الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمن الدولة اعتقلت باحثاً رفض قتل المزيد

عماد فواز

2006 / 5 / 9
حقوق الانسان


هذا الموضوع نعرض فيه لحالة بعيدة كل البعد عما يهدد النظام ورئيس النظام ووزير داخلية النظام وأولادهم ، لحالة فكرية كنا نظن أن أمن الدولة أبعد منها بعد السماء عن الأرض ، لكن في مصر ليس لأمن الدولة مسافات ، ولا مستحيلات ، القضية تتلخص في خلاف فكري ، انتهى بالمخالف إلى الاعتقال والتعذيب والزج به إلى وادي النطرون ، وهو ما يؤكد ما قلناه من قبل أن هذه الدولة يحكمها جهاز أمن الدولة دولة شاخت حكومتها وعجز وسلم إرادته وحياة المواطنين إلى الداخلية ، كما يؤكد أيضاً أن هذا البلد ليس به أية مؤسسات ، وأن قيادات هذه المؤسسات شخصيات من ورق ، شخصيات تابعة ، وبلا رائحة ، سوى رائحة الفساد والجهل
فمنذ عامين أو أكثر ، بعدأن حصل الباحث متولي إبراهيم متولي صالح على درجة الماجستير في الشريعة والقانون من جامعة الأزهر ، أعد عدة بحوث في الفقه ليشتبك بها مع المفكرين في الحياة الثقافية ، عكف وقرأ وحلل وبحث ، وانتهى إلى قناعة أرضته ، وذلك في قضيتي قتال المرتد وزواج المسلمة من الكتابي ، قد تكون قناعاته التي توصل إليها مخالفة للقناعات السائدة والمتفق عليها ، وقد تكون غير صحيحة ، لكنه في النهاية أجتهد وبحث وحلل ، وللمجتهد . على حد قول الفقهاء . حسنة لو أخطأ لاجتهاده ، وعلى الأكثر علم ومعرفة منه أن يقرأ ما توصل إليه ومراجعته ، وتوضيح الفساد في التدليل أو القصور ، أو التقصير أو التأويل فيما كتبه وتوصل إليه ، وهنا ينشأ الحراك والنقاش الفكري الذي يعود على الباحثين والمثقفين وعامة الناس بالنفع والفائدة .
ولأن هذا ليس ثمة الحياة الجامعية والفكرية والثقافية في مصر ، ولأننا لا نعرف سوى المصادرة والتفكير والعاملة والخيانة ، زج بالباحث إلى أمن الدولة .
- أنت بقى العلامة متولي ؟
- أنا باحث .
- باحث عن أيه ؟
- حضرتك بعتلي ليه .. خير ؟!
- علشان الكلام الفارغ اللي أنت كتبته ده !!
- دي دراسة علمية ، من حقك تقبلها أو ترفضها .
بعد مناقشة كبيرة يتخللها نظرات ازدراء واستخفاف من ضابط أم الدولة للباحث ، انصرف متولي وصور عدة نسخ من دراسته وأرسلها للكتاب والباحثين وعلماء الدين ، لكي يطرح فكرته للمناقشة ، ويوضح أساتذته الصواب والخطأ في المنهج والاستدلال والقياس ، وحتى في كيفية استخدام الشواهد وتفسيرها ، سواء من القرآن أو السنة النبوية المشرفة ، ونسى الباحث جلسته مع ضابط أمن الدولة ، واعتقد أن استدعاءه كان على سبيل المناقشة وأن الضابط من المهتمين ، لكن لم يمر يومان إلا وفوجئ في 18 مايو 2003 بطارق الفجر يكسر باب الشقة ويقتحمها هو ورجاله ، يقلبون ويفتشون ويكسرون في جميع الغرف ، وجمعوا كل أوراقه وحملوه إلى مقر الجهاز .
- أنت بقى من الكفار .
- أعوذ بالله ، مين قال كدة ؟!
- أنت ....
- أبداً .
- أنت مش مشعجبك الدين الإسلامي .
- لا إله إلا الله .
- أه أعمل فيها بقى درويش يا ..
انتصف النهار والكلام نفس الكلام ، أنت كافر ، أنت تزدري الدين الإسلامي ، أنت بتعمل على هدم الدين ، وهو ينكر وينفي ويقسم أنه مثل جميع المسلمين يؤمن بالله ورسوله وكتابه ، وبسنة الرسول ، وبإجماع الصحابة ، لكنه باحث يحاول أن يجتهد ، قد يصيب وقد يخطئ وله أجر وثواب على الاجتهاد ، وانتهى اليوم واليوم التالي ، واختفى متولي ولم يظهر مرة أخرى ، وبعد شهرين من اقتحام منزله واعتقاله ، أحيل لنيابة أمن الدولة في 3 يوليو 2003 ، ووجه له وكيل النيابة التهمة المحررة في محضر الضبط وهي ازدراء الدين الإسلامي ، وحررت الواقعة كقضية تحت رقم 1086 / 2003 أمن دولة عليا .
وبعد ثلاثة أشهر من التحقيقات ، تأكدت نيابة أمن الدولة العليا ، أن متولي لم يزدر الأديان أو الدين الإسلامي ، وأنه مجرد باحث ، أجرىبحوثه إلى ما يخالف السائد ، فقررت إخلاء سبيله ، اعتقد متولي أنه بهذا القرار قد استيقظ من الكابوس ، وأنه بالفعل هذه البلاد يحكمها القانون وأن القضاء له الكلمة العليا في البلاد ، وظن بسذاجة أنه سيخرج من سراي النيابة إلى منزله إلى أولاده وزوجته ، يدخل الحمام يزيل وسخ شهور الكابوس ، ويغير ملابسه ، ويلتقط أنفاسه ، لكن للأسف الكابوس كان أقوى من الحلم ومن الواقع ومن القانون ومن القضاة ، فخرج من النيابة إلى وادي النطرون مرة أخرى ، ليس بتهمة الإزدراء كما سبق واعتقل ، بل بموجب قرار اعتقال من حبيب العادلي شخصياً ، فاللواء حبيب العادلي وزير الخارجية الذي يحارب الإسلاميين ، أصبح هو المدافع عن العقيدة وصحيح الدين ، فلا متشدد سالم من زبانية أمن الدولة ولا حتى المجتهد ، الكل تحت وصاية وسلطة معالي الحبيب العادلي وزير داخلية الحزب الوطني .
أسرة متولي دهشت للقرار ، فرفعت زوجته وطفله 14 سنة عدة التماسات إلى جميع الرءوس الموجودة في الحكومة والحزب الوطني ووزارة الداخلية ، ولما تأكد أن الرءوس غير متوفرة ، لجأت إلى القضاء تتظلم وتطالب بالبراءة ، وبالفعل قضى القضاء المصري العادل . كما سبق وفعل مع آلاف من المعتقلين . بعدم شرعية الاعتقال ، وأمر بالإفراج عنه وفوراً ، ولأن الحبيب العادلي ورجاله في أمن الدولة ليس له كبير يوجههم ، لم ينفذوا قرار القضاء ومرت الشهور والسنوات ، وحصلت الأسرة على أكثر من خمسة قرارات قضائية ، ورفض أمن الولة تنفيذها ، فهي مثل سيد قراره لها قانونها الخاص ، وقرارات وأحكام القضاء تسري فقط على العامة من الناس ، وليس عليهم ، ما هو الحل ؟! هل يستسلم متولي ؟! هل تصمت زوجته وتعتبره مفقوداً أو شهيداً !!
في 11 يونيو الماضي فاض الكيل بمتولي ، فأعلن عن اعتصامه واضرابه عن الطعام ، وعملت زوجته بإضرابه ، فأخذت طفلها إلى نقابة المحامين وأعلنت ، الاعتصام والإضراب عن الطعام تضامناً مع زوجها الغائب في وادي النطرون بقرار من أمن الدولة ، واشتركت مع سائر زوجات وأمهات المعتقلين بالنطرون في مظاهرات إدانة النظام والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين .
بعد المظاهرات بعدة أيام ، وتحديداً في يوم 28 يونيو الماضي ، اقتحم ضابطان من ضباط أمن الدولة ، منزل الغائب في النطرون ، وكما فعلوا في المرة الأولى وهو حاضر ، فعلوا في الثانية وهو رهين اعتقالهم ، كسرا وحطما وقلبا وفتشا ، وسبا ولعنا .
- خد يا ولد .
- نعم ؟!
- أنت ابن متولي .
- أه .
- قول لأمك إن مشيت في المظاهرات تاني هنقلعها ملط في الشارع وهنرميها في المعتقل !؟.
ومرت السنوات وخرج متولي من المعتقل بالتحديد يوم 7 ابريل الماضي ليعدل عن شذوذه الفكري، حاذفا من حساباته الأبحاث العلمية ويفكر فى لقمة العيش مثل باقي المصريين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق