الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درجة حرارتنا

سعد العبره

2019 / 6 / 25
كتابات ساخرة


ثلاثة أشهر فقط، يشعر العراقيون ببرد شتائي معتدل، ثم ترتفع درجة الحرارة دون سلّم، فالعراقيون في الشتاء مثل رجل يقف على حافة مرتفع، ما أن يحل آذار، حتى يجدوا أنفسهم في الدرك الأسفل من الصيف.
العراقيون بنكاتهم وتحشيشاتهم وقهقهاتهم إلا أنهم تصدّروا قوائم الشعوب الأكثر غضبا في بعض الاستطلاعات، نعم، فنحن نضمر الغضب وإن كنا مبتسمين، لذا ترانا على أهبة الاستعداد لأي عراك يحدث في البيت أو الشارع أو دائرة العمل، حتى في جلساتنا النقاشية وزياراتنا للأقارب أو الأصدقاء، نطرح ما لدينا بغضب، وغالبا ما تنتهي تلك الجلسات بعدم رضا وعدم ارتياح من أخ أو صديق أو زميل في العمل أو نديم ما. هذا التحول السريع في طبيعتنا من البشاشة إلى الغضب يشبه إلى حد كبير انتقالنا من البرد القارص إلى درجة الغليان دون تدرّج.
اليوم، في الفيسبوك، قرأتُ منشورات كثيرة عن حرارة هذا الأسبوع، إذ توقعت الأنواء الجوية استمرار ارتفاع درجة الحرارة حتى الخميس، وعادة ما تكثر منشوراتنا صيفا، و نشتكي بسخرية من الحرارة وانقطاع الكهرباء والساسة، وحتى من الشعراء الذين يتغزلون بالشمس العراقية، فنستذكر السيّاب في (الشمس أجمل في بلادي من سواها)، وكريم العراقي(الشمس شمسي والعراق عراقي) و كاظم اسماعيل كاطع (ما مرتاح.. لأن شفت الشمس نزلت تبوس الگاع)، ثم نستمع لسعدون جابر (يا شمسنا الدايرة مري بهلي). حتى نسخر من أنفسنا إذ نلتذذ بشرب الشاي في درجة حرارة 50 و تحت مروحة سقفية يحركها أمبير اشتريناه لها بعشرة آلاف دينار، بل نسخر حتى من عامل المولدة الاهلية الذي يجلس في غرفة من الجينكو أو البلوك، و يجهزنا بالكهرباء، فوضعه يندرج تحت المثل العامي (نايم،راسه بالفي ورجلينه بالشمس) وإن كان عمله هذا مقابل ثمن. ولا عيب في ذلك، إلا إن واقعنا ساخر في أشد غضبه.
أعود للفيسبوك، منشوران وقفت عندهما اليوم، أحدهما لصديق، نشر مقطع فيديو، وكتب في أعلاه (على عناد الحر..من التراث الجميل)، حين تفتح الفيديو، تسمع اغنية شعبية قديمة كانت تغنيها النساء الريفيات في الأفراح، مستهلها(هلا يرباي ويرباي ليش أنكرتني) ثم تنتظم الدارميات في اللحن والأخريات يرددن بالمستهل بعدها، إلا إن في الفيديو الذي نشره صديقي، يغنون الرجال وأثنان منهما يرقصان في وسط الدائرة، والمغني يزيدهم ويزداد بهما حماسا وهو يردد (هذا الهوه من اهواي يمه ارد اشمه)، ألا تلاحظون أن المغني ذكر الهواء، ويبدو أنه يمثل العاشق الذي يحترق جوفه لحبيبه، مثلما احترق صاحب المنشور، وكتب ساخرا(على عناد الحر).
المنشور الثاني، يقول: إن وكالة ناسا تبحث عن متطوعين للنوم 70 يوم مقابل 18000 ألف دولار. فاستوقفني تعليق أحدهم عليه (والله فكرة تخلص الصيف وهم مستفاد 180 ورقة شتكول اروح). هذا المعلق يريد أن ينام 70 يوم للخلاص من الصيف وللحصول على مبلغ يعينه في حياته، ويشعر أن جلوسه في العراق وتذمره من الوضع والصيف لا جدوى منه، فالهروب إلى النوم أفضل، إضافة إلى أنه نوم بثمن.
هذه المنشورات او التعليقات العراقية تقص علينا وعلى الآخرين ما نعانيه، وهذه المعاناة تدفعنا للضحك بصوت عال، وللكتابة بسخرية، ويعرف ذلك من يتمعن بنا، وهذا ما يدعوني للأعتذار للمتنبي إذا قلت بتصرف:
إذا رأيت نيوب (العراقي) بارزة
فلا تظن إن (العراقي) يبتسم !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب