الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ح ش ع والمسألة الكردية - من التحريفية الى الخيانة (11)

محمد يعقوب الهنداوي

2019 / 7 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


الحزب الشيوعي العراقي والمسألة الكردية

المرحلة الثانية:

من التحريفية الى الخيانة

لقد أصبح كلّ شيء جائزاً لدى الحزب الشيوعيّ العراقي بما في ذلك إلغاء طبقيّة الحزب، كلّ شيء عدا استقلال الشعب الكردي وتحرّر كردستان ووحدتها، لأنه منح الأولويّة للمنطق القومي العربي ومصالح "الأمة العربية".
وفي كرّاس أصدره الحزب الشيوعيّ العراقي عام 1957 بعنوان (ردّ على أفكار تصفويّة) نقرأ:

"كلّ التطوّرات التي تنبئ بانتصارات أخرى للأمّة العربيّة تعطينا الحقّ في أن نتوقّع ان الشعب الكرديّ في العراق لا يستطيع (!!؟) وليس في مصلحته (!!؟) غداة تحرّر العراق أن يوافق على استقلالٍ منفصل مهدّد من قبل الضواري الاستعماريّة وخدمهم من خونة الشعب الكردي نفسه".

أي ان كرّاس الحزب الشيوعيّ العراقي لم يَعُدْ يرفض ذكرَ حقّ الشعب الكردي في الانفصال والوحدة القوميّة إبّان صدوره (عام 1957) فقط، بل و: "غداة تحرّر العراق" أيضاً وتحديداً، أي أنه يَسْتَبِقُ التاريخ مقرّراً انّ الشعب الكرديّ ليس في مصلحته ولا يستطيع أن يعيش حرّاً على الاطلاق!

ومن منطق الوصاية هذا تُقرّر جريدةُ الحزب (إتّحاد الشعب) السريّة في عدد آذار 1958 انّ أهداف الشعب الكردي تقلّصت الى ما يلي:

"يطالب الشعب الكرديّ بحقوقه بالإعتراف بوجوده (؟) وحقّه في الحكم الذاتي (؟) واستعمال لغته القوميّة (؟) وانبثاق الجهاز الاداريّ من بين أبنائه".

إنّها، على وجه الدقّة، مواصفات الحكم الذاتي الذي سيطبّقه النظام البعثي بعد 12 عاماَ بالضبط، والنظيف تماماً من أي أثرٍ للديمقراطيّة السياسيّة.

* * *

وقامت ثورة تموز 1958 وحكمت سلطة عبدالكريم قاسم، وازدادت السياسة الرجعيّة الشوفينيّة ضدّ الشعب الكرديّ حدّةً وتبلوراً حيث سعت سلطة قاسم الى ايجاد سندٍ اجتماعيّ لها في كردستان واختارت أوساط الاقطاعيّين والأغوات حليفاً لها فحدّدت السقف الأعلى للملكيّة الزراعيّة في كردستان بمقدار 2000 دونماً للأراضي المرويّة ديماً (علماً ان 95% من أراضي كردستان ديميّة وتمتاز بصغر الملكية قياساً بأراضي المنطقة العربية)، وبذلك لم يشمل الإصلاح الزراعي أكثريّة الاقطاعيّين والملاكين الكبار الأكراد، وحُرِمتْ بذلك الأكثريّة الساحقة من الفلاحين الأكراد من منافع الاصلاح الزراعي.

وأمام نموّ الحركة الثوريّة في أوساط الفلاحين الفقراء الأكراد، اتّجهت السلطة نحو دعم الاقطاعيّين وتزويدهم بالمال والسّلاح وتحريضهم ضدّ الفلاحين. وعن هذا يحدّثنا بيان الحزب الشيوعي العراقي الصادر في 30 أيار 1961 قائلاً:

"حوادث الاغتيالات والاعتداءات وإلقاء المتفجّرات المدبّرة من عصابات الأمن بصورة مفضوحة واستفزازاتهم ضد الحركة الفلاحيّة والديمقراطيّة في جميع أرجاء كردستان... وبموازاة هذا كانت بعض الصحف في بغداد تحاول إثارة النعرات العنصريّة ودعوات الصهر القوميّ وتجاهل المميّزات الخاصّة بالشعب الكردي".

إذن كان العام الثالث للثورة يوشكُ على الانقضاء، وكانت الثورة المضادّة قد أدركت انّ الجماهير عزلاء الّا من عفويّتها، فقرّرت السلطة الرجعيّة المتحالفة مع الإقطاع وقوى الردّة أن تُمسِك بزمام المبادرة وتُصادر حقوقَ الجماهير الثورية وتسحق الفلّاحين الفقراء بالعنف بينما تنادي صحافتها الرسمّية بصهر الأكراد قومياً، أمّا الحزب الشيوعيّ العراقي فيتحدّث عن "المميّزات الخاصّة بالشعب الكردي". ولنتابع ما يقوله بيان الحزب:

"ما كانت تنشره تلك الصحف كان يجدُ صداه المباشر في السياسة الرسميّة التي حاربت الصحافة الكرديّة والحركة السياسيّة والوطنيّة في كردستان وأعلنت شجبها للمؤتمرات الثقافيّة والديمقراطيّة الكرديّة وشلّت فعّاليات مديريّة الدراسة الكرديّة وحوّلت بنود الدستور المؤقّت والتصريحات الرسميّة الايجابيّة السابقة الى مجرد حبرٍ على ورق... وأجرت تنقّلات بين الاداريّين وغيرهم من الموظّفين وأحلّت محلّهم آخرين مشبعين بروح الحقد على الديمقراطيّة وعلى الحقوق والمطامح القوميّة الكرديّة بوجهٍ خاص".

وحين وجدت الجماهير نفسَها أمامَ هذا الواقع بادرتْ الى تنظيمِ نفسِها والردّ على تحرّك القوى الرجعيّة.

وهنا وجدت سلطةُ قاسم انّ دورَها قد بدأ وانّ هذه معركتها هي، فحرّكت قطعاتها العسكريّة لضرب الجماهير مؤكّدة ان تناقضها الرئيسي الحاسم ليس مع الجيوش الاستعماريّة المزعومة ولا مع شركات النفط، بل مع هذه الجماهير التي تعلّمت حيازة السّلاح واستعماله ملقيةً بذلك الرعبَ في قلوب الأعداء المعلنين والأخوةِ الأعداء من الانتهازيّين والذيليّين المتلفعين بالثورة.

وعن هذه الأحداث يقول بيان الحزب الشيوعيّ العراقي الصادر في 22 آب 1961:

"خلال الشهر الفائت تعرض الدوسكيّون والبرزانيّون الى عدوانٍ مسلح من الريكانيّين والزيباريّين ذهب فيه عشرات الضحايا الأبرياء، وظلّت الحكومة في موقف المتفرّج مما اضطرّ الدوسكيّين والبرزانيّين الى الاعتماد على أنفسهم في الدفاع عن أمنهم وممتلكاتهم. وعندئذٍ فقط تكاثرت البرقيّات الرسميّة تحرّض وتهدّد بالويلِ والثبور وتحرّكت الحكومة تُجري استعداداتٍ واسعة ليس غرضُها تأديبَ المعتدين من بيادق الاستعمار بل للانتصار لهم ولتهديد ضحايا العدوان المسالمين والمخلصين للحكم الوطني في البلاد(!؟)... "

"ومما يؤكد استهانة واستهتار الحكومة بمصالح الوطن إقدامُها على تسيير قطعاتها العسكريّة ضدّ مواطنين، بينما يستمرّ تهديد الجيوش الاستعماريّة في الكويت، وبينما تكون الحكومة على أهبة معاودة مفاوضة شركات النفط الاستعماريّة لانتزاع حقوق العراق(!؟)... "

"وفضلاً عن النتائج السلبيّة والاقتصاديّة للسياسة اللاديمقراطّية التي تنتهجها الحكومة منذ أمدٍ طويل، وفضلاً عن الاضطهاد القوميّ الذي يتعرّض له الشعب الكرديّ، فإنّ التحرّكات العسكريّة الحكوميّة ضدّ البارزانيّين وتهديدها لهم أثارتْ بصورة مباشرة كوامنَ سخط الجماهير وبسبب ذلك نجمت حالة من التوتر في كردستان."

الآن، وبعد أن شرح بيان الحزب مفصّلاً وبوضوحٍ تامّ طبيعةَ المعركة وشخّصَ قواها المتقابلة، ماذا سيقترح وبماذا سيبادر؟


* * *








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المؤتمر الرابع للتيار الديمقراطي العراقي-نجاحات وتهاني-3


.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟




.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش


.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا




.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا