الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزرق من أجل السودان

عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري

2019 / 6 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لبست الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي ثوباً باللون الأزرق تضامناً مع الشعب السوداني، وتخليداً لذكرى الضحايا الذين سقطوا في اليوم الثامن والتاسع والعشرين من شهر رمضان، بعد أن اختار المجلس العسكري اللجوء إلى القوة المفرطة في فضِّ الاعتصام أمام مقر القوات المسلحة في العاصمة الخرطوم.
بدأت حملة "ازرق من أجل السودان" تكريماً للشاب السوداني الراحل محمد هشام مطر الذي قضى بعد أن أصيب برصاصة في رأسه خلال محاولته إنقاذ إحدى المتظاهرات. وسرعان ما تحولت إلى حملة تعبر عن ضحايا الانتفاضة السودانية التي أطاحت بحكم الرئيس عمر حسن البشير قبل أشهر. وقبل أيام من وفاته، قام محمد هشام مطر بتغيير صورته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى اللون الأزرق. إذ كان هذا اللون مفضلاً لديه. استجاب العديد من النشطاء داخل السودان وخارجه لتبديل صورهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اللون الأزرق.
فتصدر "أزرق من أجل السودان" مواقع التواصل الاجتماعي في عدد من البلدان العربية والغربية بعد أن أصبح اللون الأزرق يمثل رمزا للتضامن مع السودانيين المنعزلين عن العالم بسبب تواصل قطع الإنترنت منذ أسبوعين.
انطلقت الحملة في الأساس، عندما قرر أصدقاء محمد هشام مطر وأفراد عائلته تبديل صورهم الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اللون الأزرق، تخليداً لذكراه. ليتشح فضاء التواصل الاجتماعي بعدها بلون السماء الصافية والنيل الأزرق. يقول أحد المغردين:
كان بإمكان الشاب السوداني محمد هشام مطر أن يكمل حياته الطبيعية في بريطانيا دون أن يثقل نفسه بهموم بلده، لكنه آثر ذلك وعاد ليقف بين جموع الشرفاء، ليكون لسان الحال لوطنه الذي أنهكه الفساد والمفسدون.
ومحمد هشام مطر الذي كان يبلغ من العمر 26 عاما كان يدرس في بريطانيا قبل أن يسافر إلى السودان للمشاركة في التظاهرات ضد المجلس العسكري. وقال والد محمد في وقت سابق إن ابنه كان يحب اللون الأزرق. ولاقت الحملة تجاوباً ودعماً دولياً، وشارك عدد من مشاهير العالم في هذه الخطوة، خاصة في ظل قطع الإنترنت ومحاولة العسكر التعتيم حول ما يحدث في البلاد. كتبت عارضة الأزياء البريطانية ناعومي كامبل والتي يتابعها الملايين، على حسابها في إنستغرام:
إن ما بدأ كاحتجاج سلمي قد تحول إلى إزهاق المئات من الأرواح البريئة، الوضع في السودان قد تجاوز كل المعايير الإنسانية. إلى متى سيستمر هذا، وهل سيتخذ المجتمع الدولي إجراءات عاجلة؟
بات "أزرق من أجل السودان" الأول في جميع مواقع التواصل الاجتماعي في عدد كبير من الدول العربية والأفريقية والغربية وسط التعتيم الإعلامي الذي يفرضه المجلس العسكري في السودان بسبب قطعه الإنترنت. يذكر أن الحديث عن تعطل الإنترنت على الهواتف الذكية بدأ في 3 يونيو، عندما نفذت القوات الحكومية هجوما دمويا واسع النطاق على الاعتصام في الخرطوم، قتل أكثر من 100 شخص وأصاب المئات.
جاء الهجوم بعد أسابيع من التوترات المتزايدة حيث توقفت المفاوضات بين المجلس العسكري والمعارضة بشأن تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية، بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في 11 أبريل. لم يقدم المجلس العسكري أي مبرر مقنع لقطعه الإنترنت.
في العاشر من يونيو، قطعت السلطات ما تبقى من اتصالات الخطوط الثابتة، فأوقفت فعليا جميع خدمات الإنترنت. وأعلنت "نت بلوكس" وهي منظمة غير ربحية ترصد الرقابة على الإنترنت، أن السودان يواجه الآن "قيودا شبه كاملة" على الوصول إلى الإنترنت.
منعت هذه الانقطاعات الناشطين والسكان من الإبلاغ عن معلومات مهمة عن الوضع المتفجر في السودان. وتسبب حظر الإنترنت أيضاً في مشاكل خطيرة تتعلق بالسلامة، حيث منع الوصول إلى المعلومات التي قد تساعد الأشخاص على التنقل في الطرق بأمان أثناء الاضطرابات الحالية. وقال مهنيون طبيون إن عدم الوصول إلى الإنترنت قد زاد من صعوبة تنظيم طرق لتوفير الرعاية لهم.
قامت الحكومات التي تسعى إلى قمع المعارضة السياسية السلمية في العديد من الحالات بقطع الإنترنت في أوقات الحساسية السياسية والأزمات. قبل الإغلاقات الحالية، كانت الحكومة السودانية قد حجبت منصات وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها فيسبوك، وتويتر، وإنستغرام، وخدمة الرسائل واتساب، بشكل متقطع بين ديسمبر 2018 وأبريل 2019.
تقول منظمات حقوقية إن عمليات القطع هذه تنتهك حقوقا متعددة، منها الحق في حرية التعبير والحصول على المعلومات، وتعرقل حقوقا أخرى، منها الحق في حرية التجمع. في إعلانهم المشترك لعام 2015 حول حرية التعبير والاستجابة لحالات النزاع، أعلن خبراء ومقررو الأمم المتحدة أنه حتى في أوقات النزاع لا يمكن بأي حال من الأحوال بموجب قانون حقوق الإنسان أن يتم تبرير القيام بفلترة المحتويات المتوفرة على شبكة الإنترنت باستخدام أزرار الإيقاف الخاصة بالاتصالات كإيقاف أجزاء كاملة من أنظمة الاتصالات.
صرح ديفيد كاي سابقاً، وهو مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير:
يمثل الإغلاق الكامل للإنترنت انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي ولا يمكن تبريره بأي طريقة. الوصول إلى المعلومات أمر حاسم لمصداقية العملية الانتخابية الجارية. لا تؤدي الإغلاقات إلى الإضرار فقط بوصول الناس إلى المعلومات، ولكن أيضا بحصولهم على الخدمات الأساسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طقس العالم.. انهيار أرضي يودي بحياة 5 أشخاص على الأقل في الص


.. ميليشيات عراقية موالية لطهران تعلن استعدادها للقتال بجانب حز




.. رهانات إسرائيل وحزب الله في المواجهة الشاملة.. أذرع إيران وا


.. صور متداولة لإطلاق نار في بلدة سرغوكالا بداغستان




.. بسبب وثائق من داخل -ميتا-.. ورطة يواجهها زوكربيرغ أمام القضا