الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة نتنياهو: تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام

نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)

2019 / 6 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


سياسة نتنياهو: تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام
نبيل عودة

الواقع السياسي الإسرائيلي يعاني من حالة ابتذال سياسي تعاظم مع صعود رئيس امريكي جعل الابتذال السياسي نهجه الدولي، وطبعا لن يجد أفضل من بيبي نتنياهو، وابتذاله السياسي، حليفا سياسيا لنهجه وابتذاله. وبرز هذا الابتذال بأكثر صوره بشاعة، حين صرح نتنياهو في الانتخابات السابقة بأن الباصات تنقل العرب للتصويت، وذلك لحث المصوتين اليهود للتصويت لصد ما ادعاه عن تدفق العرب بالباصات للتصويت، أي لصيانة سلطته الشخصية.
وكان أبرز ما عاشه مواطني إسرائيل من هذا الابتذال السياسي هو ما جرى في الانتخابات الأخيرة، بعد فشله في تشكيل حكومة برئاسته، اوعز لمقربيه ان يطرحوا اقتراح قانون على الكنيست بإجراء انتخابات جديدة، بدل ان يعيد التفويض لرئيس الدولة، وتكليف شخصية غير بيبي نتنياهو لتشكيل الحكومة الجديدة. أي ان ابتذاله السياسي هنا وصل لقمة جديدة برفضه، ما دام قادرا، على ادخل الدولة بدوامة انتخابات جديدة، تكلفتها مليارات الشواكل، من اجل الفوز (حسب حساباته) والعودة لتشكيل حكومة برئاسته، لكن يبدو ان العتمة لا تجيء دوما على قدر يد الحرامي.
استعملت تعبير "الابتذال" وهو تعبير من عالم الأخلاق، لوصف اخلاقيات السياسة الإسرائيلية، التي يفرضها نتنياهو على المجتمع الإسرائيلي. المستهجن أكثر هو ان كل شخصيات حزب الليكود، انخرسوا، كأنهم أطفال في حضانة أطفال يديرها السيد نتنياهو. الأمر الذي سيترك أثره السلبي على كل شخصيات حزب الليكود، حتى الذين يعرف عنهم انهم على خلاف مع بيبي نتنياهو حول مسائل مختلفة. مع مثل تلك الشخصيات لا يمكن بناء سلطة تحترم مواطنيها وقادرة على اتخاذ قرارات مصيرية خاصة في المشاكل الشرق أوسطية وعلى راسها المشكلة الفلسطينية. أي تبنوا الابتذال واخلاقه السياسيه ، وأيضا الابتذال الشخصي، الذي أتوقع ان يقضي قريبا على مستقبلهم السياسي..
يصف فيلسوف الاشتراكية الثوري كارل ماركس الابتذال بأنه " تفاهة الأعمال وعظمة الأوهام"، وهو تماما ما نشاهده اليوم في اللعبة السياسية الإسرائيلية، التي يتصرف فيها نتنياهو حسب مزاجه المتقلب. حيت يجري تحويل المنطق العقلي الى تفكير سوقي مبتذل، والهدف ليس سرا، بل ان يفرض سيطرته من جديد على السلطة، وهو موضوع بات واضحا الهدف منه، الحصول على قرار برلماني يوفر له الحماية من القضايا الخطيرة المتهم بها.
لا أستطيع ان افهم كيف يقبل أعضاء الليكود، تحقير أنفسهم وإبراز ابتذالهم السياسي والأخلاقي، قد يفيدهم هذا الأمر لمرحلة قصيرة قادمة، لكنه سيجردهم من أي مكانة سياسية او أخلاقية يمكن اعتمادها لتشكيل سلطة سياسية نظيفة، بعد التخلص من نتنياهو ونهجه السياسي المبتذل.
ان نهج الابتذال السياسي للفوز بالسلطة، هو نهج مدمر مهما كان شكله ناجحا في مرحلة ما، رغم كل الدلائل التي يحاول نتنياهو ان يجندها لصالح نهجه، الا انها تشير الى ورطة نتنياهو الكبيرة من إعادة الانتخابات، التي فتحت عليه جبهة انتخابية لم تكن متوقعة، خاصة بعودة رئيس حكومة ووزير دفاع سابق، وشخصية عسكرية لها مكانتها في المجتمع اليهودي، وأعني عودة اهرون براك للسياسة، بهدف مركزي أعلنه، اسقاط سلطة بيبي نتنياهو. الى جانب ان قوى أخرى ستزداد حسب استطلاعات الرأي قوتها التمثيلية في البرلمان، وهي ليست محسوبة على نتنياهو، وخاصة القائمة العربية المشتركة التي نأمل ان تعود، والمتوقع ان تضاعف قوة تمثيلها البرلماني، الى جانب قوى أخرى لها حساب عسير مع نتنياهو.
ان نهج الابتذال الأخلاقي في عالم السياسة، يبرز أيضا في الغطرسة السياسية والدوغماتية، والجمود الفكري والعقائدي، وفرض نمط سياسي يحاول ان يبرز كل المنافسين ما دون الأخلاق السياسية، باستعمال اصطلاحات سخيفة وتافهة بحد ذاتها، بإطلاق نتنياهو صفة "اليسار" على كل منافسيه حتى اليمينيين الفاشيين، وكأن اليسار جريمة سياسية، هذه الصفة بمجتمع يفقد تنوره الفكري وتسوده روح عنصرية عدائية لجزء كبير من مواطنيه العرب وللشعب الفلسطيني برمته تلعب دورا ما، خاصة ضد القوى العقلانية سياسيا، من اليسار والمركز، بحيث يجري ايهام المواطنين البسطاء بان ضم الأراضي الفلسطينية التي احتلت بعد 1967 ، وضم مناطق احتلت أيضا من دول عربية(الجولان السوري مثلا) وليس بدون دعم امريكي، بانه هو الأمر الذي سينهض بدولة إسرائيل واقتصادها ومكانتها الدولية، هذا ليس مقامرة، بل مغامرة قد تقود الشرق الأوسط الى انفجار لا احد يعرف مداه واتساعه ودماره على الجميع. ان وصف كل رافض لنهج نتنياهو حتى بقضايا غير سياسية، بانه يسار، أضحى امرا مبتذلا ومثيرا للسخرية. هذه الفظاظة التي يصف بها كل معارضيه بأنهم يسار، هو منطق ليس مبتذل فقط، بل منطق مريض وقمة في التفاهة السياسية.
ماركس سخر في وقته من الابتذال السياسي واجتماعي من البرجوازية الصغيرة، بوصفها بانها سطحية، مواقفها ثرثرة لا رادع لها، تتميز بالتصلف والتبجح والفظاظة في التهجم، ولديها حساسية هستيرية تجاه فظاظة الآخرين في ردهم عليها.
ترى هل كان ماركس يتنبأ بشخصية سياسية جعلت من الابتذال السياسي نهجا مسجلا باسمها بالطابو؟
[email protected]











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس الابتذال السياسي يا نبيل الانحلال السياسي
أفنان القاسم ( 2019 / 6 / 28 - 18:11 )
بنيت مقالتك على مقولة لماركس عن سطحية البورجوازية الصغيرة، بينما نتنياهو ينتمي إلى بورجوازية فاشية مغطاة بانتخابات يديرها التلفزيون الإسرائيلي، بمعنى التلاعب بالناخبين كأحجار الشطرنج، كنت أريد القول كحبات المانجا (!) إنه الانحلال السياسي لكل أعضاء الليكود الذين تراهن عليهم، فهم نسخ طبق الأصل عن بطلهم المنحل، كلهم منحلون...


2 - هواش يتلذذ باعطاء صفر مرتين كلما نشرت مقالا
نبيـــل عــودة ( 2019 / 6 / 28 - 18:13 )

هواش رجل الاطفائية

اقترح رجل الاطفائية محمد أبو هزاع هواش على زوجته ان يكون نظام البيت تماما كما هو في محطة الإطفاء.
-وكيف ذلك؟ سألته.
-عندما ينطلق الصفير الأول نرتدي ملابسنا الخاصة بمواجهة الحرائق. مع اطلاق الصفير الثاني نصعد لسيارات الإطفاء، مع الصفير الثالث تنطلق سياراتنا بأقصى سرعتها .. مع الصفير الرابع نبدأ بمد مواسير الإطفاء وإطفاء الحريق .
-وافقت زوجته ...
-في صباح اليوم الأول بعد اقرار نظام البيت الجديد أطلق صفارته، فخلعت ملابسها. ففعل مثلها. أطلق الصفير الثاني فقفزت الى السرير، فقفز وراءها، اطلق الصفير الثالث فقفزت الى احضانه فعانقها بقوة، اطلق الصفير الرابع فتداخلا بانصهار ..
بعد لحظات تناولت الصفيرة وصفرت بقوة ... تفاجأ الهواش، فقد انتهت الصفرات الأربع؟
- هذا صفير خامس لم نتفق عليه .. ما المشكلة؟ سألها ابو هزاع وهو غارق بأحضانها ..
- النار تشتد اشتعالا وماسورة الإطفاء قصيرة جدا .


3 - الابتذال طريق للإنحلال
نبيل عودة ( 2019 / 6 / 29 - 04:30 )
الواقع السياسي في اسرائيل مستهجن تماما، لا ارى تمايزا بين فئات البرجوازية الاسرائيلية، ربما كون المجتمع الاسرائيلي تشكل عبر الهجرة والسيطرة على الأرض بالقوة ، والتماثل مع القوى الأكثر تطرفا سياسيا واقتصاديا في عالمنا ، قاد لتشكيل برجوازية غريبة الأطوار ، صغيرة او كبيرة لا فرق . السلطة بيد البرجوازية الصغيرة شكليا لكنها تخدم مبادئ السيادة والتحكم للبرجوازية الخنزيرية الاستبدادية في الاقتصاد، وليس بدون شراء ذمم وسياسات شخصيات السلطة من اليسار واليمين. .


4 - الابتذال طريق للإنحلال
نبيل عودة ( 2019 / 6 / 29 - 04:34 )
الواقع السياسي في اسرائيل مستهجن تماما، لا ارى تمايزا بين فئات البرجوازية الاسرائيلية، ربما كون المجتمع الاسرائيلي تشكل عبر الهجرة والسيطرة على الأرض بالقوة ، والتماثل مع القوى الأكثر تطرفا سياسيا واقتصاديا في عالمنا ، قاد لتشكيل برجوازية غريبة الأطوار ، صغيرة او كبيرة لا فرق . السلطة بيد البرجوازية الصغيرة شكليا لكنها تخدم مبادئ السيادة والتحكم للبرجوازية الخنزيرية الاستبدادية في الاقتصاد، وليس بدون شراء ذمم وسياسات شخصيات السلطة من اليسار واليمين. .


5 - لا تعليقاتي ولا ردودك يصلني إشعار بها!
أفنان القاسم ( 2019 / 6 / 29 - 10:35 )
وذلك منذ زمن طويل، فاكتب لرزكار ليحل هذا المشكل التقني...

اخر الافلام

.. الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو يقدمان التعازي -للشعب الإيراني-


.. كيف ستنعكسُ جهودُ الجنائية الدولية على الحرب في غزة؟ وما تأث




.. حماس: قرار مدعي -الجنائية- مساواة بين الضحية والجلاد


.. 50 يوما طوارئ تنتظر إيران.. هل تتأثر علاقات إيران الخارجية ب




.. مقتل طبيب أمريكي في معتقلات الأسد