الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعاونيات أداة للحرية والسلام والعدالة وبناء سودان أفضل حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب - بمناسبة الإحتفال بالذكري ال 25 لليوم العالمي للتعاونيات والذي يوافق اليوم السبت 6 يوليو 2019

محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي

2019 / 7 / 5
الادارة و الاقتصاد


التعاونيات أداة للحرية والسلام والعدالة وبناء سودان أفضل
حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب
بمناسبة الإحتفال بالذكري الـ 25 لليوم العالمي للتعاونيات والذي يوافق اليوم السبت 6 يوليو 2019
محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
خبير التعاونيات ومدرب معتمد كلية التعاون البريطانية – مانشستر – بريطانيا
مستشار/ التعاونيات والتنمية المستدامة والتدريب وبناء القدرات
مدير أكسفورد للاستشارات والتدريب – أكسفورد – بريطانيا
مبادرة مشروعي التعاوني لتأسيس وأنشاء وإدارة التعاونيات الأنتاجية المتعددة الأغراض المستدامة للتخفيف من حدة الفقر وتهيئة سبل العيش الكريم
مقدمة
يحتفل التعاونيون في كل أنحاء العالم هذا العام بالذكري الـ 25 لليوم العالمي للتعاونيات، والذي يصادف السبت الأول من شهر يوليو من كل عام، والذي يوافق اليوم 6 يوليو الحالى، ويأتي أحتفال هذا العام 2019 تحت شعار " تعاونيات من أجل العمل اللائق" ، بتسلط الضوء علي العمل اللائق بإعتباره آلية أساسية للإدماج والعدالة الاجتماعية، فالعمل اللائق حقيقة واقعة للجميع وضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ويرتبط موضوع هذا العام بالهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة بشأن " تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، والعمل الكريم للجميع". ويصادف الاحتفال هذا العام الذكرى الـ96 لإنشاء اتحاد التعاونيات، حيث يبرز تقدير دول العالم لاستدامة التعاونيات وقدرتها على التكيف من خلال قيمها ومبادئها وهياكل حوكمتها، فضلا عن اهتمامها بالمجتمعات المحلية. نحن الآن نؤكد علي شعارات الثورة السودانية حرية سلام وعدالة وربطها بالتعاونيات والهدف من هذا الاحتفال السنوي لإذكاء الوعي بالتعاونيات، وتوكيد ذلك من خلال إبراز مساهماتها في حل المشاكل الرئيسية التي تتصدى الأمم المتحدة لحلها، ولتعزيز الشراكات وتوسيعها بين أطراف الحركة التعاونية الدولية والجهات الفاعلة الأخرى، وهو أحوج ما نكون له نحن في السودان في ظل حكومة الوفاق الجديدة. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت بموجب قرارها 47/90 في ديسمبر 1992، الاحتفال بأول سبت من شهر يوليو من كل عام بوصفه اليوم الدولي للتعاونيات، ونص القرار على أن الجمعية العامة تعلن أول يوم سبت من شهر يوليو 1995 يومًا دوليًا للتعاونيات، احتفالًا بالذكرى المئوية لإنشاء الحلف التعاوني الدولي ووقع الاختيار على هذا التاريخ للاحتفال بهذا اليوم حتى يتزامن مع اليوم الدولي للتعاونيات الذي يحتفل به الحلف التعاوني الدولي منذ عام 1923.
التعاونيات وشعار الثورة السودانية حرية سلام وعدالة
حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب، هذا الشعار العملي الملهم يتوافق مع شعار " تعاونيات من أجل العمل اللائق" ويؤكد بأن المجتمع السودانى الآن فى حاجة ماسة الى حركة تعاونية قوية فعالة، وأن وحدات الحركة التعاونية بكافة أنشطتها، أصبحت أمام حاجة ملحة لاعادة هيكلتها وتطوير تشريعاتها وأساليب نشاطها وتبنى بدائل تمويلية جديدة لهذه الأنشطة، وبذلك يصبح الشعار أيضا: حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب. ونحن نحتفل باليوم العالمي للتعاونيات نؤكد بأن الحركة التعاونية السودانية تحتاج لثورة في المفاهيم وتطبيق العديد من السياسات والبرامج والأطر التنظيمية والتشريعية الملائمة، وتنمية قدراتها البشرية الشعبية والرسمية التنفيذية بما يمكنها من التحرك بتنافسية مع القطاعات الاخرى لخدمة المجتمع السوداني وتحقيق طموحاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا للشعار الملهم: "حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب" عبر إستراتيجية فاعلة للحركة التعاونية السودانية.
على الرغم من أن التراث السوداني بعاداته وتقاليده و أعرافه العريقة السمحة يجسد في بقاع السودان المختلفة صورة حية وناصعة لصور التعاون والعون المتبادل، والمساعدة الذاتية و الاعتماد على النفس، بصورة حققت الكثير من الفوائد والأهداف الاقتصادية والاجتماعية للأفراد والمجتمع، إلا أن التعاون في شكله الحديث ( نظام اقتصادي واجتماعي يضم عدداً من الوحدات الاقتصادية المرتبطة يبعضها البعض والقائمة على أساس مبادرات شعبية طوعية وفقاً للأسس الديمقراطية) أخفق إلى حد كبير في تحقيق أهدافه المعلنة. وصاحب ذلك الإخفاق الكثير من المشاكل المتراكمة منذ العهد الاستعماري وفي ظل الحكومات الوطنية المتعاقبة لنواجه اليوم بأزمة تعاونية مستفحلة تحتاج لتضافر جهود التعاونيين والدولة على السواء لمواجهتها والخروج منها .أهم أسباب هذه الأزمة طمس "الهوية التعاونية" لقصور وتراجع دور الحكومة في علاقتها بالحركة التعاونية علي مر العهود ، ففي العهد المايوي كان واضحاً وجلياً إن اهتمامها بالتعاون لم يكن من أجل نهضة وتطور الحركة التعاونية باعتبارها نظام شعبي، ديمقراطي حر، حيث قامت الحكومة بإلغاء قانون التعاون لعام 1973م الذي تميز بكثير من المزايا والافضليات واستبدلته بقانون 1982المجحف. في رأينا هذا التراجع يمثل نقطة البداية لانهيار الحركة التعاونية السودانية والذي ساهمت فيه حكومة الانتفاضة وحكومة الديمقراطية الثالثة،ثم أنقضت "الإنقاذ" بشراسة على البقية الباقية محاولة اغتيال الحركة التعاونية وإضعاف هويتها مع سبق الإصرار والترصد.
هذه محاولة لتجسيد شعارات الثورة "حرية سلام وعدالة" وربطها بالحركة التعاونية العالمية وأهدافها عبر آليات العمل التعاوني وتتطبيقاته العلمية وفقا للأسس والقيم والمبادئ التعاونية العالمية "حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب" ولايكون ذلك إلا بتنمية الوعي التعاوني، وبالتخلص من الآثار السالبة والمدمرة لتدخل الدولة السافر في أخص وأعمق شئون العمل التعاوني وهويته، بقرارات سياسية متعارضة ومتضاربة مع الرأي الفني والعلمي مما كان له سود العواقب علي الحركة التعاونية السودانية. هذا التدخل السافر سمة ملازمة لكل الحكومات السودانية علي تفاوت فيما بينها، وكان أشد سفورا وشراسة وضراوة في عهد "الإنقاذ" في محاولة بائسة ويائسة لاغتيال الحركة التعاونية السودانية معنويا وماديا باستهداف هويتها ومقوماتها ومكتسباتها، وذلك بإضعافها وتفتيتها وبالسطو علي مكتسباتها وتحويل مهامها الي منظماتها الإنقاذية ، وتشريد الكفاءات الديوانية والشعبية ، وتسليم دفة الأمور إلي غير أهلها من خلال لجان التسيير المعينة في مخالفة واضحة وسافرة لكل الأعراف والمواثيق والأسس والمبادئ التعاونية المعروفة والمعمول بها عالميا. كان من المؤمل أن يكون البنيان التعاوني حلقة هرمية تتمدد عضويته في سلسلة متصلة، تشكل صورة مكتملة للحركة التعاونية السودانية تهدف لخدمة العضوية التعاونية ولكن ذلك لم يحدث إلا علي الورق فقط، ولم تستطع القيادة التعاونية الشعبية في قمة هرم البنيان التعاوني من رعاية التعاونيات وبخاصة التعاونيات الإنتاجية الزراعية والحرفية والنسوية. هذا الإخفاق البين في الأداء يرجع بصورة أساسية لتسلط الحكومة وتوهان "الهوية التعاونية" إلي جانب ضعف الكفاءات القيادية التعاونية الشعبية والرسمية، خاصة بعد عام 1990،حيث تربعت جل هذه القيادات علي دفة العمل التعاوني بدون الانتخابات التعاونية والديمقراطية المعروفة، تنفيذا لقرار المجلس العسكري لحكومة الإنقاذ رقم 34 بتكوين (لجان التسيير) حيث لا تزال معظم هذه القيادات في مكانها منذ ذلك التاريخ وحتى تاريخه.
الوضع الراهن للتعاونيات في السودان
يواجه القطاع التعاوني والمتمثل في حولي 9 آلاف منظمة تعاونية ، بالعديد من المشاكل والمعوقات التى تؤثر على فعالية هذا الاسهام، نتيجة لعوامل داخلية تتعلق بالتعاونيات وتتمثل في غياب الديمقراطية والفساد، مع وجود عوامل خارجية أهمها إهمال الحكومة وفرضها وصايتها على التعاونيات ووضع العقبات فى طريق نموها الى غير ذلك من المشاكل التى تواجه هذه التعاونيات. كان ومازال موقف الدولة من التعاون إصدار التشريعات المناهضة للتنمية التعاونية( قانون الضرائب، قوانين الجمارك، الرسوم المختلفة، أصدار القرار الرئاسي 34.. إلخ ) ثم إلغاء الاعفاءات والمزايا، ووجود العديد من القيود التى ترد فى التشريعات التعاونية ذاتها على استقلال وحرية التعاونيات. أضافة الي مصادرة ممتلكات التعاونيات وأصولها بداية من المركز القومي لتدريب التعاونين وانتهاء بمقرات ومخازن الجمعيات ودون تعويض، ومرورا بمساهمة الحركة التعاونية فى رأسمال بنك التنمية التعاوني الأسلامي والذي فقدته الحركة التعاونية السودانية. أيضاعدم الاستجابة لرغبات التعاونيين فى إصدار التشريعات المناسبة التى تضع الاطار التشريعى لانطلاقه تعاونية وتضمن العلاقة بين التعاون وأجهزة الحكومة، أكد الهيمنة الحكومية على المؤسسات التعاونية وسيطرة جيوش الموظفين على الهيئات التعاونية وتوجيه أمورها، وهى كلها مواقف سلبية عن موقف سلبى تأخذه الدولة من التعاونيات ولا تريد فتح ملفها لعلاج أوجاعه. بالأضافة الي سيادة ثقافة تعاونية رسمية وشعبية معوقة للتطور التعاونى حيث يمتلك متخذي القرار في قمة أجهزة الدولة، والموظفون والجمهور، وحتي بعض القيادات التعاونية، مع الأسف الشديد، تصور خاطئ عن التعاون يخلط بينه وبين المؤسسة الحكومية غير الناجحة ، وحتى وقت قريب كان الاعلام الرسمى يساعد أيضا فى هذا الاتجاه وقد أدى هذا الى ضعف الثقة فى الفكرة التعاونية وفى المنظمات التعاونية. أضف الي ذلك وجود هياكل تنظيمية وإدارية غير متوازنة أصابها الجمود فى الكثير من المنظمات التعاونية بالاضافة الى عدم وجود أى نظم إحصائية أو قواعد بيانات يعتمد عليها فى ادارة وتخطيط هذا القطاع، وضعف أنشطة التدريب والتثقيف التعاونى وشكليتها، مع غياب المصادر التمويليه المناسبه التى تواجه التعاونيات من خلالها تزايد أعبائها المالية من نفقات جارية واستثمارية مع تقلص حجم مواردها وإلغاء معظم المزايا التى كانت تتمتع بها فى السابق، مع تأثر التعاون بالتحولات التى حدثت فى السياسة الاقتصادية بوجه عام والزراعية بوجه خاص. كما أصاب التعاونيات ما أصاب كل قطاعات المجتمع من ضعف فى الانتاجية وسيطرة البيروقراطية والفساد وتغليب المصالح الفردية على الصالح العام، وقد أدى تفشى ذلك كله الى عزوف الاعضاء عن المشاركة فى الانشطة التعاونية بشكل إختيارى ، وفقدانهم الثقة فى التعاونية والقدرة على إصلاح أحوالها، ويتجلى ذلك فى عزوف الاعضاء عن المشاركة فى اجتماعات الجمعيات العمومية وغيرها، أضافة الي تردد المواطنين بمستوياتهم المختلفة لأختيار التعاونيات كبديل لمواجهة مشاكلهم المختلفة وأيجاد الحلول لها عبر التعاونيات مما يتطلب بذل الجهود الصادقة للاصلاح. استراتيجية الحركة التعاونية السودانية.
ملخص الوضع الراهن للحركة التعاونية السودانية
أولا: موقف الدولة من التعاون وإصدار التشريعات المعوقة للتنمية التعاونية ( قانون الضرائب، قوانين الجمارك، الرسوم المختلفة، أصدار القرار الرئاسي 34..إلخ) ثم إلغاء الاعفاءات والمزايا، بالاضافة الى القيود العديدة التى ترد فى التشريعات التعاونية ذاتها على استقلال وحرية التعاونيات. أضافة الي مصادرة ممتلكات التعاونيات وأصولها بداية من المركز القومي لتدريب التعاونين وانتهاء بمقرات ومخازن الجمعيات دون تعويض، مرورا بمساهمة الحركة التعاونية فى رأسمال بنك التنمية التعاوني الأسلامي والذي فقدته الحركة التعاونية السودانية. أيضا عدم الاستجابة لرغبات التعاونيين فى إصدار التشريعات المناسبة التى تضع الاطار التشريعى لانطلاقه تعاونية وتضمن العلاقة بين التعاون وأجهزة الحكومة، أكد الهيمنة الحكومية على المؤسسات التعاونية وسيطرة جيوش الموظفين على الهيئات التعاونية وتوجيه أمورها، وهى كلها مواقف سلبية عن موقف سلبى تأخذه الدولة من التعاونيات ولا تريد فتح ملفها لعلاج أوجاعه.
ثانيا: ثقافة تعاونية رسمية وشعبية معوقة للتطور التعاونى حيث يمتلك متخذي القرار في قمة أجهزة الدولة، والموظفون والجمهور، وحتي بعض القيادات التعاونية، مع الأسف الشديد، تصور خاطئ عن التعاون يخلط بينه وبين المؤسسة الحكومية غير الناجحة، وبمساعدة الاعلام الرسمى فى هذا الاتجاه مما أدي الى ضعف الثقة فى الفكرة التعاونية منظماتها. ثالثا: هياكل تنظيمية وإدارية غير متوازنة وأصابها الجمود فى الكثير من التعاونيات بالاضافة الى عدم وجود أى نظم إحصائية أو قواعد بيانات يعتمد عليها فى ادارة وتخطيط هذا القطاع، وضعف أنشطة التدريب والتثقيف التعاونى وشكليتها فى معظم الاحيان، مع غياب المصادر التمويليه المناسبه التى تواجه التعاونيات من خلالها تزايد أعبائها المالية من نفقات جارية واستثمارية مع تقلص حجم مواردها وإلغاء معظم المزايا التى كانت تتمتع بها فى السابق.
رابعا: أصاب التعاونيات ما أصاب كل قطاعات المجتمع من ضعف فى الانتاجية وسيطرة البيروقراطية والفساد وتغليب المصالح الفردية على الصالح العام، وقد أدى تفشى ذلك كله الى نوع من عزوف الاعضاء عن المشاركة فى الانشطة التعاونية بشكل إختيارى ، وفقدانهم الثقة فى منظماتهم والقدرة على إصلاح أحوالها ، ويتجلى ذلك فى عزوف الاعضاء عن المشاركة فى اجتماعات الجمعيات العمومية وغيرها، أضافة الي تردد المواطنين بمستوياتهم المختلفة لأختيار التعاونيات كبديل لمواجهة مشاكلهم المختلفة وأيجاد الحلول لها عبر التعاونيات.
خامسا: تأثر التعاون بالتحولات التى حدثت فى السياسة الاقتصادية بوجه عام والزراعية بوجه خاص والتى أفضت الى تسيير سياسة التحرير الغير متوازنة للقطاع التعاوني، واعتماد آليات السوق فى توجيه الموارد وقد أدى ذلك الى تغير البيئة الاقتصادية التى كانت تعمل فى ظلها التعاونيات وأصبح عليها أن تغير البيئة الاقتصادية التى كانت تعمل فيها نتيجة إلغاء الدعم وكثير من الأمتيازات، تحرير سعر الفائدة ، والتحرير النسبى لسعر الصرف، الخ من اجراءات وأصبح عليها أن تعيد النظر فى أساليب عملها واستراتيجياتها لكى يمكنها الاستمرار، وقد أثرت هذه المجموعة من المشاكل والعقبات على الآداء التعاونى بمختلف قطاعاته.
سادسا: التشريع التعاوني وتعديل قانون التعاون 1999م الضرورة قصوي لمراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالتعاونيات في اتجاه تحديثها لتصبح أكثر تلاؤماً مع الواقع السوداني لقيام التعاونيات بدورها خلال الألفية الثالثة، وبذلك تيحقق التناسق والتكامل ووحدة الحركة التعاونية السودانية الشعبية والعلمية والتنفيذية‏، وهذا من أهم الطرق والوسائل نحو إصلاح تعاوني عاجل. بدأ التشريع التعاوني بصدور قانون التعاون لسنة 1948م وكان قانوناً مرناً وجامعاً.
سابعا: بعد الحركة التعاونية السودانية عن المستجدات التعاونية العلمية العالمية المتراكمة والمتجددة، وعدم وجودها في المحافل التعاونية العالمية، وإفتقارها لأساليب الإستفادة من التجارب العالمية المتطورة، وأصبحت السمة العامة للحركة التعاونية السودانية الجمود والتحجر والإنزواء بعيدا عن أهداف وغايات التعاون العالمية، وأصبح المركز القومي لتدريب التعاونية بعيدا عن دوره المطلوب وأصبح حبيس الفساد الإداري وضعف الثقافة والوعي التعاوني، بأدارة غير مؤهلة فنيا وتعاونيا.
للإنتقال الي واقع أفضل ومن واقع التجربة التعاونية العالمية هناك ضرورة للتعاونيات وذلك للآتي:
1- المنظمات التعاونية تركز على الفرد من خلال المجموعة، والفرد يمثل الغاية والوسيلة وهو العنصر الأساسي في بناء المجتمع، بشرط قيامه بدوره الأكمل وهو تعاونه مع بقية أفراد المجتمع، والأمة بتعاون أفرادها، هي أمة الريادة، لأن التعاون يخلق إضافة كيفية وكمية فتتوحد الأفكار والممارسات تحقيقا للمصلحة العامة، وههنا تنبع أهمية التعاونيات والعمل المؤسسي للحفاظ علي البيئة وحقوق الانسان وتحقيق التنمية المستدامة. لأن العمل التعاوني الجماعي المؤسسي يمتاز علي العمل الفردي بتحقيقه صفة التعاون والجماعية والعمل المشترك، وبالتالي يمكن توجيها للحفاظ علي البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
2- إن المنظمات التعاونية كمؤسسات متميزة تحقق وتحافظ على مستويات أداء متفوقة تلبي وتتجاوز الاحتياجات والتوقعات المحتملة، وترتكز ثقافة التميز على تبني مجموعة من القيم والالتزام بها من قبل كافة العاملين بالتركيز على أصحاب الحق(Right holder) لأنهم سبب وجود أي منظمة تسعى من خلال عملياتها لتقديم منتجاتها أو خدماتها لهم حسب رغباتهم واحتياجاتهم. ان التميز يتطلب الجودة، والجودة ليست خيارا بل هي ضرورة لا بديل عنها، لأنها رحلة نحو التميز والتحسين المستمر، مما يستوجب إعادة النظر في الأنظمة الحالية، وتبني الأنظمة الإدارية الحديثة، وهذا يمكن الوصول اليه عبر التعاونيات.
3- إن المرحلة الحالية للمجتمع السوداني تتطلب التحول من المنظمات التقليدية إلى المنظمات الحديثة ذات هياكل محددة في مستوياتها التنظيمية والإدارية، وتعمل بروح الفريق، أي منظمات متعلمة، تعمل بالتعلم من تجاربها ومن التجارب الرائدة، ومن منظمات تعتمد مركزية القرار إلى منظمات تعمل باللامركزية، وتمكن المديرين والمؤهلين من العاملين كصناع قرارات، في مستوياتهم الإدارية، ومن الإدارة بالأوامر، إلى الإدارة بالمشاركة، ومن الإدارة بالتخمينات، إلى الإدارة بالمعلومات، ومن الإدارة الكسولة، إلى الإدارة بالابتكار، وهذا ما توفره التعاونية ذات التأسيس الجيد والسليم وفقا للأسس والقيم والمبادئ التعاونية العالمية التي أقرها الحلف التعاوني الدولي.
4- المنظمات التعاونية توفر فرص عمل منتجة ومستدامة لأعضائها، وتقوم بدعم وتنشيط الجوانب البيئية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية في المجتمع، والمساهمة بفاعلية في تحقيق مستقبل أفضل.
5- المجتمع السوداني يمتلك موارد اقتصادية ومادية واجتماعية وثقافية هائلة، يستطيع من خلالها عبر التعاونات والتنسيق المنظم، تمكينها للقيام بدورها وتحقيق أهدافها، واكتساب المعرفة وتوظيفها بفاعلية في بناء القدرات البشرية وتفعيلها في المجتمع عبر شراكات فاعلة ومؤثرة، في اطار من التطوير والبناء والابداع المؤسسي، وبالتالي أبلغ الأثر علي التنمية المستدامة وحقوق الانسان ودعم الجهود العالمية للبيئة.
6- تلتزم التعاونيات بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي تنشط فيه كونها حلقة مهمة في سلسلة الاقتصاد المحلي ونسيجه الاجتماعي تسهم بشكل وأخر في خلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.
7- تتميز التعاونيات بدورها في المسؤولية الاجتماعية وإيجاد فرص للعمل المنتج للمرأة والشباب، من خلال تمويلها المشاريع المتعددة والمتنوعة مما يدعم حقوق الانسان ويحقق التنمية المستدامة.
8- التعاونيات جملة وتفصيلا أداة ثورية جماعية فعالة لتحقيق الحرية والسلام والعدالة.
هام جدا: التعاونيات تعمل علي تحويل (أصحاب الحق) "الأسرة، النساء، الشباب، الحرفيين، الأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم" كأعضاء مستفيدين، من خانة الأستهلال الي خانة الأنتاج، والاستفادة من أمكانياتهم المادية والفكرية المبعثرة عبر الجمعية التعاونية، في عمل أقتصادي مفيد، مع التوظيف الأمثل للخدمات المختلفة عبر: التوعية، التدريب وبناء القدرات المستمر، قبل بدأ تقديم هذه الخدمات خاصة في مرحة ما قبل التأسيس والإنشاء والتسجيل للجمعية التعاونية، ثم تستمر عملية التوعية والتعليم والتدريب وبناء القدرات سنويا بعد تسجيل الجمعية التعاونية وممارسة نشاطاتها الفعلية، من أجل الإستدامة والنجاح.
الأساس في هذه العلاقة المساهمة الجماعية للمستفيدين (أصحاب الحق) من خلال التعاونيات في تكوين رأس المال وأدارته جماعيا، في إطار التمويل الذاتي للعضوية، وخدمات التمويل المتاحة في المجتمع السوداني ثم الإستفادة من الحقوق العالمية للتعاونيات في المجالات المختلفة.
وتضطلع التعاونيات بطبيعتها بدور ثلاثي فهي عوامل اقتصادية توجد فرص العمل والمعايش ومصادر الدخل؛ وهي مؤسسات ترتكز على الرأسمال البشري وتتمتع بأهداف اجتماعية تساعدها في الإسهام في العدالة والمساواة الاجتماعيتين؛ وهي مؤسسات ديمقراطية يديرها الأعضاء فيها، مما يعزز من دورها الريادي في المجتمعات، ففي الوقت الذي يزيد فيه التفاوت في الدخل في جميع أنحاء العالم، من المهم أن نتذكر أن هناك حلولا لذلك التفاوت، والنموذج التعاوني هو في المقام الأول من بين النماذج التي تشتمل على جوانب التنمية المستدامة في جوهرها، فضلا عن كونه قائما على القيم والمبادئ الأخلاقية. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة، تضم التعاونيات في العالم أكثر من مليار عضو مساهم، وتوفر نحو 100 مليون فرصة عمل، وتجاوزت عائداتها في السنوات الأخيرة تريليون يورو، ووفرت سبل المعيشة لنحو 3 مليارات نسمة في شتى أنحاء العالم. ووفقا لتقديرات حديثة، تعد التعاونيات في كل أنحاء العالم المصدر الرئيسي للتوظيف أو الكسب لأكثر من 279 مليون شخص، أي ما يقرب من 10 % من إجمال عدد السكان العاملين.
يتضح من العرض السابق توافق الأهداف والغايات التنموية التي تهدف اليها التعاونيات وتلك التي تسعي لتحقيقها الدولة وتقديم خدماتها للمجتمع وتنميته، وذلك بالحفاظ على البيئه الطبيعيه من خلال مشاريع تنموية وخدمية مستدامة، بالأضافة الي خدمات التعليم والصحه ومياه الشرب النظيفه. ومن المنتظر أن يساعد تكوين هذه التعاونيات في هذا الأطار علي ترقية وتنمية المناطق المهمشة أقتصاديا وأجتماعيا (هامش الخرطوم والمدن الكبري، الشمالية، الشرق، دارفور، جبال النوبة، النيل الأزرق)، وذلك لأن المستهدفين (أصحاب الحق) بصورة عامة والنساء بصورة خاصة المرأة المعيلة، والنساء ذوات الاعاقة بوجه أخص، سوف يؤسسون ويديرون ويكونون رأس مال هذه التعاونيات، ومن ثم يستغلون الدعم الفني والمالي المقدم من المجتمع أستغلالا جماعيا مرشدا، مما يضمن أهم مقوم من مقومات التنمية المستدامة وهو فاعلية المواطن كعنصر أساسي في عملية التنمية وكمتلقي لثمارها في نفس الوقت ، والتعاونيات أنسب وسيلة لتحقيق ذلك.
فللتعاونيات أهميتها ويستطيع المواطنون من خلالها تحسين حياتهم فعلًا، فيما يساهمون في النهوض بمجتمعهم وأمتهم اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا، وبات من المسلم به أنها واحدة من الأطراف المؤثرة المتميزة والرئيسية في الشئون الوطنية والدولية، كما بات من المسلم به أن الحركة التعاونية تتسم بقدر كبير من الديمقراطية، وبأنها مستقلة محليًا ولكنها متكاملة دوليًا، وبأنها شكل من أشكال تنظيم الرابطات والمؤسسات يعتمد المواطنون أنفسهم، من خلاله، على العون الذاتي وعلى مسئوليتهم الذاتية في تحقيق غايات لا تشمل أهدافًا اقتصادية فسحب ولكن تشمل أيضًا أهدافًا اجتماعية وبيئية، من قبيل التخفيف من حدة الفقر، وكفالة العمالة المنتجة وتشجيع الاندماج الاجتماعي.
من أين نبدأ؟
الغرض النهائي للإجابة علي هذا السؤال هو: تكوين مبادرة مشروعي التعاوني لتأسيس وأنشاء وإدارة التعاونيات الأنتاجية المتعددة الأغراض المستدامة للتخفيف من حدة الفقر وتهيئة سبل العيش الكريم. لقد آن الأوان أن تتحد الجهود العلمية والرسمية والشعبية علي طريق الإصلاح والتطور، لأن مسيرة إصلاح القطاع التعاوني تتطلب ‏العمل علي إنعاش دور الحركة التعاونية‏ ومواكبة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة والمتغيرات في سودان الثورة. وهنا لابد لأساتذتنا ولعلمائنا وخبرائنا في المجال الإقتصادي وهم ثروة قومية ووطنية هائلة أن يستشعروا المسئولية ويتحركوا بإنزال علمهم علي أرض الواقع لتنمية هذا القطاع و توفير الظروف الكفيلة بتقوية الحركة التعاونية السودانية، تنظيمياً وبشرياً ومادياً لترقى إلى قطاع فاعل في الاقتصاد الوطني، ولابد أيضا ، ومن المهم جدا، تحرك الأرادة السياسية الثورية بأصدار كل ما من شأنه وضع وترجمة الرأي الفني المتخصص في صلب السياسات والخطط والبرامج التنموية علي المستوي القومي. إن السلام حاجة الإنسانية اليوم والنظام التعاوني بمبادئه وأسسه يقوم علي السلام ويدعو له، ومدار "الهوية التعاونية" تحقيق السلام بالتركيز في العمل الاقتصادي علي تقديم الخدمة وليس تحقيق الأرباح ، كما أن النظام التعاوني يعتمد علي الأسلوب الديمقراطي "لكل عضو صوت واحد مهما كان رأس المال". الإنسان مادة التعاون الأساسية ووسيلته وما لم يتوفر الإنسان الذي يمتلك الدوافع الأصلية لخدمة المجتمع فالمعوقات لابد أن تنشأ. أن للبيئة الاجتماعية والتكوين القبلي والديني أثر كبير في تحديد مستقبل التجربة التعاونية في المكان المعين، فالتعاون حركة وسط الناس غايتها الإنسان وهي تتأثر سلباً وإيجاباً بما يكتنف المجتمع من ظواهر وانقسامات وقيم وصراعات وحروب وأزمات مما يؤثر علي "الهوية التعاونية" و الكيان التعاوني ككل. ولذلك علينا أن لا ننظر للتجربة التعاونية في الشمال أن تكون نفسها في الجنوب أو الشرق أو الغرب بل ننظر لكل منطقة على أنها تجربة ثرية تختلف وتزيد من رصيدنا في التجارب والخبرة. ولذلك ليس من المصلحة تجاهل التعاون بقطاعاته وقياداته وإرثه العميق في المجتمع السوداني ودوره المؤكد في تنميته وتطوره. إن التعاونيات تقدم خدماتها المختلفة للسودانيين دون تفرقة بينهم لأي سبب، كما أنه وسيلة الفقراء والمهمشين من أجل العيش الكريم، لأن التعاون يهدف إلي البناء والإعمار والتنمية ولا يهدف أبدًا إلي الحرب أو الدمار، ولا ينتهز ظروف الحرب ليحقق الأرباح كما يحدث في النظم الاقتصادية الأخرى ومنها النظام الرأسمالي حيث تؤكد الهوية التعاونية الحياد السياسي والديني والعرقي.
الحل العاجل والحل الآجل
يجب الأستفادة من الفرصة الذهبية التي تتوفر الآن بقيام هذه الثورة المباركة، وبعد الوصول الي إتفاق يوم 4 من يوليو 2019 وتجسيد الشعار الثوري الملهم، حرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب (يجب أن يكون هذا الخيار مستمرا ومتجددا) في الواقع العملي من خلال "حرية سلام وعدالة والتعاونيات خيار الشعب". يجب وضع وتنفيذ أستراتيجية علمية تتطلب برنامج متماسك للإصلاح التعاونى المتمثل في صدور قرار سياسي من القيادة السياسية الجديدة، يتضمن بوضوح ودقة العديد من الإمتيازات والإعفاءات والمزايا والمنح والأفضليات التي يجب أن يتمتع بها القطاع التعاوني وخاصة التعاونيات الزراعية والإنتاجية، وبالأخص تعاونيات الشباب والمرأة والحرفيين، والأشخاص ذوي الإعاقة. وذلك بأعلان الدولة موقفها بوضوح من القطاع التعاونى وبإعتراف صريح بالتعاون كقطاع ثالث في الإقتصاد القومي وبأهمية دور التعاونيات كشريك أساسى فى عملية التنمية في الدستور، على أن يؤيد هذا الإعتراف مواقف واجراءات عملية تدعم هذا القطاع الهام.
الحلول العاجلة
أولا: إنشاء لجنة أستشارية أقتصادية متخصصة تضم عدد من الخبراء الإقتصاديين والخبراء التعاونيين لوضع تصور وخارطة (في إطار الحوكمة التعاونية) طريق لقيام حركة تعاونية سودانية بمواصفات عالمية وفقا للأسس والمبادئ التعاونية العالمية، ولتكوين مبادرة مشروعي التعاوني لتأسيس وأنشاء وإدارة التعاونيات الأنتاجية المتعددة الأغراض المستدامة (الي جانب الأنواع الأخري من التعاونيات) للتخفيف من حدة الفقر وتهيئة سبل العيش الكريم.
ثانيا: وفق آليات الحوكمة التعاونية يتم حل الإتحاد التعاوني القومي وكل مجالس إدارات الإتحادات التعاونية الولائية والمحلية، وتعيين لجان تسيير لمدة عام من خبراء أقتصاديين وتعاونيين للمراجعة والتقييم والتهيئة لإنتخابات تعاونية ديمقراطية، وحل مجلس إدارة المركز القومي لتدريب التعاونيين، وتعيين مجلس إدارة جديد ومدير جديد للمركز.
ثالثا: إنشاء الهيئة العامة لتنمية التعاونيات تتبع لرئاسة الوزراء (بدلا عن إدارة التعاون الحالية) ، تصعد فيما بعد الي وزارة منفصله تسمي (وزارة التعاونيات والتنمية) بميزانية مناسبة وبصلاحيات وسلطات واسعة وان تكون تلك الوازرة علي مستوي المركز والولايات، في ظل دستورية القوانين السارية والقضاء الاداري المستقل.
رابعا: التركيز علي توعية المرأة خاصة المأة المعيلة، والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة والحرفيين وإتاحة الفرص الواسعة للمشاركة في انشاء وتأسيس وإدارة المنظمات التعاونية الإنتاجية والاستفادة منها وافادة المجتمع، لأن آفة العمل الجماعي في السودان يعتمد علي نخب معدودة من الرجال والنساء وكبار السن ولايجذب إليه أجيال الشباب التي تتوق إلي خدمة مجتمعاتها‏، واعادة النظر في تقييم (الأم ) السودانية صانعة الحياة والمستقبل بحيث يكون لكل ( أم ) سودانية راتب شهري ثابت كحق واجب يليق بكرامة الأم السودانية في دولة المساواة والعزة والكرامة، مع إعادة النظر في التقييم المادي والمعنوي للمرأة السودانية، خاصة المرأة المعيلة والمهمشات اللائي يقمن بدور إنساني في خدمة المجتمع مثل، القابلة، والممرضة، .. الخ.
خامسا: علي اجهزة الاعلام المختلفة في المركز والولايات من صحف وقنوات تلفزيونية وإذاعية، تخصص البرامج المناسبة لتبث الوعي التعاوني في مختلف الاجهزة المسموعة ، والمرئية والمقروءة، مع ضرورة أهتمام منظمات المجتمع المدني الاندية الرياضية والثقافية بهذا الجانب.
وبذلك يتم تحقيق التناسق والتكامل ووحدة الحركة التعاونية السودانية الشعبية والعلمية والتنفيذية‏، وهذا هو طريق الحل الوحيد نحو إصلاح تعاوني عاجل، مما يفرض علينا فورا تنفيذ النقاط السابقة علي أرض الواقع في أقرب فرصة، وإلا سوف لن يكون للنقاط والمقترحات التالية أي أثر أو وجود.
الحلول الآجلة (حلول أستراتيجية)
وفقا للحوكة التعاونية تعبر استراتيجية الحركة التعاونية عن الأهداف بعيدة المدى التى تسعى الحركة لبلوغها عبر الخطط متوسطة الأجل والبرامج والمشروعات التى تقوم بتنفيذها فى قطاعات الحركة التعاونية ، ومن المفترض أن تكون نتاج جهد جماعى مشترك ومتصل تقوم به الحركة التعاونية بوحداتها المختلفة مع شركائها وجهات الأختصاص. وتنطلق هذه الاستراتيجية من الوضع الحالى للحركة التعاونية وميراثها التاريخى ومحدداته والفرص المتاحة لها، والتحديات التى تقابلها فى أداء دورها وامكاناتها ثم تستشرف طموحات المجتمع باعتبارها حركة مجتمعية واضعة طموحاتها فى السياق العام لامال وطموحات هذا المجتمع. ويقتضى ذلك أولا أن تنمي الحركة التعاونية نفسها بالمعنى الشامل للتنمية تحت أشراف ومساعدة الدولة، فإن محاور التشريع والتمويل والتنظيم وتنمية الموارد البشرية تعد المحاور الرئيسية فى هذه الاستراتيجية التي تعني بها جهات الأختصاص التعاونية والاتحاد التعاوني القمة والاتحادات الولائية ووحدات هذه الحركة التعاونية بتناسق مع الجهاز الأداري المختص بالتعاون. إن نجاح التعاونيات في تطوير نفسها وأداء رسالتها في خدمة المجتمع والمساهمة في تنميته سيزيد من حجم تأثيرها على صانعى القرار وبالتالى الحصول على الدعم اللازم لها أسوة بباقى قطاعات الاقتصاد القومى الأخرى.
(1) إعادة هيكلة الحركة التعاونية وصبغها بالصبغة الديمقراطية وفقا للحوكة التعاونية، والحرص على تطبيق مبادئ التعاون في تكوين هيئاتها، ورفع يد هيمنة ذوي النفوذ على أعمالها مع تشديد الرقابة على الإنفاق باعتبار أموال هذه التعاونيات أموالاً عامة، وتعميم الفكر التعاوني، وتشجيع الشباب والحرفيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمرأة وخاصة المرأة المعيلة وكافة الفعاليات الاقتصادية بأهمية هذا الأسلوب في مباشرة أوجه النشاط الاقتصادي وذلك في إطار يسمح بفتح الآفاق أمام أكبر عدد من المواطنين للمشاركة في القرارات التنموية مباشرة على مستوى التقرير والفعل الاقتصادي والاجتماعي.
(2) تحسين أوضاع التعاونيات‏‏ وتفعيل دورها للتخفيف عن محدودي الدخل في ظل آليات السوق‏ ببناء بنيان تعاوني سليم من القاعدة إلى القمة وتحدد سلطات ومسئوليات كل مستوي وتحديد علاقاته بغيره من المنظمات التعاونية وغير التعاونية.
أولا: دعم الجهاز الحكومي الذي يشرف على التعاونيات ويوجه النشاط التعاوني بالكوادر المدربة بالأعداد اللازمة وانتشار هذا الجهاز على كافة المستويات وتحديد سلطات ومسئوليات كل مستوى وعلاقاته مع القطاعات الاقتصاد الأخرى. ثم الارتفاع بالكفاءة الإدارية للعاملين بالقطاع التعاوني للنهوض بمسئولياتهم بفاعلية باعتبارهم حماة لمصالح أعضاء التعاونيات والمعبرين عن رغباتهم‏,‏ وتحديد الإدارة المهنية‏.‏
ثانيا: تكوين لجنة مهنية متخصصة (تكنوقراط) بعيدا عن الولاءات السياسية والحزبية الضيقة، تضم خبراء ومتخصصين ومستشارين في الشأن التعاوني السوداني، وذلك لتحديد حجم وطريقة عمل الجهاز التعاوني الديواني المختص بالحركة التعاونية السودانية، وحل الأتحاد التعاوني القومي والأتحادات الولائية والمحلية والمتخصصة، وحل مجلس إدارة المركز القومي للتدريب وتقديم تصور لأنشاء صندوق خدمات تعاونية، وآخر للضمان الإجتماعى.
ثالثا: يجب تعديل قانون التعاون 1999م بصورة تجسد الحوكمة التعاونية وقيم وأسس ومبادئ التعاون العالمية وإزالة كل الثغرات التى ظهرت فيه نتيجة للتطبيق وكذلك تضمين القانون القواعد التي تساعد على تطوير الحركة التعاونية وتحديد علاقاتها بالمنظمات والقطاعات الاقتصادية الأخرى في وضوح ويسر، وأن تكون مواد القانون واضحة ولا تحتمل أي لبس واجتهادات في التفسير. يجب أن يتضمن القانون كيفية بناء وإقامة البنيان التعاوني بحيث يكون متناسبا مع وضع الحركة التعاونية السودانية وعلاقاتها مع القطاعات الأخرى، وبحيث يصبح البنيان قوة دافعة للعمل التعاوني وليس قيداً عليه كما هو الحال الآن، أي ألا يكون التفكير في البنيان التعاوني أسيراً لأي أفكار أو مبادئ معينة بل يكون فقط نابعاً من مصلحة الحركة التعاونية وخادماً لنشاطها وإمكانيات التطور في المستقبل.
(3) العمل على استكمال وإنشاء الأجهزة التعاونية والتي لها تأثير على مسار الحركة التعاونية مثل مؤسسات التمويل والتأمين والاتجار بالجملة ومؤسسات التجارة الخارجية التعاونية، مع ‏تخصيص حصة من المنح والمعونات الخارجية لتطوير وتدعيم الحركة التعاونية للتوسع في نشر مؤسساتها في الولايات‏‏ والريف‏ وبصورة أخص التعاونيات الزراعية. ‏
(4) إدراج التعاون في المناهج الدراسية على سائر المستويات التعليمية، ادخال مادة دراسية جديدة في مناهج التعليم في كل المراحل التعليمية من مرحلة الاساس حتي المرحلة الجامعية، تسمي (التعاونيات والدراسات التنموية) بمنهج علمي واضح عبر متخصصين لإرتباط العمل التعاوني الاشتراكي اساسا بعملية الوعي التعليمي، وتنمية البحث التعاوني ومتابعة أوجه تطويره و تشجيع خريجي مدارس التعليم المهني والحرفي والزراعي على الانتظام في تعاونيات تمكنهم من الاندماج والمشاركة الفعلية في النشاط الاقتصادي.
(5) إجراء دراسات ميدانية بواسطة المختصين والخبراء لمعرفة الحجم الأمثل للجمعية التعاونية القاعدية في المجالات المختلفة (زراعية – استهلاكية – خدمية – حرفية .. الخ) الذي يعطيها فرص النجاح والتطور بما يعود على أعضائها ومجتمعها بالنفع، بحيث تصبح هذه الدراسات في المستقبل أساس قبول أو رفض تسجيل أي جمعية، مع تخصيص نصيب عادل للتعاونيات من المعونات الاجنبية والقروض الخارجية الميسرة التى تحصل عليها الدولة للانشطة الاقتصادية بما يكفل للتعاونيات فرصة تنفيذ مشروعاتها.
(6) إنشاء قاعدة بيانات تعبر عن تطور الحركة التعاونية ومدي إسهامها في العمل التنموي بوجه عام وكل أنشطتها المتعددة بوجه خاص‏، مع توحيد أساليب وطرق جمع وتحليل الإحصاءات والمعلومات عن الحركة التعاونية. وتحديد مفاهيم المصطلحات الإحصائية المستخدمة في جمع وتحليل البيانات. وكذلك تحديد تواريخ جمع الإحصاءات وأساليب نشرها ومواعيد هذا النشر. تحديد تواريخ ثابتة لمراجعة الحسابات بالجمعيات والاتحادات والمنظمات التعاونية بما لا يتعارض مع تواريخ إعداد الخطط التعاونية.
(7) تحديد أسس ومجالات التعاون والتكامل بين أفرع الحركة التعاونية‏ والسعي إلي الاندماج والتكامل بين المؤسسات التعاونية لايجاد شكل جديد للحركة التعاونية لدية قدرة تنافسية أمام الشركات الكبري مع الإنفتاح خارجيا لتوطيد الصلات مع التعاونيات علي المستوي العالمى‏ والاستفادة من خبرات التعاونيات الدولية‏، وتوثيق التعاون معها وتنشيط التبادل الاقتصادي بينها‏ في ظل وجود آلية لاستفادة التعاونيات من إمكانات التمويل التعاوني الذاتي، بانشاء صندوق للتنميه التعاونية بغرض اقراض الجمعيات التعاونية وخاصة الزراعية الإنتاجية والحرفية.
(8) البدء فى جهود مكثفة تثقيفية، إعلامية، تدريبية لإعادة نشر الفكرة التعاونية على وجهها الصحيح فى أوساط الجمهور والعاملين بالجهات الادارية وغيرهم وذلك بهدف تغير الصورة السلبية التى تكونت لدى هؤلاء من التعاون.
(9) رعاية الدولة للتعاونيات "قطاع التعاون" بالتنصيص علي ذلك في الدستور ووفقا لقانون التعاون (جنبا الي جنب مع القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المختلط) من خلال كافة اشكال الدعم والاعفاءات والمزايا والتحفيزات التى تتيح للتعاونيات فرص تنفيذ خططها وذلك دون تدخل من الاجهزة الحكومية فى نواحى التنفيذ العملى للانشطة التعاونية التى يجب ان تترك بحرية كاملة للتعاونيات من خلال الادارة والرقابة الذاتية ، على اعمالها. (10) تمثيل القطاع التعاونى فى اللجان المختصة برسم السياسات التنفيذية المتصلة بمجالات نشاطه ، خاصة المجال الاقتصادى والاهتمام به كجمعيات رجال الاعمال والغرف التجارية وكافة تنظيمات القطاع الخاص وقطاع الاعمال وضرورة تمثيل القطاع التعاونى فى كل اللجان على قــدم المساواة مع القطاعات الاخــرى وعلى ضــوء سياسـة الحكومة فى الاهتمام بالجمعيات الاهلية والمنظمات غير الحكومية والتى تأتى فى مقدمتها التعاونيات.
(11) تخصيص نصيب عادل للتعاونيات من المعونات الاجنبية والقروض الخارجية الميسرة التى تحصل عليها الدولة للانشطة الاقتصادية بما يكفل للتعاونيات فرصة تنفيذ مشروعاتها.
(12) تكوين وإنشاء تعاونيات نموذجية إنتاجية مستدامة للمرأة والشباب والحرفيين والأشخاص ذوي الإعاقة، وفقا للأسس والمعايير والمبادئ والقيم التعاونية العالمية، تحددها لجنة فنية تضم جهات الاختصاص المختلفة. (القائمين بالواجب)، وتتكون عضوية هذه التعاونيات من الفئة المستحقة (أصحاب الحق) المرأة والشباب والحرفيين، وبصورة أخص المرأة المعيلة، والأشخاص ذوي الإعاقة.
(13) ربط التعاونيات بالنظام التعاوني العالمي للإستفادة من التشبيك التعاوني العالمي وفقا للمبدأ التعاوني العالمي "التعاون بين التعاونيات"، للحصول علي الحقوق العالمية المستحقة لهذه التعاونيات النموذجية التي سوف يتم تكوينها وإنشائها وفقا للأسس والمعايير والمبادئ والقيم التعاونية العالمية.
(14) تحسين وزيادة دخل المستهدفين (أصحاب الحق) من خلال التمكين الاقتصادي وتحسين مستوي المعيشة وذلك لمستقبل أفضل بالبعد عن الاعتماد على المساعدات الاجتماعية والإعتماد علي النفس والجهود الذاتية من خلال برامج التدريب وبناء القدرات المستمر في إطار برامج التنمية المستدامة، محليا وعالميا.
(15) تقديم نموذج تعاوني سوداني بمواصفات تعاونية تنموية إنتاجية عالمية، علي المستوي المحلي السودان، وإقليميا أفريقيا والشرق الأوسط، وعالميا علي مستوي العالم، بخلق نموذج لتعاونيات إنتاجية تنموية مستدامة بفكر وآليات سودانية صرفة.
(16) تصحيح المفاهيم الخاطئة والممارات الضارة للعمل والنشاط التعاوني، بقيام هذه التعاونيات النموذجية الإنتاجية المستدامة تحت إشراف جهة الاختصاص التعاونية، وهو أمر ضروري للحركة التعاونية السودانية وللمجتمع السوداني في هذه المرحلة، خاصة وأننا نمتلك كل مقومات اللازمة لقيام تعاونيات سودانية بمواصفات عالمية.
(17) إعادة هيكلة المركز القومي لتدريب التعاونيين وإعادة تأسيسه ومناهجه التعاونية بصورة علمية تتوافق مع المرحلة الحالية والمستقبلية، وبما يتناسب مع الأسس والقيم التعاونية العالمية ووفقا لمراكز التدريب التعاونية وكليات التعاون العالمية، وتعيين مدير من ذوي الكفاءة والمعرفة التعاونية وتأهيل كادر تدريبي علي المستوي العالمي وإعاة مقره ومبانية المغتصبة من قبل ولاية الخرطوم.
محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
خبير التعاونيات ومدرب معتمد كلية التعاون البريطانية – مانشستر – بريطانيا
مدير أكسفورد للاستشارات والتدريب – أكسفورد - بريطانيا
مستشار/ التعاونات والتنمية المستدامة والتدريب وبناء القدرات
Oxford Consultancy & Training Ltd (O&CT Ltd.)
1 Riverside Court, Longford Close, OX1 4NG, Oxford, United Kingdom
Mob: 0044744853349 - Email: [email protected]
Web: http://www.oxford-ct.co.uk
Web: http://www.ahewar.org/m.asp?nm=1&i=1700










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انخفاض جديد فى أسعار الذهب ... وهذا أنسب موعد للشراء


.. الذهب يفقد 180 جنيها فى يومين .. واستمرار انخفاض الدولار أم




.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى


.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024




.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال