الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعِر الفرنسي آرثَر رامبو Le poète français Arthur RIMBAD

رابحة مجيد الناشئ

2019 / 6 / 24
الادب والفن


الشاعِر الفرنسي آرثَر رامبو
Le poète français Arthur RIMBAUD

الشاعر الفرنسي " جان نيكولا آرثر رامبو "، ولِدَ في 20 اكتوبر 1854 شارلفيل، وهي منطقة ريفية في الشمال الشرقي من فرنسا، وتوفيَّ في 10 نوفمبر 1891 ، في احدى مستشفيات مارسيليا، وهوَ في عمر 37 عاماً.
يَنحدِر الشاعِر من عائلَةٍ برجوازية تَقليدية مُحافِظة، والده عسكري، وامه ابنة ملّاك أراضٍ ريفية. ترَكَ والده العائلة في عام 1861 وبقي آرثَر وأخوته في رعاية والدتهم، كاثوليكية مُتَشَدِدة، رَبَت أولادها ومنهُم آرثَر تَربيةً دينيّةً صارِمة.

كانَ آرثر رامبو، طالباً مِثالياً ذكياً وَمُتَفوِقاً، وكانَ شاعراً مُبَكِراً، كَتَبَ الشعر في سن الخامسة عَشَرَ من عُمره، وَفازَ بالعَديد منَ الجَوائِز لِتَفوقِهِ الأَدَبي، واقدَم نِتاجاته الشعرية كانت باللغةِ اللاتينية التي كانَ يُجيدها. أما نتاجاته الشعرية باللغةِ الفرنسية، فهيَ تَعود الى نهاية عام 1869، والى الدعم الذي تلقاه مِن استاذه الجديد في قسم البلاغة " جورج آنزامبراد " والتأثُر بإسلوبه التحرُري.
كان آرثَر رامبو يَرغَب في أن يكونَ صحفياً، لكنَ هذا لَم يَحدث. في عام 1870، دَخَلَت فرنسا الحرب ضد بروسيا، وأجرى آرثر رامبو رحلته الأولى الى باريس، وَهناكَ انجذبَ الى الفكر الثوري السائِد آنَذاك وتركَ الدراسة وأخذ يَتَرَدد غلى مقهى يرتاده الأُدباء، فالتقى بِشَخصٍ قدَمهُ للشاعِر " ﭘول فيرلَن "، الذي بدوره استقبلَ قَصائِدَ آرثَر بِحماسٍ وَسرور وقام بتقديم آرثر الى الوسط الأدبي في باريس، وأصبحَ صديقاً حميماً له ودعاه للعيش معه ومع عائلته، لكن زوجة فيرلَن كانت منزعجة من هذا الضيف ومن غرابة أطواره ، ومن العلاقة الغريبة ما بين الشاعرين، فدبَ الخلاف بين الزوجين، وعلى اثر ذلك تخلى فيرلَن عن زوجته ماتيلد وعن ابنه الرضيع، وبدأَ مع آرثر رامبو حياة مثلية صاخبة وتجوال وتَيهان بينَ الكحول والمخدرات، لكن نهاية هذه العلاقة كانت مأساوية. ففي العاشر من تموز 1873 ، كان فيرلن في حالة سكرٍ واطلق النار على آرثر وأصابه في المعصم، ولهذا حكم عليه بسنتين ودخل السجن، وانتهَت العلاقة فيما بينهما.
قررَ آرثَر رامبو بعدَ ذلك، التخلي عن الشعر وكان حينذاك في العشرين من عمره، وبدأ أسفاره مبتدئاً بأوربا حيث كانَ يَعيش على اعمال بسيطة ، الّا انه لَم يَكُن راضياً عن هذه الحياة. ومنذ عام 1875 اخذ يعيش حياة مليئة بالأسفار والمغامرات وأصبح يكسب رزقه عن طريق التجارة بالذهب والعاج والأسلحة والحرير مع الحبشة والقاهرة والاسكندرية وعدن وبعض دول الخليج العربي، وَيُقال بأنه كانَ يُتقِن اللغة العربية وَبأنه اعتنق الاسلام.
في عام 1891، وعلى اثرِ وَرَمٍ في ركبته اليمنى عادَ الى فرنسا والى عائلته "والدته واخته ايزابَل"، لكنَ حالته الصحية ساءَت كثيراً واضطر الأطباء الى بترِ ساقه اليمنى وأدى ذلك فيما بعد الى وفاته في 10 نوفمبر 1891 في احدى مستشفيات مارسيليا، وَدُفِنَ في شارلفيل، عن عمرٍ يُناهِز ال 37 عاماً.
وَعلى الرغمِ من حياته القصيرة، وتوقفه عن الكتابة في العشرين من عمره، فإنَ كَثافة اعماله وَتجديده، وَحياته المُعادية للبرجوازية، جعلَت من آرثَر رامبو، أحَد أكبَر شُعراء فَرنسا اللامعين المتَحررين المُجَددين.
تَتَميَز اعماله الشعرية، بكونها مطبوعة بعمقٍ بِحياته الخاصة وبتجاربه الحياتية المليئة بالمُغامرات. ومن افكار آرثر رامبو في اللغة والشعر والتجديد: " على الشاعر أن يجد لغة شعرية جديدة ، أن يأتي بشيءٍ آخر جديد، شكلاً وَمضموناً، وأنَ كل اكتشافٍ جَديد يتَطَلَب أشكال لغوية جديدة مليئة بالمفردات الجديدة وبالمضامين الجديدة التي لَم تُعرَف من قَبل ".
نشرَ آرثر رامبو في عام 1873، كتابه " موسمٌ في الجحيم "، وهوَ الكتاب الوحيد الذي نشره بنفسه، وهذا الكتاب اشبه بسيرة ذاتية له. ثُمَ نُشِرَ لهُ كتاباً آخر بِعنوان " الإضاءات " في عام 1886، وهو مجموعة من القصائد النثرية التي تَجمَع ما بين الواقِع والهلوَسة، وَ يُجمِع النُقاد على ان قصائد هذه المجموعة كانَت الأساس في قصيدة النثر، وفي التجديد الشعري في فرنسا.
مِن قصائِد آرثر رامبو الكثيرة، ارتأيتُ ان أُترجِم للقارئ احدى قَصائده التي يُقال بأنها آخرَ ما كتبه وهي على شكل أُغنية، بعنوان : " أُغنية أعلى بُرج " :
" أغنية أعلى بُرج "
شَبابٌ خامِل
لِكُلِ المُستَعبَدين،
بِسَبَبِ نعومَتي
فَقدتُ حَياتي.
آهٍ ! لِو يأتِ الزَمَن
حيثُ تَكون القلوب مُتَحابة.
.............
قُلتُ لِنفسي : اترُك،
ولا تَدَع احداً يَراك :
وَبدونِ وَعدٍ
وأعلى آيات الفرَح
وأن لا يوقِفكَ شيء،
أُوﮔَست المُتَراجِع.
..........
تَحليتُ بالصبر
حتى لا انسى أبداً ؛
المخاوفَ والمُعاناة
رَحلَت الى السماوات.
والعطَش اللاصِحي
يُغَمِّقُ عروقي
....................
كَما المْرج
مَتروكاً للنِسيان،
يَنمو، وَ يَزهر
بخور وَقطران
والطنين العنيف
لِمئةِ ذُبابةٍ قَذرة
...........
آهٍ ! ألفَ تَرَملٍ
للروح الفقيرة
التي ليسَ لها إلّا صورة
كَنيسة نوتَردام !
هَل نُصَلي
لِمَريَم العذراء ؟
..........
شَبابٌ خامِل
لِكُلِ المُستَعبَدين،
بِسَبَبِ نعومَتي
فَقدتُ حَياتي.
آهٍ ! لِو يأتِ الزَمَن
حيثُ تَكون القلوب مُتَحابة.
في هذه القصيدة نجد ان الشاعر قد استخدمَ الرموز والتورية والتعابير المجازية والاستعارات والمتضادات لغرض التعبير عن آلامه ومُعاناته، وعن كل اشواك حياته الداخلية. هنا يشكو الشاعر من ضياع شبابه ومن فشله في اعطاء الشيء الكثير، ويعزو سبب ذلك لرقته ومرونته، وهي اشارة لعودته الى شارلفيل في عام 1872 لكي يترك لفيرلن الامكانية في التصالح مع زوجته ماتيلد. وفي نفس الوقت، يعبر عن الأمل بالمحبة وبعالمٍ كله حُب، وربما الحلم بحبٍ حقيقيٍ جديد. والشاعر يقارن وضعيته الحالية بالمْرج المتروك للنسيان وللهجِر، هذا المْرج الذي ينمو ويزهر، ويطلق عطورا ربيعية، لكنه يتدهور ويصبح فريسة للذباب القذر. وفي حديثه عن الترمُل..." الف ترمُل "، يعبر الشاعر هنا عن ندمه لفقدان وفراق الف كائن تعرف اليهم واحبهم في مدينة باريس، وهذه ترجمة لكل الاحباطات العاطفية، واشارة لكل ما ينقصه او يشتاق اليه...الحُب، الكحول، الرغبة في العلاقات الحميمية...... ثمَ يتحدَث عن كنيسة نوتردام ، ومريم العذراء، فهذا أما ان يكون رجوعاً للدين، والصلاة وطلب الشفاعة من هذين الرمزين كمنقذِ أخير، وأما أن يكون هذا تعبيراً عن سُخرية الشاعر....
يعتَز الفرنسيون بالشاعر الفرنسي آرثر رامبو وَيعتبرونه المبشر بالرمزية والسريالية، وما زال لحد يومنا هذا من اكثر الشعراء تأثيرا على المدارس الشعرية الحديثة، وظاهرة فريدة، ليسَ في الأدب الفرنسي فحسب، وانما ايضا في الأدب العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد فهمي يروج لفيلم -عصـ ابة المكس- بفيديو كوميدي مع أوس أو


.. كل يوم - حوار خاص مع الفنانة -دينا فؤاد- مع خالد أبو بكر بعد




.. بسبب طوله اترفض?? موقف كوميدي من أحمد عبد الوهاب????


.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: كان نفسي أقدم دور




.. كل يوم - الفنانة دينا فؤاد لخالد أبو بكر: -الحشاشين- من أعظم