الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


#ليبيا/ تركيا/ -الحرب الأميركية المنسية-

رولا حسينات
(Rula Hessinat)

2019 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


#ليبيا/ تركيا/ "الحرب الأميركية المنسية"
بدأت القصة بعد معركة طرابلس علم 1551 ميلادي عندما هاجم فرسان الاستبارية (أو فرسان القديس يوحنا) ويمكن تسميتهم ((بالإنجليزية: Sovereign Military Order of Malta) أو (Knights Hospitaller)، وقد أطلق عليهم اسم فرسان المستشفى أو الإسبتارية باللغة الإيطالية Hospitaliers تمييزاً لهم عن هيئات الفرسان التي كانت موجودة في القدس في تلك الفترة كفرسان المعبد و"الفرسان التيوتون" وغيرهم، غير أنهم ساعدوا الغزو الصليبي وكانوا ضمانا لحيويته؛ ويمكن القول أنهم: فرقة عسكرية صليبية أو جماعة دينية صليبية محاربة كان لها دور بارز في الحروب الصليبية، كان مقرها في جزيرة رودوس، ومن ثم من قبرص حيث استمر فرسان الإسبتارية في مناوشة المسلمين عن طريق الرحلات البحرية، ومارسوا أعمال القرصنة ضد سفن المسلمين، إلا أن المقام لم يطب لهم هناك فعمد رئيسهم (وليم دي فاليت) للتخطيط لاحتلال رودوس وأخذها من العرب المسلمين، وبالفعل تمكن من ذلك ما بين عامي (1308 - 1310) ليصبح اسم نظام الفرسان الجديد (النظام السيادي لرودوس) أو (النظام السامي لفرسان رودوس).
وللسبب نفسه الذي سعى إليه الاسبارتيون لاحتلال رودوس سعى إليه الأتراك المسلمون إبان الحكم العثماني وذلك للاستيلاء عليها؛ وبخاصة بعد تزايد قرصنة الصليبيين لسفنهم وذلك بعد محاولات عديدة في الحصار، استمرت قرنًا من الزمان ولعل أهم حصارين هما حصار (1310، 1480) حتى أجبروا على الاستسلام، كان ذلك في عام 1522 مما أجبرهم على الهجرة عن الجزيرة في أول يناير 1523 بين عدة مدن منها: (سيفليل إسبانيا) و(كاندي سيلان) و(روما إيطاليا)، حتى قام الملك (شارك كنت) بمنحهم السيادة على جزيرة مالطا في عام 1530 والسيادة على عدة جزر صغيرة تابعة لمالطا ثم احتلت طرابلس في ليبيا.
أما عقدة القصة في أنَّ إيالة طرابلس الغرب هي إحدى إيالات الدولة العثمانية والتي أنشئت عام 1551م عقب احتلال الدولة العثمانية المنطقة من الأسبان، وبعد معركة طرابلس أو المعارك البربرية عام 1551م والتي هدفت لاحتلال قلعة طرابلس من فرسان الإسبتارية، ومن ثم استبدلت بولاية طرابلس الغرب نتيجة الإصلاح الإداري الذي حل بالتسمية فكانت الولاية مكان الإيالة.
أما عن سبب نسبتها للغرب (طرابلس الغرب) هو أنَّ طرابلس عاصمة الإيالة وبوجود أيالة أخرى تحمل نفس الاسم وهي طرابلس الشام.
وبعد أن كانت الغلبة للقرصنة الأوروبية أصبحت السيادة للأتراك المسلمين مدة طويلة من الزمن، وكان لهذه السيطرة أثره في فرض السيطرة البحرية على السفن التجارية الأوروبية، حيث كان على كل سفينة تجارية دفع مبلغ من المال لقاء حمايتها من القراصنة الذين كانوا يجوبون البحر المتوسط، وكانت مهمة الأساطيل الليبية والتونسية والجزائرية حماية السفن التجارية الأوروبية التي كانت تعبر البحر المتوسط مقابل رسوم تدفع لها من قبل الدول الأوروبية مالكتها، فقد كانت بعضا منها تدفع سنويا مبلغا من الجنيهات للخزانة الجزائرية، ومنها ما يقدم مهمات حربية وآلات في كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة ومنها ما يقدم ذخائر بحرية بمبالغ كبيرة.
ولم يكن ذلك إلا اعترافاً من هذه الدول وغيرها بأهمية الحماية التي يقدمها الأتراك المسلمون.
ولما كانت الولايات المتحدة الأمريكية دولة فتية آنذاك ولم تكن لتملك تلك القوة العسكرية، لحداثة استقلالها عن انجلترا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي سنة 1776 ولاحتياجها لبناء قوة تجارية فكان على أسطولها البحري الذي رفع أعلامه لأول مرة في عام سنة 1783، وسفنها التجارية أن تخضع للسيادة التركية أو العثمانية ودفع الرسوم المترتبة أو المفروضة لحمايتها كبقية السفن التجارية للدول الأوروبية.
غير أن السفن الأمريكية لم تنصع للأساطيل البحرية الليبية والجزائرية التي قام بحارتها الجزائريون بالتعرض لسفن الولايات المتحدة الأمريكية، وكان استيلاؤهم على إحدى سفنها ، وذلك في يوليو 1785 حتى بلغ عدد السفن الأمريكية التي تم الاستيلاء عليها 11 سفينة وقد سيقت إلى السواحل الجزائرية.
في ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة عاجزة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية، وكانت تحتاج إلى سنوات طويلة لبناء أسطول بحري يستطيع أن يواجه الأسطول العثماني مما اضطرها إلى إقامة الصلح مع الأمبراطورية العثمانية، وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 سبتمبر 1795 م، وقد تضمنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبة باللغة التركية، وفي الوقت نفسه هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية، وبمقتضاها استردت الولايات المتحدة أسراها، وضمنت عدم تعرض البحارة الجزائريين لسفنها.
ووقعت الولايات المتحدة الأمريكية معاهدة صلح مع بكلر حسن والي الجزائر في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، بمقتضاها تدفع إلى الجزائر على الفور 642 ألف دولار ذهبي، و1200 ليرة عثمانية، وذلك مقابل أن تطلق الجزائر سراح الأسرى الأمريكيين الموجودين لديها، وألا تتعرض لأي سفينة أمريكية تبحر في البحر المتوسط أو في المحيط الأطلسي.
وقد وقع يوسف باشا في الوقت نفسه معاهدة طرابلس مع الأميركيين يوم 4 نوفمبر 1796.
وتبرز أهمية معاهدة طرابلس (بالإنجليزية: Treaty of Tripoli) كونها أول معاهدة أبرمت بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيالة طرابلس الغرب في 4 نوفمبر 1796 وفي الجزائر (كطرف ثالث) عام 1797. وقد تم تقديمها إلى مجلس الشيوخ الأمريكي من قبل الرئيس جون آدامز عام 1797 و التصديق عليها في 10 يونيو من نفس السنة.
سبب شهرة هذه المعاهدة بأنها أشارت لأول مرة في تاريخها أن الولايات المتحدة ليست دولة مسيحية؛ وذلك حسب المادة 11 التي اعتبرها الليبراليون والعلمانيون في الولايات المتحدة وثيقة تؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقم على أساس مسيحي. وليس لها في حد ذاتها أى طابع عدائي ضد قوانين أو دين المسلمين؛ وحيث أن الولايات المتحدة لم تدخل أبدا في أي حرب من أي نوع، أو عمل من أعمال العدوان ضد أي شعب مسلم، فقد أعلن الطرفان أن لا ينشأ بسب الآراء الدينية أي انقطاع في الانسجام القائم بين البلدين.
أما قصة ليبيا فمختلفة بعض الشيء على الرغم من أن المعاهدة سميت بمعاهدة طرابلس ومن قبلها بالحرب الطرابلسية إلا أن القوات الليبية لم تكن كمثيلاتها فهي لم تشارك في أي مهاجمة على السفن الأمريكية طيلة عام كامل، وبالوقت نفسه لم تجن مالا كما جنت القوات الأخرى وكان ذلك لتوافق عدد من العوامل كسوء الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وعدم قدرة الباشا على الإنفاق على الجيش، ونتيجة للعلاقات الوطيدة بين انجلترا وبين الباشا وذلك للعداوة التي كانت قائمة بين الولايات المتحدة وبين دولة الاحتلال انجلترا، وكان ذلك بإعادة النظر ببنود المعاهدة التي تم توقيعها من قبل، أما أسطول الولاية فكان القوة التي يتم استثمارها لتحصيل الأموال أكثر بكثير من تأمين حماية البلاد من العدوان الخارجي وهي التي تفرض القوة والهيبة بنفس الوقت.
وكما هو الحال في زمننا فهناك بؤرة يتم استثمارها لتحصيل الأموال كيفما اتفق من أجل إثراء الصفوة الحاكمة العليا، والانفاق على الجيش وعلى النظام الحاكم. فكانت هذه القوة البحرية وتعدادها يشمل 20 سفينة مجهزة تجهيزا عسكريا جيدا ببحارتها البالغ عددهم حوالي الـ 1000 بحار.
وتحت شعار : "سوف نلقن ذلك الأبله – ويقصد حاكم طرابلس درساً لن ينساه في فنون القتال." كانت سياسة الرئيس الثالث للولايات المتحدة "توماس جيفرسون"، عندما أمر بإرسال قوة بحرية كان من شأنها حسب وجهة نظره أن تعيد الهيبة والقوة للسفن الأمريكية حيث تحركت القوات الأمريكية بأسطولها البحري إلى مياه المتوسط بقوة قوامها فرقاطتان جهزت كل منهما بـ44 مدفعا، وهما (بريزيدينت) و(فيلادلفيا)، وواحدة صغيرة مجهزة بـ32 مدفعا هي (إيسكس)، وأخرى شراعية مجهزة بـ12 مدفعا هي (انتربرايز). أتبع عباراته الرنانة: "سنجعله نصرا مدويا ندشن به حقبة جديدة لأسطولنا وتواجدنا العسكري في أكثر مناطق العالم حيوية، وبهذا أيها السادة نكون قد خطونا الخطوة الأولى نحو بناء الامبراطورية الأمريكية" وكانت أوامره التي قام بإصدارها إلى أسطوله في البحر المتوسط بفرض الحصار على ميناء طرابلس عام 1803 وقصف مدينة طرابلس بالمدافع.
في عام 1801، طلب يوسف باشا والي ليبيا زيادة الرسوم المدفوعة من قبل السفن الأمريكية إلا أن طلبه قوبل بالرفض من الرئيس الامريكى المتحمس توماس جيفرسون الذي ضرب بتلك المطالب عرض الحائط أملا بأن يلقن الباشا درسا قاسيا يتغنى به، ولما شعر الباشا بمماطلة الرئيس الأمريكي، فلم يكن منه إلا أن اتخذ قرارات هامة لعل من أبرزها تحطيم سارية العلم الأمريكي القائمة أمام القنصلية الأمريكية في طرابلس؛ ليس هذا وحسب بل كانت استراتيجيته العسكرية في أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم فكان قد أمر قواته البحرية بأن تجوب مياه المتوسط بحثا عن السفن الأمريكية لإجبارها على دفع الجزية.
وقد توالت بعد ذلك القرارات الحماسية من الطرفين فكان أن أقر الكونغرس الأمريكي قانونا لحماية التجارة الأمريكية، وبحارة الولايات المتحدة من خطر الطرادات الطرابلسية كان ذلك في 6 فبراير 1802.
«في ما يتعلق بالسلام قمتم فعلا بدفع اللازم، أما في ما يتعلق بالمحافظة على السلام فلم تدفعوا شيئا" تحت هذا الشعار كان جواب باشا طرابلس للقنصل الأمريكي ردا على رسالة حكومته عن عدم رضا حكومة الولايات المتحدة عن إهانة العلم الأمريكي ليس بتحطيمه بل وإحراقه وزاد الباشا الأوامر بطلب من القنصل الأمريكي مغادرة البلاد.
كانت ردة فعل القنصل الأمريكي بأن مزق المعاهدة التي تم توقيعها (معاهدة طرابلس/ 1796) بالواقع لم يكن أمام القنصل فعل أي شيء سوى تمزيق معاهدة السلام والصداقة، التي وقّعها مع طرابلس الغرب سنة 1796، ودقت بالفعل أجراس الحرب، التي لم يدرك عواقبها الأسطول الأمريكي إلا بعد أن عبرت السفن الأمريكية ميناء جبل طارق. الذي كان قراره بعد أن صعقته المفاجأة بإحراق أي من المراكب الطرابلسية.
وفي 31 أكتوبر 1803 تمكنت البحرية الليبية من أسر (المدمرة) الفرقاطة فيلادلفيا وتم احتجازها في ميناء طرابلس وعلى متنها 308 بحارة اميركيين استسلموا جميعا وعلى رأسهم قائدها الكابتن بينبريدج Bainbridge. وعندما عجز الأمريكيون عن استرداد هذه السفينة.
دفعوا لمرتزقة مالطا (الذين تم ذكرهم في البداية) الأموال لإحراق السفينة كليا وقبل احتراقها قام الليبيون بنزع الصاري وقاموا بوضعه على السراي الحمراء ومازال حتى اليوم.
كان هذا دافعا ليتسأل الكثيرون ما دخل طرابلس في نشيد القوة البحرية الأمريكية، ما حدث كان حافزا للولايات المتحدة بتأسيس قوة بحرية لتثأر من معركتها الخاسرة كان نشيدها الصباحي: (من قاعات مونتيزوما إلى شواطئ طرابلس نحن نحارب معارك بلادنا في الجو والأرض والبحر).
أما السياسة الأمريكية المعتادة: تمثلت بالمساهمة في تغيير نظام الحكم في طرابلس واستبداله، كما فعلت في أفغانستان والعراق وتحاول اليوم في إيران وتركيا.
وبالطبع كما هي سيرة العرب والصراع على الملك في أن أحمد باشا شقيق باشا طرابلس كان يشعر بأنه أحق بالعرش من أخيه فقد كانت استمالته بذلك سهلة.
وكان أن تمكنوا من إغواءه واقناعه بقدرتهم على تتويجه واليا لطرابلس بدلا من أخيه.
على صعيد آخر تمكنت قوات أمريكية بعبور الحدود الليبية من الجهة الشرقية عبر الحدود مع مصر واحتلال درنه ورفع العلم الأمريكي وكانت أول أرض تحتلها أمريكيا في ذلك الوقت.
غير أن الولايات المتحدة كانت حريصة على استمرارية المفاوضات لأنها بالفعل كانت غير عالمة بالحال الليبي وشراسته ولم تكن متيقنة تماما من قدرة أخيه على تولي زمام الأمور فقامت بدفع الغرامات المالية المترتبة عليها، ووافقت على توقيع معاهدة إنهاء الحرب في 10 يونيو 1805.
وبعد تبدل الأحوال وفي عام 1819 وبالتحديد بعد المعاهدات النابليونية التي على إثرها أضطرت الولايات التونسية والليبية والجزائرية من التخلي عن القرصنة كلياً. وكان أن أنهارت اقتصادياتها غير أنها لجأت إلى تجارة الرق والتي تزامن معارضتها وإلغاؤها من قبل أوروبا. مما اضطر باشا طرابلس أن يتنحى عن الحكم.
الأحقاد التي تنساها الشعوب لا يمكن لصناع القرار وقراء التاريخ أن ينسوها وهو الذي يبرر ما يحدث في ليبيا اليوم، ودعم قوات حفتر غير المبرر من القوات الفرنسية والأمريكية بشكل خاص والغربية بشكل عام، ناهيك عن الحملة التي تشنها قوات حفتر ضد الأتراك في ليبيا.
مفهوم زمن النسيان لم يعد موجودا في قواميس تصفية الحسابات وتسويف الحقائق وزمن القوة والتسابق في التسلح والضحية كالمعتاد من يطلبون من مجلس الأمن والمنظمات العالمية أن تنجدهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا