الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنترنت حق من حقوق الانسان الأساسية .. وهل في ذلك شك ؟

الصادق أحمد عبيدة

2019 / 7 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة فك الحظر على استخدام الانترنت في السودان بعد ان قام المجلس العسكري الانتقالي بحجبه عن المواطنين عقب مذبحة فض الاعتصام التي راح ضحيتها مئات القتلى في الثالث من يونيو 2019، يتبادر الى الذهن هذا السؤال القديم المتجدد: ماذا يمكن ان يحدث خلال دقيقة واحدة في عالم الأنترنت اليوم؟
حسبما جاء في موقع (فيزوال كابيتاليست) للعام 2019، هل تعلم ان في الدقيقة الواحدة يتم تبادل 188 مليون رسالة عبر البريد الالكتروني، وان موقع قوقل يقوم بمعالجة 3.8 مليون سؤال؟ وان عدد مرات الدخول الى منصة فيسبوك يبلغ مليون مرة؟ ويتم تبادل 18.1 مليون رسالة نصية؟ وتتم مشاهدة 4.5 مليون مقطع فيديو عبر اليوتوب؟ كما يتم تداول 2.1 مليون صورة عبر تطبيق سناب شات ويتصفح انستجرام عدد 347,22 ألف شخص؟ وان حجم الأموال التي يتم انفاقها خلال التسوق عبر الانترنت خلال دقيقة واحدة يبلغ 996,956 ألف دولار؟
إذن فالإنترنت هو الوسيلة الأولى بلا منازع للحصول على المعلومة بالسرعة المطلوبة، وهو أمر ضروري للتنمية المستدامة والامن والسلم العالميين.لكن مع ذلك دأبت بعض الدول كتلك التي طالها الربيع العربي مثل مصرو سوريا وليبيا الى التحكم في الانترنت لقمع معارضيها وذلك نسبة للدور الكبير الذي لعبته الانترنت في هذه الثورات من توعية وتوجيه للرأي العام الذي أطاح بأنظمة كان ابسط ما يقال عنها انها ذات قبضة امنية متينة. وقد تم رصد 15 عملية إغلاق موثقة فى عام 2015، بما فى ذلك فى البرازيل والهند تركيا. وفي عام 2016 توسعت قائمة عمليات الإغلاق الموثقة إلى 56 بلدا وشملت بلدان مثل الجزائر وإثيوبيا وباكستان.
تسبب انقطاع الانترنت في خسائر مادية ومعنوية ونفسية كبيرة لا تحصى ولا تعد - على الأقل في الوقت الحالي. فخسائر الشركات العاملة في السودان تقدر بملايين الدولارات، وهي خسائر السودان في غنى عنها خاصة وان تدهور الأوضاع الاقتصادية كان هو المحرك المباشر للإحتجاجات الشعبية في ديسمبر 2018. كما أدى حجب الانترنت الى عزل السودانيين عن العالم الخارجي وازداد قلق وتوتر السودانيين المقيمين في الخارج على ذويهم في الداخل خاصة بعد مجزرة فض الاعتصام من أمام القيادة العامة للقوات المسلحة التي جرت أحداثها أمام اعينهم عبر الوسائط الالكترونية قبل يوم واحد فقط من انقطاع الانترنت.
أضحت الأنترنت من الأهمية بمكان حيث أعلنت الأمم المتحدة في قرار لها صدر في يوليو 2016 أن الوصول الى الأنترنت هو حق من حقوق الانسان، وان قطع الخدمة من المشتركين تعتبر انتهاكا للقانون الدولي لحقوق الانسان ومخالفا للمادة 19 فقرة 2 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي تنص على (لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها). كما تبنت كثير من الدول القوانين التي تفرض ضمانات إتاحة الوصول بشكل واسع النطاق الى الانترنت ومنع الدولة من فرض قيود غير مقبولة على مقدرة الفرد على الوصول الى المعلومات وشبكة الانترنت مثال لذلك فرنسا واستونيا واليونان واسبانيا وكوستاريكا وفنلندا التي أعطت وزارة الاتصالات فيها الحق لأي مواطن بالحصول على نطاق اتصال عريض بقدرة واحد ميجابت في الثانية منذ العام 2010، ارتفع بحلول العام 2015 الى 100 ميجابت في الثانية.
واقع الامر ان كل هذه التدابير والمعايير لا تكفي وحدها لمنع الحكومات من التلاعب والالتفاف حولها لتبرير قراراتها بقطع الانترنت متى ما رأت ذلك ضروريا لتكميم أفواه معارضيها متحججة (بتهديد الأمن الوطني) مثل ما جاء على لسان الناطق الرسمي للمجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي. لذلك فان حل هذا المشكل يقع اغلبه في ايدي النشطاء أنفسهم وذلك بتكثيف حملات التوعية الجماهيرية وشحذ الغضب العام عبر الوسائل الثورية الأخرى لممارسة الضغط على الحكومة كالتواصل مع مجموعات محاربة انقطاع الانترنت مثل مجوعة أكسيس ناو، وتنظيم الحملات على شاكلة حملة (كيب ات اون) التي تهدف لبناء الوعي بإغلاق الانترنت. كذلك استطاع ثوار السودان عبر الاعلام التقليدي البديل كالرسائل النصية والمخاطبات المباشرة في الاحياء وتوزيع المنشورات والاعلام الشفهي من تسيير مليونية 30 يونيو2019 التي زلزلت اركان المجلس العسكري وأجبرته على الجلوس الى طاولة المفاوضات والوصول الى اتفاق مع قوى الحرية والتغير.
كذلك يقع على النشطاء توعية شركات القطاع الخاص بضرورة الضغط على الحكومات التي يتعاملون معها من اجل احترام الحق في الأنترنت عن طريق التهديد بسحب استثماراتهم. كما يجب ان يتمكن النشطاء من تعبئة المجتمع الدولي لإدانة سلوك الدول القمعية. يمكن أيضا التواصل مع السفارات الأجنبية وشركات الاتصالات ومزودي خدمات الأنترنت وغيرهم من صناع القرار من أجل استغلال نفوذهم في الضغط على الحكومات المنتهكة لحق الحصول على خدمات الانترنت..
وأخيرا يجب على نشطاء حقوق الانسان والقانونيين إدراج قطع الانترنت ضمن الجرائم التي ارتكبها المجلس العسكري الانتقالي ضد الانسان السوداني وتبقى مقارعة حجة المجلس القائمة على (حفظ الأمن القومي) بحجة الخسائر المادية والمعنوية والنفسية التي تسبب فيها الانقطاع. ولا ننسى أن ذات المجلس العسكري مازال شريكا في المرحلة الانتقالية القادمة، هذا إذا لم يكن هو الحاكم الفعلي على الأقل في النصف الأول من الفترة، وأن بإمكانه فعلها مرة أخرى إذا لم ننتبه لذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو