الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مرتزقة وأسرى أم متمردون
عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)
2019 / 7 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
يدفع الليبيون بابنائهم إلى حرب لا يدركون كنهها ولا حقيقة أمرها ولا عواقبها، ناهيك عن رأي القانون والدين في مشروعيتها، وبسبب الضخ الإعلامي المزيف يساق الشباب الليبي جنبا إلى جنب مع المرتزقة والمجرمين الأفارقة إلى ساحات الوغى تحت شعارات واهية مثل الحرب على الإرهاب والقضاء على المليشيات وتصفية الإخوان والمقاتلة. في العرف الدولي هكذا حروب بين أبناء الوطن الواحد هي حروب أهلية، إلا أن اللجنة الدولية للهيئة الأممية تتجنب إستخدام هكذا مصطلح وتستعمل النزاع المسلح غير الدولي أو النزاع الداخلي في إتفاقيات جنيف الأربع والقانون الدولي الإنساني.
لا يهتم القانون الدولي الإنساني بأسباب الصراع أو نوع الأطراف المتقاتلة بقدر إهتمامه بحضر الهجمات على المدنيين ورعاية المصابين والمعاملة الإنسانية للأسرى كما في المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني. ولا تتدخل اللجنة الدولية ولا تشارك بأي شكل من الأشكال في التحقيقات والمحاكمات الخاصة بجرائم الحرب، وذلك تمشيًا مع وضعها الخاص وبصفتها منظمة إنسانية محايدة ومستقلة، ويجب على الدول وحدها مقاضات المشتبه بهم جنائيا.
في الحالة الليبية التي شارك في حروبها وطنيون وأجانب، لا شك أن الأسرى الأجانب مرتزفة سوى من العدل والمساواة السودانية أو المعارضة التشادية أو مرتزقة إماراتيون ومصريون يعاملون وفقا للقوانين المحلية الليبية، من الإعدام أو السجن المؤيد أو المقايضة، ولا يلام هؤلاء على أعمالهم فهم أهل إجرام ومغامرة يستحقون ما يُفعل بهم بسبب لهتهم وراء المال بطرق غير مشروعة، أو تنفيذهم لمخططات بلدانهم المعادية للثورة الليبية.
أما الصنف الثاني فهم الليبيون الذين تم إحتجازهم بعد جمعهم من ساحة المعركة أو إستسلامهم بعد المشاركة في الحرب والذين يتجاوز عددهم الثلاث ألاف بين مدني وعسكري، وهولاء في القانون الدولي الإنساني ليسوا أسرى حرب، (فمصطلح "أسير الحرب" يشير إلى وضع خاص تمنحه إتفاقية جنيف الثالثة لجنود العدو ("المقاتلين") الذين يقعون في الأسر في نزاعات مسلحة دولية فقط وبذلك لا يحق محاكمتهم عن أفعال مشروعة وهي (مهاجمة العدو)، في حين أن المحتجزين الوطنيين من ساحات القتال يعتبرون متمردين على سلطة الدولة، ولا يعارض القانون الدولي الإنساني محاكمة المتمردين وإنزال العقوبات عليهم تبعا للقوانين المحلية، رغم أنه يشجع على العفو بعد إنقشاع المعارك. وبذلك فإن تطبيق القانون الدولي الإنساني لا يؤثر على سيادة الدولة أو على حق الحكومة في قمع التمرد عن طريق استخدام القوة المسلحة ومحاكمة المتمردين بموجب القوانين الوطنية.
في خلال السنوات الثمانية الماضية لم تستقر الدولة الليبية حتى تقوم بمراجعة كل القوانين السارية منذ حقبة الجماهيرية وبقيت معظم القوانين كما هي بنصوصها الجماهيرية والجمهورية، وبذلك فإن المتمردين سوى كانوا جنوداً تم إحتجازهم في ساحة المعركة أو ضباط أعطوا الأوامر وحرضوا على التمرد، فهم خاضعين للقانون العسكري الليبي، وبالمثل المتمردين المدنيين خاضعين لقانون العقوبات الليبي. ولقد قام القذافي بتنفيذ بنود تلك القوانين على مدار أربعة عقود، بداية من شنق أدم حواز أمام ساحة كلية الهندسة بطرابلس سنة 1976، إلى تصفية العقيد الجدك ورفاقه من ضباط بن وليد، بل هناك من لم يحاكموا محاكمة عادلة وتم تنفيذ الإعدام فيهم مثل ساسي زكري والشيخ البشتي وعمر المحيشي والكثيرين.
تقول المادة 42 من القانون العسكري: يعاقب بالإعدام كل من سعى لسلخ أي جزء من الجمهورية العربية الليبية أو لوضعها أو أي جزء منها تحت سيطرة أجنبية، وفي المادة 45: يعاقب بالإعدام كل من ارتكب إحدى الجرائم التالية بقصد معاونة العدو أو الإضرار بالشعب المسلح: وتوضح الفقرة 3: من بث روح التمرد أو العصيان أو الذعر بين الشعب المسلح.
كما توضح المادة 67 العصيان المدني والتمرد كما يأتي : يعتبر عصياناً اجتماع شخصين أو أكثر من العسكريين علناً وتمردهم أو ضجيجهم معلنين بذلك عدم إطاعتهم لأوامر رؤسائهم أو محاولين مقاومتهم أو الاعتداء عليهم ويعاقب مرتكبو العصيان بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات. علما بأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم كما في المادة 39. وخلاصة القول أن جنود وضباط بعض المدن الذين أعلنوا إنخراطهم للكرامة هو تمرد على سلطة الدولة المعترف بها دوليا وعربيا وإسلاميا ومعظم أفراد الشعب الليبي.
أما تمرد المدنيين فلهم مواد في قانون العقوبات الليبي، منها المادة 201 التي تختص باستعمال القوة ضد سلطات الدولة حيث تقول: يعاقب بالإعدام كل من دبر أو اشترك في أي عملية مسلحة ضد سلطات الدولة ولو كانت الأسلحة المعدة لذلك الغرض موضوعة في مستودع ما دامت لغرض الاستعمال. كما تقوم المادة 203 بتجريم الحرب الأهلية، التي تقول: يعاقب بالإعدام كل من يرتكب فعلاً غايته إثارة حرب أهلية في البلاد، أو تفتيت الوحدة الوطنية أو السعي للفرقة بين مواطني الجمهورية العربية الليبية. وتفيد المادة 165 بأن من رفع السلاح من الليبين ضد الدولة فعقوبتة الإعدام. وكذلك من خابر دولة اجنبية بقصد إستعدائها على ليبيا أو تمكينها من العدوان يعاقب بالإعدام. وأخيرا المادة 199 التي تتحدث عن إغتصاب قيادة عسكرية دون حق حيث تقول: يعاقب بالإعدام كل من تولى، لغرض إجرامي، قيادة فرقة أو وحدة من وحدات الجيش، وهناك الكثير من المواد المكملة والزاجرة لمن يخرج عن سلطة الدولة، علما بأن الإعتراف بسلطات الدولة ليس قرارا فرديا أو إختيارا شخصيا بل هو واقع دولي لا يفتي فيه أئمة ولا يقرره شيوخ القبائل في خيمة مهترئة، ولا فلول مشتتة تتقاطع مصالحهم من شخصيات معينة، بل للدول الحديثة ممثلين دبلوماسيين في العواصم وفي الهيئة الدولية للأمم المتحدة والبنك الدولي، ولها مسئوليات تجاه الإتفاقيات، وإلتزامات تقوم بها، فدولة طالبان لا وجود لها إلا عند مجموعة من المتشددين المتخلفين إسلاميا وحضاريا وإن كان خيارهم طالبان ولي أمرهم.
والجدير بالذكر" أن القانون لا يحمي المغفلين" ولا ينفع الندم بعد حدوت الجريمة، والقاضي لا يهتم كثيرا بالأسباب، فلكل أسبابه ودوافعه، ولقد رأينا الكثير ممن أحتجزو في غريان يصفون من غرر بهم بأقدع النعوت بعد أن ركب قائد الكرامة الحاسي سيارته المصفحة وترك غرفة العمليات والطائرات بدون طيار والأسلحة الأمريكية الممنوع تسليمها إلى طرف ثالث، ناهيك عن مئة وخمسون شابا ليبيا مغرر بهم إعتقدوا أن بناء ليبيا لا يتم إلا بتواجدهم في محاور القتال مع الإماراتيين والفرنسيين وقيامهم ببلاء حسن لتحرير البلاد من المليشيات القابعة في المصارف، والقضاء على الإخوان والمقاتلة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشرطة الباكستانية تشتبك مع متظاهرين بعد حظر جماعة حقوقية من
.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الذكرى الأولى
.. سكان في فلوريدا يسارعون للابتعاد عن مدنهم.. مع اقتراب إعصار
.. شاهد| اعتراض صواريخ أطلقت من جنوب لبنان في سماء قيساريا وحيف
.. حكومة بارنييه تنجو من حجب الثقة، ضوء على استراتيجات اليمين و