الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول .. من البريء ؟

حسين التميمي

2006 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


يحدث الآن أن ثمة فوضى .. يحدث الآن أن ثمة أزمة في اشياء عدة .. الوقود بكل أنواعه ، الكهرباء ، الماء ، الدواء ، الخدمات بكل أنواعها ، الأمن ، الاستقرار . أشياء كثيرة اخرى نحن نفتقدها .. الانسان على سبيل المثال ، لم نعد نلتقيه في وجوه الأصدقاء ، أو .. بعضهم (حتى لا يزعل جميع الأصدقاء) فثمة غياب كبير يحدث الآن ، غياب لأشياء لم نفتقدها في أحلك سنوات الطغيان ، الالتماعة في العيون غابت ، الابتسامة الرقراقة الشفافة غابت من وجه الحبيبة ، وتشققت شفاه الأصدقاء تحت وطأة الخوف من جهات عدة مختلفة ومتنافرة ولا تصطلح على شيء سوى رغبتها في بث المزيد من الخوف والرعب في نفوس العامة من الناس .
ثمة كائن آخر غاب عنا طوال مايقرب الثلاث سنوات ، هذا الكائن يدعى أحيانا الضمير ، واحيانا الاخلاق او النخوة او الشيمة أو أي مسمى آخر لكننا نفتقده كثيرا ، العراقي يسقط الآن مضرجا بدمائه ولا تجد من يسعفه ، بل يهرب منه الصديق قبل الغريب ، ويترك على الأرض حتى يلفظ أنفاسه ، وعلى مسافة آمنة عن جسده يتناها للسامع لغط وأسئلة غريبة – هل كان عميلا للمحتل ؟ هل يعمل في جهاز أمني ؟ هل هو من الحزب الفلاني ؟ هل هو من التيار العلاني ؟ - أسئلة تدور كأنما شغلها الشاغل أن يكون للقتيل جريرة ما ، ترى هل هو شعور جمعي يطغى علينا في مثل هذه المواقف للتخلص من شعورنا بالإثم وبالسلبية في التعامل مقاتل أبنائنا ؟ هل نحن حقا العراقيين الذين ندعي في أوقات اللهو والمفاخرة بأننا أبناء حضارة تمتد لأكثر من ستة آلاف سنة ، وبأن أرضنا مهبط الرسالات ، وبأن و... أن ، ولا شيء أكثر !!
ثمة مفارقة غريبة ، فأنا أذكر بأن الكثير من الأصدقاء ممن استهوتهم حرفة الأدب ومن اشتغلوا وشغلوا بها فيما بعد كانوا يضيئون بكلماتهم أينما حلوا على الرغم من وجود جهاز أمني قهري كبير كتم أنفاسنا طيلة عقود مضت ، بينما تراهم الآن وفي زمن الـ (حرية والديمقراطية) صم بكم ، منطفئون حد اللعنة ، لا يضيء فيهم شيء ، بل أن بعضهم صار رقيبا وشرطيا على كتاباته وكتابات زملائه ، بفضل توليه رئاسة تحرير صحيفة ما أو أي منصب آخر بحجة أن الوضع الآن غير آمن وعليه أن يحمي نفسه ويحمي صحيفته !! لكن هذه الحماية تتحول يوما بعد آخر الى موت حقيقي لا يخطر ببال أي جهة ارهابية أو أي حزب متطرف تحقيقه بهذه السهولة !
يبدو أن الارهاب في سبيله لتحقيق الكثير من أهدافه (وأقصد هنا الارهاب العام سواء ذلك الذي ترتكبه المجموعات المسلحة أو الذي ترتكبه السلطة أو المحتل) مادام الجميع قد اصطلح على تسمية الضحية المدعوة أو المدعو (الشعب العراقي) . وربما حين نقول الجميع علينا أن نستثني الكثير من العامة ، وأعني بالعامة اولئك الذين يمتلكون حظا بسيطا من الثقافة والمعرفة ، فهؤلاء هم بحاجة دوما الى من يرشدهم ويدلهم على الطريق . بينما لا أستطيع أن استثني كل من يشتغلون في مجال الأدب والصحافة وكل من لديهم مستوى من الثقافة يؤهلهم لمقايسة الأشياء والنظر اليها بموضوعية والحكم عليها حكما عقلانيا ، فعند هؤلاء تكمن (مصيبتنا) لأن غالبيتهم يمارسون دورا سلبيا ، وعندهم أيضا تكمن علامة الاستفهام الكبرى ، العلامة التي تختبئ خلفها الذات العراقية الحقيقية ، العلامة التي تحتاج الى تسليط أكثر من ضوء كاشف من اجل حثها على مغادرة مكمنها وعلى المغامرة ، مستندين الى حقيقة يجب التذكير بها ، فأما حياة تسر الصديق وأما ممات يغيض العدا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع الرئيس ابراهيم رئيسي بعد مقتله في حادث تحطم مروحية | ا


.. الضفة الغربية تشتعل.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران الجيش الإسرائي




.. هل ستتمكن إيران من ملئ الفراغ الرئاسي ؟ وما هي توجهاتها بعد


.. إل جي إلكترونيكس تطلق حملة Life’s Good لتقديم أجهزة عصرية في




.. ما -إعلان نيروبي-؟ وهل يحل أزمة السودان؟