الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجنييد الإجباري : قرار جيد لكنه لا يكفي . !

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 6 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


حين يتحول الحرم الجامعي الى ساحة اقتتال ساذج !
حين يضرب الإستاد و يهان في قسمه و تكون النتيجة تكوين لجن لمعاقبة الاستاد و الاعتذار للتلميذ !
حين تفقد الأسرة و المدرسة سلطتها و تنهار القيم المجتمعية في صمت بتواطئ مع الجميع !
حين يبتلع الفيس بوك واقعنا و قيمنا و حدودنا و هويتنا !
حين يصبح حلم الشباب احراق الوطن او إغراقه !
حين يصبح التباهي بالجرائم امتيازا !
حين يتباهى الشباب بتمزيق سرواليهم و يصبح العري لباسا !
تلك مؤشرات خطيرة على ان الدولة أصبحت رخوة الى درجة كبيرة قد تفقد معها القدرة على ضبط الامور في العقود القادمة .
سنة 2007 المغرب يقرر التخلي عن التجنيد الإجباري ثم اتخاذه من طرف الوزير التقنوقراطي ادريس جطو .
ربما قد يعذر الوزير الأول لان التكنوقراط يمارسون السياسة كفعل تقني عبر المسطرة و البركار, دون الاهتمام بالقضايا الكبرى لان رهانهم رقمي و مرحلي ,و ليس برهان استراتيجي و هناك تكمن خطورتهم !
حالة التراخي و التساهل و الإفراط في جرعة حقوق الإنسان و الدفاع عن الشواذ و المثليين و التافهين و المجرمين و المغتصبيين و الجناة و ناكحي الحمير و الحاقدين و العدميين و كل من يدافع عن الحرية الفردية كحق مقدس ولو على حساب قيم المجتمع , و النتيجة حالة من التفسخ و التلاشي كما حددها مظاهرها و مؤشراتها المفكر الاقتصاي الامريكي روبيرت بنتام في مفهوم : لعبة البولينغ المزدوجة حين بين تاثيرالعولمة عن تراخي الروابط الاجتماعية و تفككها .
ربما قيمة القرار الذي اتخدته الحكومة هو قراريمنح الدولة سلطة إعادة انتشارها مجددا , من اجل استعادة الكثير من المجالات التي تخلت عنها بفعل العولمة , و توصيات البنك الدولي و اشراطاته لاسيما بعد سياسات التقشف .
ان تسترجع الدولة المجالات الاجتماعية و الثقافية التي فقدت السيطرة عليها هو قرار اضطراري وغير قابل للتاخير , لان الفوضى أصبحت هي القانون العام . وحالات التسيب و الانفلات الأخلاقي و القيمي أصبحت مخيفة, و النتيجة حالة غريبة من السلوكات الغريبة عن قيمنا تجتاح الواقع و هو ما سماه المفكر الكندي الان دونو ب بـ“الميديوكراتي” أي انتصار قيم التفاهة : نيبا و ادومة نموذجا .
كل المؤشرات تؤكد ان تراخي الدولة كان سببا مباشرا في بزوغ قيم جديدة للتافهين و انهم قد حسموا المعركة، وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه .
ولد نظام التفاهة حين تخلت الدولة عن دورها كشرطي للفضاء العام , و كحارس للقيم المجتمعية و حمايتها من التلاشي و التاكل , لان مهمة الدولة كضامن للسيادة لا يعني فقط حماية الحدود لكن حماية ثرات الاجداد و هوية المجتمع .
فالتفاهة انتصرت حين أصبح تسير الشان العام مجرد تقنية, وصارت الدولة مجرد شركة خاصة و ربما او تفكر - مستقبلا - في التخلي عن جزء من مهامها لجهات لا يستطيع من يسيرونها حتى الحديث مع بعضهم البعض و ينفقون وقتهم لصنع مكائد لبعضهم البعض !!! .
ربما الاستنتاج الصادم ان التافهين يسيطرون على كل شئ و يحددون مصير العقلاء و أخبارهم و قيمهم و أفكارهم و معتقداتهم تملا كل الفضاءات بما فيها فضاءات التواصل الاجتماعيا!
اغنية لا تقول شيئا سوى ضجيج منظم تحقق ملايين المشاهدات في اقل من 10 ساعات . و حكايات ادومة اهم من خبر فاجعة بالصويرة .
الأكيد ان القرار هو قرار جيد , لكن قيمته تكمن في حسن تنفيذه من اجل استعادة هيبة الدولة و المجتمع و الانسان معا .
نحن لسنا وحدنا , و لن نبق كذلك , من سوء حضنا ان اننا نعاني سوء الجوار و ان علاقتنا الخارجية مؤسسة دوما على عدم الثقة و الحذر من الجيران و لذا يمكن القول ان أصعب حرب يخوضها المغرب هي حرب اللاحرب و اللا سلم .
لذا فان انهاء الحرب و بناء السلام لا يكون الا من خلال الاستعداد للحرب , فالاستعداد لها يلغيها وهو ما يمكن تسميته بتوازن القوى !
لذا معركة بناء السلم و تحقيقه رهبن ببناء دولة محاربة يكون فيها المواطن قويا في لحظات السلم و لحظات الحرب , وهو امر مستحيل ان ينجزه التافهون , لانه مع اول رصاصة يفرون.
ان المعارك الكبرى بما فيها معركة بناء الدولة و المجتمع و الانسان ليست مهمة التافهين و لا يمكن ان تكون , و انما هي مهمة من يحمل مواطنة صلبة و في كل الازمنة .
بناء مواطنة صلبة ليس مجرد قانون و اجراءات و تدريب لمدة سنة , و انما ينبغي ان يكون منطق اشتغال لكل المؤسسات المهتمة بالتنشئة و التربية و التاثير من اجل التلاقي و المشاركة في صياغة قرار مجهود جماعي , يجعل من النشء حاملا لقيمه و لقيم وطنه و متفاعلا مع خصوصية عصره , وهو انجاز لا يتحقق الا بمجهود جماعي تنخرط فيه الأسرة و المدرسة اولا و بشكل قاعدي .
أن الاوان ان نعيد للمدرس صوته الذي سرق منه و ان نعيد للأب رمزيته و للجد وقاره و للشرطي قوته , من اجل ان نرى مواطنينا يستعيدون الروح القتالية لمواجهة صعوبات الحياة , بدل الهروب الى عالم المخدرات و العوالم الافتراضية التي تمنح لذة سهلة لكنها لذة مكلفة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24