الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإستخارة الإيرانية

نزار جاف

2006 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قد يبدو ظاهر الامر في الموقف الصعب الذي باتت فيه طهران، ليس بتلک الاهمية التي کانت يجب أن تکون من حيث تعاطي الاسرة الدولية معها، لکن الوضع الداخلي الإيراني و ردود الفعل الرسمية وعلى مختلف الاصعدة، تبين بوضوح أن طهران تدرک جيدا أن الامر لن يکون مجرد نزهة أو مزحة على قارعة طريق.
لکن المثير في الامر إن الاعلام الايراني يرکز و بصورة مکثفة على تلک المواقف و التصريحات وحتى المقالات التي تحذر و"تهول"من تداعيات أية ضربة إحتمالية لطهران من قبل واشنطن، وتصور تحقيق النصر من خلاله، في حکم المحال أو حتى أبعد من ذلک، ورغم إن هناک تحليلات تتسم بالرصانة و الموضوعية و الدقة في تتبع الموضوع و تحديد کل جوانبه و متعلقاته، فإن هناک أيضا تحليلات ليست لها أي هدف سوى تشجيع ملالي قم و طهران على المزيد من الإندفاع في دروب تمردهم على المجتمع الدولي و رفض التعامل مع منطق العقل و الصواب من دون أن يطرحون البدائل المناسبة.
طهران التي دأبت دوما على تطبيق سياسة تقود في نهاية المطاف الى تصفية کل خصومها السياسيين و بمختلف الطرق و الوسائل، تسعى للتمويه على المجتمع الدولي بنظام حکمها"الديمقراطي" و بتلک المظاهرات الحاشدة التي تسيرها دعما لسياساتها المتطرفة، بإنها في صدد إستخدام"الذرة"لأغراض مدنية و إنسانية بعيدة کل البعد عن العسکر و سياسة المواجهة، لکن الامر الذي يدحض هذه المزاعم و يکشف زيفها هو فلسفة الحکم الايراني الاساسية التي تقوم على مد البساط الايراني تحت أقدام مختلف دول المنطقة و بوسائل و طرق شتى ومن ثم سحبه "إذا تطلب الامر" تمهيدا لجعل طهران اللاعب الاساسي و الاهم في المنطقة.
السياسة الايرانية التي تسير في طريق المراهنة على أعصاب و مقدرات الناس البسطاء و المعدمين، لاتملک أية خيارات فعلية بديلة على أرض الواقع لتحسين الوضع المعاشي لهؤلاء سوى بتوظيفهم و بطريقة"مالتوسية" لخدمة مآربها البعيدة المدى، الاعلام الايراني الذي يطبل اليوم لتلک المرأة العجوز التي تتبرع ببضعة دجاجات هي کل ماتملکها من حطام الدنيا، وتحاول أن تصورها کقدوة للشعوب الايرانية کي يندفعون بنفس الحماس، تقوم بإنجاز نفس العمل الذي کانت تؤديه خلال الحرب العراقية ـ الايرانية، وهو أمر في الکثير من المغالطة و اللبس، ذلک إن نظام حکم صدام حسين قد إعتدى بالفعل على إيران، فيما إن إيران هي التي تتطاول اليوم على الاستقرار و السلام الدوليين و تحاول جر أقدام العالم الى رمال متحرکة سوف تکون القيادة الايرانية في طليعة الغارقين فيها.
وقراءة للبيان الاخير الصادر عن مجلس الامن الدولي، والذي يرى فيه العديد من المحللين بإنه نوع من الإنتصار للإرادة الايرانية، فإن ضبابية البعض من بنوده و عدم حسم القضية بالکامل فيما يتعلق بالموقف النهائي من طهران، يستدعيان المزيد من التأني قبل الحکم بهکذا تصور بعيد جدا عن أرض الواقع، بل وأن الزيارة الاخيرة للسيدة أنجيلا ميرکل مستشارة المانيا لواشنطن و حثها الاخرين للسير في سياق ينتهي للضغط على طهران کي تتخلى عن برنامجها النووي و تأکيدها اللاذع"أن برلين و واشنطن متفقتان تماما إتفاقا تاما على الحاجة لمنع طهران من التوصل لحيازة أسلحة نووية تحت أي ظرف کان"، هو ضوء أحمر تميل حمرته للون الدم، إذ أن المانيا سلکت و تسلک دوما"الطرق الوسطى" في مختلف القضايا الدولية الشائکة و ذات الحساسية، لکنها وبإبدائها هکذا موقف يتسم بصلابة ضمنية، فإنها رسالة موجهة لعاصمة يظهر أن المتمرسين في قراءة الرسائل السياسية وفک رموزها قليلون جدا إن لم يکونوا نادرين.
أما المراهنة على الموقفين الروسي و الصيني من إيران، فإنه هو الاخر سوف يتم إستنفاذه من خلال القرار الاخير الصادر بحق إيران والذي هو بحق لعبة سياسية غربية ذکية يلعبها الغرب مع الحکم الايراني أولا و مع روسيا و الصين ثانيا، إذ أنه وفي کل الاحوال، فإن إيران بنظام حکمها الحالي المشغول حاليا بذهاب أو عدم ذهاب النساء لملاعب کرة القدم، سوف لن تتجاوب أبدا مع هذا القرار وسوف تمضي قدما حتى نهاية المشوار الذي قطعا لن يکون في آخره خير لا لإيران نفسها و لا لدول المنطقة و لا للعالم بأسره، وفي هکذا حالة فسوف تکون الکرة في الملعبين الروسي و الصيني و ماسيتمخض عنه من قرار جديد سوف يصدر بحق طهران بشأن برنامجها النووي.
لا أدري لماذا، لکنني مولع دوما بالتأريخ و أحب إستنطاقه وسحبه على الواقع الحالي، ومن هنا فقد وجدت تشابها غريبا جدا بين الذي يجري حاليا بين إيران و الغرب، وبين ذلک الذي جرى بين إيران القاجارية و روسيا القيصرية حين کانت الموجة الحاکمة في إيران هي نفس الموجة الحاکمة الحالية، يومها ولحسم موضوع الحرب، لجأ الشاه و ساسته الى"الإستخارة"لکي يصدر في ضوئه قراره الحاسم، وحين دعت"الإستخارة"لخوض الحرب و منتهم بالنصر المؤزر، خاضوها وتکبدوا تلک الهزيمة الشنعاء التي سلبتهم أجزاءا واسعة من إيران لتلحق بروسيا، واليوم، فإن طهران قطعا قد لجأت للإستخارة بخصوص الإستمرار في برنامجها النووي و يقينا أن نتيجة الإستخارة قد بشرت بخير وافر سوف تکون نهايته سقوط أمريکا و محو إسرائيل و مجئ الامام المنتظر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج