الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيناريو السوداني

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2019 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تتفاعل في السودان فعاليات حراك سياسي قوي نجح في خلع البشير الحاكم المستبد للسودان منذ عقود ، وفي مسعى من أطياف يسارية وليبرالية مدنية اندمجت في اطار ما يعرف بقوى الحرية والتغيير في السودان تعمل هذه القوى لازاحة الوريث التقليدي وهو المجلس العسكري من حكم السودان .

والذي بدوره لجأ لاستخدام القوة في فض اعتصام تلك القوى أمام مقر المجلس العسكري مما أسفر عن مقتل أكثر من مائة وعشرين شهيدآ في مشهد نددت به دول العالم ، واعتبر محاولة من المجلس العسكري لخنق هذا الحراك والقضاء عليه والاكتفاء بما حققه هذا الحراك .

ومجمل القول أن المجلس العسكري وكامتداد للدولة القديمة والعميقة يرى في هذا الحراك أنه بات مهددآ للامتيازات والمصالح التي تتمتع بها المؤسستين العسكرية والأمنية والمصالح الشخصية لكثير من قادتها ونتيجة لحملة التنديد الدولية بفض الاعتصام واستمرار الحراك وتلقيه دعمآ سياسيآ دوليآ .

وعليه فإن المقاربة التي سيتبعها هذا المجلس ستكون في حدود سيناريوهين اثنين :

أولاهما : سيعمد المجلس العسكري في الخفاء لدعم القوى المؤيدة له وهم بطبيعة الحال الاخوان والسلفيين وأمثالهما بالسلاح والاعلام بالاضافة الى تجنيد مليشيات خاصة بزي مدني ، تقوم هذه القوى بدورها بافتعال معارك ومواجهات مع قوى التغيير المدنية الحرة .

مما يضغط على هذه القوى الحرة للقبول برغبات وأجندات المجلس العسكري تحت ضغط الخوف أو من ناحية أخرى حدوث ما يشبه حربآ أهلية سافكة للدماء واضطرابات أمنية كبيرة يستطيع المجلس العسكري تحت ستارها المظلم التمكين لحالة الأحكام العرفية بأقل قدر من الضغوط الدولية وبالتالي تمرير مخططاته بتقديم وجه جديد غير حزبي يحافظ على امتيازات المؤسسة العسكرية ومصالح رؤسائها .

ثانيهما : أن يعمد المجلس العسكري الى التعجيل بانتخابات مدروسة ومخططة تضمن أغلبية للاخوان والسلفيين وما شابههم بالوصول الى سدة الحكم وبرعاية عسكرية ، فإما أن يعمل نظام الحكم الجديد بيما يحقق مصالح المؤسسة العسكرية ومجلسها فيستمر في الحكم أو أن يفشل نظام الحكم الجديد وهذا وفقآ للمتوقع لتجار الدين هؤلاء الذين لا يجيدون الا الخراب والتدمير للعقول والقلوب قبل الحجر والشجر .

فيظهر المجلس العسكري هنا بمظهر حامي حمى الوطن ويعود للواجهة من جديد على صرخات الاستنجاد التي ستنفجر من أفواه المواطنين ، ويقوم بتعيين ممثل له كرئيس للدولة بانتخابات صورية مخطط لها أيضآ .

وتستمر معزوفة متوالية الديكتاتورية والفشل والدم شأن كل المعزوفات التي تم عزفها في السنوات الأخيرة في غالبية البلاد العربية التي شهدت مثل ذلك الحراك التواق للحرية والديموقراطية .

المشترك بين السيناريوهين أن معاناة المواطن السوداني المعيشية ستستمر في مقابل رضائه بما يعرف بالأمن والاستقرار ، ولا يخفى دعم وتأييد النظام الحاكم الداعم للديكتاتورية في السعودية لأيآ كانت مقاربات المجلس العسكري السوداني .

فالمهم عنده اجهاض حلم الحرية والديموقراطية ووأدها في مهدها في أي بلد عربي خوفآ على عروشهم أن تنالها صيحات شعوبهم حينها التي ستطالبهم بالحرية والديموقراطية أسوة بغيرهم من الشعوب العربية .

كما وهذا هو الأهم أن وجود أنظمة ديكتاتورية تدين بالفضل والولاء لهؤلاء الخليجيين لوجودهم على كرسي الحكم وفي سدد السلطة هنا وهناك يكفل للنظام الحاكم في السعودية ممارسة سيادته على المنطقة وخلق أتباع منكفئين لريالاته ولرضائه .

وطبعآ رأس حربة هذه الأنظمة الديكتاتورية هو الفكر الوهابي والفكر المتصحر للدين الذي نجحوا منذ سبعينيات القرن العشرين في عقول غالبية أبناء الشعوب العربية بالشكل الذي يمكنهم من السيطرة عل الشعوب وتسييسها بل وتجييشها وفقآ لأهوائهم تحت ذريعة الحلال والحرام و طاعة ولي الأمر .

واحتكار غالبية من يطلق عليهم مشايخ الدين لفهم الدين وممارسته وفقآ للكيفية الوهابية أو أيا كان المسمى والتي تعيق حرية الفكر والتطور الاجتماعي الذي يفتح مدارك العقل على بحار المعرفة وجنات الحرية والديموقراطية والتطور والابتكار والثورة على القديم المعيق للنهضة والمقيد للعقل والمثيرة للنغرات الطائفية والمذهبية .

وذلك بادعاءات الكفر والالحاد والخروج عن ثوابت الدين والأمة واتباع الغرب وتشويه مفهوم العلمانية لدى العوام من الناس مما يستهلك الأمم في صراعات داخلية وجودية وانقسامات .

وهنا يجيد دعاة الظلام من الديكتاتوريين وتجار الدين استغلال فقر الفكر وفكر الفقر لافشال أي تغيير جوهري للأفضل في حياة الناس والمجتمع بل ويحشدون الفقراء والجهلاء وما أكثرهم من غلبة لدعمهم وتأييدهم ، حيث يدافعون عن هؤلاء الذين كانوا السبب في فقرهم وجهلهم معتقدين أنهم بذلك يفرشون طريقهم بآياديهم للجنة .

ويظل وجود الاخوان والسلفيين وما شابههم العصا التي يهدد بها الديكتاتوريون شعوبهم ، فاما القبول بظلامهم أو ظلام أسوأ وأنكل وبيلا .

ان مصير الحراكات السياسية في العالم العربي ومآلها دومآ سيكون الفشل المضني والمزمن طالما لم تستقي مدادها من ثورة دينية فكرية وجوبية المحل ان أردنا الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز