الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السبب الذي دفعني لكتابة -العالَم الجزائري- بالفرنسية

مزوار محمد سعيد

2019 / 6 / 10
الادب والفن


في جوف الليل الذي يُطاردني ظلامه من جهة، ونور بدْره من جهات أخرى على خطى ابن رشد الفيلسوف الأندلسي المسلم، وإذا ببريدي الإلكتروني يبعث لي نورا من الكلمات، وما زادها نورا على نور، أن كان المرسِل من الأشخاص الذي حجزوا مكانا راقيا في قلبي الصغير، كانت الرسالة مقتضبة وموجزة كالعادة، حملت لي الكثير من أسئلة الأشواق، من ريحان الحنين، لكنها خُتمت بسؤال جعلتني أرمي كل ما في يدي، وأهرع نحو حاسوبي لأخط هذه الإجابة، مباشرة وبلا تردد.
تضمنت تلك الرسالة استفسارا يحمل الكثير من العتب، متسائلة عن السبب الذي جعلني أكتب أول كتبي في مسيرتي الفكرية باللسان الفرنسي! مع العِلم أنه معروف عني عدائي-الشديد للسان فولتير، وعشقي الذي لا حدود له للسان شكسبير، مع أنني معلِّم لسان العرب، أتعامل معه طيلة أيامي وأغوص في معانيه بلا قاع يلجم تعابير ومفرداتي!!
بالمناسبة: صدور كتابي باللسان الفرنسي "العالَم الجزائري" هو متزامن مع صدور كتابي باللسان العربي تحت عنوان: فينومينولوجيا الفلسفة الجزائرية، لهذا سؤال عن سبب الكتابة باللسان الفرنسي يفقد أناقته عند اصطحاب هذا الكتاب بكتاب عربيّ يسير معه جنبا إلى جنب.
1. أنا لا أعادي اللسان الفرنسي أبدا، ورغما عني الثقافة الفرنسية هي التي تسيِّر أيامي وردود أفعالي، تسكن أحلامي، وتعتبر لغتي الثانية بعد اللسان العربي تماما، فلا يمكن أن أتجاهل حقيقة أن الفرنسية هي ما تعاملتُ معه منذ سنة الرابعة ابتدائي، ورافقتني خلال كل مراحلي التعليمية، بل سكنت دفاتري منفردة ولوحدها طيلة ثلاث سنوات متتالية وأنا على مقاعد المعهد المتخصص بعلوم التقنيات التكنولوجية والمعلوماتية.
2. ورغم عدائي الشديد للاحتلال الفرنسي وجرائمه في حق الشعب الجزائري –أهلي، ناسي ووطني- ماضيا وحاضرا، إلاَّ أنني أملك من المؤهلات العقلية ما يجعلني أفرِّق بين اللسان والإجرام، فليس أبناء فرنسا كلهم سواسية، بل منهم من وقف في صف الثوار الجزائريين، ودعم حقهم في الحرية والاستقلال بكل ما يملك من قوة، ومثال جون بول سارتر (رغم تحفظي على بعض آرائه) يعتبر موقفا رائعا منه ضد الآلة التدميرية الفرنسية للجزائر وطموحات شعبها العظيم، كما لدينا مثال "ألبير كامو" فرنسي من مواليد الجزائر، دعم بكل ما لديه من قوى بقاء فرنسا في الجزائر مسلطا قلمه وحروفه على الثوار الذين ثاروا على ظلم الفرنسيس آنذاك.
3. أعي جيِّدًا ذلك الصراع الوجودي بين العربية والفرنسية على الأرض الجزائرية، وبالمناسبة الجزائر لا هي بالفرنسية ولا هي بالعربية، بل هي أمازيغية صِرفة، أمازيغية-مسلمة، الجزائري هُويته صارت واضحة اليوم، وأنــا من مناصري استعمال اللغة الأمازيغية المحلية عندما نوجه الخطاب نحو الداخل، واستعمال الانغليزية عندما نتوجه نحو الخارج بالخطاب.
4. لو قُدِّر لي أن أختار بين العربية والفرنسية سأختار عن ثقة وقناعة لا تهزهما الأهوال أبدا، سأختار لسان القرآن الكريم "العربية"، ولسبب بسيط، فأنا أختار الإسلام رغم اشمئزازي من تصرفات معظم مسلمي عصرنا هذا، الإسلام كدين يبقى دينا حنيفا عظيما، لكن من يدَّعون حمل لواءه هم أبعد مما يكون عن الانتساب إلى معانيه الثمينة.
أردتُ بل تعمدتُ أن يكون كتاب العالَم الجزائري باللسان الفرنسي لسبب بسيط، ألا وهو ردُّ القليل من الجميل لكل من علّمني هذه اللغة الأنيقة في صغري، وحتى في كِبري، وعلى رأسهم فيلسوف الجزائر المطرود مالك بن نبي رحمه الله، فالعِلم أمانة في رقاب حامليه، لا يردُّ سوى برسم الحرف وحفر المعاني، وهذا بالذات ما رميتُ إليه عبر كتاب "العالَم الجزائري- le monde algérien.

#الجزائر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب