الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خاطرة صغيرة من مذكراتي - على جدار الثورة السورية رقم - 221

جريس الهامس

2019 / 7 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


خاطرة صغيرة من مذكراتي - على جدار الثورة السورية . - رقم 221
كان شعبنا واحداً في السرّاء والضرّاء ضد المحتلين الأتراك وطغيانهم ونهبهم كل ما يقع تحت أيديهم في المدن السورية وخصوصاً في الريف السوري البائس الذي كانوا يزيدونه بؤساًإلى جانب َسوْق الشبان السوريين إلى حروبهم الإستعمارية من البلقان إلى اليمن ومصر. وكان شعبنا يطلق التجنيد إسم ( السوقيات ) ..
كان في معظم منازل القرية نول للنسيج يتقن أفراد الأسرة العمل عليه وإنتاج مايحتاجونه من ملابس وبياضات صوفية وقطنية وبسط وعباءات وغيرها وكان بعض الشبان يحملون إنتاجهم عبر منطقة الجرد غربي صيدنايا لبيعه في قرى لبنان ...وكانت الوالدة تحدثنا عن المخاطر والمحن التي كانت تعترضهم لإنتزاع حق الحياة في تلك العهود الظلامية التي تسودها شريعة االغاب حيث اللاقانون وماكانوا يعانونه من قطاع الطرق المنتشرين كالضباع الكاسرة في كل الطرقات ..
في إحدى المرّات بعد خروج الوالدة برفقة والدي من دمشق ومعهما مشتريات بسيطة للعائلة والأهل مع ربطات الغزل للنسيج على ظهربغل بإتجاه القرية عبر جبال القلمون الجنوبي - ( قبل وجود السيارة ووسائل المواصلات الحديثة حيث نسجل للتاريخ أن أول سيارة بين دمشق والقرية كانت عام 1920 للسيد " جريس بلندا " الذي كان منزله في ساحة العين مقابل مبنى البلدية في القرية وهو إبن خالة والدي ) - إعترضتهم بين قرية (حرنة ) و- التل - عصابة من قطاع الطرق إستولوا على البغل وإعتدواعلى والدي الذي قاومهم بالحجارة و بخنجره وعصاه ...أما الوالدة فهربت بإتجاه منازل القرية وطرقت باب أول منزل وصلته مستنجدة بأهله لإنقاذ والدي ..وكان منزل أحد فلاحي حرنة يدعى ( أبو أحمد ) وزوجته تدعى ( نعامة)خرج الشهم ومعه شبان القرية بعد سماعهم نداء النجدة وأنقذوا الوالد من مخالبهم وفرّ المعتدون .كان الوالد جريحاً.لم يتركوه أبدا إستضافوه مع الوالدة حتى توقف النزيف في اليوم التالي.. وكانت سيدة المنزل ( نعامة) تعاملهم كأهلها تماماً وتوطدت الصداقة والأخوة معهم وأقسمت والدتي إذا رزقت بإبنة ستسميها (نعامة ) محبة لصديقتها ( نعامة ) سيدة قرية ( حرنة) التي أضحت اليوم حياَ من أحياء مدينة التل...وهكذا حملت شقيقتي الكبرى إسم ( نعامة )هذا هو شعبنا الذي لايعرف الطائفية إل في حكم االعسكر الإستعماري .
كانت صيدنايا القرية عائلة واحدة وطائفة واحدة تنتزع حق الحياة بسواعد ومعاول وتكاتف أبنائها من أرضها البعلية الشحيحة الموارد ومن بين صخورها ..ولم تنجح جميع الدعوات الطائفية منذ العهد التركي ثم الإستعمار الفرنسي في تمزيق وحدة شعبنا الوطنية والمجتمعية التي بقيت سليمة حتى ستينات القرن العشرين قبل إغتصاب العسكر للسلطة من الشعب..
كانت طفولتنا سعيدة ومنطلقة رغم البؤس والمعاناة .كانت القرية كلها ملعبنا والجميع أهلنا وأقاربنا , وكانت القرية كلها طبقة واحدةمن الفلاحين الفقراءو والحرفيين والعمال . ولاتزال شقاوة الطفولة,ورائحة البيلسان, والورد البلدي,والزيزفون , والريحان, والأرض, والكروم ,تعبق في ذاكرتنا,ولاتزال كل كبيرة وصغيرة في طفولتنا وشبابنا , تحفزّنا للكتابة , وتمنحنا الصبر والصمود. في غربتنا الطويلة المريرة التي تنيخ لها قمم الجبال لقساوتها في شيخوختنا بعيدين عن أرضنا المنهوبة ووطننا المحتل والأسير .. ويعطينا الإيمان بإنتصار النور على الظلام المستنسر. ,والإنسان وحق الحياة الحرة والديمقراطية على الطاغوت العسكري والطائفية القذرة . ويمنحنا الأمل لنبني وطناَ حياًمن لحم ودم , لاطيف وطن ..وطناًمحرراً من الإستبداد والإستغلال يحترم الإنسان والعلم والعقل ويتحرر من عبودية النقل وأربابه إلى الأبد ...- 12/ 7 - لاهاي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف