الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعقيبًا على موقف (نيتشه) المعادي للديموقراطية!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2019 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


كتبت هذه الخاطرة كردٍ على ما ورد في (الفيديو المرفق أدناه) من موقف الفيلسوف الالماني (نيتشه) المعادي للديموقراطية والذي أدى الى دعم الفكر النازي الجماعي الشمولي اليميني المتطرف في المانيا والعداء لليبرالية والديموقراطية واعتبارها افكارًا ونظمًا سخيفة تحُول دون تأطير الأمة تحت قيادة مركزية أحادية صارمة و(موهوبة؟) من اجل تحقيق القوة والمجد السياسي القومي والتفوق الاقتصادي والعسكري وهو موقف ملحوظ دائماً لدى القوى اليمينية المتطرفة سواء أكانت قومية أو وطنية أو حتى دينية حتى في العالم العربي!.
********************
ليست الديموقراطية هي الحرية الفردية المطلقة بحيث يفعل كل انسان ما يشتهي وما يريد كيفما شاء حتى لو الحق الضرر بنفسه وجسمه أو بالآخرين او حتى بالنظام الاجتماعي ككل!، هذه ليست ديموقراطية بل فوضى او ليبرالية فردانية متطرفة متوحشة!، ليس هذا هو المفهوم الموضوعي للديموقراطية ولا هي الديموقراطية المطبقة في الغرب اليوم، فالديموقراطية ليست فوضى بل هي محاولة انسانية عقلانية واقعية وجادة نتجت عن تجربة عمرها قرون مديدة لتنظيم الفوضى المترتبة عن التنافس القديم المستمر على السلطة بحيث يتم التنافس بين الفرقاء السياسيين بطريقة سلمية مُنظمة بعيداً عن الاقتتال المدمر للمجتمعات.. والديموقراطية الليبرالية كما في الغرب ليست آلية للحيلولة دون الفوضى والاقتتال الناتج عن التنافس على السلطة وحسب، بل هي ايضاً آلية للحيولة دون الديكتاتورية الفردية وكذلك الديكتاتورية الشعبية الجماعية!، فالديموقراطية تمنع الديكتاتورية الفردية بأن تجعل الشعب يختار من يحكمه ويقوده من جهة، ومن جهة تحُول دون تجمع وتركز السلطات في يد واحد كما تمنع وجود سلطة مطلقة بلا حدود ولا قيود، فالحاكم في الديموقراطية محكومٌ بالدستور وبأصوات الجمهور، وأما الليبرالية كفلسفة اجتماعية تقوم على تقديس وحماية حقوق وحريات وحرمات الافراد الشخصية فأنها تمنع الديموقراطية من أن تنزلق نحو الديكتاتورية الجماعية الشعبية ولو من خلال الديموقراطية بحجة ان الشعب حر في أن يحكم ما يريد ويفعل ما يريد بدون حدود ولا قيود!، فالليبرالية كفلسفة اجتماعية تقدس الحريات الشخصية للافراد وحقوق الانسان، وهي بالتالي قيد ضروري على الديموقراطية، لمنعها من التحول الى ديموقراطية شعبوية وديكتاتورية شمولية ومطلقة!، ولا يعني هذا ان الديموقراطية الليبرالية نظام مثالي وكامل يؤدي دائمًا الى حكم رشيد وحكم الأفضل بالفعل فقد تؤدي الديموقراطية الى حكم بعض القوى السيئة والمتهورة والمنحرفة، لكن إذا حدث هذا فليس هذا عيبًا في الديموقراطية في ذاتها بل العيب فيمن يستعمل هذه الديموقراطية كأداة وطريقة للحكم وصناعة القرار!، فيكون الخلل إما في وعي واخلاقيات الشعب عمومًا أو في وعي واخلاقيات النخب السياسية الحاكمة والمعارضة على وجه خاص!، فالديموقراطية كطريقة سياسية وادارية لصناعة القرار وقيادة الدولة وفق ارادة ورضا جمهور الأمة تحتاج كي تعمل بشكل فعال وناجز الى قدر من الوعي والنضج السياسي العام من جهة ومن جهة ثانية تحتاج إلى قدر من الليبرالية، وتحتاج ثالثًا إلى قدر من الاخلاقيات العامة، وبدون هذا تكون الديموقراطية عرضة للفساد بل وللاستبداد المقنع بالديموقراطية!، ومع هذا، اي مع كل عيوب الديموقراطية، فبالنظر للواقع والتجربة تظل هي أفضل الممكن وأفضل الموجود!.
سليم نصر الرقعي
(*) هنا تستمتع لرأي (نيتشه) في الديموقراطية: https://www.youtube.com/watch?v=gbZ3Ez1Yl6A








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لقد وصلت
n a s h a ( 2019 / 6 / 8 - 07:48 )
تحياتي لقد وصلت إلى لب الفكرة إلى الهدف من الفكرة.... فكرة الليبرالية الديموقراطية
الديمقراطية الليبرالية قمة الإنجاز البشري في الفلسفة السياسية.
الدستور الإنساني الشامل غير المنحاز لأي مجموعة بشرية هو أساس نجاح الليبرالية الديموقراطية وهو ايضا قمة الإنجاز البشري في نظام العدالة والمساواة.

ولكن في جميع الأحوال يستحيل إنجاز نظام سياسي مثالي لأستحالة تجرد الإنسان من ذاته
كل الاحترام والتقدير


2 - مرحبا صديقي nasha العزيز
سليم نصر الرقعي ( 2019 / 6 / 8 - 16:41 )
بعد التحية
صديقي هذه قناعاتي منذ زمن بعيد، ولكن هذا في مجال (الفكرة المطلقة) فلا شك أن الديموقراطية الليبرالية هي النظام السياسي والدستوري الأمثل للبشر أما حينما تريد تنزيل هذه (الفكرة المطلقة) على واقع البلدان فإن الفكرة ستتماهى مع خصوصيات كل بلد وكل مجتمع ولهذا السبب لا تجد اليوم نظامًا ديموقراطي وليبرالي يشبه للآخر في الغرب والشرق!!، فكلها أنظمة حكم ديموقراطية وليبرالية ولكن لكل منها خصوصياته الوطنية والاجتماعية!، اعتقد أن هذا أمر واضح بل ومعترف به هنا لدى الغربيين، أقصد مراعاة الخصوصيات عند التطبيق، أما إذا كنت أن تريد أن تُقيم مجتمع ديموقراطي ليبرالي انساني (مجردًا) عن خصوصيات الوطنية وثقافة كل مجتمع وطني وقومي ويضم كل البشر وكل فرد بوصفه انسان فقط، فهذا المجتمع (المجرد) لا وجود له حاليًا في كوكب الأرض!!، هو مجرد حلم نبيل وجميل لدى بعض الحالمين الليبراليين ولكنه حتى اللحظة غير قابل للتطبيق مثله مثل اقامة مجتمع شيوعي أو اشتراكي فوضوي نموذجي!... اشترك معك في الحلم لكن ربما الفرق بيننا أنك تعتقد إمكانية تحقيقه بينما أنا اعتقد أنه مجرد (حلم) جميل ونبيل!.. ولك خالص احترامي وتقديري

اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض