الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبثية وما بعد الحداثة: 2 _مفهوم العبثية

ندى أسامة ملكاني

2019 / 7 / 24
الادب والفن


عندما تقرأ هذه الكلمة "العبثية" يتبادر إلى الذهن مرادف أو جملة مرادفات كاللاجدوى...انسداد الطرق....انعدام الأمل
كل هذه المرادفات اللغوية تشير إلى معنى كلمة العبثية.
إذا كان معنى كلمة العبثية اللاجدوى، فالمعنى ذاته هو هاجس العبثيين اي البحث عن معنى للحياة بتفاصيلها.
كإنسان أنت تبحث عن معنى لوجودك وماهيتك وبالتالي أنت في لب الفلسفة.
بين انعدام المعنى في عالمك الخارجي وفطرتك لتفكك وتركب وتدرك معنى هذا العالم بقيمه ومآسيه وحروبه وأزماته أنت في جوهر مفهوم العبثية.
يعرفها ألبير كامو الفيلسوف والأديب الفرنسي الجزائري بأنها" ذلك الشعور الناجم عن العلاقة الصراعية بين متطلبات الإنسان المعقولة وعالمه غير المعقول من جهة أخرى"
بشرح أوسع، إن العبثية تكمن في العلاقة المتناقضة بين عقل الإنسان الساعي إلى فهم الوجود وعالم غير خاضع لمنطق او اي قانون عقلاني..ينجم عن ذلك صراعا يفضي بالإنسان إلى الشعور باللاجدوى. ولكن يبقى الإنسان في حالة صراع لتأكيد ذاته وإرادته.
لم يكن ألبير كامو اول من تحدث عن فكرة العبث كانعدام معنى من جهة وصراع الإنسان للبقاء من جهة أخرى فهي فكرة فلسفية قديمة ولكن ككلمة ارتبطت بمذهب تجد جذورها الفكرية في الوجودية ومذهب العدمية إلى أن استقلت العبثية في كتابات ألبير كامو.
وعلى العموم، الوجودية والعدمية والعبثية كانت نتاج صدمة عنيفة تعرض لها العقل الأوروبي على إثر الحربين العالميين الأولى والثانية وقبلهما قليلا.
فالحروب والدمار والدماء والأشلاء والفقر والمجاعات جعلت العقل الأوروبي يتساءل عن جدوى المنظومة الأخلاقية والسياسية في مواجهة هذه الأحداث التي تفرغ الحياة من إنسانيتها.
فنجد مثلا سورين كيم كيغورد الأب الروحي للتيار الوجودي يجد المخرج في التأكيد على الإنسان صاحب الإرادة وقدرة الفرد على مواجهة الموت والقدر )( لا اناقش الآن موضوع الإيمان والوجدان والأنظمة السياسية فسياتي شرح علاقتهما بالعبثية لاحقا الآن فقط أعرض مفهوم العبث )
فالإنسان صاحب الإرادة برأي كيغورد يستطيع مواجهة مشاعر الخوف والقلق والضياع أي القلق الوجودي.
بعبارة أخرى " أن تختار حياتك بنفسك وتخلع ثوبك الموروث وتصير حرا ومسؤولا"
وتتلخص فلسفة العدمية بأن الوجود البشري لا معنى له وكذلك سلطة الكنيسة والعادات الاجتماعية والدولة.
ثم جاء فكر كامو ليستقل عن العدمية والوجودية ليوصل لنا رسالة بأن الحياة جديرة بأن تعاش. لقد رفض السوداوية القاتمة المطلقة وانتهى في كتابه " أسطورة سيزيف" إلى القول إن الانتحار نتيجة للقلق الوجودي مرفوض فعلى الإنسان أن يبحث عن سعادة غير مرجئة وعليه المواجهة لا الهروب " في وهي سيزيف تكمن السعادة"
فإما أن تجد معنى أو أن تخضع لسلطة عليا.
رفض ألبير كامو استخدام الولايات المتحدة الأمريكية القنبلة الذرية في الحرب العالمية الثانية وإنحدار إنسانية الإنسان إلى التوحش وتحول الإيمان الديني إلى تسويف سعادة الإنسان بدل من السعي إلى مواجهة الواقع.
إن العبثية هي الصراع الدائم بين واقع لا معقول وذات باحثة عن معنى.
ربما يعاد إنتاج مفهوم العبثية في كل زمان ومكان؛ إنها اليوم ربما ترتبط في أزمة الهوية والكتاب العرب والأدباء العرب ليسوا بعيدين عن أدب العبث كنجيب محفوظ مثلا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا