الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكن أين الخلل ؟

صلاح بدرالدين

2019 / 6 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


ولكن أين الخلل ؟
صلاح بدرالدين


أثار استشهاد الثائر السوري – عبد الباسط الساروت – والذي عرف بمنشد الثورة وحارسها موجة من السجال الذي بدأ ولم ينته بعد وشكل جزءا من ( حوار الطرشان ) الدائر بين السوريين أصلا منذ حين حول تراجع الثورة وانحراف المعارضة وارتداد فصائل مسلحة والعجز عن تشخيص الأسباب والمسببين في الانهيار والموقف من نظام الاستبداد وأنواع الاحتلالات ومستقبل البلاد أما عن الشهيد الشاب المقاتل المواجه قولا وعملا لنظام الاستبداد وقواه المسلحة في الميدان والذي قدمت عائلته ثلاثة من اخوته ووالده وثلاثة من أخواله شهداء فقد أبدت الغالبية الساحقة من الوطنيين السوريين الحزن والألم والترحم عليه الا قلة شامتة تعددت أسبابها الواهية المجردة حتى من المشاعر الانسانية ولم تستند في اطلاق اتهاماتها الى الحقيقة والمنطق .
وكم تألمت عندما عمد بعض قليل من مواطنينا الكرد الى الإساءة حتى لحرمة الموت وسرد الأقاويل الباطلة بحق الشهيد الساروت من قبيل أنه " داعشي " أو " قاعدي " أو " بارك احتلال عفرين " أو " كان ضد الكرد وحقوقهم " في حين أن هذا الشاب الحمصي ( السني ) الذي التحق بالثورة وصار منشدها مع الراحلة ( العلوية ) فدوى سليمان وهو في عمر التاسعة عشر وتشبث وصمد ولم يهاجر ولم يكن سياسيا أو منتسبا لأي حزب كما لم يكن إسلاميا متطرفا ( اعترف انه غرر به وتقرب من داعش لفترة قصيرة ثم ابتعد نهائيا ) وله مواقف معلنة مؤيدة لحقوق الكرد بصوته في ( البياضة ) .
من المؤسف أن يصل الأمر بالبعض من الكرد والعرب والمكونات السورية الأخرى الى الانطلاق من الذات أو الدائرة الفرعية الضيقة ( القومية والدينية والمذهبية والحزبية والمناطقية وحتى العائلية ) في رسم المواقف ليس السياسية فحسب بل حتى من الأموات وهذا مرده فقدان الثقة بين شركاء الحاضر والمستقبل على الصعيد الوطني ويعني وجود خلل ما في مفهوم الوطنية والشراكة المصيرية يجب تصحيحه وإعادة النظر في كل مامن شأنه بث الفرقة والانقسام وقطع الطريق على مخططات النظام وكل الدوائر المعادية التي لاتتمنى الخير للسوريين ولاترغب في إعادة اللحمة الوطنية وإعادة جمع الصف المعارض على أسس سليمة ومنطلقات متجددة ومشروع وطني ديموقراطي موحد متوافق عليه .
من محنة السوريين عموما أن مناطق بلادهم ومحافظاتها توزعت بين تحكم ونفوذ واحتلال قوى ومجموعات وميليشيات خارجية وداخلية غالبيتها اما معادية أو خطرة أو لاتريد الخير للشعب السوري وفي كل تلك ( المستعمرات إضافة الى مناطق النظام المستبد ) يتواجد السورييون وبينهم الوطنييون والمعارضون والثوار والشرفاء وفي معظم الأحيان يضطرون الى السكوت وقبول الأمر الواقع على مضض لعدم توفر شروط المعارضة العلنية أو المواجهة بسبب اختلال موازين القوى وفي الحالة هذه لايمكن توجيه اللوم لأحد .
مجال حرية عمل الشهيد الساروت في مناطق حمص وحماة وادلب أصبح يضيق بعد انحسار نفوذ شرفاء الجيش الحر والثوار الوطنيين وبعد تمدد جماعات الإسلام السياسي والارهابية منها بشكل خاص وهو مثل غيره من الثوار الصادقين كان عليه اما البقاء والصمود وهذا يتطلب نوعا من المرونة وحتى الانحناء أو الهجرة الى ديار اللجوء فاختار البقاء نحن ككرد نفهم ونتفهم من جانبنا أن كثيرا من شرفاء ووطنيي شعبنا يعيشون في مناطق يتحكم فيها اما النظام أو سلطة الأمر الواقع التابعة ل- ب ك ك - أو الاحتلال التركي والروسي والإيراني ولا يستطيعون فعل شيء أمام بطش تلك القوى فهل علينا أن نوجه لهم الاتهامات ؟ .
وكما لاحظت هناك أفراد ( من الكرد والعرب والمكونات الأخرى ) من لم يكن يوما مع أهداف الثورة السورية واجراء التغيير الديموقراطي واسقاط نظام الاستبداد ومتعاطفا مع جهات معادية لتطلعات الشعب السوري يتربص ويبحث عن أية ذريعة مهما كانت واهية للنيل من الثوار والوطنيين السوريين وحتى من شهدائهم وهذا ما لمسناه مؤخرا في مسألة الموقف من استشهاد الساروت .
وفي هذا المجال علينا أن لانغفل محاولات وجهود وخطط النظام وماكينته الإعلامية الدعائية بالإضافة الى جماعات – ب ك ك - ليس في تشويه سمعة الوطنيين المناضلين فحسب بل في انكار وجود ثورة شعبية وطنية من أجل التغيير الديموقراطي منذ آذار ٢٠١١ واستخدام كل الوسائل غير المشروعة لشيطنتها أمام الرآي العام المحلي والإقليمي والعالمي.
لقد وصلت محنة الوطنيين السوريين والتهديدات الموجهة اليهم من كل حدب وصوب بما في ذلك عملية احراق محاصيلهم الزراعية ومخاطر استخدام النظام والروس والايرانييون الأسلحة الفتاكة والكيمياوية في بعض المناطق والسوداوية التي تلف الأذهان والعقول الى درجة أننا بدأنا نسمع بعض الأحيان تعبيرات متسرعة من قبيل : ( علينا المواجهة حتى لو استعنا بالشياطين ) والمقصود هنا شياطين داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها طبعا من الواضح أن العدو يعمل بتخطيط للتوصل الى تلك النتائج بحيث تضاع البوصلة والمقاييس وهذا مالانتمناه للسوريين جميعا الذين سيواجهون كل التحديات بارادتهم وصبرهم ووحدتهم وتسامحهم تجاه البعض الآخر وطرح مشروعهم الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة - لبنان بعد اغتيال نصر الله • فرانس 24 / FRANCE


.. عاجل | نتنياهو: مقتل نصر الله سيغير موازين القوى لسنوات في ا




.. بدأت باختراق تردداته.. إسرائيل ترسل رسائل مبطنة باستهداف مطا


.. نتنياهو: تصفية نصر الله هي الشرط الأساسي لعودة مواطنينا إلى




.. موازين | الاحتلال وحق مقاومته