الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على قدم واحدة

جدعون ليفي

2019 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


(هآرتس)


علاء الدالي كان بطل غزة في ركوب الدراجات. لقد فاز مرتين متتاليتين في سباق طوكيو. هذا السباق يتم اجراءه في غزة. لا يوجد راكب من غزة نجح في الوصول الى سباق طوكيو في طوكيو. في منزله في رفح الذي جدرانه غير مقصورة، يعرض بطل الدراجات الميداليات والكؤوس التي حصل عليها. وهي تقف بشكل خجل في زاوية غرفته. الدالي لم ينجح في أي يوم في الخروج من قفص غزة ولم يشارك في أي مسابقة باستثناء مسابقة طوكيو في غزة.

لقد اعتاد على التدرب بشكل قاس، 150 كم في اليوم. طول قطاع غزة هو 41 كم، وهو يطويه ذهابا وايابا المرة تلو الاخرى. الدالي يتنفس الدراجات ويحلم بالدراجات وكان يتوق الى الوصول في صيف 2018 الى المسابقات التي يتم اجراءها في جاكارتا وأن يرفع علم فلسطين. في 30 آذار 2018 أنهى التدريب الصباحي وركب دراجته نحو الجدار من اجل المشاركة في مظاهرة "مسيرات العودة" الاولى. لقد وقف على بعد 250 متر عن الجدار ونظر الى ما يحدث. جندي اسرائيلي اطلق النار الحية عليه.

الرصاصة اصابت ساقه. وبعد يومين استيقظ في المستشفى الاوروبي في خانيونس. "شعرت أن حياتي قد انتهت. فكرت بدراجتي وحلمي بأن أكون بطل دراجات"، قال في حينه للباحث من بيتسيلم محمد الصباح. خلال اسبوع تقريبا حاول أبناء عائلته نقله الى مستشفى في رام الله، ربما كان هناك يمكن انقاذ قدمه. اسرائيل منعت ذلك. في 8 نيسان قال له الاطباء في خانيونس أنه يجب بتر ساقه الى فوق الركبة. "سأخرج من هناك بدون ساق وبدون حلم وبدون مستقبل. حياتي ستفقد المعنى"، قال لهم.

الدالي ابن 21 سنة الآن. وقد قام بإزالة دواسة من دراجته وتعلم كيفية قيادتها بساق واحدة. "الدراجة هي روحي"، قال في الفيلم القصير الذي نشرته عنه مؤخرا بيتسيلم. الدالي يستعين بالحائط من اجل الصعود على الدراجة والذهاب لقيادتها في شوارع رفح بمشهد محزن. "الاحتلال حقق غايته"، قال قبل اختفائه بالتدريج.

نحو 138 شاب من غزة فقدوا ارجلهم في المظاهرات بسبب اطلاق قناصة الجيش الاسرائيلي النار عليهم. حسب معطيات منظمة الصحة العالمية، 30 من الاطفال من بينهم. إن منظر 180 شاب مبتوري الارجل معظمهم لم يكونوا مسلحين ولم يعرضوا حياة أحد للخطر هو منظر من الصعب تخيله. منظر 30 طفل مبتوري الارجل هو أمر فظيع بحد ذاته.

لقد كان عدد منهم يمكن انقاذ ارجلهم لو أن اسرائيل لم تمنع ذلك مثلما منعت انقاذ العين الثانية للصياد خضر سعيدي، الذي قام جنود سلاح البحرية باطلاق النار على عينيه وتسببوا بفقدانه لبصره لأنه حسب قولهم تجاوز حدود منطقة الصيد المسموح بها.

اسرائيل منعت انقاذ نظر سعيدي بذريعة أن الامر يتعلق بخطر على الحياة. وبنفس الذريعة الدنيئة ايضا منعت انقاذ ساق بطل الدراجات من رفح.

في الغد مرة اخرى سيذهب الجمهور الى الجدار، ومرة اخرى سيكون هناك قتلى ومصابين. مصير احدهم لن ينجح في أن يخترق جدار الاغلاق الذي لا يصدق في اسرائيل. متظاهرون غير مسلحون، الذين يقتلون بالمئات ويصابون بالآلاف، هم حتى لا يشكلون قصة، سواء سياسية أو اجتماعية أو انسانية. دوافعهم لا تعني أحد، هم ارهابيون.

عندما ننظر الى الشخصية التي تفطر القلب، شخصية الدالي، نرى غزة وهي ترانا. شاب كان له حلم، وهو الامر النادر جدا في غزة. ايضا تم تحطيمه على أيدي الجيش الاسرائيلي. ما الذي بقي له وما الذي بقي لأصدقائه؟ في الغد عندما ستأتي التقارير عن المصابين الجدد سأفكر ببطل الدراجات مبتور الساق من غزة.

عندما يذهب آلاف الاسرائيليون في نهاية الاسبوع في رحلات الدراجات العادية لهم ربما سيفكر عدد منهم بساق الدالي، راكب الدراجات من غزة الذي أراد أن يكون مثلهم، وبحاضره ومستقبله واحتمال أن يكون شيء ما في حياته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج