الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ورشة المنامة بداية المعركة وليس نهايتها

إبراهيم ابراش

2019 / 6 / 28
القضية الفلسطينية


لم تحقق واشنطن كل ما كانت تتمناه من ورشة المنامة ولكنها لم تفشل بالمطلق ،حيث شكلت ورشة المنامة خطوة خطيرة باتجاه التطبيع العربي الإسرائيلي وما بعد المنامة فأي علاقات أو تفاهمات بين الدول العربية وإسرائيل ستمر بدون ضجيج .ومن جهة أخرى فإن الرفض الفلسطيني الرسمي والحزبي والشعبي لورشة المنامة كان مهما ولا شك ولكنه لا يكفي لوحدة لإفشال صفقة القرن ومواجهة المرحلة القادمة التي ستكون أصعب وأخطر .
الوضع الفلسطيني صعب وخطير سواء نجحت الصفقة أو فشلت حيث فشلها يعني استمرار الأمور على حالها وهو وضع لا يقل خطورة عما لو نجحت صفقة القرن ، وبالتالي فإن مَن يعتبر رفضه للصفقة انتصارا أو انجازا أن يُعيد حساباته ويتوقف عن إخفاء عجزه وفشله وربما تواطئه تحت خطاب الرفض .وعليه لا يمكن مواجهة صفقة القرن في ظل الانقسام وإن لم تُنجز المصالحة حالا فهذا معناه أن المُعيق لها ينتظر دورا له في صفقة القرن أو في الأموال الموعودة من ورشة المنامة .
نُدرك جيدا أن الوحدة الفلسطينية لن تستطيع وحدها مواجهة التحالف الأمريكي الإسرائيلي وتواطؤ بعض الدول العربية ،إلا أن المصالحة أو الوحدة الفلسطينية يمكنها تقليل الخسائر وتعطيل الصفقة ومنع مزيد من الدول العربية من التوجه نحو التطبيع ،بالإضافة إلى تغيير نظرة العالم إلى الفلسطينيين ،ونستحضر هنا ترويج كوشنر وغريبنبلات بأن الفلسطينيين لا يستحقون دولة ولا يستطيعوا حكم أنفسهم بأنفسهم ، فالانقسام والاحتراب الداخلي الفلسطيني هو من شجعهم على زعم ذلك .
ما يزيد الأمر صعوبة على الفلسطينيين أنه وبالرغم من عدالة القضية الفلسطينية وقوة حضور فلسطين في قرارات الامم المتحدة ،إلا أن النظام الدولي الحالي لا يقوم على مبادئ العدل والأخلاق ولا على الشرعية الدولية وقراراتها فقط ،بل أيضا على المصالح وحسابات موازين القوى ، والفلسطينيون يفتقرون الآن حليفا استراتيجيا عربيا أو إسلاميا أو دوليا ،ومن تعتبرهم بعض الأطراف الفلسطينية حلفاء استراتيجيين ،مثل تركيا وقطر وإيران ، ليسوا إلا دولا تبحث عن مصالحها وتريد توظيف عدالة القضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها القومية ،وهذه الدول لا تُعاب على ذلك لأن السياسة الواقعية اليوم تُغلب المصالح القومية على أي اعتبارات أو روابط أيديولوجية أو دينية ،بل العيب فيمن يراهن على هذه الدول ويُضخم من دورها طمعا في مالها ولأنها تُغَلب مصلحة الحزب على المصلحة الوطنية الفلسطينية .
ظهريا ،لم تخرج فلسفة ورشة المنامة عن السياق العام لطبيعة النظام والعلاقات الدولية اليوم وهي سياسة تقوم على المال والمصالح ،إلا أن واشنطن والذين اجتمعوا في المنامة أرادوا تجاهل خصوصية الحالة الفلسطينيين ،فالفلسطينيون لا يعيشون في دولة تعاني من أزمة اقتصادية أو دولة فاشلة يمكن حل مشاكلها بالمال ،بل إن الشعب الفلسطيني يخضع للاحتلال ويناضل من أجل الحرية والاستقلال وليس تحسين مستواه المعيشي وهو تحت الاحتلال ،وقد سبق وأن ثار الشعب الفلسطيني على الاحتلال سواء في منتصف الستينيات أو خلال الانتفاضتين 1987 و 200 وبعد ذلك في كل الهبات والانتفاضات وكانت أوضاعهم الاقتصادية مقبولة ، وهذا يؤكد أن الشعب الفلسطيني يثور من أجل الحرية والاستقلال وليس من أجل تحسين مستواه المعيشي وهو تحت الاحتلال .
لقد جرب الفلسطينيون ،منذ أوسلو وتحت وهم السلام والوعود التي تم إطلاقها في مؤتمري مدريد وأسلو والتي لخصها الزعيم الإسرائيلي شمعون بيرس في كتابه (الشرق الأوسط الجديد ،1994 ) ، جربوا تنمية شمولية اعتمادا على ذاتهم ومستلهمين قصص وحالات النجاح الباهرة للفلسطينيين في دول العالم ،إلا أن العائق كان الاحتلال ذاته حيث لا حرية ولا تنمية وازدهار في ظل الاحتلال وغياب السيادة الوطنية وخصوصا السيادة على الأرض والتحكم بالحدود والمعابر وحرية التنقل .
لو كان مؤتمر المنامة يسعى لازدهار الفلسطينيين وتحسين الوضع الاقتصادي لكان على الذين هرولوا لورشة المنامة أن يتساءلوا من المسؤول عن تردي الوضع المعيشي للفلسطينيين سواء في الضفة أو غزة ؟ أليس هو الاحتلال وممارساته وحصاره لقطاع غزة ، نعم قد يتحمل الفلسطينيون جزءا من المسؤولية كالتزام السلطة ببروتوكول باريس الاقتصادي وسوء الإدارة وممارسات حماس وفشلها في إدارة غزة ،إلا أن هذه الأمور ثانوية وكان من الممكن أن تكون هي المسؤولة لو لم يكن احتلال وحصار .
حتى قبل أن ينعقد مؤتمر المنامة فإن مساومات رخيصة وخطيرة كانت وما زالت تجري في الخفاء بين واشنطن وتل أبيب من جهة ودول عربية من جهة أخرى للضغط وابتزاز الفلسطينيين آملين أن يحقق المال العربي ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه بالسلاح والإرهاب .
وأخيرا فإن المعركة ضد صفقة القرن لم تنتهي بورشة البحرين بل كانت هذه الأخيرة هي بداية المواجهة ، ومن الآن تبدأ المعركة التي وإن اقتصرت على خطابات الرفض والتنديد فستكون معركتنا خاسرة . وما يُقلق بالنسبة للوضع الداخلي أنه وبالرغم من أن كل الأحزاب الفلسطينية نددت بصفقة القرن وورشة المنامة واعتبرتهما تصفية للقضية الوطنية ،إلا أنها لم تتداع للاجتماع ولو لمرة واحدة للبحث في استراتيجية مواجهة الصفقة ،وكأن الخطر المصيري الذي تشكله الصفقة أقل شأنا ليستدعي اجتماعا واحدا ،بينما اجتمعوا مئات جلسات المصالحة حين كان الأمر يدور حول تقاسم المغانم والمناصب والسلطة بشكل عام !!!! ،وهذا يُثير شكوكا حول جدية الرفض وجدواه إن اقتصر على الخطاب .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الملك ام الوكيل
ابراهيم الثلجي ( 2019 / 6 / 28 - 18:06 )
شعار المنامة المطروح هو ان توجيه أموال المعونات للاستثمار اكثر جدوى واطول عمرا للفائدة
مثل من ينفق مالا من عوائد راس ماله بدلا ان ينفقه ويعود لمد اليد ابتغاء المعونة والشحدة
شعار جميل لا يختلف عليه اثنان
سياسة الماضي مع قضية فلسطين كانت معونات عن طريق وكالة الغوث وهدم نفسية اللاجيء الفلسطيني وهو يجري خلف شاحنات الوكالة الزرقاء لاستلام الشهرية الغذائية وكان تعليل هذا المشهد المذل ان هذا شعب اساءت له الامبريالية العالمية وحليفتها الصهيونية فوجد هذا الملياردير ان تلك الطريقة ادانة دائمة ومستمرة لفعلة هنري كامبل ومن خلفه بلفور ومن خلفهم نلسون ونيكسون في المسؤوليات عن ماساة فلسطين فقرروا استبدال المعونة بالاستثمار ذات المظهر الاجمل والذي يوحي بالشراكة بدل الإدانة الدائمة انهم سبب الافقار وانهم سبب للنمو الفردي
فقد كانت المعونات تأخذ الطابع الفردي للمجتمع على مستوى المتلقي والوسيط لاهف المعونة فاحد امراء المنطقة وحسب نشرات فورين بوليسي بلغت ثروته ما يزيد عن 80 مليار دولار في 2011 من نهب المساعدات الدولية للاجئين فلسطين عراق لبنان وسوريا
وبالنهاية تبقى البهدلة للامريكان والتصفيق للوكلاء


2 - حماس من افشلت اوسلو وسيدعم صفقة القرن
عبد الحكيم عثمان ( 2019 / 6 / 29 - 13:40 )
اتذكر ان الراحل ياسر عرفات طلب من فصائل المقاومة وخاصة حماس
ان توقف مقاومتها لمدة خمسي سنوات ووعدهم ان لم تحقق اوسلو طموحات الشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقله سيترك لهم الامر او سلوا اعادت الى الضفة من كانت تعتبرهم اسرائيل ارهابين ومنهم عبد الرحيم احمد وغيرهم من قادة المقاومة في الخارج وعاد الى الضفة اغلب عناصر جيش التحرير الفلسطيني وبأسلحتهم وحماس تقاتل من اجل فك الحصار عنها ومطالبهم جلها تضمنتها صفقة القرن وصفقة القرن تظام بقاء حماس كحكومة في غزة ومهيبمنة
فيها
وادعائها انها رافضة لصفقة العصر لذر الرماد في العيون لااكثر

اخر الافلام

.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح


.. مسعود بارزاني في زيارة لبغداد لحل الخلافية بين الحكومة وإقلي




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز ما ورد في مكالمة الرئيس الأمريكي باي


.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يريد استمرار الحرب وجعل غزة مثل الضف




.. العلاقات البريطانية الأوروبية حاضرة بقوة في برامج انتخابات م