الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهي الرأسمالية وما هي مآلاتها؟ (4)

محمد يعقوب الهنداوي

2019 / 7 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


(4)

مرت الرأسمالية بثلاث مراحل رئيسية جبارة هي:

الثورة الصناعية الأولى:

اكتشاف قوة البخار، وتأسيس السكك الحديدية وتوظيف استخدامات الفحم في المصانع والقطارات ودخول ميدان الإنتاج الواسع وتطور المكننة، وما رافقها من ابتلاع الورش الإنتاجية الصغيرة وتحطيم صغار المنتجين والحرفيين وتحويلهم الى بروليتاريا (وتعني الطبقة العاملة الصناعية تحديدا)، أي عمال أجراء لا يمتلكون سوى قوة عملهم التي يضطرون الى بيعها ليحصلوا على قوت يومهم.

وعلى المستوى الدولي توسع النشاطات الاستعمارية والصراع على المستعمرات، وتبلور الأمم الأوروبية بشكلها الحديث وظهور دولها الموحدة المستقلة، ونهضة اليابان كقوة نهب استعمارية ضاربة، وتفسخ الامبراطورية العثمانية وتدهورها علميا واقتصاديا وحضاريا.

الثورة الصناعية الثانية:

ثورة الكهرباء والفولاذ والنفط والغاز، الى جانب الفحم الحجري، وما رافقها من تسريع في الإنتاجية والاستغلال الطبقي والصراع على إعادة توزيع المستعمرات. وعلى الصعيد العالمي قيام حربين عالميتين رهيبتين أنهكتا الدول المتقدمة في أوروبا واليابان وأتاحتا الفرصة المطلقة للتوسع الأمريكي للحلول محل القوى الاستعمارية السابقة حيث تراجع دور هولندا واسبانيا والبرتغال وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ... الخ. وانكسرت اليابان بحكم استهدافها بأول ضربات بالقنبلة الذرية في التاريخ، وانحسار نفوذ ألمانيا التي قسمت الى دولتين شرقية وغربية بعد انهيار الحكم النازي، وحرّم عليها وعلى اليابان وايطاليا تأسيس قوى عسكرية مسلحة وكل الصناعات العسكرية لمدة نصف قرن تبقى خلالها تحت "الحماية" الأمريكية مقابل "إتاوات" بمبالغ طائلة.

الثورة الصناعية الثالثة:

ثورة المعلوماتية التي أدخلت الأتمتة وغزو الفضاء (لأغراض عسكرية وغيرها) وتطور تجارة السلاح وتسويق الحروب وتنظيمها بالوكالة وإخضاع العالم لهيمنة الامبريالية الثلاثية المكونة من أمريكا وأوروبا واليابان بزعامة أمريكا، وتبلور خمسة احتكارات جديدة في ميادين التكنولوجيا الحديثة، والهيمنة التامة على التدفقات المالية على النطاق العالمي (التي تحتكر إدارتها وتحكم بها وبأسرارها البنوك الكبرى وشركات التأمين وصناديق المعاشات في بلدان المركز)، والحصول على موارد الكوكب الطبيعية وبضمنها النفط والغاز، وتقنيات المعلومات والاتصالات والاعلام، وميدان أسلحة الدمار الشامل. وصاحب ذلك كله تحويل الكثير من الصناعات التقليدية القديمة الى بلدان الأطراف (التابعة)، ونهوض الصين كقوة عالمية صاعدة واقتصاد سريع النمو، وتطور وصعود البرازيل والهند وكوريا الجنوبية وبلدان أخرى في شرق آسيا (التي أطلق عليها "النمور الآسيوية").

ومن الناحية السياسية تمتاز المرحلة الراهنة، في بدايات القرن الحادي والعشرين، بتراجع مركز الأمم المتحدة وتحولها الى دمية عقيمة بكل وضوح، والاستهانة التامة بدورها كمنتدى للتحاور الدولي لخفض التوترات وإيجاد الحلول التوافقية. حيث حولتها الإمبريالية الأمريكية الى مجرد مقهى للحكايات والمعاتبات ومنبر خطابات طفولية جوفاء وتسجيل حضور لا أكثر، بينما تتخذ واشنطن وحدها كل القرارات المهمة على المستوى العالمي وتنفذ مشيئتها بقواها الخاصة وبالتهديد، بالاستعانة بحلف الناتو، وتفرض على الدول الأخرى دفع مساهماتها المالية في هذا الحلف وفي تكاليف الحروب التي تشنها، كما تفرض عليها حضورا مباشرا على الأرض في مناطق الحروب (يوغسلافيا وأفغانستان والعراق مثلا).

وفي غياب العدو المباشر السابق المتمثل بالاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية (حلف وارسو) أصبحت أمريكا المهيمنة تعتبر كل من يعارض مصالحها أو يتحداها أو يتطاول عليها إرهابيا أو متمردا على شرعيتها وتمنح نفسها الحق في ضربه واحتلال بلاده أينما كان. كما تستبيح سيادة أراضي وفضاءات جميع البلدان لتمارس ارهابها هي بصلاحيات مطلقة بدون أن تسمح لأحد بمساءلتها أو مطالبتها بتفسير. بل فرضت تقسيم يوغسلافيا السابقة الى سبع دول صغيرة وقسمت جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة الى مناطق نفوذ لها تفرض عليها إقامة قواعد عسكرية واتفاقيات تجارية بما يخدم مصالحها، ووجدت في الإرهاب الديني (الإسلامي) مبررا جاهزا للاستفراد بإخضاع الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وفرض شروطها في تمديد خطوط أنابيب النفط والغاز وموانئ التصدير ضمن صفقات دولية تخدم مصالحها وسياساتها العدوانية الراهنة والمستقبلية.


وفي السنوات الأخيرة أخذت الإدارة الأمريكية تتلاعب بشروط التجارة العالمية والاتفاقيات والمعاهدات الدولية فتنسحب منها متى تشاء وتلغي الاتفاقات كما تشاء وتفسر ما تشاء بما تشاء وكما تشاء، ولم يسلم من هذه السياسات حتى كبار اللاعبين على الساحة الدولية مثل كندا وأوروبا والصين ومنظمة التجارة العالمية والمحاكم الدولية وغيرها.

* * *








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م