الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وفاة مرسي : الديموقراطية طريق للموت ؟

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


انتخابات الضرورة
البارحة بمحبسه توفي الرئيس المصري و هو المسجون بسبب جرم الفعل الديموقراطي , انه الرئيس المصري الوحديد الدي وصل الى السلطة في مصر , مصر اراض الفراعين و الحكم العسكري تريد ان تصنع ديموقراطيتها فجأة و النتيجة ان الديموقراطية اصبحت طريقا للموت
“الانتخابات الرئاسية ” بمصر حدث استثنائي في طبيعته ومساره ونتائجه وابعاده ؟
بغض النظر عن دلالات الحدت وعن نتائجه استوقفتني حكاية مثيرة وبسيطة لكنها مكثفة من حيت دلالاتها , الحكاية قيل وفق المصدر الذي نقل الخبر انها حكاية واقعية , سواء كانت القصة واقعية ام ذات ابعاد رمزية , تحكي القصة ان عجوزا من صعيد مصر ذهب الى احد المقرات الانتخابية للتصويت ولانه شخص كبير وسط حضور قليل كان محط اهتمام المسؤولين وتسارعوا لتقديم المساعدة والكثير من الترحاب والتهنئة على الاقل رقم اخر لاضفاء المزيد من شرعية العد د .
منح للعجوز كرسي وقلم للتصويت فسال العجوز القاضي المشرف ما الرقم المخصص للمرسي تفاجأ القاضي بسؤال العجوز اعتقد في بداية الامر ان العجوز وبحكم السن وظروف الشيخوخة يكون قد نسي فأعاد تذكيره ان لا وجود لاسم مرسي وان التصويت محصور بين شخصين السيسي وحمدين الصباحي ابتسم العجوز واثقا من قراره متشبثا انه يريد التصويت للمرسي ازدادت دهشة القاضي لتطرح أمامه جملة تساؤلات والكثير من الحيرة ؟؟
ولان العجوز لم يجد ما طلب قرر الخروج دون تردد أمام اندهاش الجميع ؟؟؟
الحكاية سواء كانت حقيقية ام افتراضية لكنها نافذة تتيح التأمل في ما يلي :
أولا : انتخابات الضرورة
حسنين هيكل المفكر و المؤرخ المصري صرح ان الحرية بمصر تقود مصر الى الانهيار والضياع وان مصر في طريقها الى الانتحار ان اختارت طريق الحرية واكد ان الرئيس المقبل ينبغي ان يكون هو السيسي ليس باعتباره شخصا ولكن باعتباره مؤسسة تضمن البقاء والحفاظ على السيادة , لذا فسؤال الحرية ليس مطلبا أنيا للسلطة الحاكمة بمصر والمتحكمة في تروثها وفي مصير مستقبلها لضمان امن الجوار / اسرائيل والسعودية وإنما حماية الوطن من السرقة والضياع , فالعجوز الباحث عن الحرية وحرية الاختيار جاء في الوقت الخاطئ لان الزمن السياسي بمصر الحالي لا يسمح بممارسة الحرية لانه يعود الى لحظات الحكم المطلق / الحكم باسم الضرورة السياسية / هوبز , حيت الدعوة الى التخلي عن الحرية من اجل ضمان الأمن والاستقرار كضرورة اولى اهم من المطلبة بتحقيق الحرية وحمايتها .
فتصور حسنين هيكل والمؤسسة العسكرية يتماهى مع نظرية هوبز في تبرير الحكم المطلق من حيت نتيجة إلغاء الحرية لسبب ان الامن شرط البقاء وان كان الاختلاف موجود بين موقف هوبز وتصور المؤسسة العسكرية .
فهوبز يعتبر ان الغاء الحرية يكون بسبب فطرية الإنسان ككائن عدواني باعتباره ذئب لأخيه الإنسان ومن تم فأنانية الإنسان ودفاعه عن مصالحه عنصر معرقل لبناء مجتمع وحماية سيادة الوطن , ام في تصور المؤسسة العسكرية فسبب تغييب الحرية ليس هو أنانية الإنسان المصري وعدوانيته وانما لصوصية جماعة الاخوان المسلمون والذين نجحوا في سرقة الثورة و تضليل المواطن المصري بحسب رؤية المؤسسة العسكرية من خلال الاستناد الى كون حركة الاخوان المسلمين لم تستطيع تحييد المساجد وتم توظيفها كأداة للدعاية والاستعمال الايديولوجي .
فكيف تستطيع الجماعة تحييد الدولة كاطار مشترك يضمن تجربة العيش المشترك بين مختلف الحساسيات والاتجاهات والطبقات مادامت لم تستطع تحييد المساجد هكذا فكرت المؤسسة العسكرية والجهات الداعمة لها والشعار الذي رفع لاسقاط شرعية نظام مرسي المنتخب ديموقراطيا هو محاولة اخونة الدولة عبر عملية تحريف كبرى طالت الفعل الديموقراطي من خلال اسلمته اي توظيف الشرعية الشكلية للاستفادة من الجانب التصويتي والانتخابي كطريق للوصول للحكم وعدم الايمان بمضمونها التعددي والاختلافي لذا كان 30 يونيو لحظة حاسمة لانقاذ مصر ؟؟؟ من طرف اللصوص الجدد من منظور دعاة ومؤيدي الانقلاب .
ثانيا : حملات الرقص والغناء
الفعل الأكثر إثارة في عملية” انتخابات الضرورة ” ان الحملة الانتخابية الذي قادها رئيس الضرورة كانت عبارة عن كرنفال مفتوح من الرقص والغناء وبحضور شيوخ الازهر في الكقير من الاحيان على الاقل لقد نحجت الحملة في تجميع المتناقضات او تجميع ما لا يجمع ليس وفق التصور الماركسي لوحدة وصراع المتناقضات ولكن يبدو ان مقولة جون بيير فرنان JEAN PIERRE VERNANT التي تحدث فيها عن نوم العقل الجمعي حيت المجتمع ينتج اساليب يتم فيها الافلات من المراقبة الجماعية و الصرامة الاجتماعية على اعتبار ان الفعل الجماعي فعل مراقب والحاجة الى التنفيس امر ضروري لضمان التوازن.
المتعارف عليه ان الحملة الانتخابية او الدعاية الانتخابية وسيلة للتعريف بالبرماج والتصورات و اجراء المواجهات بين المتنافسين لمنح فرصة لناخب كي يحسن الاختيار لذا يمكن فهم لماذا ارتبط الوصول الى السلطة بفعل المعرفة لان اكثر المترشحين اقناعا هو الاكثر والاوفر حظا للفوز فكانت السياسة فعلا لغويا يرتبط بفصاحة السياسي وقدرته على التاثير او الاقناع على الاقل كما ترسخ في التجربة اليونانية في حلقات الاغورا كحلقات للنقاش والتداول في الشان العمومي وهو نفس التصور الذي رسختع نظرية يورغنهابرماس في تأصيليه لمفهوم الفضاء العمومي المفتوح كفضاء تواصلي .
الرقص والغناء تحول في الاخير الى تهجم وسب وقدف و ضرب من تحت الحزام حين امتنع اغلب المصريين عن التصويت فكان امتناعهم صوتا معبرا ومن تتبع البرامج التلفزية والاذاعية سيصدم لحجم الاهانة التي تعرض لها الممتنعون وصلت لدرجة الاهانة المباشرة و التشهير والاساءة المحرمة قانونا .
ما وقع بالحملة الانتخابية و بعملية التصويت الاستثنائية شبيه ببعض الحفلات والاعراس حين تبدا بالرقص والغناء وتنتهي بالسب والشتم واقسام البوليس .
ثالثا : قضاء مسيس وعسكر يحمي ممتلكاته ومواطن بلا وطن
الدرس الاول والاساسي للانتخابات هو نسبة المقاطعة والتي وصلت بحسب مصادر غير رسمية تابعة لهيئات حقوقية بلغت تكثر من 84 في المئة الامر وهو مؤشر سياسي مهم يجب اخذه بعين الاعتبار ان لم نقل هو تصويت سلبي وبالتالي فالعملية بكاملها غير شرعية مادامت لا تستند على شرعية العدد و مشروعية قبول المواطنيين لكن ان يتم التمديد من الهيئة العامة للانتخابات فهذا تحول في وظيفة العمل القضائي والذي اصبح بقرار التمديد طرفا سياسيا لا يهمه تطبييق القانون والحفاظ على الشرعية وانما اصبح يبحث عن الشرعية السياسية من خلال الرفع من اعداد المصوتين فالامر يطرح اكثر من تساؤل حول اصرار السلطة الحاكمة في التحكم وتوجيه الفعل السياسي في اتجاه يعاند توجهات اغلبية الشعب ومصالحه ليتأكد ان السياسة الحالية تتجه لان يحمي العسكر مصالحة والتي تقدر بثلثي تروة مصر في شكال مشاريع لجنرالات الفنادق و وان المواطن المصري البسيط يعيش خارج وطن لان الوطن الذي لا يضمن كرامة وحرية المواطن هو سجن في صورة وطن .
على ما يبدو ان مقاطعة الانتخابات تكون سببا كافيا لجعل المؤسسة العسكرية بدون رؤية للمستقبل او على الاقل هي مؤسسة بلا خارطة طريق ، ولا احد يستطيع الإجابة على سؤال: مصر إلى أين؟! او مصر اين ؟ في ظل التعقيدات الحالية وانسداد الافق نتيجة الدعم الخارجي السخي /الاطاحة بنظام مرسي يساوي 12 مليار من دول عربية كدفعة اولى ومعلنة وماخفي اعظم و عدم القبول الشعبي من الداخل فالوقائع والاحدات تفقد اي قارئ للاحداث القدرة على فك شفرة الواقع السياسي المعقد حيت تختلط الامور وتزداد قتامة مع المستوى الكبير من التضليل , وبالتالي يصبح الاعتقاد الامساك بحقيقة ما يجري -بمصر وفي مصر وان كان من الصعب القول من اجل مصر -امرا في غاية الصعوبة لان ثمة صراع بمصر ويدور في مصر بين قوى دولية فاعلة وذات مصالح متناقضة مما يرشح المشهد المصري للكثير من التازيم لان الحل ياتي من خارج مصر وهذا هو جوهر الازمة ؟؟









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-