث ميلادياً كتب كليمنت ‏السكندرى،: (للمصريين خطوطا ثلاثة الهيروغليفية، الهيراطيقية، الدموطيقية، وأن الخط الهيروغليفى على نوعين استخدم الأول بمعناه الحقيقي أما الآخر ‏فكان رمزياً ). وفي القرن الرابع ميلادياً، وضع المصري حور أبوللو مؤلفاً ذكر فيه معاني 189 كلمة هيروغليفية (إلى هنا وانتهى دور الحضارة الرومانية ‏في فك اللغز)‏

وفي القرن 7م، حيث بدأت حضارة العرب صعودها، أطلق العرب على كتابات قدماء المصريين (قلم الطير) وفي القرن 8م صنّف جابر بن حيان ‏كتابين فى رموز اللغة المصرية القديمة. وفي القرن 9م، صنّف أيوب بن مسلمة كتاب فى تفسير الخط المصري. وفي القرن 9م، صّنف ذو النون المصري ‏كتاب (حل الرموز وبرء الأرقام في كشف أصول اللغات والأرقام). وفي القرن 9م، أبو بكر أحمد بن علي المعروف بابن وحشية النبطي ألف كتابين في ‏تفسير اللغات القديمة (شوق المستهام في معرفة رموز الأقلام)، و(شمس الشموس وقمر الأقمار في كشف رموز الهرامسة). (إلى هنا وانتهت حضارة ‏العرب). ‏

وإذا عدنا حيث بدايتها، سنجد أن حضارة العرب لم تقدم جديداً في فك لغز الحضارة المصرية، بل إن المحاولتين التين بُذلتا من يوناني ومصري في ‏العهد الروماني قبل ظهور دولة العرب كانتا الأكثر فائدة؛ فقد كتب "كليمنت السكندرى" (للمصريين خطوطا ثلاثة الهيروغليفية، الهيراطيقية، ‏الدموطيقية، وأن الخط الهيروغليفى على نوعين استخدم الأول بمعناه الحقيقي أما الآخر فكان رمزياً (وهذا ما يعني أنه توصل إلى فروق جوهرية بين ‏الخطوط المصرية القديمة، وطالما استطاع التفرقة بين الخطوط وتصنيفها، إذن يرجح أنه تمكن من قراءتها) وبعد قرن وضع المصري حور أبوللو مؤلفاً ذكر ‏فيه معاني 189 كلمة هيروغليفية.. بينما خلال عصر الحضارة العربية كاملاً لم نجد أي جديد في اكتشاف الكتابة المصرية القديمة، رغم وجود بعض ‏محاولات خلال القرون الثلاثة الأولى فقط وهي عصر الازدهار الفعلي لدولة العرب، لكنها مع ذلك ظلت مجرد محاولات لم تصل لمستوى المحاولات ‏السابقة عليها في عهد الرومان، بل إن المحاولات العربية لا يُستبعد أن تكون مجرد تأليف وترجمة لنصوص موجودة وليست محاولات بحثية، ولهذا ظهرت ‏كتب ومؤلفات دون أن تصل لنتائج فعلية فهي على الأرجح كانت عمليات تأليف وليس بحث علمي، وهذا ما يبرز قصور الفكر العلمي في حضارة ‏العرب مقارنة بنظيره الأدبي.. فحضارة العرب تكاد تكون جميعها حضارة سائلة.‏

ثم مع صعود نجم الحضارة الغربية الحديثة، في القرن 18 م تعرف عالم الفيزياء الانجليزي توماس يونج على الأسماء الملكية المنقوشة بداخل خراطيش ‏حجر رشيد، ونجح فى ترجمة اسم بطليموس. وفي القرن 18م أيضاً قام الراهب المصري يوحنا الشفتشى بتعليم شامبليون أصول اللغة القبطية ليتمكن من ‏فك رموز اللغة المصرية القديمة، وقد توفي في ريعان شبابه ولم يكمل رحلة بحثه التي أكملها زملاءه وتمكنوا من فك شفرات كافة الخطوط المصرية القديمة.. ‏ثم أكمل الإنجليز كشف كنوز ومقابر الحضارة المصرية في القرن العشرين من خلال البعثات العلمية... ‏

ونظراً لأن عملية فك الشفرة اللغوية ليست بحاجة إلى تكنولوجيا القرن العشرين ولا كمبيوتر ولا مسح إشعاعي، وإنما هي نظرية فكرية وطريقة ‏بحث نظرية يتمكن الباحث من خلالها إلى الربط بين معاني الكلمات والرموز، والطريقة التي اتبعها شامبليون في القرن الثامن عشر هي ذاتها الطريقة ‏البحثية التي اتبعها سلفه المصري وسلفه السكندري في عهد الرومان دون أي دور للتكنولوجيا والأدوات.. وهذا ما يعني أن الحضارة العربية كانت عبارة ‏عن - فاصل إعلامي أثار صخباً وغباراً كثيفاً– بين الحضارات القديمة والحديثة، وأنها كانت مصابة بعمى الألوان، فلم تر الحضارة المصرية القديمة، ولم ‏يتحدث علماء بغداد والأندلس عن الحضارة المصرية القديمة ولم يبحثوا فيها بجدية الباحث الهمام كما فعل من سبقوهم.. واقتصرت إنجازات الخلفاء ‏العرب في مصر على نهب الكنوز الفرعونية، بل إن خليفة العرب المأمون كان أعظم إنجازاته حينما زار مصر عام 216 هـ هو أن قام بنقر الهرم! فحينما ‏اقترب من الهرم الأكبر اعتقد المصريون أنه يحاول أن يلتقط أبعاده الهندسية ونظرية البناء كي يأمر مهندسيه ببناء هرمٍ أعظم له كعادة ملوك مصر، لكن ‏المفاجأة أن أقصى طموحات الخليفة المأمون كانت أن يأمر عماله وخدمه بأن ينقروا الهرم، ووقف على ميزانية النقر بنفسه حيث اشتغل العمال في ‏تكسير ثغرة في جدار الهرم لفتح جُحرٍ ثُعباني يصل إلى مقصورة الدفن الملكية، وبالفعل استمرت أعمال النقر عدة أيام كما يقول المؤرخ اليعقوبي حتى ‏تمكن العمال من الوصول إلى ‏الصالة الجنائزية، ومنها إلى غرفة الدفن الملكية واكتشفوا المومياء الملكية، وكانت جافة متخشبة وشعرها ناعم وخفيف لامع ‏ومخضب بالحناء وحولها من ‏الأواني والقوارير والمجوهرات والتماثيل الذهبية والخشبية والحجرية وكثير من التمائم الذهبية... كان الخليفة المأمون أول من ‏دخل من خُرم الهرم وتدحرج ‏في الجُحر الثعباني زاحفاً مثل الفأر الجبلي على بطنه إلى أن وصل إلى غرفة الدفن الملكية.. فصُعق واشرأبت شنباته من هول ‏المشهد وعظمة الأجداد.. ‏ولم يسعه إلا لملمة المجوهرات والتحف والآثار وأخذها غنيمة.. لأن العرب بطبيعتهم لا يعرفون إلا الغنيمة والسبي، وكانت ‏جميع فتوحاتهم من أجل ‏الغنيمة والسبي، حتى فتح الهرم كان من أجل الغنيمة وسبي المومياء‎...‎‏ فكانت أعظم إنجازات العرب في مصر هي هذا الكشف ‏التاريخي العظيم الذي لم يسبق العرب إليه أحدٌ من قبل .‏

وهذا في الواقع- ودون تحيز- يعتبراً مؤشراً حقيقياً على حجم ومقام الحضارة العربية بين الحضارات السابقة عليها واللاحقة لها. فلم يعرف العرب ‏عن حضارة الفراعنة سوى الكنوز الفرعونية التي نهبها عمرو العاص وخلفه من سلالة قريش الذين حكموا مصر، والتي كان يعثر عليها اللصوص بالحفر ‏والتنقيب العشوائي. فلم يفكروا في كشف أسرار الحضارة الفرعونية كما فكر من قبلهم، إنما طرحوا عليها غبارهم الصحراوي ورحلوا وما زال الغبار ‏يحجب الرؤية المصرية... برغم أن تاريخها أصبح علماً تطلبه الشعوب.‏

بقيت زاوية رصدٍ أخرى ربما يدركها من لا يدرك الحق، ألا وهي الآثار المتبقية لكل حضارة، فالصينيين القدامى أنشأوا حضارة تركت آثارها ‏الثقافية والمعمارية والفنية في بلادهم ولا زالت، وليس آخرها سور الصين العظيم، وكذلك الحضارة الهندية تركت آثارها تدل على عظمتها، وكذا ‏الحضارات الأوروبية القديمة اليونانية والرومانية تركت آثارها المعمارية والفنية والعلمية خلفها. وأما الحضارة المصرية فقد تركت الكثير والكثير من الآثار ‏التي صار مجرد مشاهدتها يمثل أكبر مصادر الدخل القومي للمصريين في عصرنا، فقد قامت الدولة المصرية بسواعد أبنائها، وتركزت عواصمها على مدار ‏سبعة آلاف عام في مركز الخريطة المصرية، ولم تخرج عنها، توسعت خارجياً وفرضت سيادتها تجاه الشمال والجنوب والشرق والغرب في مراحل الازدهار ‏الحضاري، ثم عندما دخلت مرحلة الاضمحلال انكمشت ولملمت أطرافها في حدود الدولة المصرية التي يسكنها المصريين ويتحدثون لغة واحدة ومن ‏نسيجٍ اجتماعي واحد، وظلت الآثار الباقية في كل مكان دليل على وجودة الحضارة المصرية، واستقلت بالكثير من عجائب الدنيا، ومن ألغازها العلمية ‏أيضاً. ‏

أما الدولة العربية فلم يبق لها أي أثر، بل ذابت دويلات واستقل كل شعب بدولته، فاليوم العراق دولة مستقلة وإيران دولة مستقلة وسوريا ‏والأردن ومصر مستقلة، وشبه الجزيرة صحراء كما هي على حالها، أي لا نجد خريطة عصرية يمكن وصفها بأنها كانت موطن الدولة العربية، بينما مصر ‏لها خريطة هي ذاتها الخريطة الفرعونية، ويمكننا اليوم إعادة استنباتها على ذات الخريطة القائمة ومن ذات مواردها، لأنها لم تفقد إلى توسعات (خارجية) ‏عن حدودها... أما خريطة العرب فقد ذابت تماماً ومن غير المتصور قيام دولة للعرب اليوم على هذه الخريطة التي ذابت. لأنها لم تقم بسواعد أبنائها، ‏ولم تستقر عواصمها في بلادهم شبه الجزيرة العربية، ولم يكن لها عمود فقري، ولهذا ذابت سريعاً مع الزمن ولم يبق أي أثر يدل على أنه كانت هناك دولة ‏عربية قامت يوماً ما سوى في الكتب.. فعندما نبحث في أرض العرب عن أي أثر يدل على قيام حضارة يوماً ما فلن نجد سوى آثار قوم عاد وثمود ‏ومدائن صالح وغيرها من القرى التي تركت آثار دمارها الإلهي عبرة للأجيال التالية من سلالة العرب.. أي أن آثار الحضارة والقومية العربية أصبحت مثل ‏الأساطير لا نجد لها أثراً إلا في الكتب، وحتى الكتب ليست مخطوطات آثارية تركتها الحضارة العربية لنقول أنه كانت هناك حضارة، إنما المخطوطات تم ‏تدوينها في عصور لاحقة، أي بعدما ذابت حضارة العرب، فأصبحت مثل العرب البائدة، لأن كل حضارة تترك أثراً بحجم قدمها أو كما قال العرب " ‏البعرة تدل على البعير".. ‏

ذلك لأن النسيج العربي في الأصل نسيجٌ إسفنجي، وقامت حضارته من جنسه، قامت على النهب من الشعوب المجاورة لها. وكما يقول جدنا ‏المصري الحكيم "آمون أم أوبي" وهو يُحذر من أخذ الإنسان ما لا يحق له، بل يرسم لنا صورة تُجبر الشخص على الابتعاد عن أخذ ما لا يحق له؛ فيقول: ‏إذا جاءك أحدٌ بثروة عن طريق اللصوص فإنها لا تبقى معك ليلة واحدة، وعند طلوع الصباح لن تكون في بيتك، وسترى فقط المكان الذي كانت ‏فيه، وأما هي فلن تكون موجودة، لقد فتحت الأرض فاها وابتلعتها، إن العالم السفلي قد غمرها، إنها صنعت لنفسها حفرة ضخمة وانطمرت فيها ‏‏"(1). ‏

ومبدئياً فكل نباتٍ طيب، ففي الأصل هو طيب لأنه ثمره طيب، ومفيد لأنه ببساطة يمكن استنباته من جديد، بمعنى أننا لو جئنا ببذرة فاكهة ‏وغرسناها في وادي النيل، فمن الطبيعي أن تنبت شجرة طيبة، وتطرح ثماراً من ذات الفصيلة أي تحمل سمات ومواصفات الشجرة الأم التي طرحت ‏البذرة، إنما لو كانت البذرة عاقر، فمن الطبيعي أنها لن تنبت مرة أخرى، ولن تثمر، ولم تم غرسها في غر تربتها الملائمة، فلن تنبت مرة أخرى.. هكذا ‏أسطورة الدولة العربية، فهي من نوع النباتات العاقر غير الشرعية، بمعنى أن السعوديين أحفاد العباسيين والأمويين لا يمكنهم اليوم إعادة استنبات هذه ‏الدولة وهذه الحضارة من جديد، لأن خريطتها لم تكن شرعية ولم تدم بأي حال وذابت كما النسيج الإسفنجي، فقد أصبحت الشعوب مستقلة عنهم، ‏فلا الشعب العراقي يقبل أن تعود أرضه تحت رعاية أبناء سعود وبني أمية وبني العباس، ولا لبنان ولا الشام ولا المصريين يقبلوا اليوم أو غداً بأن تعود ‏مصر تحت حكم سلالة قريش، ولا الأسبان والبرتغال يقبلوا أن تعود بلادهم تحت حكم بني أمية وسلالة قريش مرة أخرى، ولا الإيرانيون يقبلوا اليوم أن ‏تعود بلادهم تحت حكم سلالة قريش.. وهذا ما يعني استحالة استنبات هذه الدولة من جديد لأنها لم تكن شرعية من الناحية السياسية والاقتصادية. ‏

بل كانت الدولة العربية أشبه بواقعة الزنا أو الاغتصاب، ومعروف أن الزنا هو علاقة اتصال جنسي بين ذكرٍ وأنثى، ومن الوارد أن تنجب طفلاً ‏بالفعل، لكنه غير شرعي، ومعنى ذلك أن هذه العلاقة لن تستمر، إنما تبقى مرة واحدة خلسة ولا تتكرر بشكلٍ طبيعي مثل الزواج الشرعي.. وأبسط ‏مثال هو الإمبراطورية الإنجليزية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر امتدت أطرافها إلى الشرق والغرب حتى قيل عنها أنه الإمبراطورية التي لا تغيب ‏عنها الشمس، احتلت بلاد كثيرة من شعوب العالم في الشرق والغرب وفي نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، ما يعني إذا كان نصف بلادها في النهار ‏يكون النصف الآخر في الليل من شدة اتساعها، ونهبت من الهند ومن شمال إفريقيا وكثير من البلاد، فهل بإمكانها أن تعود اليوم أو أصبح مشروعاً لها ‏العودة إلى سابق عهدها ؟ بالطبع لا لأن ذلك في الأصل كان غير مشروع، ولا يمكن إعادة استنبات حضارة إنجليزية على هذه المساحة من جديد.. ‏

وهكذا قامت دولة العرب خلسة من عمر الزمان اغتصبوا خلالها أراضي العديد من الشعوب المجاورة لهم، ثم عادوا إلى صحرائهم مرة أخرى.. وكل ‏ما في الأمر أننا نستحي أن ننطق بأن عمر الخطاب بنا دولة من المال الحرام، بنا دولة بأرواح الأبرياء.. بينما المصريين اليوم وغداً وبعد غدٍ يمكنهم في ‏أي مرحلة من عمر الزمان إعادة استنبات الحضارة المصرية القديمة بذات نطاقها الإقليمي وبذات عواصمها وحدودها وأرضها وشعبها ونسيجها ‏الاجتماعي، أو على الأقل يمكنهم التخطيط بواقعية كاملة لإعادة استنبات الدولة من الآن إذا أراد أن ينهض الشعب في أي وقت أو أراد أي جيل من ‏أجياله القادمة؛ لأنها كانت دولة شرعية ومن حقها أن تستمر على ذات الفراش مدى الحياة، وتستمر دورتها الحيوية دون ملامة من أحد، لأن العمود ‏الفقري للحضارة القديمة نبت من طمي النيل وفي أرضه، وما زالت أرضه كائنة، وما زال شعبها كريماً.. وليس كما السعوديون خرجوا من بلادهم على ‏ظهور البغال وهجموا على الشعوب المجاورة حكموها ومصوا دماءها فترة ثم عادوا مرة أخرى إلى أرضهم.. إذن الكيان الشرعي يمكن إعادة استنباته ‏بشرعية وبسهولة عندما يقرر الشعب أن ينهض، أما الكيان غير الشرعي فلا يمكن إعادة استنباته. ‏

فالغرب ليس متحيزاً ضد العرب ولا ضد الإسلام، لكنه أكثر واقعية من العرب تجاه أنفسهم، وأكثر إنسانية من العرب تجاه البشر، فالعرب ‏يعظمون من وتاريخهم ويفخرون به بشكلٍ مبالغ فيه لأن هذه طبيعتهم وتكوينهم النفسي، ويحاولون طول الوقت أن يوجدوا لهم مقعداً في التاريخ يتربع ‏جنباً إلى جنب مع الحضارات الأخرى، بينما في الواقع الغرب يُقيّم حضارتهم بمنطقية وواقعية، ولا ينبذها كمبدأ عام، لأننا نجد اسم الحسن ابن الهيثم ‏منقوشاً بماء الذهب على سقف مكتبة الكونغرس الأمريكي، ونجد اسم النبي محمد منقوشاً بالرخام على واجهة المحكمة الدستورية العليا في أمريكا، ونجد ‏اسم الخوارزمي ذائع الصيت في أوروبا، وكذلك الفيلسوف العظيم ابن رشد وابن الهيثم وابن سينا وغيرهم.. يعرفهم الغرب أكثر مما عرفهم العرب، بل إن ‏العرب لم يعترفوا بقيمتهم إلا بعدما احتفل بهم الغرب، وفي الواقع لم يكن النبي محمد نتاج الحضارة العربية، وإنما نبي ورسول من عند الله، ولم يكن ابن رشد ‏نتاج الحضارة العربية لأنهم وقتها نبذوه وأحرقوا كتبه.. ولم يكن ابن خلدون نتاج الحضارة العربية لأنهم لم يفهموا كتاباته وهو من أسس نظريته في العقلية ‏العربية.. وفي المجمل كانت الحصيلة العلمية خلال الحقبة العربية في العصور الوسطى أقل بكثير مما قدمته سائر الحضارات البشرية، لأن العرب بجنسهم ‏وعرقهم لم يكن العلم من أبجدياتهم على أي حال، ولم يكن الرقي الإنساني من أدبياتهم. فقط كان الشعر والغزل والهجاء والفروسية، وهذه جميعها من ‏الأصناف المعرفية التي لا تقدم شيئاً مفيداً للبشرية، ولذلك فإننا رغم اعترافنا بعبقرية المتنبي وامرئ القيس الشعرية إلا أننا لا نجد لهم أثر في الثقافة ‏الغربية كما وجدنا أسماء العلماء لامعة هناك.‏

(نلتقي غداً في حلقة جديدة بتصرف من كتابنا ؛ غبار الاحتلال العربي).

هامش؛
‏ 1- مقال للدكتور حسين دقيل بعنوان : من أخلاق المصريين القدماء (ج13) الرفق والأمانة . منشور على موقع ساسة بوست بتاريخ 16‏‎ ‎أغسطس, 2018 على الرابط التالي: ‏
https://www.sasapost.com/opinion/from-the-morals-of-the-ancient-egyptians-c-13-mercy-and-honesty‏/‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - غزارة في التأليف
ماجدة منصور ( 2019 / 6 / 4 - 08:30 )
بالكاد إنتهيت من دراسة مقاللك المعنون بيت المال الحرام...يؤسس دولة للمؤمنين (1) و وضعت في خانة التعليقات ملاحظة بسيطة أتمنى عليك أن تتعامل معها بعين الإعتبار0
هذه ليست مقالات..بل هي أقرب الى البحوث التاريخية0
شكرا جزيلا


2 - احترامٌ وتبجيل
محمد مبروك أبو زيد ( 2019 / 6 / 4 - 12:42 )
سيدتي... عين القارئ اللبيب هي من ترى وتحدد ما تراه وتفهم وتدرس وتفحص ملامحه جيداً حسب قدراتها ... فقد كتب العلامة ابن خلدون قريباً من هذا الكلام في القرن الثالث عشر الميلادي، ووضع نظرية دقيقة في علم الاجتماع ضمّنها الكثير من الملامح النفسية والاجتماعية والديمجرافية للعرب، ولكن العقول حوله لم تستوعب ما كتبه ابن خلدون وشنوا عليه حملة ضارية... ثم جئنا نحن في القرن العشرين وعثرنا بالصدفة على كتبه في التاريخ والسياسة، فوجدنا أن مقدمة الكتاب الأول فيها ما يعتبر الأساس لعلم الاجتماع الذي بدأت جاماتنا دراسته في العصر الحديث وليس مجرد مقدمة لكتاب تاريخ، بينما تجاهله أبناء عصره سبعمائة عام كاملة لأن عيونهم لم تر معنى كلامه ولم تستوعب فكره الحضاري المتقدم عنها بسبعة قرون... شُكراً لعيونك الذكية التي سبقت عصرها...

اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا