الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر: الإسلاميون يرتمون في أحضان العسكر نكاية في العلمانيين

عمر شابي

2019 / 7 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


استغلت سلطة الأمر الواقع في الجزائر ما تعرف أنه انقسامات عميقة بين الجزائريين، ساهمت مخابرها في هندستها و ترسيخها طيلة عقود، تحضيرا للالتفاف على ثورة الحراك الشعبي، التي فاجأتها قبل خمسة أشهر تقريبا، و جرت الإسلاميين إلى حضن المؤسسة العسكرية، موهمة إياهم بالانتقام لهم من خصومهم العلمانيين الذين حرموهم من حكم البلاد في بداية التسعينيات.

الجزائر: عمر شابي

بالمقابل لم يستطع السياسيون من كل الأطياف و التيارات و من أقصى اليمين إلى اليسار المتطرف أن يلحقوا بركب وعي الحراك الشعبي، و بقوا كل أسبوع ينتظرون مسيرات الجمعات المتتالية للتموقع، و إعادة إجترار ما ينطق به الشارع لكي يسوقوا لأنفسهم، و يقتطعوا مكانا لهم في ظل الجزائر الجديدة.

مع مرور الوقت بدأت ملامح التخندقات المتوالية تظهر للعيان، و معها برزت المطامح و المطامع لدى الجميع، و خاصة أنهم يرون الحراك الشعبي "بقرة اليتامى" التي يمكن لأي تاجر أوهام أن يقصد بها السوق مناديا، "هل تباع بقرة اليتامى؟" كما في القصة الشعبية المتوارثة لدى الأجيال التي ترتبت على حكايات الجدات.

تقول القصة أن بائع بقرة اليتامى، ظل يتردد على السوق و في كل مرة يعود إلى زوجته و يخبرها أن كل الناس نصحوه بعد بيع بقرة اليتامى، لأنها مصدر غذائهم و قوتهم الوحيد، و في المرة التالية تخفت زوجة الأب، و قصدت السوق و لما نادى المنادي هل يمكن بيع بقرة اليتامى، ردت عليه "بيع تربح"، فباعها لأجل صوت وحيد في السوق، أشار بغير ما كان يسمعه طيلة أسابيع.

لما حل الصيف الأكثر سخونة سياسيا في جزائر الحراك الشعبي، كانت الأنظار كلها متلهفة لسماع الصوت النشاز ببيع بقرة الحراك في سوق النخاسة السياسية، و زاد من تلهفهم شعورهم بأن الخصوم يتربصون للجلوس على مقعد الحكم و هو المكان الذي هيأته المؤسسة العسكرية، من خلال ترديد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح بمناسبة و بدون مناسبة أنه زاهد في تولي المسؤولية السياسية بعد إزاحة من وصفهم بالعصابة، و الزج بخصومه في غياهب السجون.

أتقنت السلطة الفعلية اللعب على حبال الاختلاف و الفرقة، و أخرج الحاوي من تحت ردائه حيات و ثعابين، خيل إلى الجمهور المنبهر من سحر المخابر العميقة أنها تسعى، فهرب منها مرتميا في أحضان الساحر العليم، و هكذا تفرق دم الحراك الشعبي الذي كان يعد بمستقبل جديد للبلاد بين القبائل، و صار حلم صيانة وحدتها و مقدراتها و حفظ مستقبل شبابها محل صراعات حول قضايا لا تكاد تنتهي بداية بالراية الأمازيغية وصولا إلى اللغتين الفرنسية و الإنكليزية و فيما بينها المجلس التأسيسي أو المرحلة الإنتقالية، ثم منتدى الحوار الوطني، مرورا بالنوفمبرية الباديسية و الحرب المزعومة على الهيمنة الفرنسية.

كانت مسيرات ذكرى يوم الإستقلال، باهرة و فيها استعاد الحراك الشعبي قوته و عنفوانه، لكن أصواتا من طرف آخر كان يتربص بالمستقبل، ظلت بعيدة تعتقد أنها أنهت الصفقة مع قيادة الجبش لكي تسلمها مقاليد الحكم بهدوء و عن طواعية، تكفيرا عن ذنب إيقاف المسار الانتخابي في بداية التسعينات.

هي ذاتها الأصوات و القوى التي نكثت عهد الحراك الشعبي منذ أسابيع بدعاوى عدم جدوى التظاهر، بعد تلبيه الجيش للمطالب و سجن رؤوس الفساد و هي ذاتها الأصوات و القوى التي سيكتب التاريخ أنها خانت الجزائريين مرة أخرى، و تخلت عنهم، لكنها تناست أن الحراك زرع البذرة عميقا في النفوس، و سيأتي اليوم الذي يخرج زرعه في أبهى تجلياته، ليغيض الكفار بعظمة إرادة الشعب.

عمر شابي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم