الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل الثاني : انتشار الأسلام

اسماعيل شاكر الرفاعي

2019 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الفصل الثاني : انتشار الأسلام

ظل الأسلام في مكة محدود الأنتشار لفترة طويلة بلغت 13 عاماً ، لم يزد اتباعه خلالها على 70 شخصاً أو على 100 في رواية أخرى . وخلال هذه السنوات لم تتدخل قوى خارجية لمساعدة نبي الأسلام على حسم صراعه مع قريش : لا من الدول الأمبراطورية المجاورة ، ولا من اله محمد رغم قدرته الأعجازية الخارقة التي صوره القرآن عليها : ( انما أمرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون . النحل : 40) . لابد ان يكون وراء امتناع الله عن التدخل لحسم الصراع لصالح دعوة نبيه : سراً أو أمراً خطيراً . فنحن نلمس من آيات القرآن تشوف محمد ورغبته الجارفة في جعل الغالبية من المكيين مؤمنين بعبادة الأله الواحد ، لكن الأله الواحد أو الله الذي يدعو محمد لعبادته يرفض الأنسياق وراء هذه الرغبة العارمة لنبيه فيؤنبه عليها : ( وان كان كبر عليك اعراضهم فان استطعت ان تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين . الأنعام : 35 ) . تتضمن هذه الآية توتراً في العلاقة بين النبي وبين الأله الذي يدعو الى عبادته ، أو صراعاً بين ارادة الله ومشيئته وبين طموح نبيه في ان يحمل أهل مكة على الأيمان بعبادته مرة واحدة . والله يعرف ان عدم تنفيذ رغبة نبيه تجعله ممزقاً نفسياً : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون . فاطر : 8 ) أي ان محمد الأنسان كان يتأثر بالنتائج السلبية للصراع غير المتكافيء مع الملأ المكي ، فتحجب انفعالاته الأنسانية وعيه النبوي الذي كان قد نقل الكثير من الآيات التي أشارت الى ان الله كان قد خلق ـ حين خلق الكون والحياة ـ كـل شيء بقدر : ( انا كل شيء خلقناه بقدر . القمر 49 ) وكان قد انتهى من تقنين هذا العالم ووضع قواعده ، وزود كل شيء فيه بمقدار مقدر من النشاط والفاعلية والفعل ، وذلك كله يدل على وجود مخطط كوني نفذه الله ( وكل شيء أحصيناه في امام مبين . يس : 12 ) ثم استودعه : ( في لوح محفوظ . البروج : 22 ) " . وهذا المخطط يشبه برنامجاً كونياً تسبح داخله جميع الكائنات ، بحركات وسكنات معدة سلفاً لا يمكن لها تجاوزها ، وحين تحل لحظة القيامة ينطفيء هذا الكون وكل شيء كان فيه : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والأكرام . الرحمن : 27 ) يوضح لنا هذا التوتر في العلاقة بين النبي وبين مخطط الله الكوني ، لماذا امتنع الله عن التدخل لصالح نبيه في صراعه مع قريش الذي استمر 13 سنة ، وانتهى بهروب محمد من مكة الى يثرب ـ المدينة ، ولماذا رفض طلب القريشيين في ان يأتيهم محمد بمعجزة تحملهم على الأيمان به كما ذكر القرآن . وهذا الصراع بين رغبة محمد وبين مخطط الله الكوني : مسكوت عنه في جميع التفاسير ، ومسكوت عنه في السجال الذي ما يزال متواصلاً بين " أهل القدر " و " أهل الجبر " ، وما تزال آيات القرآن حين نعود لقرائتها هادرة بالتهديد والوعيد ، ومزدحمة بصور العذاب الذي صبه الله في الحياة الدنيا على عاد وثمود واصحاب الفيل وفرعون واليهود وسواهم ( الذين طغوا في البلاد . فأكثروا فيها الفساد . فصب عليهم ربك سوط عذاب . سورة الفجر : 10 و 11 و 12 . ) فهل امتناع الله عن التدخل وتلبية رغبة نبيه ، كان القصد منه اختبار قوة ايمان المؤمنين بدعوة محمد ، وهم يواجهون عذاب قريش وسياطها ؟ أم ان عدم صب العذاب على قريش الذين هم ايضاً ( طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد ) لم يكن متضمناً في المخطط الكوني الذي كتبه " القلم" بأمر من الله ؟ لكن محمدا ظل مصراً على عدم التخلي عن أمنيته في جر الغالبية من المكيين الى الأيمان بدعوته وهزيمة " الملأ القريشي " ، وهذا لن يتحقق من غير ان يأذن الله به . والله لا يمكن ان يأذن بحدوث ما يمكن ان يتسبب بالفوضى في نظامه الكوني المستقر ، والذي تسير فيه الأحداث طبقاً لهذا المخطط الكوني ، فيوبخه مرة أخرى ، لكن هذا التوبيخ بالذات ذو أهمية خاصة ، اذ يبدو ان محمداً مال الى التفكير باعداد مخططات من شأنها ان تحمل المكيين على الأيمان بدعوته بالقوة : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين . يونس : 99 ) .
2 ـ
لا توجد آية واحدة صريحة محكمة تنسب للأنسان الأستقلال بأفعاله عما كان الله قد حدده له من ألأفعال في مخططه الكوني . واما آية : ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي . البقرة : 256 ) وجميع الآيات المشابهة في المعنى : مكية أو مدينية فقد نسخت بآية السيف ، ايذاناً بنهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى باستراتيجية جديدة تتضمن اعمال السيف برقاب من سيظل مشركاً ، وما أكده مسار الأحداث الذي تلا آية السيف يؤكد هذه الأستراتيجية الجديدة ، ولا ينفع التأويل في اعادة عجلة تطور الأحداث الى الوراء : الى آيات التسامح التي نزلت في مكة وفي المدينة حين كان الأسلام مجرد نحلة او ملة تعبدية . في القرآن لا يملك الأنسان من أمره شيئاً . وهو أشبه بالكائن الذي يسير في نومه ، ويؤدي من الافعال ما لا يفهم أهميتها أو ضرورتها . انه يشبه الألكترونيات الحديثة التي لا تقوى على الأجابة عن سر حركتها وما تؤديه من أفعال ، بسبب من كونها تجهل البرامج التي زودها بها خالقيها أومبتكريها لأداء أفعال خاصة محددة ، لا تقوى على اداء سواها . كذلك الأنسان في مخطط الله القرآني لا يستطيع الأجابة على سؤال : لماذا آمن بوجود الله ، أو لماذا كفر بوجوده . قد يقترب من الحقيقة القرآنية اذا كان جوابه : هكذا اراد الله . ذلك لأن االله كان قد ركب له طبيعة ثابتة منذ الأزل : تتقبل الأيمان أو ترفضه . فالأنسان لا يملك من أمره شيئاً في أمور العقيدة والأعتقاد : ( انا هديناه السبيل اما شاكراً واما كفورا . الانسان : 3 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد • ف


.. سكان بلدات لبنانية تتعرض للقصف الإسرائيلي يروون شهادتهم | #م




.. أمريكا ترسل 14 ألف قنبلة زنة ألفي رطل لإسرائيل منذ السابع من


.. هل ستتجه إيران لجولة انتخابية ثانية؟




.. شركة بيانات: مشاهدات مناظرة بايدن وترمب أقل من المتوقع بكثير