الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأخوة والتعايش السلمي مطلب كل المجتمعات المتحضرة

عبدالقادربشيربيرداود

2019 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لعبة التهديدات التي تنطلق من منصات التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا) هي أصوات شاذة جبلت على الفتنة، إثارة النعرات الطائفية، وبث الخلافات والأكاذيب، هم مروجو خطاب الكراهية من خلال إحياء حوادث مؤلمة ومؤسفة مرت على كل الكركوكيين والعراقيين، بكل إثنياتهم وطوائفهم ومكوناتهم دون استثناء.
إن هذا المشهد السياسي والاجتماعي الطارئ على كركوك وباقي المدن العراقية، يشكل سابقة خطيرة، خططاً جهنمية، تعاليماً شيطانية محبوكة بعناية، وأحلاماً إجرامية لإيقاد نار المنازعات والخلافات المهلكة؛ كي تتفاقم أكثر، ويكبر معها الرد الانتقامي للمنتفعين بتصرفات انفعالية؛ دون حساب مساوئها على المجتمع العراقي عموماً، والكركوكي خصوصاً، كي تتحول إلى أزمة، ثم تتطور إلى معارك اجتماعية طائفية حزبية، وسط صراعات تدار أصلا من خارج المدينة - أو البلاد كلها - لشق الصف الوطني، وتهديد السلم المجتمعي والنسيج الاجتماعي الجميل القوي، ولزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي في كركوك وربوع العراق.
يدخل في هذا الدور التخريبي بعض الساسة الديماغوجيين من الذين يلجأون إلى أسلوب الخداع لجذب الجماهير، وضمان طاعتهم سياسياً ثم القيام بصب الوقود على النار الهادئة لتعميق التفرقة، وتأجيج نار الحقد والكراهية بين الطوائف والإثنيات، والترويج المتعمد للعنصرية البغيضة وهي مذهب يقوم على مبدأ تفوق جماعة على أخرى، والتفرد بالحقوق، ومزايا تخولها التفرقة لضمان الرأي العام من منطلق نحيّر الشعب بتغييرات حتى يضيع في متاهاته، عندئذ سيفهم أن أسلم الطرق ألا يكون له رأي سياسي.
لهذه المهزلة السياسية المثيرة للعداوات، وللدعوة إلى تخندق المكونات بعضها ضد البعض الآخر، وإثارة النقاط الخلافية التي تولد الحساسية السياسية تجاه الآخر المختلف في القومية والطائفة والحزب - لها - مآلات وعواقب وخيمة لا سمح الله. وإزاء هذا الموقف الخطير المحير، لا بدّ لصوت العقل أن يكبر وينتصر، إذ لامحال سيأتي بتصورات شاملة، وسيكون حتماً السد المنيع الأمين أمام الانسياق وراء العواطف، لأن العاطفة تعني انعطافك عن الحق؛ قال تعالى: (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ).
قيل في الماضي؛ "إذا صلح القائد فمن يجرؤ على الفساد"، لذلك فإنه من المنطقي أن لهذه العقلية القيادية المتفتحة عبر فضاءاتها الرشيدة الحكيمة أن تدير وبحنكة تدويل الأمن والسلم المجتمعي، عبر خيارات واقعية أولاها مصالحة وطنية شاملة، كي لا تصل الأزمات الداخلية إلى عواقب كارثية، كالاحتراب الداخلي، كما حدث في (لبنان) و(السودان) وغيرهما من الدول الشقيقة. والسعي الجاد والمخلص للملمة ذيول الأزمات، والابتعاد عن ثقافة الاتهام وتخوين الآخر، لأن أطراف الأزمة ومنذ العام 2003 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق غدراً وبهتاناً، وصلوا للأسف إلى مرحلة الإجهاد فيما بينهم. فلضمان محاولة عدم تمسكهم بالمسار التصعيدي؛ لا بد من تغليب لغة الحوار الجاد، للوصول إلى حلول جذرية للإشكالات والأزمات السياسية والإدارية في المحافظة، لأن لا أحد من الخيرين يريد حدوث إشكالات نحن في غنى عنها اليوم. وهنا أوجه كلامي إلى زملائي من الصحافيين والإعلاميين المهنيين حصراً، في كل المؤسسات والأجهزة الإعلامية العاملة في كركوك، بل وفي كل العراق والوطن العربي الكبير، ألا يضخموا الإشكاليات العفوية، والصيحات الشاذة غير الإنسانية هنا وهناك، على اعتبار أن تلك الانفعالات غير المدنية هي مضمون إعلامي، وسبق صحفي يشار إليه بالبنان. ولكن في واقع الحال ما هي إلا مضمون إرهابي تحريضي مثير للفتن والبلبلة، وعن قصد، بين أبناء المجتمع الواحد.
فمن موقع المسوؤلية التاريخية، وكل من موقعه، لا بد للدعوة إلى احترام القانون، والعودة إلى العملية السياسية بروحية الفريق الواحد؛ شريطة عدم المساس بخصوصية كل مكون من مكونات المجتمع، لردع كل المحاولات المغرضة التي تتعمد شق الصفوف، لأن وحدة الصف، وتكاتف أبناء كركوك وعموم العراق ستظل من الثوابت الوطنية الراسخة، التي لا يمكن المساومة عليها، وهذا في حد ذاته رد عقلاني إنساني نبيل، لمن يريد النيل من أخوَّتنا ومحبتنا ومصيرنا المشترك عبر قرون.
هنا لا بد لنا أن نقوي فينا إرادة النصر بفعل الخير، لأن الخير قوة لكل يقظة تعقب المصائب، وقوة دافعة لكل انطلاقة نحو مكافحة الأشرار المفسدين والفضوليين في المجتمع، ولنسلم بكل قناعة أن كل نفس طائفي عنصري شوفيني دنيء يحمل داخله إن شاء الله بذور انهياره لا محال.
ونقول لأولئك الطارئين - والكلام يشمل كل المجتمعات الإنسانية المتحضرة على طول خارطة العالم وعبر توحيد الخطاب الأخوي لهم - إن الحكومات تتغير، وإن الأنظمة تتبدل، ويرحل السياسيون ويأتي غيرهم، وهذه سنة الحياة، ولكن الأخوة والعلاقات الاجتماعية الأصيلة والرصينة والمحبة وسبل التعايش السلمي تبقى دعائمَ الأمن والسلم المجتمعي أجيالا بعد أجيال، وستبقى هذه القيم والأخلاقيات الراقية، والتعاملات الإنسانية مطلب كل الشعوب المحبة للخير والعيش الكريم... وللحديث بقية أجمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا