الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان ومستقبل ثورة اندلعت!

محسن كريم

2019 / 7 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



ليست الثورة عموماً نتاج برنامج خططت له الاحزاب والساسة والطبقات، بل نتاج تغييرات واقعية ومادية في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية للجماهير الكادحة والمضطهَدة بحيث تبلغ جملة افعال وممارسة سياسية تكون نتيجتها تغيراً في اوضاع وواقع الحياة والمعيشة.. ان الثورة هي نشاط سياسي وممارسة ثورية للجماهير العمالية والكادحة والمضطهَدة، جماهير لاتريد ان تقبل بالاوضاع القائمة. وعلى هذا الاساس، تحل في الميدان بهدف التغيير. من جهة اخرى، تعجز الطبقات العليا والحكومة وسلطتها عن مواصلة ادارة المجتمع بالاسلوب القديم ذاته، وتواجه ازمة سياسية.
ودون شك، ومثلما يقول لينين، لايمكن ان تندلع ثورة دون ان تتوفر اوضاع ثورية. بيد انه ليس شرطاً ان يؤول اي وضع ثوري الى ثورة.....
اذ يقول لينين:
"لايشك اي ماركسي بان الثورة هي امر مستحيل دون توفر وضع ثوري. زد على هذا، ليس شرطاً ان يؤدي وضع ثوري الى ثورة. ماهي علائم الاوضاع الثورية اجمالاً؟ لانخطأ بالطبع ان ذكرنا العلائم الثلاثة ادناه:
1/ حين تعجز السلطة بصورة تامة عن صيانة سلطتها والحفاظ عليها دون ان تجري تغييرات ما، حين تنشب بطريقة ما ازمة داخل "الطبقات الحاكمة"، ازمة في سياسة الطبقة الحاكمة، بحيث يكون سبب احداث شرخ ينفجر في ظله غضب الطبقات المضطهَدة واحتجاجها. ولكي تندلع الثورة، لايكفي ان لاترغب "الطبقات المضطهَدة" ان تعيش وفق الشكل السابق، بل من الضروري ان تكون "الطبقات العليا" عاجزة عن العيش بالشكل السابق.
2/ حين تنمو وتتطور آلام الطبقات المضطهَدة وامالهم اكثر من الاوقات العادية.
3/ وحين، جراء الاسباب اعلاه، تتعاظم نضالات الجماهير بصورة كبيرة، وان تلك الجماهير التي تسمح دوماً في "وقت السلم" ان يتم استفزازها اكثر، ولكن ابان اندفاعاتهم، تدفعهم كل من وضعية الازمة و"طبقاتهم الحاكمة" صوب نضال تاريخي مستقل.
وفقاً لهذا التغيير الموضوعي، المستقل عن ارادة لا الجماعات والاحزاب، بل طبقاتهم، فان الثورة، وكاساس عام، تكون امراً مستحيلاً....
ان مايحدث في السودان هو وضع ثوري. لايريد الاسفل ان يعيش كالسابق، وليس بوسع الاعلى ان يعيش كالسابق! ازمة عميقة تنشب اظفارها في الهيئة الحاكمة في السودان. انخرطت الجماهير، وبالاخص الجماهير العمالية والشباب والنساء، بصفوف عريضة في نضال عريض وتاريخي، وهي اكثر راديكالية ان قارنّاها بثورات مصر وتونس. بمعنى ادق، ثمة ثورة، ولكن هل تنتصر ام لا؟ ان هذا مرهون بعوامل اخرى. عامل التنظيم السياسي للطبقة العاملة وقيادة حزب ثوري وشيوعي ومستعد للقيام بالانتفاضة!
ان نقطة ضعف مجمل ثورات الجماهير المحرومة والكادحة في المرحلة السابقة، في اواخر القرن المنصرم وبداية القرن الحالي، في الشرق الاوسط (ومن ضمنها ثورة ايران) هي كونها ضعيفة من حيث التنظيم الطبقي والتنظيم الحزبي الشيوعي وتفتقد للقيادة.. وعليه، عجزت عن النصر، وتمكنت البرجوازية من قمعها او اجهاضها!
ان هذا الخطر ماثل بقوة امام الثورة السودانية. واذ بدأت الان قوى الثورة المضادة البرجوازية بشن ضرباتها من اجل قمع الثورة وكثفتها، بينت نقيصة الثورة هذه عن نفسها اكثر من مجمل الايام والاشهر السابقة! في الوقت الذي على الجماهير ان تتسلح الان بوجه قوى الثورة المضادة للبرجوازية، في المدن والاقضية والمعامل والمؤسسات الحكومية وفي كل مكان من اجل لجم هجمة الثورة المضادة، لم تبرز وتظهر قوة تكون قائد هذه المرحلة في الثورة! على الجماهير ان تتسلح كي تحول دون سحق الثورة، كي تحول دون تحويل السودان الى سوريا او يمكن او ليبيا اخرى، تحول دون ان تنتزع الثورة المضادة للسلطة باسم الثورة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم


.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني




.. أنصار الحزب الاشتراكي الإسباني وحلفاؤه بالحكومة يطالبون رئيس


.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي