الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذهب في هارودز

فلسطين اسماعيل رحيم
كاتبة وصحفية مستقلة

(Falasteen Rahem)

2019 / 6 / 9
سيرة ذاتية


الأماكن التي لا يمكن أن يشاركني فيها البسطاء من الناس، تجف روحي فيها وينشف صوتي. .وتذوي ضحكتي. .إنها تقتلني
هذا المبنى ذو التاريخ العريق. .يقبع في قلب العاصمة البريطانية، بمعية رفيقتي المهوسة بطبقية العالم الجديد كنت هناك، العالم الذي يقدر قيمتك من ماركة قميصك وحذاؤك وحقيبتك ونظارتك وساعتك. .وربما حتى ورق مرحاضك. .
لا اريد ان انقل اليكم هنا حديثا عن اناقة المكان ولا البذخ والترافة البادية على زبائنه والذين شكل أباطرة عالمنا العربي معظمهم
امرأة مثلي لا يمكنها أن تقدر قيمة هكذا أشياء. .فهي لا تعنيها ..
ساقص عليكم مشاهداتي انا. .
في المقهى الذي كان يطل على لندن من شرفة هاردس حيث قررت صديقتي أن نشرب قهوتنا كان ثمة رجل أعمال عجوز جدا عراقي. .يقف خلفه عامل خدمة شاب جدا لبناني. .يسعى الشاب بكل وسيلة لاضحاك العجوز. .مادحا كل شيء فيه مقدما له طعامه. .قاسما إلا يتركه يأكل إلا من يديه. .ينهض العجوز متبخترا يتبعه الشاب حتى باب المقهى. .يرمي الرجل خمسين باونا يتلقفها الشاب بفرح. .غاب العجوز. .وعاد الشاب لعجوز آخر
بعد رحلة طويلة بين طوابق هاردس ، أتبعت الأسهم التي تدلني على الحمام مقتحمه أفواج الزبائن المنهمكين بتكديس أموالهم في أكياس مشتريات تضم ماركة هاردس. .في الحمام الذي ابهرني حقيقة. .كانت تقف ذهب ، هذا هو اسمها الذي قراءته في بطاقتها المثبتة على ثوبها ، ذهب تبتسم بحزن للزبائن المرتادين الحمام. .تدخل الحمام بعد كل استعمال لتنظفه. .لم تخف ملابسها النظيفة والأنيقة والمعطرة يباس روحها. .حاولت أن انظف حمامي بنفسي كوسيلة للتخلص من وجع خلفته ابتسامتها العاتبة على الله في قلبي
بعد أن طفح كيس رفيقتي بالمشتريات والتي كانت تحرص أن تأخذ صورة مع كل قطعة تشتريها ليكون جمهورها متابعا لرحلتها إلى هاردس. غادرنا المبنى. .كنت قد لمحت بعض عاملات هاردس الانيقات والجميلات أيضا ..كن يفترشن الرصيف على الجانب الآخر من المبنى ليتناولن غداؤهن توست مع الجبنة وقنينة ماء صغيرة..كن يضحكن بفرح وهن يطالعن المبنى الكبير الذي بدا كفم حوت يبتلع الزبائن ذوي الكروش المترهلة. .كن خارج المبنى جميلات وصغيرات جدا. .كنت أقول لرفيقتي التي انشغلت بتصوير المبنى من الخارج وتصوير سيارات رواده ذات اللوحات العربية. .كنت أقول لها أن السعادة يمكن أن يوفرها لك رصيف وقطعة توست مع جبنة ..بصدق مطلق تمنيت لو قاسمتهن تلك الجلسة ..كن أجمل ماعلق بذاكرتي من هاردس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا