الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسودة قانون المحكمة الاتحادية العليا تكريس للطائفية وترويع للاقليات!

كوهر يوحنان عوديش

2019 / 7 / 9
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


تدمير العراق كوطن وتفكيك نسيجه الاجتماعي لم يكن بسبب ارهاب القاعدة ومن ثم ارهاب داعش، ولم يكن ايضا بسبب الانفلات الامني وغياب القانون فقط بل كان بسبب سيطرة الفاسدين على مقاليد الحكم والتحكم الى الدستور الاعوج والمناقض لنفسه في الكثير من بنوده بسبب صياغته من قبل اشخاص لا يفقهون من القانون والدستور شيئا اضافة الى عدم تطبيقه كاملا بل طبق جزئيا وانتقائيا ليخدم مصالح واهداف الطبقة الحاكمة المسيطرة على مقاليد الحكم بعد 2003.
لا يختلف اثنان على حجم معاناة العراقيين ككل الكبيرة بسبب سيطرة الفاسدين على مقاليد الحكم وغياب القانون وعجزه في ملاحقة ومحاكمة المتلاعبين باموال وارواح ابناء الشعب العراقي، لكن تظل وتبقى معاناة المكونات غير المسلمة اكبر واقسى بسبب قلتهم العددية ومصادرة ارادتهم وسلب حقوقهم وحرياتهم بالتشريعات والقوانين المجحفة التي تسن بالضد من معتقداتهم وحقوقهم، واخرها مسودة قانون المحكمة الاتحادية العليا التي تهمش وجودهم وتجسد في فكرهم وعقولهم ظلامية المستقبل الذي ينتظرهم في وطن يحاصرهم ويشد الخناق على انفاسهم باستمرار دون انصاف.
تثير مسودة قانون المحكمة الاتحادية الكثير من الهلع والخوف في نفوس المكونات غير المسلمة بسبب تهميشهم اولا، وضم عضويتها لاربعة خبراء في الفقه الاسلامي ( اثنان شيعة ومثلهم سنة! ) بحسب المادة -2 – د- من مسودة القانون، وبذلك فانها تخلط بين القضاء والشريعة وتخالف الدستور النافذ في مادته ( 47 ) التي تنص على مبدأ الفصل بين السلطات، اضافة الى مخالفتها للمادة ( 19 ) من الدستور النافذ ( اولا:- القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون. )، لان اشراك فقهاء الشريعة في عضوية المحكمة الاتحادية التي حددت اختصاصاتها وصلاحيتها في المادة ( 93 ) من الدستور النافذ بالرقابة على دستورية القوانين وتفسير نصوص الدستور والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الاقاليم والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب... يعتبر تدخلا سافرا في عمل القضاء ويضع استقلالية هذه المحكمة على المحك وموضع شك وارتياب، لان قرارات المحكمة تكون تحت رحمة فقهاء الشريعة، شئنا ام ابينا، الذين انضموا الى عضوية المحكمة تحت غطاء الدين! ولهم صلاحية واسعة للاعتراض على قرارات المحكمة، ومن جهة اخرى فان اشراك فقهاء الشريعة من السنة والشيعة فقط! بنفس الاعضاء هو تكريس للطائفية التي دمرت البلد.
وانصافا للمكونات! واشعارهم بوجودهم وعدم تهميشهم فان مسودة القانون تنص في المادة ( 4 ) ( أ- يحفظ في تكوين المحكمة التوازن الدستوري بين مكونات الشعب العراقي. )، لا اعتقد ان هذه المادة اضيفت الى مسودة القانون لانصاف المكونات غير المسلمة، بل بالعكس اضيفت مجاملة لتجميل مسودة القانون لا اكثر ولا اقل لان المادة ( 2 ) من مسودة القانون حددت تكوين المحكمة وعضويتها والتي خلت من اية اشارة صريحة الى ضم عضويتها لمسيحي او ايزيدي او صابئي ... فكيف للمحكمة ان تحفظ التوازن الدستوري للمكونات اذا لم يكن في عضويتها ولو عضو واحد من هذه المكونات غير المسلمة؟
ان مسودة قانون المحكمة الاتحادية بصيغته الحالية هو اسلوب ووسيلة من نوع اخر لترويع المكونات غير المسلمة واجبارهم على ترك البلد، لذلك على مسؤولي وحكام العراق الجدد الذين يدعون الديمقراطية ويبكون على حريات المكونات وبقائهم في الوطن ان يراجعوا القانون مليون قبل طرحه على البرلمان للتصويت عليه وتمريره، والا فليعلنوا صراحة ان العراق الجديد! لا يتسع لغير المسلمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و