الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فياغرا السياسة

باسم السعيدي

2006 / 5 / 9
كتابات ساخرة


رب قارئ تتبادر الى ذهنه أفكارٌ عدّة حول هذه التسمية الغريبة – فياغرا السياسة – وقد يخوض في شخصية ( كاتب السطور) ويضرب أخماساً بأسداس ليستخرج الجذر التربيعي لعملية (إخصاء وطن) مستنتجاً أن الكاتب لا يعدو كونه عميلاً لكل ما أنزل الله وما لم ينزل به من سلطان إبتداءاً من عفلق (رض) وليس إنتهاءاً بالزرقاوي (ع ض ) مروراً بالإحتلال الأمريكي (ق ض ) .
ولكي لا أتيح للقارئ هذه النزهة السياحية من الترف الفكري أحيله الى محكمة الذوات العراقية التي تفرَّدت عن كل شعوب الأرض بتعددية الفياغرا السياسية .
الفياغرا (بحسب الاصطلاح الطبي) هي نوع من العلاج يخرم القاعدة العقلية القائلة (فاقد الشيء لا يعطيه) لتحيلها بقدرة (مختبرات الطب الغربية) الى (فاقد الشيء يستطيع الحصول عليه ومن ثم يعطيه) ... ولعل مردّ هذه القاعدة يعود الى المقولة الشهيرة لصدام حسين قائد خبز الحصة الأسمر (تأسياً بالسواعد السمر) وحتى لا يصبح الوطن في أتون معركة تناقضات بين – سمرة السواعد وبياض الخبز – هذه المقولة ( كل العاملين الجيدين هم بعثيون وإن لم ينتموا) .
إذن فمختبرات العالم الغربي أخذت من الحضارة العربية الحديثة ، ولم تكن بمعزلٍ عنها حين أطلقت سلاح الـ ..... الشامل – فياغرا – ولما كانت هذه التكنولوجيا ملكاً لكل البشرية وليست حكراً على ذوي العيون الزرق فمن الممكن بل الاستحباب المؤكد الاستفادة من سلاح (رفع الرأس عالياً) هذا وإدخال كل التقنيّات الى عالمنا العربي والعراقي خصوصاً بعد أن أصبح - نموذجاً - تقدمه الولايات المتحدة الى الشرق الأوسط الكبير .
لكن فياغرتنا ليست كفياغرتهم .. ومن يتوهم عكس ذلك فهو بحاجة الى – فياغرا – تعيد اليه توازنه الذي فقده إبان الانهزامية المتراكمة منذ سايكس بيكو والى يوم إعتراف الرئيس جلال الطالباني بالحوارمع الجماعات ذات الدخل المحدود في عراق ما بعد الزيتوني .
الفياغرا السياسية لا تختلف عن الفياغرا الطبية الا من حيث الـ (Chemical Composition) أو الـ (Composition) وحده ، فعملية الظهور بظاهرة (التعملق) طبياً تم حلُّها مختبرياً وسريرياً وأصبح من ليس فيه عرقٌ ينبض أصبح من أساطير هذا القرن حتى إن الحاج متولي بنى بأربعٍ من غير تأفف أو تذمر، بينما ترى تداعيات الفياغرا السياسية أعظم أثراً وأكبر وقعاً وأوسع (تعملقاً) من أربع .
فالفياغرا السياسية هي في حقيقتها إلتفاف على الإمكانات في الواقع السياسي ، فآليات بناء الدولة – بمؤسساتها – تسمح بسياقات عملياتية من أجل تسويق الواقع السياسي على أساس الآليات ، ويفترض بتلك الآليات أن تكون نابعة من الشعب والى الشعب والشعب نفسه رقيبٌ عليها عبر صناديق الإقتراع ، الا إن الفياغرا السياسية تسمح بتجاوز الإرادة الشعبية من خلال (تكميمها) عبر الميليشيات (الفياغرا) ، ويمكن لتيار أو حركة أو حزب أو حتى مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق ممن لا (.......) له يمكن له أن يصبح ذا باعٍ طوييييييل ومدٍّ كبير وذراع متين عبر الفياغرا .

الانتخابات التي جرت في ديسمبر 2005 تركت الجميع بلا باع أو ذراع طولى يستطيع من خلالها – فرض – إرادته على الفرقاء وبهذا لن يكون بإمكانه – تحقيق – المطالب الوطنية التقدمية الاصلاحية التي لا يشاركه فيها الرأي بقية أبناء الوطن .. الا إن الفياغرا تستطيع – بشكل أو بآخر – أن تجعل ارادته قابلة للتحقق من الضغط عبر الفياغرا .
هذا الكلام ينطبق على كل من حاول في فترة ما – تطبيع – الأوضاع في مناطق نفوذه عبر الفياغرا تلك .
أما بالنسبة للمجاميع المسلَّحة الملثَّمة فقد فشلت في إقناع الشريحة الأوسع من قطاعات الشعب بمقاطعة الانتخابات الأولى 30-1-2005 ، وخسرت البقية الباقية يوم 15-12-2005 حين خرجت الملايين الإحدى عشرة للتصويت بغض النظر عمَّن فاز بتلك الأصوات ، وإذا ما إعتبرنا هذا الخروج للتصويت تصويتاً على شرعية هذه المجاميع لقلنا بأنها فشلت في نيل الثقة بمشروعها المسلَّح .
على أية حال فإن جميع هذه المفردات من الواقع السياسي لا تمتلك التفويض الشعبي لممارساتها .. ولكن هل تعترف تلك المفردات بهذه الحقيقة ؟ وتنصاع للإرادة الشعبية في إلقاء السلاح وتركه بيد الدولة ومؤسساتها بعيداً عن الميليشيوية والمجاميع المسلَّحة ؟
الجواب عن هذا السؤال بحسب ما يقوله الواقع العراقي ... لا.
بدلاً من محاولة فهم تطلعات الشعب العراقي لدولة النظام والقانون والحرية راحت تلك المفردات (على إختلافها) تتناول الفياغرا السياسية من خلال الميليشيات التي تفرض واقعاً (متعملقاً) يخفي التَقَزُّم التي تحياه كل تلك المفردات ، فالفشل في بناء مؤسسات أمنية وطنية قادرة على كسب ونيل ثقة المواطن بعيداً عن إنتمائه هذا الفشل إنعكس على شكل أعمالٍ ميليشيوية تحاول إيصال الرسالة الى كل معارضي هذا المنهج (العملية السياسية الحالية) مُفادُها – الموت – والموت وحده هو الرسالة (حَبَّة الفياغرا السياسية) التي يفرض على الآخر الإنصياع لذراعها الطويل.
فياغرا سياسية تمارسها الأحزاب.
فياغرا سياسية تمارسها الأجهزة الأمنية لتخفي الفشل في درء المخاطر عن المواطن .
فياغرا سياسية يمارسها ساسة يحاولون إيهام الآخرين بأنهم وراء (المقاومة) وأن بمقدورهم وقف العنف وإنقاذ البلد .
فياغرا سياسية تمارسها المجاميع المسلَّحة الملثمة لإقناع المواطن بتأييد (المقاومة) من خلال تخويف المواطن وتهديده بالموت وجعل الحياة ليست أكبر من ثقب صغير في باب الدخول الى حفلة شواء تؤدي الى الآخرة .
فياغرا سياسية تمارسها الولايات المتحدة على الزعماء العراقيين من أجل الرضوخ الى مطالبها وترغمهم على الظهور مبتسمين بوجه الكاميرات .
فياغرا سياسية يمارسها الجميع بحق هذا الشعب المسكين .. ظانِّين بأنه وحده هو (الخصيّ) في هذه المعادلة ..
وأكثر ما أخشاه هو أن يكونون مصيبين في هذا الوصف (لقلاقيل الوطن).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-