الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكراد الرصيف

روني علي

2019 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية




لطالما حلم الكوردي في غربي كوردستان أن يكون له موطئ في الحضور، كهوية وانتماء، ضمن دولة تعددية تحترم وجوده في الحياة السياسية وتقر بمساهمته في البناء، وفق معادلة التناسب بين الحقوق والواجبات، انطلاقا من تعبيره عن ذاته القومي ضمن الفسيفساء السوري الذي يمد الاختلاف والتلون بعوامل القوة، فيما لو تم الدخول إليه من ذهنية الانفتاح وثقافة الإقرار والاعتراف . وعليه فقد ضحى من أجل هذا الهدف على مدار عقود من الزمن، منذ أن وعت الدولة السورية ذاتها حتى بدايات الأزمة التي قضت على كل مرتكزات الحياة في البلد، مع اختلاف في منسوب الطرح والشعار والهدف، والذي كان بمجمله يصب في خانة بناء دولة عصرية تحترم مواطنيها عبر منظومة سياسية تعتمد الإنسان أداة للبناء والهدف الذي ينبغي الوصول إلى تحقيق إنسانيته بكل ما تستلزمها من حقوق ومقومات.
هذا الكوردي في حلمه، كان ينطلق من ذاته وبأدواته ويواجه الاضطهاد والطغيان بإرادته الذاتية بعيدا عن لعبة الأجندات، لكونه لم يكن يشكل جزء منها أو جنديا تحت طلب المشاريع، وإن كان طموحه القومي "الرغبوي" يتعدى طرحه السياسي مدا وجزرا في بعض المنعطفات أو الانكسارات التي كانت ترافق معادلة توازنات القوة في المنطقة . إلا أن ما أفرزه الحراك السوري وتداعياته على أرض الواقع، دفع بالكوردي - المفعول به ضمن دائرة اللعبة - لأن يغرد في سرب يبعده شيئا فشيئا عن مهامه القومية والوطنية داخل الجغرافيا التي ينتمي إليها، بحيث أضحى جل اهتماماته السياسية تصب خارج الدائرة التي من المفروض أن تكون منطلقه في تثبيت الهوية والحقوق والخصوصية، فأضحت المشاريع التي تدفعه إلى الواجهة تسلخه عن مهامه التي تؤكد على أنه جزء من سوريا المستقبل . ويبدو أن كل هذا ناتج عن الخلط في تناول الانتماء إلى الحاضنة القومية كقضية عامة، وبالتالي التأكيد عليها من منطلق الامتداد والبعد والتاريخ والجغرافيا، وبين البحث عن موطئ قدم له ضمن استحقاقات سوريا المستقبل. فضلا عن التعاطي مع الوقائع والتطورات السياسية بحامل عاطفي بحت يحدد مساراته وأدوات التفاعل مع المشاريع التي تستهدفه . وربما كانت للعبة "الغرف المظلمة" دورها في رسم اللوحة التي ينبغي أن يكون ضمن إحداثياتها، خاصة وأن إفرازات اللعبة نفسها كانت السبب في أن يقدم هذا الجزء "الصغير" قرابين تفوق حجمه ومسؤولياته في مواجهات خاسرة مع الجيش التركي على مدار عقود من الزمن تحت وهج "تحرير وتوحيد كوردستان" وأن هذه الدماء لم تزل تهدر على المنوال ذاته، فيما لو أخذنا بعين الاعتبار أن أصحاب "الشعار" ذاك قد رضخوا للأمر الواقع ولم يزل له مفعوله في سياسات القائمين على إدارة الأزمة الكوردية، المنقادين من جانب أكثر من جهة وأجندة .
باعتقادي أن أجزاء كوردستان الثلاثة هي بغنى عن "قرابين" الأخ الأصغر فيما لو أخذنا الجانب العددي / السكاني في كل جزء وكذلك المادي ومقومات الدفاع عن المكتسبات بعين الحسبان، إذا ما استثنيا الجانب المعنوي الذي يعتبر هاما ومهما ومن مسؤولية أبناء الشعب الكوردي في غرب كوردستان أدائه بكل وعي ومسؤولية تجاه باقي الأجزاء .
ما أود قوله هو أن الكوردي في غرب كوردستان لم يلتفت إلى قضيته وفق رؤية تحليلية وقراءة منطقية للخارطة الجيوسياسية في المنطقة وكذلك مشاريع مراكز القوة الدولية التي لم تزل تتعاطى مع كل مكون كوردي كجزء من الحالة التي تمت ترسيخها وفق مخطط هندسي / سياسي بالغ الدقة والتعقيد وإن كنا نرى بين الفينة والأخرى جنوح بعض الدول إلى الإيحاء وكأن للكورد مركز قرار قومي، إلا أن ذلك لا يتعدى لعبة توازنات المصالح الدولية والمنافسة القائمة بين الدول على إعادة تموضع تلك المصالح وفق مخطط هندسي جديد يعيد النظر في حصص "الكعكة" شريطة عدم المساس بالمخطط العام الذي هندس للشرخ الحاصل في الجغرافيا والمكونات .
عودا على بدء أقول، فيما لو لم ينحاز الكوردي في غرب كوردستان إلى بناء ذاته استنادا إلى قواه الذاتية ولم يجتهد لأن يكون له دور مفصلي في لعبة التوازنات وكذلك استحقاقات سوريا المستقبل مع باقي المكونات السورية، فإن الخشية هي أن تكون القضية الكوردية مجرد قضية "أكراد الرصيف" ضمن المعادلة السياسية "القومية" نفسها ومن جانب الأشقاء أيضا .

23/6/2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبيعات سيارات تسلا الكهربائية في تراجع مستمر • فرانس 24


.. نتنياهو ينفي معلومات حول إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نتمسك بتدمير البنية التحتية لحم


.. شركة تبغ متهمة بـ-التلاعب بالعلم- لجذب غير المدخنين




.. أخبار الصباح | طلب عاجل من ماكرون لنتنياهو.. وبايدن يبرر سوء