الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب لم تنته بعد

احمد عبدول

2019 / 7 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


سجاد شاب في مقتبل العمر سمح الوجه جميل المحيا اريحي الخصال يصطحبه جده لامه عصر كل يوم الى المسجد القريب من دارنا لاداء صلاة المغرب والعشاء حتى انه كان متأثرا بجده ايما تاثر فكان يقلده في مشيته وطريقة كلامه فيبدو اكبر من سنه , صادف ان مدير المدرسة قد بعث بطلب والد سجاد على خلفية سوء تفاهم بينه وبين احد اصدقائه كاد ان يتطور الى عراك بالايدي , ما ان سمع والد سجاد الذي قضى في اقفاص الاسر في ايران قرابة (15) عاما حتى سارع بالحضور الى مدرسة ولده ليلتقي بمدير المدرسة الذي اخذ بدوره يكلم والد سجاد على ضرورة امر التصالح بين سجاد وزميله بحضور والديهما لكن والد سجاد سرعان ما انتفخت اوداجة واحمرت عيناه واخذ يرعد ويبرق وهو يتوعد سجاد بانزال اشد العقوبات فهو لا يقبل بأي تجاوز يصدر من ولده بحق الاخرين تفاجأ المدير بحدة والد سجاد عندها همس احد الاساتذة باذنه قائلا له بأن والد سجاد ما يزل يعاني من اثار نفسية حادة جراء سنوات الاسر, حضر سجاد امام مديره واذا بوالده ودون اي مقدمات يهوي عليه ضربا امام مجموعة من اصدقائة واساتذته فما كان من سجاد الا ان خرج من المدرسة وهو يكفكف الدموع من عينيه الملونتين .

عاد والد سجاد للبيت واخذ يسأل عن ولده لكن والدته أكدت له انه لم يدخل البيت منذ ان خرج لمدرسته لم يقص هو عليها ما حدث بينه وبين ولده جن الليل وسجاد لم يتصل باحد فقد اغلق جهازه ظن الجميع انه في بيت جده لكن والدته اتصلت بوالدتها فاكدت لها بانهم لم يروا سجاد منذ الصباح اخذ الخوف يدب في قلبها لكن والده كان يهدأ من روعها قائلات لها انه رجل ولا مبرر لكل تلك المخاوف مرت ثلاثة ايام ولا احد يعرف شيئ عن سجاد سارع جده واخواله بالاتصال بمراكز الشرطة والمستشفيات فلم يحصلوا على اي ينفعهم .
في اليوم الخامس وجدت جثة سجاد طافية في نهر دجلة خلف مقهى البيروتي في جانب الكرخ من بغداد لم يطق سجاد كلام والده الجارح وضرباته امام اساتذته واصدقائه وهو منظر قد تكرر داخل البيت كما اكدت والدته بعد انتحاره فما كان منه الا ان وضع حدا لتلك الاهانات المتكررة على يد اقرب الناس اليه .

لا شك ان الحالة النفسية غير المستقرة لوالد سجاد كانت السبب الرئيس وراء انتحاره , سجاد ووالده وكثير مثلهم هم ضحايا حرب اندلعت عام 1980 وانتهت رسميا عام 1988 الا ان اثارها وانعكاساتها وتداعياتها كأي حرب اخرى لم تنته بعد فتلك الحرب كانت وراء تحطم اعصاب ذلك الوالد فكان صدره ضيقا حرجا مما جعله يفرغ الكثير من ذلك الضيق بفلذة كبده وهو ما يزل غضا طريا فكان ان ذوى ذلك العود ومات ذلك البرعم .

المشكلة الاكبر من وجهة نظري تعد اكبر من موت سجاد وغيره من شبابنا اليوم فهي تتعدى ذلك الامر الى ما هو اخطر اثرا واعظم شرا فالحرب التي اكتوى بنارها الشعبين الجارين والتي افتعلها طاغية من طغاة الارض واطال من عمرها حاكم باسم الدين قد بات من تسبب في قدح زنادها يستحق التعظيم والتقديس والترحم وتلك لعمري جريمة لا تعادلها جريمة وجريرة لا تشابهها جريرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا


.. رغم التضييق.. اعتصامات مفتوحة مستمرة في كبرى الجامعات الأمري




.. خلال زيارة ماكرون.. طلاب جامعة السوربون الفرنسية يدعمون غزة


.. اندلاع حريق هائل في أوشنسايد بيير بأميركا




.. البنتاغون: البدء في إنشاء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل قطاع غزة