الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتمية الخيار العسكري الامريكي ضد ايران

طه معروف

2006 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


منذ سقوط الكتلة السوفيتية وزوال هيمنةالعالم الثنائي القطب وتفرد امريكا بقيادة العالم ،طرأت تغيرات جوهرية على مكانة امريكا وسياستها ؛ تتجسد في تشديد النزعة العسكرتارية والتركيز على التهديدات العسكرية حتى بات الخيار العسكري لمواجهة الازمات، من اولويات الحكومة المذكورة وحلت سياسة الضربة الاستباقية محل سياسة الاحتواء وكأي دولة توتاليتارية ،خول مجلس الشيوخ رئيس الادارة الامريكية اعلان شن الحرب على اي دولة وفقا لاهداف واستراتيجية الحكومة الامريكية. لم يقف الامر عند هذا الحد بل صار التهديد بالحصار او فرضه، اثناء بروزو نشؤ الازمات تعقبه، على الارجح،العمليات العسكرية، مثلما حدث في يوغوسلافيا وتكرر في افغانستان والعراق اي ان التهديد بالحصار هو بداية لشن عمل عسكري وفق النظرية الامريكية الجديدة.
ولكن اين تكمن ضرورة اللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران والتهديد بالضربة النووية ؟ ان تفعيل الملف النووي الايراني وتحويله الى قضية دولية ساخنة والتحذيرمن خطر الحكومة الاسلامية المتنامية على السلام العالمي او دعم ايران للحركات الارهابية في منطقة الشرق الاوسط او تصدير الاسلاموية وتهديد اسرائيل وممارسة القمع السياسي ضد الجماهير الايرانية وتحديد انتهاكات اخرى كثيرة من هذا القبيل والتي يرددها الاعلام والصحافة الامريكية والغربية، و ما الى ذلك من تبريرات لإستخدام القوة العسكرية ضد هذا الخطر المحتمل حسب قولهم ،لا تشكل اطلاقا السبب وراء الإصرار الأمريكي على اللجؤ الى الخيار العسكري. مثلما كانت اسلحة الدمار الشامل قد تحولت الى ذريعة دعائية لضرب العراق ،صارالملف النووي الايراني وسيلة للتغطية على السبب الحقيقي في تصميم الحكومة الامريكية للسير قدما في هذا الاتجاه . أكد رئيس الادارة الامريكية بوش علنا ان: ((الخيار العسكري ضد ايران وضع على طاولة الحكومة الامريكية)) وهذا لا يعني في اللغة السياسية للحكومة الامريكية سوى الإقرار بشن العملية العسكرية في اي لحظة، اي ان العملية جاهزة للتنفيذ بعدما قرروا بشأنها .
ان وقوع امريكا في المصيدة العراقية وعدم تحقيق اهدافها الحقيقية المتمثلة:( بتثبيت جبروتها العسكري للهيمنة على العالم امام منافساتها الدوليات في الميدان السياسي والاقتصادي) تطرح بالضرورة استخدام الخيار العسكري هذه المرة( بأشد القوى الفتاكة)لتنذر منافساتها ،ولتقول لهم، بأنها قادرة ومصممة على تدمير العالم إذا وقعت مصالحها في خطر ((وهذه هي، في الحقيقة، رسالة واسلوب الدولة القائدة للعالم في اوضاعنا المعاصرة )) ، يضاف الى ذلك ان معلومات تسربت من اكثر من جهة امريكية مسؤولة تفيد بإحتمال استخدام الاسلحة النووية بحجة خرق تحصينات المنشآت النووية الايرانية ، رغم احتمال وقوع اكبر كارثة بيئية نتيجة الاشعاع الذري في المنطقة في حال وقوعها ،إلا أن الأدارة الامريكية تحتاج الى مثل تلك العمليات المدمرة لكي تتصدى لمنافساتها العالميات ولتعوض عن فشلها في العراق ولتبين إمكانيتها على تدمير العالم وإعادة توجيه هذه الضربات الى اي جهة اخرى تحاول المساس بموقعها السياسي والاقتصادي في العالم. وجاءت هذه المواقف الامريكية ذات النزعة العسكرية الفاشية ،بعد تراجعها وضعف قدرتها الاقتصادية لمواجهة الغزو الاقتصادي الاوروبي والصيني والياباني. وخلال الزيارة الاخيرة للرئيس الصيني الى امريكا ،اعلن رئيسها قلقه بشأن النمو الاقتصادي الصيني وسقوط الاسواق الامريكية امام السلع والبضائع الصينية الرخيصة المناسبة للقدرة الشرائية لمعظم الامريكيين ذوي الدخول المنخفضة والذين يشكلون رافعة الاقتصاد الامريكي في ميدان الاستهلاك وتطور الانتاج، وصرح اكثر من مسؤول امريكي بأن "الشراكة الاقتصادية" مع اليابان و الصين تحولت الى عبأ ثقيل على الاقتصاد الامريكي وتراجع معدل النمو الاقتصادي مقابل ارتفاع ملحوظ وسريع في معدل النمو في تلك الدول وخصوصا الصين التي تجاوزت معدل النمو الامريكي بصورة ملحوظة .
ان المشكلة الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الامريكي هو العجز الهائل في الميزانية الامريكية؛ قال بيتر موريتشي،الخبير الاقتصادي بجامعة ماريلاند"سيواصل العجز التجاري دفع نمو الاقتصادي الامريكي للخلف في ظل ارتفاع اسعار النفط واستثمار الصين قدرات تصديرية جديدة" وهذا يبين بوضوح مدى القلق الامريكي بشأن مكانتها الاقتصادية في العالم التي تؤثر سلبا على مكانتها وموقعها السياسي والعسكري ايضا، لإن النهج العسكرتاري الامريكي لقيادة العالم مرتبط بالقدرة والامكانية الاقتصادية التي تلازمها وحدوث اي خلل في هذه المعادلة سيحدد او يقضي على العالم الأحادي القطب بقيادة امريكا. ويمكن للمرأ ان يبحث من هذه الزاوية فقط الاصرار الامريكي على توجيه الضربة العسكرية لايران وأما الادعائات الفارغة حول الديمقراطية والارهاب والسلاح النووي الايراني، لا تعدو سوى حملة مضللة لإخفاء الجوهر الحقيقي للموقف والسياسة الامريكية في الظرف الراهن بهدف تجميع القوى وإقامة الكتل السياسية الحليفة .
اما الحكومة الاسلامية الايرانية فهي تعمل جاهدة على تصعيد الموقف للتعجيل بالضربة الامريكية المحتملة وهي تدرك وتعلم علم اليقين بان هذه الضربة تشكل ضرورة حياتية لتمديد عمر النظام مستثمرة اياها كوسيلة لقمع الجماهير وإدامة الحرب عليها، بحجة العدو الخارجي، كما في ايام الحرب العراقية الايرانية التي ارتكب فيها الحكومة الاسلامية جرائم قل مثيلها في اي دولة استبدادية .
ايران( متفائلة بشأن الحرب ونتائجها الايجابية لنظامها السياسي) وهي في الحقيقة فرصة عمر ثمينة للحكومة الاسلامية لتجاوز ازمتها السياسية الخانقة. ان التصريحات الغوغائية بتهديد اسرائيل او فرض التراجع على الوجود الامريكي في منطقة الخليج والشرق الاوسط ماهي،إلا محاولة لدفع الأزمة الى الامام واستثمار المناخ السياسي بإتجاه تقوية الحركات الاسلامية والنظام الاسلامي في ايران .رغم ان الاهداف السياسية الامريكية خلال حربها على العراق هي نفسها ، اي صد منافساتها السياسيين والاقتصاديين الدوليين الكبار ،إلا أن هناك تفاوتا وتغيرا في الاتجاه السياسي والدعاية الحربية فمثلا الدعاية الامريكية وبعض الدول الغربية إتخذت من شعار تغير النظام Regime Change)) محورا لادعائاتها السياسية وعلق الكثير في العراق والشرق الاوسط آمالهم على هذه الحرب وانخدعوا بشعار نشر الديمقراطية ، الا ان فشل امريكا وتحول العراق الى محرقة بشرية ،بخرت تلك الادعائات، الامر الذي فرض تغير شعارات الحملة الراهنة الى "إصلاح النظام" اي دعم مايسمى بالاصلاحيين في الحكومة الاسلامية الايرانية. وهذا هو بحد ذاته فرصة ثمينة للاسلاميين في ايران لتنظيم صفوفهم لتجاوز ازمتهم السياسية الداخلية والإستعداد لاية مواجهة مع الجماهير الايرانية المعترضة.ولاشك ان الاحداث الدامية التي نتجت و ما تزال عن الحرب في العراق قد خلقت انطباعا لدى الجماهير الايرانية حول خطورة هذه الحرب وان معظم الاعتراضات الجماهيرية التي عمت مدن ايران و شوارعها ضد التهديدات الامريكية، ليست لمحاباة ودعم النظام كما يصورها النظام ،بل هي تعبير عن مخاوفهم من تكرار السيناريو الدموي العراقي في ايران وبأستثناء بعض القوى اليمينية الايرانية المؤيدة لإعادة الحكم الملكي الى ايران والاحزاب القومية الكردية الايرانية التي تسيل لعابها عندما تشاهد تجربة شقيقاتها في العراق ، حيث الانتقال من جبال كردستان الوعرة الى كراسي الحكم الدافئة ،فان اكثرية الاحزاب السياسية وحتى الجناح اليميني الذي يقوده، داريوش همايون ، تعارض الحرب الامريكية على ايران و يتنبأون بالنية الامريكية لتدمير ايران .وكما لم تتوقف اصوات الملايين من البشرية المتمدنة المحبة للحرية والسلام ، ضد الوحشية الامريكية في حربها على العراق ،لن تتردد الان ايضا بشنها ، يضاف الى ذلك ان أمريكا اليوم في موقع آخر حيث تهديد حلفائها السابقين في اوروبا الغربية و قيادتها للعالم ، صارت موضوعا للتساءل من قبل منافساتها الاصليين.
واخيرا فأن اختيار امريكا الهدف الايراني و التهديد بشن حرب نووية عليها سيدخل العالم في مرحلة خطرة من التهديد النووي وسباق التسلح ونشر الاسلحة النووية بشكل واسع وستتحول الاسلحة النووية الى احدى المستلزمات الامنية والدفاعية لكل الدول الصغيرة منها اوالكبيرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من مسافة صفر.. استهداف دبابة إسرائيلية بعبوة -العمل الفدائي-


.. متظاهر يهتف -غزة- خلال توقيفه بنيويورك في أمريكا




.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب