الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهي الشيوعية... ولماذا ترتعب منها الفاشية الدينية الى هذا الحد؟ (1)

محمد يعقوب الهنداوي

2019 / 7 / 21
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ماهي الشيوعية...
ولماذا ترتعب منها الفاشية الدينية
ويكرهها رجال الدين الى هذا الحد؟


(1)

الشيوعية فكرة تمثل حلم الإنسانية بالعدالة والمساواة والتحرر من الخوف والعنف والعنصرية والتمييز.

هذا الحلم الانساني لم يكن يوما حكرا على قوم أو أمة أو حزب أو عصر، بل تجلى بأشكال مختلفة تنوعت مستويات تطورها ونضجها وفقا للظروف المادية والمراحل التاريخية والنضج الفكري الذي أحاط بكل تجربة من تلك التجارب الإنسانية وظروفها المحددة في الزمان والمكان...

ووفقا للتاريخ المؤكد والمدوّن المكتوب، فإن الكثير من المثقفين والفلاسفة في الغرب، كما في الشرق، طرحوا وناصروا أفكارا مشابهة لفكرة الشيوعية.

ففي القرن الرابع قبل الميلاد، وضع الفيلسوف اليوناني أفلاطون تصورا في كتابه "الجمهورية" جعل فيه الملكية عامة لكل أفراد المجتمع لكي يبعد عن طبقاته التناحر فيما بينها على ملكية العقارات ووسائل الانتاج، ونجد عند افلاطون الكثير من مبادئ الشيوعية البدائية، بمنطق عصرنا.

وعلى خطى افلاطون سار الفيلسوف الفارابي في كتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة".

وفكرة المدينة الفاضلة، لدى افلاطون والفارابي ومن سار على خطاهما من المفكرين والفلاسفة، تقوم على مدينة يجد فيها المواطن والمقيم والزائر أرقى وأكمل الخدمات وبأسلوب حضاري بعيداً عن التعقيد والروتين ومن غير تسويف وبعيداً عن سوء التعامل. وهي مدينة مختلفة عن كل مدننا ليس في المظهر العمراني فقط بل في كل شيء، في المستوى الحضاري والسكاني والأداء الخدمي الحكومي والخاص.

والمدينة الفاضلة مقترح لمدينة أساسها الإنسان نفسه سواء كان مسؤولاً أو موظفاً أو عاملاً أو فردا عاديا يحتاج الى خدمات "الدولة"، كبيراً أو صغيراً، رجلاً أو امرأة، مواطناً أو مقيماً، بكل ما تحمله كلمة "الفاضلة" من معانٍ سامية، في كل مكان من الشارع الى العمل الحكومي وفي العمل الخاص والمراكز التجارية وفي الأسواق وفي الجوانب الخدمية، وغيرها....

وإبّان الثورة الصناعية في أوروبا، قامت الكثير من التجارب والتمردات والمبادرات التي قادها ودعا اليها قادة ومفكرون ممن سئموا الانحطاط والاضطهاد واللهاث اللا نهائي وراء لقمة العيش، وسعوا الى تأسيس تجارب مجتمعية "فاضلة" وفقا لمفاهيم كل واحد منهم وظروفه ومعطيات الواقع الذي اجتهد لإصلاحه.

وفي تاريخ الفكر الغربي، بشكل عام، كانت فكرة "المجتمع" Community مبنية على الملكية المشتركة Communism كخطوة أساسية نحو إلغاء الظلم.

وتلك الاعتقادات، التي كان حافزها الرئيسي رفض الظلم والتمييز، تعود لعصور قديمة جداً، ومن الأمثلة على ذلك ثورة سبارتاكوس (قائد العبيد الثائر) في روما.

أما في الشرق فقامت حركة "مزدك" في القرن الخامس في بلاد فارس (إيران الحالية) كحركة شيوعية (بدائية أيضاً) تحدّت سلطات الطبقات المهيمنة من النبلاء ورجال الدين.

وعلى خطى المزدكية قامت لاحقا حركات ثورية عديدة منها حركة بابك الخرّمي (في منطقة خرّم آباد بإيران الحالية)، والذي نشأت صداقة قوية بينه وبين الامام إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تأثر به وبأفكاره وتجربته الى حد بعيد ودعا الى نقل التجربة الى الفكر الشيعي. لكن معارضة حاشية أبيه (جعفر الصادق) أدت الى عزل اسماعيل وحرمانه من "حق" الإمامة (الوراثي)، ومن ثم انشقاق اسماعيل وتأسيسه الحركة الإسماعيلية التي تفرعت عنها لاحقا حركة القرامطة التي وصفت، من قبل الكثير من المهتمين، بأنها أنضج التجارب الشيوعية في الشرق القديم.

ثم تبعها، فيما بعد، الحشاشون (وتعني الكادحين الأجراء العاملين في الزراعة)، بقيادة الحسن الصباح، الذين امتدت دولتهم على بقاع الهلال الخصيب من أواسط إيران الى البحر المتوسط مرورا بشمال العراق وكل ما يعرف بمناطق كردستان اليوم في إيران والأناضول (تركيا) والعراق وسوريا ولبنان، وخلفوا فيها عددا من القلاع التي اشتهروا بها منها قلعة مصياف وقلعة صافيتا في الشام ولبنان، الباقية الى اليوم.

وكانت فكرة الشيوعية أيضا محور أعمال الكاتب الإنجليزي توماس مور الذي عاش في القرن السادس عشر، ففي كتابه "يوتوبيا" (1516) قام مور بتصوير المجتمع مبنياً على التشارك بالملكيات.

كما أن الديمقراطي الاجتماعي والباحث السياسي الألماني ادوارد برنستين جادل في مقالته "كرومويل والشيوعية" عام 1895 بأن بعض الجماعات في الحرب المدنية الإنجليزية كانت تعتنق الشيوعية بوضوح.

وظل نقد فكرة المُلــْـكية الخاصة مستمرا حتى عصر التنوير في القرن الثامن عشر من قبل مفكرين مثل جان جاك روسو في فرنسا وفلاسفة وعلماء اقتصاد كبار في ألمانيا وانكلترا وفرنسا وغيرها.

وبعد الثورة الفرنسية برزت الشيوعية كعقيدة سياسية تمثلت في تيارات سياسية عديدة أبرزها الباكونينية (نسبة الى باكونين) والبرودونية (نسبة الى برودون) وغيرها.

ووصف كارل ماركس هؤلاء الاصلاحيين ودعواتهم بأنهم "اشتراكيون طوباويون" (أي حالمون بتطبيق "اشتراكية خيالية") وجعل منهم نقيضا لبرنامجه "الاشتراكي العلمي".


* * *








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السفينة -بيليم- حاملة الشعلة الأولمبية تقترب من شواطئ مرسيلي


.. بوتين يأمر بإجراء مناورات نووية ردا على احتمال إرسال -جنود م




.. السيارات الكهربائية : حرب تجارية بين الصين و أوروبا.. لكن هل


.. ماذا رشح عن اجتماع رئيسة المفوضية الأوروبية مع الرئيسين الصي




.. جاءه الرد سريعًا.. شاهد رجلا يصوب مسدسه تجاه قس داخل كنيسة و