الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية بين المفهوم والتطبيق /5 .. الديمقراطية ومجتمعاتنا

خليل صارم

2006 / 5 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


اذاً اتفقنا على مفهوم العلمانية كما بينته في الحلقة الثانية من هذا البحث . وإذا اتفقنا على أن الديمقراطية كما هي في الغرب قد تسبب لنا بإشكالات وردود فعل تسيء لمفهوم الديمقراطية السليم والملائم في مجتمعاتنا .كون المفهوم الغربي بواقعه الحالي يلائم المجتمع الغربي بواقعه الحالي وترتيبه على سلم التطور الحضاري . وإذا اتفقنا على أن الديمقراطية هي حصيلة تربية وثقافة مجتمعية يؤسس لها بقوانين دقيقة تحمي وتقدس حرية الفرد . وتضع حدوداً للسلطة تمنعها من التجاوز على القوانين وعلى التطبيقات الديمقراطية إنطلاقاً من علمنة الدولة تمهيداً لعلمنة المجتمع -إذا اتفقنا على ذلك كله كخطوط عريضة لحالة الانتقال الى الديمقراطية .. يمكننا بعدها مناقشة التطبيقات الديمقراطية التي تلائمنا ولاتسبب بردود فعل داخل المجتمع
لقد بينا أن الديمقراطية هي مفهوم وليست نظرية , ولأنها كذلك ( مفهوم ) تكون متحركة قابلة للتطوير وفقاً لتطور المجتمع والحالة الحضارية التي ينتقل اليها بمرور الوقت في حالة من التلازم الدائم والمستمر .
والديمقراطية كما هي معروفة في المجتمعات المتقدمة تعني أن ينتج الشعب تشريعه الملائم وبالتالي أن يحكم نفسه عبر ممثلين يتم اختيارهم سنداً لبرامج تتماشى وحاجاته التي يفرزها التطور وبالتالي فان انتخابه لهم هو تعبيراً لما يريده ويرى أنه الأقرب لواقعه من حيث مفاهيمه والأفضل له . وبالتالي فان السلطة المفترضة للمجتمع تسلم لهؤلاء الممثلين كوكلاء مؤتمنين له . مع ذلك فان صلاحياتهم محددة بدستور متفق عليه لايجوز المساس به وتعديل أية فقرة فيه الا بالعودة الى المجتمع والحصول على رأيه وقراره . وإلا فإن أية محاولة للتغيير تقع باطلة لتسحب الثقة من الممثلين وتعاد الانتخابات . ولو اضطر الشعب للتظاهر لغاية إسقاط السلطة أو إلغاء التعديل أو القانون الذي لم يؤخذ رأيه فيه . وكمثل قريب ( فرنسا وقانون العمل . الذي أعيد تعديله نتيجة التظاهرات ) .
- إلى جانب الأحزاب السياسية هناك منظمات المجتمع المدني المتخصصة التي تمثل كافة جوانب الحياة في المجتمع وتعتني بها وتراقب تطوراتها وتتولى الدفاع عنها
( البيئة – الطفولة – العجزة والمسنين – مقاومة العنف – التوعية الصحية ...الخ ) . كذلك النقابات على تنوعها والتي تمثل شرائح المجتمع العاملة ( المهنية والعمالية والحرفية والفكرية والفنية ) والتي تمثل قوىً مهمة جداً ترفد القوى السياسية بل أنها تشكل حاجة مهمة للمجتمع والقوى السياسية فيه , التي تتكيء عليها في توضيح برامجها واقناعها بصحة هذه البرامج . وتتجلى فعالية هذه القوى في القوانين التي تحمي حريتها وتمنحها هامش واسع من الحركة يتجلى في قدرتها على التأثير والفعل
- نحن الآن نعيش عصر المجتمعات المنظمة بحيث لم يعد هناك شيئاً في الحياة متروكاً للأقدار أو للصدف تحركه وفق مشيئتها . فكل شيء مدروس ومحسوم النتيجة مسبقاً وقد يتأخر الوصول الى النتيجة أو النتائج وفق ظروف المجتمع ( السياسية والاقتصادية ) إلا أن الغاية تكون واضحة ومحددة مسبقاً يمكن زيادتها ولكن لايمكن إنقاصها , إلا أنه يمكن تأخيرها كما أسلفنا وحسب الأولويات الأكثر ضرورة لمصلحة المجتمع . ومايفوت السلطة معالجته أو أنها تهمله لسبب من الأسباب تتولى النقابات ومنظمات المجتمع المدني اضافة لقوى المعارضة معالجته والتنبيه اليه والضغط على السلطة لتداركه .
- وعليه يمكننا أن نتساءل عن معيار أو النمط الديمقراطي الذي نريده ويناسب حالتنا وموقعنا على سلم الحضارة . قبل ذلك يجب علينا الاعتراف بالثغرات السلبية السائدة في مجتمعاتنا :
1- نحن شعوب ماتزال نسبة الأمية فيها مرتفعة .؟
2- ماتزال العلاقات ذات النمط الديني ( الطائفي ) بإبعادها المذهبية لها تأثير لايستهان به في علاقاتنا وفي نمط سلوكنا .
3- أنماط التخلف الأخرى ( العشائرية – العائلية – المناطقية ) ذات تأثير في المجتمع وماتزال شرائح عددية لابأس بها تتعامل معها باحترام .
4- القوانين لدينا مليئة بالثغرات بتأثير الشريحة الأكبر دينيا ً وقومياً ومن حيث الجنس . اذ أن الذكورية هي من يحكم بمنطقه المجتمع . وتأثير الدين والجنس واضح وجلي في هذه القوانين .
5- مجتمعات ماتزال في غالبيتها تعيش عقلية المجتمع الزراعي وعاداته وبعضها مايزال لم يخرج من عقلية المجتمع الرعوي أو ماقبل الزراعي . أما الشرائح المتطورة فهي تحاول الخروج من عقلية المجتمع الزراعي ولم تتمكن بعد من فهم قيم وتقاليد المجتمع الصناعي .
6- أنظمة الحكم لدينا لم تخرج من ثوب النظام الشمولي ( عقلية السلطان ) مع مايفرزه من روتين وفساد يلجم حركة المجتمع ويعطل طاقاته وابداعاته .
7- أنظمة تعليم متخلفة جداً قائمة على الحفظ والتلقين وبعيدة كل البعد عن انماط العلم التجريبي والذي أصبح قديماً بدوره في المجتمعات المتقدمة .
8- قضاء متخلف فاسد وهو مسؤول مسؤولية مباشرة عن عدم تطوير القوانين والتشريعات الملائمة لروح العصر .
* اذا ً كيف سندخل المرحلة الديمقراطية بهكذا مواصفات .؟. ( لاننكر وجود نخب لدينا قادرة على قيادة مرحلة الانتقال لكنها مهمشة لحساب السلطة التي لاتقبل أي فكر من خارجها ) . وهل نستطيع دخول المرحلة الديمقراطية بتغييب النخب وتهميشها .. ثم كيف يمكننا اجتياز عتبة الديمقراطية دون ثقافة علمانية تعطي الأولية للمواطنة على ماعداها . ... ( يتبع ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن بدء مناورات تشمل أسلحة نووية تكتيكية قرب أوكرانيا


.. هل كان إبراهيم رئيسي مرشحا لـ-خلافة خامنئي-؟ | #سوشال_سكاي




.. مسيرات داعمة لفلسطين من طلاب جامعة هارفارد


.. روسيا والتلويح بالسلاح النووي التكتيكي




.. الاتحاد الأوروبي: أعضاء الجنائية الدولية ملزمون بتنفيذ قرارا