الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خرافة البحث عن الحقيقة!

محمد الشهاوي
(Muhammad Alshahawy)

2019 / 7 / 12
الطب , والعلوم


واحدةٌ من أكثر الأفكار المثاليَّة انتشارًا بين العامة والخاصة، والتي يُعتقد أنَّها أمارةٌ على الرُشد العقلي، والوعي، والحياد التام. الباحث الجاد لا يبحث عن الحقيقة، لأنَّ البحث عن شيءٍ يتطلَّب معرفته أولًا، فعندما أقول إنَّني أبحث عن مفتاح البيت، فأنا أعي وأُدرك وأفهم تمامًا ما أبحث عنه. فأثناء بحثي عن المفتاح، لو صادفتُ ملعقةً أو سكينًا أو فردة حذاء؛ فسوف أتجاهلها، لأنَّها ليست ما أبحثُ عنه، وحتَّى إن عثرتُ على قلادةٍ ذهبيَّةٍ، فسوف أخذها وأضعها في جيبي، ثم أستمر في البحث عن المفتاح، ولن أعتبر حصولي على القلادة آخر المطاف. لماذا؟ لأنَّني أبحث عن شيءٍ بعينه، أعرفه على التعيين، وطالما لم أجده؛ فإنَّني سأظل أعتبر نفسي باحثًا عنه، مهما صادفتني أشياءٌ أخرى غير التي أبحث عنها. إنَّ فكرة البحث عن الحقيقة تُعتبر، بالنسبة إلى الكثيرين، بحثًا عمَّا يدعم "معرفتهم" المُسبقة. بحثًا عن أدلةٍ تدعم الحقيقة التي في أذهانهم، ولهذا فإنَّهم لن يقبلوا بأي نتيجةٍ لا تُؤدي هذا الغرض أو تتعارض معه. ولهذا نجد كثيرًا من المُتدينين يُرددون أنَّ المُلحد (مثلًا) إذا كان باحثًا عن الحقيقة بصدقٍ؛ فسوف يجدها، وهم يعنون بذلك تلك الحقيقة التي في أذهانهم (أنَّ الله موجود). وأي نتيجةٍ قد يصل إليها المُلحد في بحثه، ولا تقوده إلى تلك الحقيقة التي في ذهنه، لن يتم الاعتراف بها؛ بل وقد تكون دليلًا على جحود المُلحد، وعناده، ومُكابرته، وعدم جدّيته في البحث عن الحقيقة لا أكثر. نحن لا نبحث عن الحقيقة؛ لأنَّنا لا نعرف ما هي أصلًا. نحنُ، يا جماعة الخيْر، لا نبحثُ عن حقيقةٍ ما. نحن- ببساطة- نُحاولُ أن نفهم العالم من حولنا، كما هو، دون افتراضاتٍ مُسبقةٍ، ودون أفكارٍ مُسبَّقةٍ، وكذا دون تحيُّزٍ ذاتي أو تأكيدي، وما نجدُ عليه دليلًا علميًا قويًا نعتبرُهُ "حقيقة" سواءٌ كان ذلك ضد الدين أو معه، وكل ما هو دون ذلك فهو محضُ افتراضٍ لا يرقى إلى مستوى الحقيقة، تمامًا كما أنَّ قياس الحقيقة على تجربة الفرد الشخصية ليست معياراً يمتُّ لها بكلِّ الصلات؛ فحتى التجربة الشخصية ليست ترقى لتصبح حتى مجرد مقدَّمة مِن مقدمات البرهان منطقيًا...










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا نحمي أطفالنا من مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع وسائل الإعلام من تغطية اعتصام معهد




.. الجزيرة ترصد تزايد أعداد السفن المنتظرة في المياه الإقليمية


.. واشنطن تستعمل التكنولوجيا لكسب تأييد جزر المحيط الهادي




.. ??طلاب من معهد العلوم السياسية في باريس ينددون بالحرب الإسرا