الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سباق المصفقين للجراح النازفة .

يوسف حمك

2019 / 6 / 10
الادب والفن


تفشي وباء الانقياد ، بات سمة العصر . و استفحال انحدار النفس أصبح موضةً يتباهى بها ممسوخ الشخصية . كما انحلال الذات في بوتقة البغي و مرتع الجور .
و الأنكى من يروض نفسه طوع أمر المتجبر ، ليغدو لصاً و أجيراً . يتقمص أخلاق سيده ، مقتدياً سلوكه المتعجرف .

يمارس مهنة العبودية طمعاً و طوعاً دون إكراهٍ من القوة الجبرية .
يجيد فنون طقوس الذل و المهانة .
مجاملٌ حتى النخاع حفاظاً على المناصب بغية الترقية .
يبيع نفسه كسلعةٍ رخيصةٍ ، و جعل كيانه إحدى مقتنيات ولي نعمته . ذاته منحدرةٌ إلى درجة الانحلال .
كأنه لم يلد إلا عبداً . مع ان الإنسان يولد حراً كريماً .

كم عجيبٌ أمر الناس !! كلما كان اللص كبيراً ، كان مقامه أرفع درجةً في مرآتهم .
و كلما كان الفاسد غارقاً في الإعوجاج و الدعر ، كان مبجلاً ، و احترامه فائقاً بين الجموع .

هكذا مجتمعات الشرق البائسة ، و بلدان المشرق التعيسة .
قوانينها تُسن على مقاس فردٍ ، أو وفق مصالح فئةٍ قليلةٍ في الجوهر . و في الشكل صياغتها تلاعبٌ بالألفاظ ، ملغمةٌ بالألغاز . لاصطياد من تتحلى روحه بالبسالة في إبداء رأيه علناً ، و بكل جرأةٍ ، بلا نفاقٍ أو خشيةٍ من فقد منفعةٍ .
لهذا فالصريح لقول الحق هدفٌ لكل مسؤولٍ فاسدٍ .
و الجريء بكشف المستور صيدٌ ثمينٌ لصاحب المنصب الرفيع . ينظر إليه بعين العداوة و البغض .
لأن المراتب العليا شاهقةٌ جداً - ثمنها باهظٌ للعفيف - لا يبلغها إلا دنيء النفس ، خليع الخلق ، خبيث الطبع .
يتعذر للمفرط في النزاهة نيلها . و محظورٌ على الشجاع بلوغها . فمصيره إما وراء القضبان ، أو التهميش في غياهب النسيان ، أو تُزهق روحه ليُدفن تحت أطباق الثرى .
بعكس المصفق المأجور مقابل حفنة مالٍ ، أو منصبٍ متواضعٍ .

على عادة الطغاة المهوسين بالتصفيق - كطاغية روما ( نيرون ) - الذي كان ولعه بالتصفيق ثقيل العيار .
مما حدا به لفتح مدرسةٍ لتدريب المصفقين .
وحسب المصادر التاريخية كان يصفق له خمسة آلاف عنصرٍ من بيادق الجيش و بعض المسؤولين الانتهازيين ، فور انتهائه من عزف القيثارة و الغناء .
و لم تذكر تلك المصادر فيما لو كان عزفه رديئاً هابطاً فظاً ، أم عذباً جديراً بذاك الكم الهائل من المصفقين .

فبما أن ممارسة الفنون تتطلب رهافة الحس ، و رقة القلب ، و طيبة النفس .
كما جودة مهارتها تستلزم صفاء السريرة ، و فطرة الموهبة ، و حلاوة اللسان ، و نقاء الضمير ، و سلاسة الطباع ......

فهيهات من دمويٍّ سفاحٍ متكبرٍ جائرٍ باغٍ ، هائج الطبع ، غليظ المعشر ، خالي الإحساس ، أن يكون لحنه عذباً كمعزوفة عازفٍ رقيق المشاعر ، مرهف الحس ......
فلا توافق بين الموسيقا و الفظاظة و الإجرام . و لا تطابق بين الغناء و العنجهية و الغلاظة و الطغيان ....

نعم ىساهم المصفقون في تكريس ثقافة الهيمنة ، و ابتلاع طُعم الخديعة بلعق الأحذية ....
و الرموز أثبتوا تبعيتهم للخارج . إن كانوا رجال دينٍ ، أو سياسيين ، أو سماسرة الحروب ، و تجار الأزمات ...
الجميع يدعي الحق ، و ينادي بالوطنية ، و يذرف دموع التماسيح .
بعد أن مارس القتل ، و شارك بالهدم و التشرد و النهب ، و عاث فساداً ......
لا انجازات لهم سوى اختلاق الذرائع للاقتال ، و افتعال الأزمات ، و تمزيق البلاد و انزلاقها نحو المجهول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع