الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد تعانق الموت واقفة ؟..

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2019 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لم يستوعب الإسلام السياسي الطائفي والعنصري حقيقة ما يجري في العراق ، ولا يريد أن يعي ذلك .
لم يدرك حجم التدهور الذي حصل نتيجة سياساتهم الحمقاء ، ولا يريد الإقرار بذلك ، و فشله الذريع والكارثي والمدمر في كل المرافق ، وفي إدارته للدولة والمجتمع ؟..
بالرغم من مرور كل تلك السنوات العجاف ( الاثنتا عشرة سنة الماضية ) الفترة التي حكم فيه العراق و تسلمه مقاليد السلطة !..
التي أودت بحياة عشرات الألاف من الضحايا ..والحبل على الجرار ، وأضعاف من هذا العدد من المصابين والمشردين والنازحين ، ومن الأرامل والثكالى والمهجرين ، نتيجة غياب الأمن والاستقرار ، ورغم أن لدينا جيش جرار ( العرمرم ! ) .
هذا الجيش الذي يزيد تعداده على 800000 ثمانمائة ألف نسمة ، مضاف إليه الشرطة الاتحادية والأمن الوطني والمخابرات العامة وقوات حماية المنشئات !.. وتحت قيادة أحزاب الإسلام السياسي الشيعي الحاكم ، ما يقرب من 44 ميليشيا مسلحة ومجهزة بالعدة والعدد وبمختلف الأسلحة ، باستثناء الطائرات المقاتلة ، وجميعها تحت امرت وتصرف الأحزاب الإسلامية الشيعية الحاكمة !..
وتعمل بشكل ( شرعي ! ) وبغطاء قانوني ( الجهاد الكفائي أفتى به السيد علي السيستاني ! ) وعلى إثر هذه الفتوى !!.. تم تشريعه قانون الحشد الشعبي من قبل مجلس النواب ، وهو قانون مخالف للدستور ، وتمول هذه المجاميع المسلحة التي تعمل تحت خيمة ( الحشد الشعبي ! ) تمول من ميزانية الدولة !..
هذا القانون كما بينا يطلقون عليه اليوم الحشد الشعبي ، الذي يضم تلك الميليشيات الطائفية المسلحة ، وبحقيقة الأمر تتبع الى أحزاب السلطة ومراجعها الدينية والسياسية .
والأكثر غرابة في ذلك ، أن قوى سياسية من خارج دائرة قوى الإسلام السياسي !تطلق على هذه الميليشيات ( بالحشد الشعبي ) ؟ ..
وهي تعلم الحقيقة كاملة ، ومتيقنة كون هذه المجاميع لا تعدوا كونها مجموعة من الميليشيات الطائفية ، تابعة لأحزاب الإسلام السياسي الحاكمة .
ولا مجال لتناول ما ارتكبته هذه الميليشيات من كوارث وجرائم بحق الناس العزل وبدوافع طائفية ، وكان يجري بعلم وموافقة النظام السياسي لأحزاب الإسلام السياسي القائم حتى اللحظة ؟...
وما ارتكبته من جرائم بحق الأبرياء ، وما سببته من فساد وعنصرية وتمييز بين مكونات شعبنا وأطيافه ، والذي أدى الى تغييب الدولة وثنيها عن أداء مهماتها على الوجه الأكمل .
وبغياب الدولة والفساد والطائفية ، انحسرت الخدمات وعمت البطالة ، وازداد الفقر والمجاعة ، وتوقفت عجلة الاقتصاد والزراعة والصناعة والسياحة ، وتدمير البيئة واتساع مساحات التصحر ، وانحسار الثروة المائية وسوء إدارتها ، وتمدد الإرهاب في مساحات واسعة من أرض العراق ، وشيوع الجريمة المنظمة والمخدرات وتجارة السلاح .
ما أصاب المجتمع نتيجة غياب الدولة ، من تمزق واحتراب ، نتيجة التمييز الطائفي والقومي والمنطقة والعشيرة ، وانهيار المنظومة القيمية والأخلاقية والأعراف والتقاليد الحميدة في المجتمع .
فتعرضت ( الدولة ! ) والمجتمع لتخلف مريع في الأنشطة المختلفة ، وتخلفت عن ركب الحضارة الإنسانية ، وتخلفنا في المساهمة الفاعلة بصنع وتطور المعرفة والعلوم المختلفة في الأدب والفنون والثقافة !.. وخرجنا من دائرة ومنظومة الأمم التي تساهم في رفد وصنع الحضارة الإنسانية .
والسبب معروف ومعلوم لكل المراقبين !..
تخلف نظامنا السياسي القائم وفلسفته ونهجه وثقافته ، الذي يقوم على [ فلسفة ونهج وثقافة الدولة الدينية ٍ].
ثقافة هذه الدولة تقوم على الرأي الواحد والدين الواحد والمرجعية السلفية الواحدة ، وإلغاء كل من يخالفها ، ويريدون العودة بنا الى العصور الغابرة ، التي ماتت منذ قرون ، هذه الفلسفة تتعارض مع حركة الحياة وقوانينها المتجددة ، التي تتطور مع حاجات الناس وحركة الحياة .
ثقافة النظام القائم اليوم ، ثقافة تتقاطع مع الديمقراطية وحرية التعبير والاختلاف والتنوع والتعددية .
النظام القائم يفرض إرادته بالقوة على المجتمع ، من خلال فرض رؤيتهم في الدولة الدينية ، وتضمين ذلك في التشريع وبناء الدولة ، وإلغاء أي دور للمرأة وهضم حقوقها ، ولا يقيم وزنا للدولة الديمقراطية وما جاء في الدستور العراقي ، وهنا تكمن أس المشاكل ؟ ...
أن بناء الدولة الحديثة ، يقوم على أسس علمية واضحة المعالم في ( التنظيم .. والتشريع .. والتوجيه .. والتخطيط .. والرقابة .. وقبل هذا وذاك في الإدارة ، والفصل بين الدين والسياسة وعدم الجمع بين السلطتين ( الدينية والسياسية !) هذا إذا كنا نرغب في قيام دولة المواطنة وتتفق مع الدستور .
لتكون لدينا دولة تساوي بين مواطنيها وتحقق العدالة ، يجب قبل كل شيء أن يستتب الأمن أولا والغائب منذ سنوات .
الأمن كما يعلم الجميع ، منظومة متكاملة ومترابطة ومتجانسة ومتوافقة مع وجود هذا الكيان الذي اسمه الدولة العادلة ، وتقوم وفق القانون والدستور وتشريعاتها الخاصة التي تحدد مهماتها وواجباتها ، ولها نظامها الخاص تنظيميا وإداريا ، مؤسسة موحدة واحدة ومستقلة ومهنية ، ويتم حصر السلاح بيدها ، يقودها أناس مشهود لهم بالوطنية ، وقيادة تتمتع بالكفاءة والنزاهة ، مستقلة في عملها ومنسجمة مع الدستور والقانون وتمثل إرادة النسيج الوطني العراقي ، وبعيدة عن التجاذبات السياسية والحزبية والطائفية والقومية ، مؤسسة قادرة على أن تنجز مهماتها على أحسن وجه ، في تأمين حماية البلد وشعبه ودولته ومؤسساته المختلفة من أي تهديد .
ويجب أن تنبثق هذه المؤسسة من رحم هذا المجتمع بأطيافه المختلفة ، دون تمييز وتمايز وحسب الكفاءة واللياقة والأهلية ، والمنتسب إليها يتمتع بكل الشروط التي تفرضها عليه هذه المؤسسة الوطنية والمستقلة والمهنية ، بغض النظر عن لونه ودينه وأصوله القومية أو منطقته .
حصر السلاح بيد هذه المؤسسة كشرط لحفظ أرواح الناس ، وفق القوانين النافذة التي تفرض على هذه المؤسسة حصر كل ما له علاقة بالأمن وصيانته واستتباب السلم المجتمعي ، وتكون مسؤولة أمام السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية ، وأمام القانون في حالة أي إخفاق أو قصور في أداء واجباتها ، وفي تنفيذ المهمات الموكلة إليها حصرا ، ومبدأ العقاب والثواب هو الفيصل .
عندها فقط نكون قد أسسنا لمنظومة أمنية وعسكرية رصينة ووطنية بامتياز ، وكما جاء في الدستور ، تقوم على أسس علمية وقانونية ومنية ووطنية ، ويميزها طابعها المهني والوطني وتمثل إرادة الناس .
وستنال هذه المؤسسة المساندة الكاملة من الشعب ، ويكون الشعب ظهير قوي لنجاح هذه المؤسسة في أداء عملها ، ويحمي ظهرها ويذود عنها بالنفس والنفيس ، كما تسهر على حمايته وعلى أمنه وماله وعرضه وسلامة أرضه وسمائه ومياهه .
بقاء الحال على ما هو عليه ، فسوف لن يستتب الأمن ويعم السلام ، سيستمر الموت والخراب والدمار والتفجيرات والخروقات الأمنية وإزهاق المزيد من الأرواح البريئة .
داعش وأخواتها وما ارتكبته من جرائم ، هو نتيجة منطقية أفرزتها تراكمات كثيرة وكبيرة ، نتيجة الإخفاقات والفشل الكبير في إدارة الدولة ، وفي بنائها ، هذا أدى كذلك الى الفشل في عملية البناء الاجتماعي وإشاعة السلم الأهلي ، وانعكس سلبا على الوضع الاقتصادي بفروعه المختلفة ، والصراع السياسي وتفشي الفساد والمحاصصة ، والخروق الدستورية وعدم تمكين القضاء لأخذ دوره في بسط العدالة والقانون واستقلاله وحمايته من المتنفذين والفاسدين والطفيليين .
كل ما تعرض له العراق ما بعد الاحتلال ، سببه !.. الخطأ القاتل والمدمر ، في بناء دولة المواطنة ،وغيابها ، الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية الواحدة هذه الحلقة المفقودة والمغيبة منذ سنوات .
لا شيء غير قيام دولة المواطنة ، لانتشال البلد وشعبه من محنه وما أصابه من كوارث ومصائب وألام يشيب لها الرضيع .
عدى ذلك !.. فهو عبث ومضيعة للوقت والجهد والمال ، ويعني مزيد من الانحطاط والتدهور والتمزق والتقاتل ، ويعني مزيد من الموت والخراب والتشرد والجوع والجهل والمرض .
وربما سنعود الى ما قبل عصر النهضة والحضارة والثورة الصناعية ، نركب على الدواب ونتنقل بواسطتها في سفرنا وحمل أثقالنا ، ونحيك ملابسنا بأيدينا كما كان يفعل أجدادنا قبل اكتشاف النول والماكنة الحديثة !..
ونحرث بمحراث الإنسان القديم ، الذي صنع أول محراث بدائي قبل مئات القرون ..!
ونتمسك بأسلافنا وما يصنعون ويأكلون ، حينها يحكمنا الأموات وهم في قبورهم وأنصابهم التي نعبدها اليوم . وما نراه في كوابيسنا وأحلامنا ، نجتره بعد استيقاظنا من سباتنا ، ونقتدي بالحكمة القائلة ( أتتركون حمار الله ؟ ... وتركبون الشمندفر !.. يعني القطار !) .
الحل بأيدينا يا سيداتي وسادتي !.. وبشكل ملح وعاجل ، في العمل فورا بقيام دولة ديمقراطية علمانية اتحادية موحدة .
ومؤسسة أمنية وطنية مهنية واحدة موحدة ومستقلة ، وحصر السلاح بيدها دون غيرها .
حل جميع الميليشيات الطائفية الشيعية ، وكل المجاميع المسلحة والحشد الشعبي ، ومصادرة الأسلحة والمعدات ، والتصدي للعصابات الخارجة عن القانون وعصابات تجارة المخدرات والجريمة المنظمة ، وتجفيف منابع الإرهاب وفكره وحواضنه ، ومجاميعه المسلحة المتواجدة على الساحة العراقية .
وكما بينا أنفا ، يعاد النظر في بناء الدولة وعلى أساس هويتها الديمقراطية العلمانية الاتحادية المستقلة ، والفصل الكامل بين الدين والدولة وبين الدين والسياسة .
وتكون المواطنة هي المعيار ، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، ومحاربة الفساد المفرخ للإرهاب وللجريمة والعابثين والطفيليين ، وتشريع قانون من أين لك هذا وتطبيقه على الكبار قبل الصغار .
عندها نكون قد حققنا الهدف السامي ، ولتحقيق العدالة وتثبيت دعائم الأمن والسلام والتعايش ، ليسود السلم المجتمعي والتأخي والتعاون والمحبة بين الجميع .
هذا إذا صدقت النوايا ، وإن كان في نيتنا قيام دولة المواطنة وقبول الأخر ، هذه الدولة التي يحلم بها شعبنا لتقيم العدل والمساواة والإنصاف بين كل العراقيين بمختلف مشاربهم وأطيافهم ومذاهبهم ومناطقهم ؟
دولة المواطنة والدستور والقانون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يستدعي ألوية احتياطية لجنوب لبنان.. هل فشل


.. بالخريطة التفاعلية.. جيش الاحتلال يقتحم مخيم جباليا بشمال قط




.. من غزة | مجمع الشفاء يعود إلى الحياة


.. الاحتلال يكثف قصفه المدفعي على المناطق الجنوبية بلبنان




.. مسيرة أوكرانية طراز -إف بي في- تدمر مسيّرة روسية في الجو