الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة ثيوقراطية

اوريت لفي

2019 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


اوريت لفي- مسيئيل

معاريف- 20/6/2019



*كل من يوهم نفسه بان اسرائيل هي ديمقراطية شرعيا برعاية محكمة العدل العليا من شأنه ان يجد نفسه قريبا جدا يعيش في ثيوقراطية (نظام ديني) شرعا وعملا برعاية محكمة الدين العليا*





هاكم قصة قصيرة من الخمسينيات. ربى جدي وجدتي بغلا في حقل كان لهم في سديه يعقوب في هعيمق يزراعيل (قرية زراعية لجماعة "هبوعيل همزراحي"). فيما بعد اشتريا تراكتور وأرادا بيع البغل. ذات صباح سافر جدي الى حيفا، التقى في الطريق صديقا من كفار يهوشع واتفق معه على أن يبعه البغل. في المساء، حين عاد الى البيت روت له جدتي بفرح انها نجحت في بيع البغل للجار.

ما العمل الان؟ من سيحظى بالبغل؟ اتفق المشتريان على التوجه الى "حكم التوراة".كيف انتهت القصة وماذا قرر الحاخام، هذا لم يعد يتذكره شيوخ هعيمق. مهما يكن من أمر انتقل البغل للسكن لدى الجار ويقال انه لم يعطِ عملا، ولكنه أكل غير قليل من القش.

يمكن لهذه القصة أن يستخدمها محاضرون في القانون والباحثون عن أمثلة عن "صفقات متضاربة"، ولكنها تدل ايضا على أنه في الماضي غير البعيد، كان حكم التوراة نوعا من اجراء التحكيم المتفق عليه بين المتدينين وغير المتدينين. يمكن ان نتعلم منه شيئا ما عن الشوط الطويل الذي اجتازته منذئذ اليهودية وممثلوها المعلنون، الذين يجعلون من التوراة مجرفة يحفرون بها.

وزير المواصلات الجديد، بتسلئيل سموتريتش، الذي اعلن منذ الان عن رغبته في ان تدار دولة اسرائيل وفقا لقضاء التوراة، يرفض التعهد بالسماح باشغال على القطار في السبت. ولكن سموتريتش ليس وحيدا. مسائل الدين والدولة تطرح في الاونة الاخيرة في كل سياق تقريبا.

الصحافي يانون ميجال شرع بحملة ضد برنامج الطبخ الشعبي "ماستر شيف"، لانهم يطبخون فيه طعاما غير حلال ايضا؛ في الفصح الاخير وافقت الحاخامية الرئيسة على أن تقام في المستشفيات "مجالات فطير" برقابة حراس (!) في صالح المرضى المحتاجين لذلك؛ بضعة جنود أفراد طلب منهم، بضغط من الجيران، اخلاء شقة استأجروها بدعوى أنهم يتبادلون القبل في بيت الدرج ويرتدون ملابس غير محتشمة.

حصل هذا في رمات غان وليس في بني براك؛ سائق باي ايغد عمل بصفته "حارس مقاييس" بتكليف من ذاته ورفض ان تصعد الى الباص شابة كانت ترتدي بنطالا قصيرا جدا على حد رأيه. خسارة أن سائق الباص نسي ان "الاداب تسبق التوراة".

ان القاسم المشترك مع جملة الامثلة المصادفة هذه هي ثورة الوعي التي يجتازها المجال العام في دولة اسرائيل. هذا ليس "تدينا". هذا هو ابادة الليبرالية والتسامح الواجبين في المجتمع الحديث، المتنوع ومتعدد الثقافات. في الكون السياسي الموازي تدور في هذه الايام حملة انتخابات للكنيست.

رئيس يسرائيل بيتينو افيغدور ليبرمان يحاول أن يمتطي ظهر الصراع للجم التوتر الذين بين الدولة اليهودية والديمقراطية. يحتمل أن يكون ليبرمان، وهو السياسي المتهكم الذي تعاون في الماضي مع الحريديم، يستغل الخوف العلماني كي يحصد لحزبه بضعة اصوات اخرى. ولكن يحتمل أن تكون هذه هي الفرصة الاخيرة لوقف الانجراف الذي تقوده اقليات صغيرة ولكنها مصممة في المجتمع الاسرائيلي.

يتبين أن غير قليل من اليهود نسوا كيف يكون المرء يهوديا. فهم لم يستوعبوا اقوال الحكماء الذين قالوا ان هناك "70 وجه للتوراة"، قبل كثير مما تبين ان هناك 50 طيفا للون السكني. لشدة الاسف، فان حملة الدين والسياسيين الذين يرون فيهم "شركاء طبيعيين" يقلصون النبع الثقافي والروحي الهائل للتراث اليهودي الى مسار واحد ضيق (وكما هو معروف حين لا يكون فصل بين المسارات، فان خطر الصدام المواجه يزداد جدا).

انا نفسي لست افهم على الاطلاق ما هو هذا القدر من "الطبيعية" في الشراكة مع احزاب حريديم غير صهيونية، لا تعترف بقيمة المساواة، تدعي بان اليهود غير الارثوذكسيين يقودوننا نحو خراب اليهودية، تتنكر للساكنين وتتعاطى مع العرب كمواطنين من الدرجة الثانية. والان، تطالب احزاب الحريديم بالغاء الحظر على الفصل بين الرجال والنساء في المجال العام. يهودي من العصور الوسطى "الظلامية"، لو كان دعي لزيارة اسرائيل في عصرنا، ما كان ليلاحظ اليهودية التافهة والمتحجرة التي تطورت برعاية الساحة السياسية في دولة اسرائيل.

في وضع الامور الحالي، ينبغي الاعتراف بان اسرائيل تعيش في ذروة حرب استقلال ثقافية. كل من يوهم نفسه بان اسرائيل هي ديمقراطية شرعيا برعاية محكمة العدل العليا من شأنه ان يجد نفسه قريبا جدا يعيش في ثيوقراطية شرعا وعملا برعاية محكمة الدين العليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها