الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الدولة

حواس محمود

2019 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية




ينطلق هذا الكتاب لفرنسيس فوكوياما من مسألة أساسية تكمن في أن الدول الضعيفة أو الفاشلة هي المصدر الأساسي للعديد من المشاكل التي تكتسح العالم ، وذلك أن الدولة الضعيفة ( من أفغانستان - العراق الى السودان وكونغو ) هي مرتع للفساد والعنف والارهاب والفوضى والتدخل في شؤون الدول المجاورة ، بحيث تشكل قلقا وتهديدا اقليميا ودوليا ، ولهذا فالمؤلف يضع حلا للدولة الضعيفة في ضرورة بنائها
يعرف فوكوياما بناء الدولة الضعيفة بأنه تقوية المؤسسات القائمة وبناء مؤسسات جديدة فاعلة وقادرة على البقاء والاكتفاء الذاتي ، وهو بذلك نقيض تحجيمها ، أي تقليص كل من مدى وقدرة الدولة في آن معا ، مدى الدولة وأفق مجالاتها وأنشطتها ووظائفها المختلفة بدءا بتوفير الأمن والنظام والمرافق والخدمات العامة في الداخل والدفاع عن الوطن ضد الغزو الخارجي ، مرورا بتوفير التعليم وحماية البيئة وانتهاء بوضع السياسات الصناعية والاجتماعية واعادة توزيع الثروة من الجهة المقابلة ، قوة الدولة قوة قدرتها المؤسساتية والادارية على تصميم السياسات وسن الأنظمة والقوانين ووضعها موضع التنفيذ
ومنذ انهيار جدار برلين واستعمار الاقتصاديين الكامل لعلم الاجتماع يضيف فوكوياما : أدت الحملات الليبرتارية لتحجيم مدى الدولة الى اضعاف قدرتها المؤسساتية ، وهذا خطأ جسيم لا بد من تصحيحه ، ويطالب فوكو ياما بتصحيحه عبر متابعة تحجيم مدى وظائف الدولة ، بحيث لا يصل أبدا الى حيز وضع السياسات الاجتماعية أو اعادة توزيع الثروة ، ولكن مع تقوية القدرات المؤسساتية للدولة- الأمة في كل المجالات تقريبا ، على الصعيدين المحلي والدولي ، ولعله من هنا تنبع أهمية النتيجة التي يخلص اليها الكتاب الحالي في فصله الختامي " أصغر لكن أقوى " اي ضرورة ان تكون الدولة أصغر مدى وأقوى قدرة مؤسساتية وادارية
يتوزع الكتاب على ثلاثة أقسام رئيسية يضع أولها اطارا تحليليا لفهم الأبعاد المتعددة لطبيعة الدولة أي وظائفها وقدراتها الارضية التي تنبني عليها شرعية حكوماتها المختلفة ، ويرى أن عناصر القدرة المؤسساتية تكمن في أربعة عناصر أساسية هي : التصميم التنظيمي والإدارة ، التصميم المؤسساتي ، أساس الشرعية ، العوامل الاجتماعية والثقافية ، ويعلل هذا الاطار السبب بأن الغالبية العظمى من الدول النامية لا تعد دولا قوية جدا بل في الواقع ضعيفة جدا
بينما ينظر القسم الثاني في أسباب ضعف الدولة عموما ، وأسباب استحالة وجود علم ادارة عامة على وجه التحديد ، بالرغم من كل الجهود التي بذلها علماء الاقتصاد مؤخرا ، ثم يناقش القسم الثالث الأبعاد العالمية لضعف الدولة ، أي كيف يؤدي ضعف الدولة الى عدم الاستقرار وكيف يؤدي هذا الضعف وعدم الاستقرار بدورهما الى تآكل مبدأ السيادة الوطنية في النظام العالمي المعاصر ، وكيف تحتل قضايا الشرعية الديموقراطية على المستوى الدولي مكان الصدارة وتهيمن على جملة الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبقية الدول المتقدمة في النظام العالمي
يرى فوكوياما أن القضية المحورية في السياسة العالمية في فترة ما بعد 11 ايلول / سبتمبر سوف لن تكون كيفية تحجيم الدولة بل كيفية بنائها ، وسوف لن يكون اضمحلال الدولة ، بالنسبة للمجتمعات الفردية والمجتمع الدولي على حد سواء ، مدخلا الى الطوباوية بل الى الكوارث والنكبات ، احدى القضايا الحيوية التي تواجه الدول الفقيرة وتعوق امكانات التطوير الاقتصادي فيها تكمن بوضوح في قصور مستوى التطور المؤسساتي وعدم كفايته ، ولا تحتاج هذه البلدان دولا واسعة شمولية ، بل دولا قوية وفاعلة ضمن المدى المحدود لوظائف الدولة الضرورية

الكتاب وثيقة مهمة عن زمننا بحسب صحيفة الصانداي تايمز ، وسبب جديد لنقاش يأتي لينضاف الى سلسلة النقاشات حول مؤلفات مفكر اشكالي أثار ولا يزال جدلا واسعا على مستوى المفكرين والسياسيين في العالم وهو دائما كعادته يصدر كتابا يثير المفاجأة والاستغراب، فكيف لمن يدعي نهاية العالم وضرورة انفتاح الأسواق العالمية أمام الليبرالية الأميركية والأوروبية أن يدعو الآن لبناء الدول الضعيفة والفاشلة في العالم الثالث ؟ ، انه سجال التناقض الظاهري والتناغم المضموني ذي الجدلية المركبة والمعقدة والتي تثيرها تعقيدات المشهد العالمي الراهن وتشابكاته المتعددة
هامش :

الكتاب: بناء الدولة – النظام العالمي ومشكلة الحكم والادارة في القرن الحادي والعشرين
المؤلف : فرنسيس فوكوياما - ترجمة : مجاب الامام
الناشر : دار العبيكان للنشر – السعودية – الرياض –
الصفحات : 209 ق متوسط
عرض – حواس محمود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بات اجتياح رفح وشيكا؟ | الأخبار


.. عائلات غزية تغادر شرق رفح بعد تلقي أوامر إسرائيلية بالإخلاء




.. إخلاء رفح بدأ.. كيف ستكون نتيجة هذا القرار على المدنيين الفل


.. عودة التصعيد.. غارات جوية وقصف مدفعي إسرائيلي على مناطق في ج




.. القوات الإسرائيلية تقتحم عددا من المناطق في الخليل وطولكرم|