الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمان وأبوان حتى انتهاء الزمان (7)

أمير بالعربي

2019 / 7 / 7
الادب والفن


نعم كانت صدمة كبيرة ووقعها كان عظيما عليّ , لكني لم أتنازل عن حقي في الغضب ... ليس الغضب من مشاعر أمينة , بل الغضب من أنها لم تعلمني بها ... والخوف , الخوف عليها لأني فهمت جيدا أنها ستتعذب ولن أقبل أن يكون ذلك بسببي . أمينة تعني لي الكثير , هي وماما وبابا وماما إيناس وبابا جمال كل شيء بالنسبة لي وأبدا لن أسمح بأن يتألم أحدهم لأي سبب كان ... وكيف أقبل إن كان ذلك سيكون يوما ما وغصبا عني , بسببي ؟!!

- منذ متى تعلمين ؟
- منذ مدة ...
- متى ؟
- شهر تقريبا ...
- لماذا أخفيت عني ذلك , قد أتفهم موقف أمينة لكني لا أفهم موقفكِ ؟
- صغيري , الأمر كان صعبا بالنسبة لي أيضا , أرجو أن تعذرني ...
- ماما ... لم نترب هكذا ! كل شيء تربينا عليه أراكم كلكم تفعلون ضده ! لماذا لا أخفي عنكم أي شيء أنا ؟ لماذا كلكم تخفون ؟ تعرفين مدى حبي لكم , لكني أتألم , وأرانا نبتعد عن بعض كل يوم أكثر ... كيف سنحمي أنفسنا من الوحوش ونحن لا نثق ببعضنا وكل يخفي عن الآخرين ؟ لا أحب هذا ولا أقبل أن يتواصل ... تمنيت لو أنه لم يوجد أصلا !
- دعني أشرح لك
- ماما ... لو كنت أنا مكان أمينة صدقيني كنت قلت لها كل شيء منذ بدايته وكنت جمعتكم كلكم وأعلمتكم وطلبت مساعدتكم ... فلماذا أخفت عني هي ذلك ؟ ولماذا أنت أيضا فعلت نفس الشيء ؟ أين كلامك وكلام ماما وبابا الذي ربيتمونا عليه ؟ أين وعودنا جميعنا لبابا جمال ؟
- عزيزي ... دعني أتكلم
- ماما ... أنا غاضب وسأخرج ... نعم , أنا غاضب جدا وحزين ... إذا تنزلت وقبلت بموقف أمينة ووجدت لها أعذارا , لا أعرف كيف سأجد لك المخرج ؟ ... ماما , ولا تزالين تواصلين نفس الخطأ وتطلبين مني أن أخفي ذلك عن ماما وبابا !! هل أنتِ واعية بما قلت !؟؟
- انتظر ... لا , لن تغادر هكذا !
- ماما ... أنا لا أخفي شيئا عن خمستكم ... أنتم عالمي الذي أعتقد به وأبدا لن أغير مبادئي ! لكن أرى أن عليكم كلكم مراجعة أنفسكم !
- لم أخف عنك أي شيء , لكني انتظرت الوقت المناسب ... ولا نزال ننتظر !
- لا تزالون ؟ إذن لا تزال أشياء لا أعرفها ! وهل يوجد أعظم من مشاعر أمينة ؟؟!
- يوجد ... لكن قبل ذلك , يجب أن نتفق عن كيف ستتصرف مع أختك ...
- ماما ... سأخرج .
- أمين , الليلة يجب أن نتكلم في كل شيء ...
- لا تقلقي بشأن أمينة , لكن عليك أن تقلقي كثيرا بشأني لأني لن أقبل أن يخفى عني أي شيء من الآن فصاعدا ...
- أمينة لا ترى أي حرج في مشاعرها ...
- ماما عالمنا يختلف عن الناس , لذلك لا ترى غضاضة , ولذلك يلزمها توضيح حدودنا ...
- لا ترى أي حدود وعندها منطقها ...
- إذن تكلمت معها .
- وحاولت , لكني لم أستطع رد حججها .
- ماما ... ما بك !! أشعر كأني لا أعرفك ... وكأنك تدافعين عنها بل وتباركين ما تشعر به ؟!!
- ليس كما فهمتَ , لكن قبل أن تُوضَّح الحدود لأمينة , يجب أن تعرفها أنتَ ... لا تغادر , سنمضي الليلة معا فقط أنا وأنت ... سأتصل بأميرة وسأعلمها أننا سنتعشى وننام هنا ... اتفقنا ؟
- لا أعلم ...
- تعلم أني أحبكما أكثر من كل شيء في الوجود ...

لا شك في حب ماما إيناس لنا ... ثلاثتهم , ماما وبابا وماما إيناس , وبمباركة بابا جمال , ربونا في عالم لا يمكن أن يوجد خارجه حب حقيقي , ولا أي شيء آخر ... لا يوجد إلا الحيوانات المفترسة ... لذلك فهمت بسهولة خطأ أمينة , ولو لم أكن قد فهمت جيدا حقيقة عالمنا لكانت مشاعري قد اتجهت صوب أمينة أو ماما أو ماما إيناس ... ولذلك أيضا , فهمت خطر قول ماما إيناس أنها لم تستطع رد حجج أمينة ... واستغربت كيف تكون ماما إيناس تفكر مثل أمينة , وظننت أن ما لا يزال يخفى عني عنده علاقة بذلك ...
عدلت عن الخروج وقررت البقاء مع ماما إيناس , تلك الليلة بلغنا سن الرشد أنا وأمينة , ذلك العمر الذي انتظرته ماما إيناس طويلا لتعلمني بكل شيء ...

جلسنا في الصالة بجانب بعض , كان الأكل أمامنا وكنا من حين لآخر نتناول منه ... بقينا كذلك وقتا خلته طويلا لكنه كان قصيرا , ثم شرعت ماما إيناس في الكلام ...

- انتظرت هذا اليوم منذ سنين طويلة , كنت أتوقع أن نكون فيه معا خمستنا وأن نقول أخيرا كل شيء وألا نخفي عن بعضنا بعده شيئا , لكن الذي حدث مع أمينة اليوم لم يتوقعه أحد منا وقد غيّر كل شيء : لم تترك لنا الفرصة لنكمل لكما كل القصة لأول يوم التقينا فيه أربعتنا , ثم بعد ذلك ... معرفتكَ بحقيقة نظرتها لكَ ...
تمنيتُ لو كانت معنا الآن لتعلم معك , لكنها لن تستطيع قبول ما سأقول وسترانا وحوشا ونحن لسنا كذلك ... كل شيء قمت به كان من أجلكما , وأي لحظة لم أحضر فيها بجانبكما كانت سكينا غُرس في قلبي غصبا عني ... أعي جيدا الألم الذي تشعر به ابنتي في هذه اللحظة , أعرف أنها وحدها في غرفتها الآن , وأتمنى لو كنت أستطيع أن أكون معها وأن أنزع عنها كل ذرة شك وحيرة وألم لكني لا أستطيع ... ليس لأني لا أحب ابنتي أو أكذب عليها أو أخفي عنها متعمدة , بل فقط لأن الوقت لأن تعرف لم يحن .
ظروفها ليست كظروفك , لأن الوقت قد حان بالنسبة لك ...
ولن أزيد أي كلمة قبل أن تعدني أنك لن تُعلم أختك إلا بعد أن نجد حلا لما تشعر به نحوك .
لا أدعوك لأن تكون وحشا صغيري , بل لأن تحافظ على أختك لأنها لن تستطيع الفهم الآن , لا يوجد وحوش في أسرتنا الوحوش توجد فقط خارجها ! هكذا كنا قبل ولادتكما , وهكذا عشنا حتى كبرتما , وهكذا سنبقى أبدا ! لا أحد يستطيع التشكيك في ذلك , ومن فعل لن تكون النتيجة إلا الفناء والضياع وسط الوحوش التي لن ترحمكما وهذا ما لن أسمح به ما بقيت حية ... أي حياة ستكون لي إذا ما رأيت يوما فلذتي كبدي فريسة للحيوانات البرية ؟ لا خير فيها تلك الحيوانات , ولا يجب أن ننتظر منها أي خير , وأي ضعف منا ستكون نتيجته هلاكنا , هكذا ربيتكما , هكذا كانت إرادتنا أربعتنا وهكذا كانت وصية أبيك التي لا يجب لأي كان تحت أي سبب كان ألا يحترمها .... عِدني !
- أعدك ماما ... لكني لا أعرف هل حان الوقت لأن أعرف ... موضوع أمينة صعب عليّ ماما , ألا نؤجل ؟
- كبرت وآن الأوان لتعرف كل شيء , ولأرتاح لأني لن أتركك للشكوك ... أهون عليّ الموت على أن تشك في أسرتك ! ولن تستطيع التصرف مع أمينة ما لم تعرف ...
- وماما وبابا ؟
- ومنذ متى كنا نختلف ثلاثتنا حتى تسأل عنهما ؟ تستطيع أن تعتبرهما موجودين معنا الآن ... لكن ... أريدك أن تعلم أن الكلمة الأخيرة في كل شيء يتعلق بك وبأختك كانت وستبقى دائما لي .
- لا أزال أشعر بالخجل من ذلك اليوم الذي منعتِنا فيه من اللعب بالماء قبل دخولنا المدرسة , وكيف سمعتُ كلام أمينة وقلتُ لكِ أنكِ لا دخل لكِ فينا لأنكِ لست أمنا الحقيقية ... أتذكّر غضب ماما وبابا علينا وكيف فرضا علينا أن نعتذر منكِ . كنت صغيرا ماما .. أعرف .. لكني أعتذر عن ذلك الآن مرة أخرى , كنتِ لنا أما حقيقية ولا تزالين , ومنذ زمن نسينا كل فرق بينكِ وبين ماما .
- تلك كانت وصية بابا جمال , أن تنشآ غير كل البشر , بأمين وأبوين ... حقيقيين : ذلك هو الأساس الأول لأسرتنا بُنيّ , والذي لا يجب أن يُمس مهما مرت السنين ... حتى إن غاب أحد الأفراد , فلا يجب أن يُعامل كغائب بل كحاضر أكثر من الحاضرين .
- نحن محظوظان بكم ...
- قلت أن لا فرق عندك بيني وبين ماما أميرة ؟
- حقيقة تربيت عليها ولا أزال أعيشها حتى الآن ...
- وإلى ؟
- الأبد ... إلى الأبد ماما ! لماذا سؤالكِ ؟
- لأني أمكَ ... أمكما ... الحقققـ قيقيّة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??