الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيبُ عيونٍ حسيرُ بصر

أمير بالعربي

2019 / 6 / 30
الادب والفن


(أوضح الحقائق وأسهلها إدراكا , أصعبها اكتشافا .)
********


كما هي العادة معي .... قالت أنها تحبني ولا ترى أحدا غيري , وزادت أنها تريد إمضاء بقية أيامها بين أحضاني .... وكنت أسمع ولا أجيب , وجهي فهمت منه أنه تأثر بكلامها ولم أمانع فهمها , لكني مع كل كلمة كنت أسمعها كنت أتذكر غيرها ... كم سمعت هذه الأسطوانة , وكم كنت مغفلا عندما أطربتني عند بدايات رحلتي مع النساء .
هذه الأخيرة لم تكن جميلة , وقد تعمدت ذلك رغبة مني في الابتعاد عن الجنس ...
في البدايات , خُيل لي أني أحب لكن الحقيقة كانت أني أحب الجنس . لا أخجل من قولي هذا , لأنه الحقيقة التي لا ذنب لي فيها , وددت كثيرا من الأحلام معهن لكنها كانت مجرد أوهام فرضيت بنصيبي ...
لكني ثرت عليه وتجرأت على التغيير مع هذه الأخيرة ... مؤلم أن تكون الفاعل الوحيد وأن تظن من معك أنها تساهم بشيء ... لكنها الحقيقة التي , عندما تعي أنها لن تتغير وترفض ذلك القضاء الجائر , تتألم في ركنك دون أن يسمع بمعاناتك أحد ولا رغبة عندك أن تشكو لأحد , فلا أحد سيستطيع مواساتك والتخفيف عنك ... سرطان ينهش جسدك وسيفنيك بعد أشهر , ما قيمة دموع إحداهن أو كلمات أحدهم ؟ ما لم يقدم أحد العلاج الذي سينقذك , سيبقى كل ما سيصدر عنهم مجرد أوهام قد تفيد غيرك لكنها لا جديد ستضيف لك .
هذه الأخيرة , كانت عذراء كجل من سبقنها , قالت أنها صانت ذلك لي ... كانت تقصد "رجل حياتها" الذي معه ستعيش كل شيء , كل ما فاتها ...
غيرت الموضوع بسرعة لأهرب من ماضيّ المؤلم ولأجد لها مكانا , لو لم أفعل لتقيأت في وجهها ولتفلت على وجودها برمته ! كم أهزأ من ثقافة الذل تلك وكم تشعرني بالقرف , وكأني طلبت منها أن تصون لي شيئا أو كأن ذلك الشيء يعني لي شيئا أصلا !
نعم , هربت من الحقيقة ... مجرد بائسة حمقاء كأغلب بنات جنسها , وليست جميلة زيادة على ذلك ! ليتها فهمت حجم التنازل الذي قمت به عوض أن تردد على مسامعي نفس الأسطوانة البالية التي جعلت مني لا أرى شيئا في عالمهن غير قضاء حاجة ملعونة لو كان بيدي كنت استأصلت الرغبة فيها ... كنت استطعت تجنب المعاناة التي أعيش منذ زمن !

ولأجبر نفسي على القبول بها , قدّمتها لأختي ...
أختي كابوس رهيب , كثيرا ما تمنيت الخلاص منه , لكن ما باليد حيلة !
قالت لي مرة أني أستطيع انكار كل العالم لو أردت إلا هي , قالت أني حتى لو أنكرت أنها أختي أمام الناس فستثبت ذلك غصبا عني , وتكلمت عن الجينات ...
"كل العالم" أي كل العائلة وأولها الوالد والوالدة , أختي معي في انكار تلك العائلة لو أردت , فهي لم ترض يوما أن تكون نبتت من تلك المرأة الأمية ومن ذلك الفلاح الجلف المتخلف ... كما تعلم , أختي بيولوجية قريبا ستحصل على درجة الدكتوراه , لم تقل لي ذلك لكني متأكد أنها ستخجل من الوالد والوالدة يوم مناقشة أطروحتها , تقول أن الفلاحة تُشم على بعد كيلومترات منهما وهي اختصاصية مختبرات ... الصناعة التي تحتقر الزراعة وتصفها بالتخلف وبضعف الإنتاج وبقلة جدواه , هكذا هي أختي .
لا أهتم كثيرا لرأيها , ولا أستطيع القول أني في صفها , كذلك لا أستطيع الجزم أني في صفهما ... أشعر ببعض الحنين لذلك الريف لا أنكر ذلك , لكني لا أراه في أحلامي ! وليس من مشاريعي الحياة فيه ... مجرد مكان أنعزل فيه عن العالم عندما أختنق , وعدة ذكريات طفولة بائسة مع أختي لا غير . أختي التي تعترف للوالد والوالدة بفضيلة لم تجد لها تفسيرا ! لا تزال تستغرب كيف أفلتا من ثقافة التكاثر الحشري وكيف كانا الزوج الوحيد الذي شذ عن المألوف في عائلتنا الكريمة الموسعة , أقل زوج انجابا أنجب خمسا فكيف اكتفيا باثنين ؟ أمر غريب لم تجد له تفسيرا , لكنه سرها , ولا أنكر أنه سرني أيضا ... حقيقة , لا أستطيع تخيل وجود أخت أخرى أو أخوات أو أخ أو أخوة , أظنني كنت سأهجّ من البلد لو حدث ذلك !
غضبت أختي يوم قلت لها أن المرأة التي أريد لا توجد إلا في خيالي , وغيرها أراهنّ قضاء حاجة لا غير . أختي نسوية نشطة لا تزال تنكر أن وجودها كله التغلب على كل رجال الأرض ولم لا إفناؤهم عن بكرة أبيهم , أظنها لو استطاعت لن تترك أحدا غيري وابنها .... حتى زوجها المسكين الطيب لن ينج من تبعات نسويتها .
وبعد اطلاعها على بعض تفاصيل علاقاتي السابقة , اشترطت أختي ألا أقدّم لها إلا من أراها علاقة ستدوم ... قالت أنها لا ترضى بإهانة النساء وبمعاملتي المشينة لهن , وعندما قدّمت لها الأخيرة تظاهرت بالسعادة أمامها لكنها بعد ساعات اتصلت بي لتقول أنها ليست جميلة ولتستغرب من الذي طرأ على ذوقي ... ضحكت واتهمتها بتسليع النساء , وبأنها تحمل فكرا بدويا ذكوريا أكيد ورثته من جينات السيد الوالد , فقطعت الاتصال ولم تجب .
تعرف , الحقيقة ذكريات طفولتنا لم تكن بائسة ... كنا نتعارك كثيرا , لكن البسمة كانت لا تغيب عنا . أحن كثيرا لتلك الطفولة ... كانت دائما المبادرة بالعصيان والتمرد على السيد الوالد والسيد الوالدة , وكنت أتبع خطواتها , وحتى عندما يُمسك بنا وأعترف أنها كانت العقل المدبر وتُعاقب , كانت تغضب مني لكنها كانت تعود بسرعة بفعلة جديدة وتنسى أني وشيت بها .

قاطعني ....

- من المفروض أن القصة تخص الحبيبة الجديدة لا أختك , هذه المرة سأقاطعك لأني لو تركتك ستمضي الليلة تتكلم عن أختك كسابق عهدك .
- ماذا تقصد ؟
- أقصد أني أستغرب كيف تكون طبيبا ولم تفهم إلى اليوم حقيقة مشكلتك مع النساء ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف نجح الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن طوال نصف قرن في تخليد


.. عمرو يوسف: أحمد فهمي قدم شخصيته بشكل مميز واتمني يشارك في ا




.. رحيل -مهندس الكلمة-.. الشاعر السعودي الأمير بدر بن عبد المحس


.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام




.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد