الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب ل د. رفعت السعيد:اليسار . الديمقراطية .. والتأسلم

احسان طالب

2006 / 5 / 7
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


د . رفعت السعيد
التكوين الثقافي لعمال مصر
بين الأخوان واليسار
يمكن القول أن بلدا كمصر يتشكل وعيه العام من الدين وما يمكن تسميته بالفكر الديني ( أي النتاج الإنساني في الفكر و الثقافة المستند والمستمد من الدين أو ما يعتقد أنه الدين )ومن هنا فان مساحة كبيرة من التراث والأساطير قد أعيد تشكيلها في قالب ديني . وعندما يتحدث المصريون عن الدين فهم يقصدون الإسلام باعتباره دين الأغلبية
ويمكن القول أن مصر كانت قادرة ومبكرة جدا على الإطلاع على الثقافات والإبداع العلماني والبيرالي وأيضا الفكر الاشتراكي . ويمكن القول أن العمال المصرين اقتربوا من ميدان الوعي الاجتماعي و النضج وكذلك العقلانية و العلمانية بسرعة أكثر من الرأسمالية المصرية .
كذلك شهدت الطبقة العاملة اتجاها مبكرا لتأسيس نقابات سرية. وفي ذات الوقت كانت الرأسمالية المصرية تنمو نمو قزميا عاجزا تماما عن أن يتلاءم مع معطيات العصر ومتطلباته .
ومع وصول هذه الطبقة المزدوجة العلاقة اجتماعيا ( رأسمالية + إقطاع ) إلى السلطة مارست كل طبقة منها نشاطها وفق ما اكتسبت من تقاليد ،وبعد تصادم مرير بين الشيوعيين والاحتلال والرأسمالية قررت تلك الأخيرة أن تسيطر بنفسها على اتحادات العمال و نقاباتهم ومن ثم شاهدنا اتحاديات عمالية عاجزة وقزمية يرأسها بشوات أو حتى أمير من الأسرة الحاكمة
وفي ظل هذا التكوين القيادي الرديء تختفي كل التقاليد الثورية ويعود الموروث القديم المغلف أساسا بالدين أو حتى ما يعتقد العامة أنه دين ليسيطر على جموع العمال . وتسهم جماعة الإخوان المسلمين في إحياء النزعة المتأسلمة ، وفي هيمنتها ليس فقط على الممارسات اليومية الفردية وإنما في حتى في إطار علاقات العمل .
وبعد قيام ثورة يوليو وعندما أضرب عمال كفر الدوار بادرت جماعة الإخوان بالمطالبة بإعدام المضربين مستخدمة ذات التراث الثقافي الذي تنسبه إلى الدين وهو أن المضربين " مفسدون في الأرض " وعلى أية حال فقد استفاد الحكام من هذا الستار الديني وأعدموا بالفعل اثنين من قادة الإضراب .
ويلخص أحد الباحثين الصراع بين التيارين قائلا : وانعكس هذا الصراع في شكل تصادم حاد بين الإخوان و الشيوعيين حيثما وجد لهم نفوذ ، وكان الإخوان يعتبرون أن تصعيد الشيوعيين للنضال العمالي دعوة لإثارة الخلاف و الفرقة بين المسلمين .
وإذ تبقى الرأسمالية المصرية متأثرة بالعيوب الخلقية التي ولدت وهي مصابة بها ، وإذ تسودها حالة من الطفيلية تعجل الربح الكثير ، وإذ تفتقد حتى ( فقد تقليدها عبد الناصر جذورها وهي تعود الآن بأشخاص جدد مفتقدين التقاليد القديمة ) فإنها تظل عاجزة حتى عن الدفاع عن مكون ثقافي لبرالي أو عقلاني . وهكذا يبقى المناخ الفكري و الثقافي و التراثي ، ومكونات الوعي المصري عامة محلا لصراع ضار ومستعل دوما بين اليسار المصري الذي يتحمل وحده الآن عبء الدفاع عن اللبرالية وعن الوحدة الوطنية ( بمعنى الدفاع عن حقوق الموطنة للجميع يغض النظر عن الدين والدفاع عن حقوق متكافئة للمصرين والمسيحيين وهي حقوق يكفلها لهم الدستور والقانون لكنها تفتقد بالممارسة الفعلية في ظل مناخ متأسلم ينمو التعصب في كثير من نواحيه وبين المتأسلمين عامة وخاصة جماعة الأخوان .
وهو صراع شاق ومرير لأن اليسار يعاني من آثار النكثات العالمية و الإقليمية والمحلية و المتأسلمون يتحركون في إطار مناخ عام موات وفي إطار يحتمي بالتستر بالدين الذي يكون مساحة كبيرة من وعي المصرين ، إطار يخلط الفكر بالدين والدين بالتراث
ويكمن القول إنها معركة فكرية بالأساس تستهدف دراسة متأنية للتراث وعوامل تشكيل الوعي ودراسة متأنية أيضا لصحيح الإسلام وذلك بهدف وضع حد فاصل وواضح ومعترف به بين الدين ( المقدس والذي يجري تقبله دون نقاش وبين مجمل مكونات الوعي والتراث الفكري والثقافي
وهي معركة بالغة الصعوبة لكنها ضرورية وهي كذلك معركة يتعين الانتصار فيها لأنها معركة تتعلق بمجمل مستقبل مصر وليس طبقتها العاملة وحدها.
مختصر من : ( كتاب اليسار . الديمقراطية . و .. التأسلم )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أي تسوية قد تحاول إسرائيل فرضها في لبنان والإقليم؟


.. أي ترتيبات متوقعة من الحكومة اللبنانية وهل تُجرى جنازة رسمية




.. خبير عسكري: هدف عمليات إسرائيل إحداث شلل في منظومة حزب الله


.. نديم قطيش لضيف إيراني: لماذا لا يشتبك الحرس الثوري مع إسرائي




.. شوارع بيروت مأوى للنازحين بعد مطالبة الجيش الإسرائيلي للسكان