الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايران والحاجة إلى التكنولوجيا النووية

فاضل فضة

2006 / 5 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


تختلف الدول في نظرتها للمستقبل، منها من يقدّر اهمية البناء الإقتصادي والتكنولوجي في عالم متغير، ومنها من يعتقد أنه بامتلاكه الأسلحة الفتاكة يمكن ان يحوز بها على مكانة معنوية معينة عبر تحقيق بعض النفوذ في منطقة لم يكن التنافس عليها اشدّ عما هو عليه اليوم عالمياً. ومابين التطور الماليزي والأسيوي الذي اعتمد على اكتساب الخبرات العالمية التكنولوجية والأقتصادية، في إرساء انظمة مستقرة تحقق العيش المسالم والأمن لشعوبها، ومحاولة بعض الدول الأخرى امتلاك السلاح والصواريخ والتكنولوجيا النووية وهدر طاقات البلاد ومواردها التي انعم الله عليها بها على ذلك. يبقى التساؤل كبيراً في ضرورة أوحاجة النظام الإيراني إلى امتلاك التكنولوجيا النووية "سلمياً" كما يذكر مسؤوليه، و"عسكرياً"، كما تتوجس بعض دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر ان حصول إيران على هذه التكنولوجيا ولو "السلمية"، قد يؤثر بشكل كبير على مصالحها في الخليج العربي.

لم تستطع إيران بعد اكثر من عقدين من الزمن على اندلاع ثورتها القيام بنقلة نوعية وتطوير النظام الحالي الذي يرقد على قمته طبقة من رجال الدين. وبدلاً من تطوير طبيعة النظام للتماشى مع حاجات ومتطلبات الشعب الإيراني في حصوله على حقه في الحريات وقيام نظام اكثر ديموقراطية لا يمنع المرشحين للإنتخابات النيابية، إلا بعد موافقات خاصة، سعى النظام إلى فرض نفسه عالمياً عبر محاولاته المستمرة في تطوير ترسانة عسكرية ضخمة، ورغبته في امتلاك التكنولوجيا النووية "ولو سلمياً" كما يذكر في خطابه الذي تشكك في أمره الولايات المتحدة الأمريكية، وتحاول منع ذلك بكل الوسائل المتاحة.

يعتمد الإقتصاد الإيراني على الثروات النفطية الكبيرة في البلاد، والتي تشكل مانسبته 50% من الصادرات الإيرانية، إذ ينتج مايقارب الأربعة ملايين برميل يومياً، مع تطلعات إلى إنتاج أكثر من 5 ملايين برميل نفط يومياً عام 2009، وبدلاً من الإستفادة في مردود هذه الثروة النفطية الكبيرة في تطوير الإقتصاد والتكنولوجيا العالية في المجالات السلمية لبناء اقتصاد يضعها في مصاف الدول المتقدمة كماليزيا وبعض الدول الأسيوية، لم تستفد إيران من كل هذا الفائض والعائدات النفطية بشكل مناسب. وكغيرها من الدول النامية، مازالت إيران تعاني من مشاكل التخطيط السليم، والفساد والمحسوبية وسوء الإدارة، يضاف إلى ذلك تعدد مراكز القرار في نظام مازال غير قادر على إدارة الدولة
وبدلاً من الإتجاه نحو تطوير إقتصاد المعرفة، وتطوير المؤسسات السياسية بما يتناسب ومعطيات العصر، تصر ادارة الدولة والنظام الحاليين على تمكين السلطة السياسية بشكلها الحالي لفترات اطول عبر تطوير برامج الطاقة النووية ورغبتها في امتلاكها كاملاً، لتحقيق رغبة قومية أو وطنية "معنوياً" أو مشاريع استقرار بالإعتراف بها كدولة كبيرة أو عظمى لامتلاكها تكنولوجيا الطاقة النووية.

لن نذكر الشق الشمالي من كوريا، بنظامه الشمولي الذي استطاع وبمساعدة جيرانه، من الحصول على تلك التكنولوجيا وتطوير اسلحة نووية، عبر ثمن كبير جدّاً وهو انحدار مستوى معيشة الشعب الكوري إلى درجة الفقر. بينما استطاع الشق الجنوبي تطوير صناعاته وامتلاك التكنولوجيا العالية لينافس بها عديد من دول العالم. ومابين الكوريتين من تباين، مازال النظام الإيراني وعلى مايبدو يصرُّ على تبديد جزء كبير من مصادر دخله الطبيعية وهي النفط، لصالح تطوير السلاح، في محالة متسائلة تهدف لدعم النظام "الديني" وامتلاك التكنولوجيا النووية "السلمية"، التي لا يرغب الغرب ابداً بتصديق مقولتها عبر محاولاته المتعددة عبر الحوار وتحويل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن مؤخراً.

ويبقى السؤال مطروحاً على قيادة النظام الإيراني، لماذا لم يتم التوجه نحو تطوير النظام بشكل يعزز من سيادة القانون والمؤسسات سلمياً وعكس ذلك على تطوير الإقتصاد وإرساء صناعات تكنولوجية "لا أسلحة" يحول إيران من دولة يحكمها رجال الدين ونظام يبحث عن حلول دائمة، إلى دولة عظمى تحظى بإحترام دول العالم بدون اهداف توسعية "لم تتحقق" ظهرت من اللحظة الأولى لاستلام زمام الحكم عبر التحرر من معظم الأحزاب الديموقراطية الليبرالية وقادتها.

هل فشلت الثورة الإيرانية بسبب حكمها من رجال الدين؟ وهل يحتاج النظام الإيراني إلى التكنولوجيا النووية لتحقيق مكاسب ومكانة إقليمية في منطقة تتصارع معظم الدول الكبرى على وضعها تحت مظلتها للحاجة المتصاعدة للطاقة ومخزون النفط المتوفر بكثرة بها؟ ولماذ يصرُّ النظام على تجاهل مطالب الشعب الإيراني في الحرية والديموقراطية وتقليص سلطة رجال الدين على مقاليد الحكم في كل شاردة وواردة. ألم تكن السنوات السابقة فترة امتحان كبيرة لطبيعة النظام، أم ان الحاجة لبقائه واستمراره تتطلب آفاق جديدة تبرر استمراريته "بهذا الشكل" عبر تملك الطاقة النووية سلمياً التي من الممكن ان تتحول في المستقبل إلى طاقة عسكرية.

الملف الإيراني يدرس اليوم في الأمم المتحدة في محاولة لمنعها من تحقيق اهدافها، وفي محاولة لإشعال الأزمة التي من الممكن ان تكون خطراً ليس على إيران وحدها بل على كافة الدول المحيطة والمجاورة، بمخزون نفطها المفصل في شريان الحياة الإقتصادية على مستوى العالم. هل يخطو العالم إلى حرب أقليمية أوكونية جديدة أم من الممكن حل المسألة بضغوط ومحاصرة وقوانين، وهل تقبل الصين وروسيا بذلك، ام أن الإدارة الأمريكية الحالية قد تفعل ما فعلته في افغانستان والعراق، وتدخل العالم في متاهات لا احد يعرف إلى أين هي مؤدية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جبهة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا تشتعل من جديد


.. بعد عامين من اغتيال شيرين أبو عاقلة.. متى تحاسب دولة الاحتلا




.. الطلاب المعتصمون في جامعة أكسفورد يصرون على مواصلة اعتصامهم


.. مظاهرة في برلين تطالب الحكومة الألمانية بحظر تصدير الأسلحة ل




.. فيديو: استيقظت من السبات الشتوي... دبة مع صغيريْها تبحث عن ا