الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة وسؤال المساواة : الشعار المضلل

الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)

2019 / 6 / 29
مواضيع وابحاث سياسية



بمناسبة اليوم العالمي للمرأة او عيد المرأة كما يحلو للبعض تسميته ولان التسميات والصفات والاعياد وحدهم الاقوياء من يحددونها ويضعون تفاصيلها ومواصفاتها وحتى تاريخها , هذا هو الدرس الاول الذي تبنته الجينالوجيا – العلم الذي يدرس كيف تحدد الاسماء والمسميات تبعا لعلاقات القوى, وليس بناء على اساس منطقي او تعاقدي – المهم ليس المجال لتدقيق في مفاهيم معقدة وذات مرجعيات نظرية تستدعي الكثير من الحذر للاقتراب منها ,لكن الغرض فقط اثارة الانتباه الى ان الكلمات والمفاهيم ليست بريئة ؟ تخفي بقدر ما تظهر !
عيد المرأة وسؤال المساواة : التصور المضلل
كم هو متعسف هذا التحديد الذي تعامل مع المرأة بصيغة المفرد ,كأن النساء يتشابهن ويعشن نفس الظروف ويقتسمن نفس الهواجس و نفس الحلم ولهن واقع متشابه ؟؟ فان نضع كل النساء في نفس الاطار وفي قالب واحد فتلك قصة تذكرنا بحكاية سرير بروكست / التنميط القاتل .( تحكي الاسطورة ان قاطع طريق اسمه بروكست كان يأسر المارة فيقوم بربطهم على سرير بعد ان يسلب منهم ممتلكاتهم, بحيت يجب على المأسور ان يتساوى مع طول السرير بمعنى اذاكان المأسور طويلا قطع حزءا منه وان كان قصيرا يقوم بتمديده حتى يتناسب مع السرير ليقوم بجريمة القتل.
فكل تعميم هو قتل رمزي كما اشار الى ذلك السوسيولوجي الفرنسي بيير بورديو مما يفرض التفكير في موضوع المرأة داخل سياقات متباينة بدل التفكير المجرد والمتعالي عن واقعها وثقافتها وظروفها الخاصة والعامة
فالحديث عن المرأة بصيغة المفرد هو حديث مضلل ومخادع, لانه يخفي اكتر ما يكشف . لذا سيكون من باب الحذر التفكير في الموضوع بمنطق مغاير,او ان شئنا نستعيد نبرة المفكر الالماني مارتن هيدغر ونعيد طرح السؤال التالي ماذا يخفي مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة ؟
وسيكون من المفيد اعادة قراءة شعار المساواة بين الرجل والمرأة في اطار مغاير من خلال اعادة تحليل علاقة ادم بالمراة / من خلال نموذجي : ليليت او حواء وهما اطاران متغايران يتيحان فهم طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال :
- علاقة الصراع عبر نموذج ادم / ليليت
-علاقة التكامل عبر ادم / حواء
اولا: علاقة الصراع
بحسب القراءة اليهودية فليليت كانت الزوجة الأولى لآدم ,قبل ان تخلق حواء فهي المرأة الاولى التي خلقت مع آدم من الأرض/ اشارة الى التساوي في الاصل وفي زمان النشأة ولكنها لم ترض بسيطرة آدم وطالبت بالمساواة معه مساواة مطلقة , ولا سيما فيما يرتبط بفعل الانجاب حيت طالبت بالتناوب , هو ينجب مرة وهي تنجب مرة حتى تحافظ على رشاقتها وانوتثها / الامومة امر ثانوي وهو مايفسر الدعوة الى الحق في الاجهاض ؟؟؟
بحسب الرواية اشتكى ادم الى ربه من جبروت ليليت لاجبارها على الخضوع له , سلطة الرجل على المرأة هي سلطة باسم الدين, وليست سلطة ذاتية . لكنها / ليليت فضلت الهروب والتمرد بدل الخضوع, وأصبحت معشوقة الشيطان فوصفت بالمراة المتمردة والعاشقة للحرية والباحثة عن المساواة, حتى لو كان ذلك سببا في لعنتها وخروجها عن الدين وغضب الله / الرب عليها.
لذا سميت كذلك بقاتلة الاطفال لانها ترفض الانجاب وتعادي طبيعتها كانثى ,ويمكن بسهولة رصد حضور هذه الخلفيات في توجهات الحركات النسائية من خلال وقائع كثيرة منها :
-معاداة الاديان و التشكيك في صحتها ، مثلا في العالم الاسلامي العربي , بعض الوجوه النسائية من تعتبر ان الفقه الإسلامي وهو فكر ذكورى، يسوغ سيطرة الرجل على المرأة من خلال منطق القوامة
- معاداة كافة القيود الأخلاقية والاجتماعية المحيطة بالمرأة ، والدعوة الى حق المرأة المطلق في ممارسة الجنس كما تشتهي ، ورفض مؤسسة الزواج و الحق في الإجهاض. والدعوة الى السحاقككمارسة جنسية للتخلص من سلطة الرجل ؟؟
-المطالبة برفض أوضاع المرأة المرتبطة بتركيبها الهرموني ، ومن ثم ضرورة تغيير مجموع العلاقات بين الجنسين داخل الأسرة , وهو الامر الذي اكدته الباحثة والمفكرة الفرنسية سيمون دي بوفوارحيت اكدت ان :”لا يولد المرء امرأة ، بل يصير كذلك” اشارة الى ان الاختلاف بين الرجل ولمراة ليس اختلافا بيولوجيا, وانما هو نتيجة تنشئة اجتماعية واستعباد اجتماعي للمرأة . لكن دون ان نسقط في مشكل التعميم لان هناك حركات نسائية متعددة منها من طالب بتحقيق العدالة الاجتماعية الناتج عن الظروف الصعبة التي تعيشها المرأة وحالات التهميش داخل المؤسسات الاجتماعية والانتاجية, بهدف توسع فرص التعليم والمساواة القانونية، وحقوق المرأة الضائعة.
فالخلفية الدينة لهذه الحركات النسائية تستند الى مرجعية دينية او على الاقل تتغذى من رمزية ليليت المرأة الثائرة والمتمردة ,حيت تعتبر هذه الحركات ان التراث الديني سواء اليهودي والمسيحي والإسلامي ينظر الى المرأة، باعتبارها أصل الخطيئة؛ لأنها هي التي أغرت آدم بالخطيئة عندما أكلت من الشجرة . وبالتالي هي المسؤولة المباشرة لنزول ادم من الجنة ؟؟
اسطورة ليليت في بعدها الرمزي تعكس الاطار الاسطوري والعقائدي الذي تستند عليه الحركات النسائية الداعية الى التحرر والمساوة وعدم الخضوع لقانون الطبيعة وبالتالي التمرد والعشق والتيه في عوالم الحرية .
استناذاالى الاسطورة ان ليليت ستتحول الى انتى قاتلة ومنتقمة من الرجل عبر فعل الغواية والإثارة ,كما الامر الذ ي يفسر اعتماد مجموعة من النظريات في التحليل النفسي الى اعتماد هذه الاسطورة لتفسير سادية الاتثى واستمتاعها بتحقيق سعادتها عبر فعل الغواية والغنج كفعل موجه ضد الرجل / تحقيق المتعة عبرا لحاق الاذى بالاخر /الرجل .
ألاسطورة وظفت بشكل مكثف ورُوّج لها بغرض تأكيد سلطة الرجل ومن ثمّ تهميش دور ومكانة المرأة / ليليت فكان رد فعلها طبيعيا بهدف تحقيق المساواة عن طريق الانفصال / الطلاق ,وهو الامر الذي نصادفه في واقعنا اليومي من خلال استقراء حالات الطلاق حيت الرغبة في الحرية وعدم الخضوع ,حيت يكون هوالسبب المباشر المنشئ لفعل الطلاق .
ويمكن فتح قوس بسيط لاثارة انخراط النقاش السياسي بالمغرب في هذا الموضوع والذي تبلور في شكل حركة سياسية وظفت فيها الشوارع انتهت بالمصادقة على مدونة الاسرة, والتي انتصرت للتيار النسائي من خلال التنصيص على مطالب المساواة ,والتي جاءت صريحة مناقضة لبعض مبادئ الدين الاسلامي.
ثانيا : علاقة التكامل
بالعودة الى سياق واطارالاسطورة فادم اشتكى الى الله / الرب من بطش وقوة ليليت وعدم خضوعها له ,فخلق له حواء / الاحتواء كجزء منه بديلا عن ليليت التي طردت من الجنة عقابا لعدم امتثالها . فحواء هي جزء من ادم وقوتها ليست في نديتها وانما في خضوعها وتكاملها معه وهو الامر الذي يمكن استنباطه بسهولة وبسرعة من اسس الفكر الديني الاسلامي حيت طاعة الزوج امر مقدس و يجب على الاننثى / حواء الامتثال له مصداقا لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ما معناه لو لو كان يحق ان يسجد لغير الله لامرت الزوجة ان تسجد لزوجها. بهذا يصبح خضوع الزوجة/ المراة لزوج فعل عبادة وشرط لدخول الجنة.
بالمقابل تكون نتيجة الندية و المساواة التيه و الطرد واللعنة ,ويمكن الاستئناس في هذا السياق بالقصة التي وقعت للصحابية أسماء الانصارية والملقبة بـ”خطيبة النساء”، والقصة مضمنة بمؤلف ” أُسد الغابة ابن الأثير حيت يقول ” أتت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، وهو بين أصحابه فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة فآمنا بك. وإنّا معشر النساء محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعدُ بيوتكم ومَقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فُضِّلتم علينا بالجُمَع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنّ الرجل إذا خرج حاجّاً أو معتمراً أو مجاهداً حفظنا لكم أموالكم وغزلنا أثوابكم وربينا لكم أولادكم. أفما نشارككم في هذا الأجر والخير؟.. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كلِّه ثم قال: ((هل سمعتم مقالة امرأة قَط أحسن من مساءلتها في أمر دينها من هذه؟)) فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها فقال: ((افهمي، أيتها المرأة، وأَعْلِمي مَن خلفك من النساء أنّ حُسْنَ تبعُّلِ المرأة لزوجها وطلَبها مرضاته واتباعَها موافقته يَعْدِل ذلك كلّه)). فانصرفت المرأة وهي تهلّل.
هذا مجرد تأمل في عيد المرأة الاممي اسما فقط , وهي قراءة لم تستحضر العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لضهور الحركات النسائية سواء المتطرفة او المعتدلة وحتى الالحادية, فالتأمل استحضر فقط الاطار الميتودولوجي الديني والحركات النسائية هذا لا يعني هامشية العوامل الاخرى ؟ غير ان السؤال المهم ليس سؤال المساواة او الحرية لكنه سؤال العدل والكرامة والانسان في شموليته, وكل تجزئي وتقسيم يكون في صالح المجزيئ لان الازمة لا تنبع من اختلاف الجنس بين الذكر او الانثى ولكن الازمة في استغلال الجنسين معا من طرف جهة معينة بمعنى الجهد ينبعي ان يتمحور حول تحرير الانسان لا تجزيئه الى ذكر وانثى .
على سبيل الختم سألت احد اصدقائي من تفضل نموذج حواء المرأة الطائعة ام ليليت المتمردة والقوية فكان جوابه صادما انه قبل الزواج يفضل ليليت وبعده يريد حواء جواب يؤشر على معادلة معقدة تطرح اكثر من اشكال وهل المرأة قادرة على التحول من لييلت الى حواء ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا